Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 4 juillet 2025

Spiritualité vs matérialité 1

 ثيمة اللعب والمادّيات

 كمحرّك للتطور البشري

  

ليست الأخلاق وحدها ميزان تطوّر البشر من حال وضيعة إلى حال أفضل؛ هي فعلا ضرورية للجانب المعنوي لهذا التطوّر، لكن لا للجانب الأهم المادّي وهو المتحتّم في عالم المادّة، أي الحياة البشرية في الوضع الانساني المعلوم. فهو الذي يغلّب الظاهر ماديا في الأقنوم البشري على المستتر الروحي رغم أنه لا حياة بدون هذا الأخير، إلا أنها لا تتجلّي للعيان سوى داخل مادية الجسم البشري، هذا الكيان المرئي عيانا.

لئن كانت الأخلاق صفة هامة للتطور البشري، فليست هي إلا إضافة معنوية له، لا تأتي إلا بتوفر ما يساعد على ظهورها، كتجسد الروح في البدن. كما أنها لا تتأتّى من لا شي، أذ لا تؤتي ثمرتها إلا بعد نضج يكون طويلا أحيانا داخل الكيان المادي بهناته؛ وهنا تتضح قيمة صفة العيش المادي وتوفر ملتزماته القاعدية، التي هي أساسا مادية طبعا، أي القدرة بفضل الإمكانات -وهي أساسا مالية أو ما يفرزه الثراء من مكتسبات شخصية أو عائلية- على التفرغ للجانب غير المادي للحياة، أي الروحاني أو شبه الروحاني. 

ونحن نعلم قيمة اللعب في سن الحياة المبكّرة لتفتق ذهن الصغير على محيطه المادي وملتزماته الحياتية؛ على أنها تقتضي عموما ما يسمح بالتفرغ له، ما يعني أنّ من شأن انعدام المستوى المادي للمحيط الذي يعيش فيه الصغير أن يحرمه مما فيه فائدة ذهنية كبيرة، هذا اللعب المكوّن لشخصيته. وهو بلا شك أزيد فوائد طالما توفرّت وازدادت توفرا الإمكانات المادية. 

والحال نفسها في خضم الحياة البشرية بعد مرحلة الطفرلة بما أن نموذج هذه الحياة وتيرة لعب متواصل حسب صفات متنوعة ومتعددة من اللعب، كما يعرف عند الصغر، كمختلف الرياضات التي أصبحت من أهم ما يدرّ الأمال على متعاطيها، إلى بقية أصناف اللعب رغم أنها لا تبدو كذلك لأول وهلة. فكل ما يتعاطاه ابن آدم لعبة وإن اختلفت قواعدها وطريقة امتهانها. من ذلك اللعبة السياسية ولعبة التجارة ولعبة الاقتصاد والحرب، وسائر ما يفني البشر عمره على الأرض فيه. وبعد، ذا ما تقوله نظرية علم الاجتماع المقيمة للعب، أو مختلف الألعاب théorie des jeux، كأس هام للوضع البشري.  

هذه النظرية أمدّت الفكر السوسيولوجي بطرح منطقي أساسه الرياضيات لفهم تعقيدات التصرف الحر للعباد، وخاصة أصحاب القرار، في وضعيات مختلفة هي أقرب للصراع المتواصل حسب قواعد معيّنة مبدئيا. ففيها اللعبة ليست إلا مواقف وأوضاع للأشخاص، أي اللاعبين، الذين همّهم أخذ القرار المناسب لوضعه ولأفضل النتيجة أو لتحصيل الربح مع العلم أنه رهينة قرار وربح من يلعب أو يتنافس معهم.             

بذلك إن، وكما أنّ اللعب من أهم مكونات شخصية ابن آدم في صغره، فتلك الحال نفسها في كبره، ولو أنها تبدو أكثر تعقيدا مع فقدها لصفة اللعبة البريئة. لذلك، وكما اعتبره المختص الفرنسي المعروف في شؤون الطفل بياجي Piaget، اللعب عنصر تحميسي هام للذات بصفته العامل العاطفي الذي لا ينتهي عن التأثير على الذات وبخاصة على المستوى الذهني. وكما هو يؤكد، ففي خضم اللعب، على أن يكون ذلك بصفة ذلك تلقائية، تتكون ببطء واكم بصفة جدّية ومتواصلة شخصية الطفل ونضجه الثقافي.    

ولعل العكس هو الذي يحدث بعد البلوغ إذ يصبح تعاطي اللعبة كما أصبحت هدم ما تمت إقامته في الصغر باسم اعتبارات لا قيمة لها إلا في نطاق ميدان اللعبة الجديدة كأمر جدّي، بل عالي الأهمية إن لم يكن حياتيا إذا تعلق الأمر باللعبة الحربية. 

فاللعبة المدّعية الجدّية في عالم الكبار هي مجموع مجادلات ونزاع بل وصراع بين أشخاص يمثلون هيئات أو منظمات أو دول لا تختلف عن صفتها في الصغر إلا بنداعياتها الكبّار التي منها، في أقصى الحالات، إهدار حياة الناس أو إراقة دمائهم لا لشيء إلا لاانتصار في اللعبة وقد أصبحت قضية حياة أو موت.

وما من شك أن الطبيعة المادية القصوى للحياة البشرية اليوم والتي هي أهم عنصر اختلاف مع طبيعة اللعب في الصغر، هي التي تكسي اللعبة صفتها الجنونية بل الشيطانية بما أنها تعطي اللعبة ما لا يستقيم مبدئيا مع طبيعتها الأولي كلهو بريء إذ أصبحت أمرا جدّيا مصيريا.   

هكذا إذن أصبح اللعب البزيء أصلا يحرّك الوضع البشري لا للأفضل كما هو في بداية حياته، بل للأسوء نظرا لطغيان الإكراهات المادية التي هي الليوم ميزان التطور وعلامته الأكبر رغم انعدامها مما يعطي القيم قيمتها، ألا وهو الجانب المعنوي، أي في أي شئ تستغل الماديات، هي في تداعيات خير أو شرّ؟