Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

jeudi 24 décembre 2015

Penser libre 9

حرب المثلية ببلاد الإسلام... كيف نحترم الدين؟
2\2


تجريم المثلية من الإسرائيليات :
إن العادات في موضوع المثلية والتي تحكم مجتمعاتا باسم الدين ليس فيها من الإسلام إلا الإسم، إذ  هي من رواسب اليهودية والمسيحية التي تسمّى بالإسرائيليات والتي تغلغت في حياة العربي المسلم حتى غيرت ما كان لديه من نظرة سليمة للجنس. 
إننا عندما نرى اليوم العري أو ممارسة الجنس في الغرب من الحريات الفردية المضمونة، فذلك مرده أن هذه البلاد أصبحت ديمقراطية. فهي لم تكن كذلك في السابق عندما كانت الكنيسة تتحكم في الحياة اليومية للشعب، تماما كما يريد رجال الدين عندنا التحكم في أخلاق شعوبنا وتصرفاتهم. لقد كانت الشعوب الغربية تقاسي الويلات باسم الدين تماما كما نقاسيها نحن   اليوم. 
ولم يكن هذا في بلاد الإسلام آنذاك، إذ كان المسلم يحيا تماما في حرية كاملة كما هو حال الغرب أيامنا هذه. لقد انقلبت الآية تماما لأن الغرب عانق الديمقراطية ونبذ أخلاقيته الدينية المتزمتة التي دخلت بلادنا فأخذت مكان حرياتنا وأخلاقيتنا المسلمة المتسامحة، وذلك باسم الإسرائيليات لا احتراما لتعاليم الإسلام إذ هي من ذلك بريئة.
فالجنس في الإسلام من حريات المؤمن، بما في ذلك الجنس الشاذ لأن الإسلام قدّس حرمة الحياة الخصوصية واحترم الفطرة البشرية، والجنس المثلي منها. فلا تحريم في القرآن لما يسمى لواطا إذ لا توجد هذه الكلمة في القران؛ ولا تجريم للمثلية في السنة الصحيحة، أي عند البخاري ومسلم. كل ما في الأمر أن الفقهاء بتأثير من الإسرائيليات أدخلوا في الإسلام ما ليس فيه. ونحن نعلم أن الفقهاء كانوا جلهم من الموالي كما بين ذلك ابن خلدون.
إن تحريم المثلية دخل الإسلام بتأثير من الإسرائيليات؛ وتم هذا بتأويل قصص قوم لوط، بما أنه لا آية في القرآن في موضوع اللواط إلا من باب القصص؛ كما أنه لا حديث في الغرض إلا ما ورد في غير الصحيحين من المنحول، إذ لم يصح أي شيء عن الرسول الأكرم كما أكد ذلك جلة من الفقهاء، كأبي حنيفة والشافعي في أصح روايتيه.
لقد أوّل الفقهاء الآيات الخاصة بقوم لوط حسب متخيلهم الإسرائيلي، فاعتبروها مجرّمة لعمل أدى إلى غضب الله؛ ثم إنهم قاسوا على التحريم للزنا، وجعلو اللواط منه، بل زادوا فاعتبروه أفحش مما قاسوا عليه؛ وهذ من الخلف!  
 إن العلاقة المباشرة في الإسلام  بين العبد وخالقه هي التي تميز ديننا عن سائر الأديان، وهي التي تضمن حرية العبد في حياته الخصوصية إذ لا رقيب له ولا معاقب إلا الله وحده، بما أنه لا كنيسة في الإسلام ولا كهانة. فالإسلام دين يقدس الذات البشرية وحرية الفرد أيما تقديس، وهو في علميته يعترف بالجنس كمكون أساسي لنفسية الإنسان فيحترم تعاطيه إلى حد أنه لم يمنعه مع الحج حتى فعل ذلك الخليفة عمر الذي منع متعة الحج، كما بينا سابقا.    
هكذا نرى كيف يسيء المسلمون اليوم إلي دينهم عن وعي وعن لاوعي، مما مسخ ديننا فإذا به بعد أن كان ملة التنوير يهوي إلى الظلامية الداعشية ! فالاحتلال الفرنسي هو الذي أدخل في المدونة القانونية الإسلامية، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، الفصل 489 بالمغرب والفصلين   333 و 338 بالجزائر و230 بتونس.
قبل ذلك، كان الجنس بهذه الربوع، كما عرفنا الجنس العربي وكما لا يزال، تماميا لا يفرق بين الذكر والأنثى كما الأمر في الطبيعة؛ وهذه هي الحال مستمرة بمجتمعاتنا لكن في كنف التستر خوفا من ظلم الحاكم ومن تسلط الميليشيات الداعشية على الأخلاق الإسلامية. 
إن واجب الحكام ببلاد الإسلام اليوم هو التصدي لكل مظاهر الخبل الداعشي هذه، لأنها تقوض صرح الإسلام ولا تقويه. ولا يكون ذلك إلا بإعادة فتح باب الاجتهاد في الدين ومراجعة كل ما يتضمنه القانون الوضعي في أوطانهم من فصول جائرة تدّعى الصفة الإسلامية وهي ليست من الإسلام في شيء، بل تنفي تعاليمه بمخالفة نصه أو مقاصده مخالفة صريحة لا لبس فيها.
المثلية من حقوق المسلم الشرعية : 
لذا، فإن تغيّر الأمور اليوم بالغرب نحو نبذ كل ما من شأنه فضح المثلية، ليس إلا من باب العودة إلى المفهوم الصحيح للجنس الذي عرفناه عند العرب ولم يتغير إلى اليوم عند الشعوب العربية.
إن الدراسات في علم الاجتماع وعلمي السلالة   ethnologie والعراقة   ethnographie تبين أن اشتهاء المماثل مما نجده في كل المجتمعات العربية والأمازيغية، إلا أنه لا يتنزل في خانة المثلية كما يريد ذلك التوجه الطاغي اليوم عند الغرب الذي فيه السمة الجنسية بادية المعالم، بل هو مما أسمّيه المماثلة، ما يقارب عربيا الإغلام érotisme ، أي الإثارة الجنسية دون أن يكون في ذلك ضرورة الجنس بالمعنى المبتذل، أي إيلاج الذكر في الدبر ومع يتبه ذلك من تفاصيل نويعية لجنس موجب وسالب وعير ذلك مما لا يفهمه من يتعاطى الجنس التمامي. 
لعله من الضروري هنا التذكير أن التعريف للواط في الفقه الإسلامي، هو التعريف الجنسي الضيق، إذ كل ما ليس فيه إيلاج ليس باللواط؛ فحتى إن كانت العلاقة بين الذكرين حميمة، متأكدة، والغلمة واضحة، فهي تبقى مجرد غرام، ولم يكن بوسع الفقهاء تجريم الغرام! هذا، وإن جرّمه اليوم فقهاؤنا، فليس ذلك من الإسلام، بل من التجنّي عليه، لأنه صرفا من الإسرائيليات.
إن الإغلام ، أي الإثارة الجنسية أو العشق والغرام، من الحسية والشبقية sensualité التي عادة ما تُترجم، تحت تأثير الإسرائيليات، بالفسق والفجور. ذلك لأن الفسق لغويا عند العرب ليس إلا الخروج، كما يقال للرطبة إذا خرجت عن قشرها؛ ولم يصبح التعبير   بالمعنى الشرعي المعروف إلا لاحقا. وكذلك الحال بالنسبة للفجور، إذ أصل الفجر عند العرب هو الشق، أي الانبعاث كما ينبعث نور الفجر.  
تحديد الحرية الجنسية ليس من الإسلام إذن؛ ولا داعي لذكر ما تعج به كتب الأدب والفقه من التغني بالمذَكّر الذي كان يندرج في تعاطي الجنس بكل حرية من طرف العرب المسلمين. لنكتفي، لبيان المدى الذي بلغته الحرية الجنسية عند العرب في ظلال الإسلام الوارفة، الإشارة لما ورد في رسالة الجاحظ في المفاضلة بين الغلمان والجواري وقد ترجمت إلى الفرنسية؛ فلكأننا بحق نقرأ أحد الغربيين المنافحين اليوم عن المثلية !
ولا غرابة في ذلك، إذ ما كتبه الجاحظ جاء في فترة أوج الحضارة العربية الإسلامية التي كانت حداثة قبل الحداثة الغربية، إلا أن ذلك لم يدم لما طغت الإسرائيليات عى روح الإسلام السمحة فمسخت وضاءة تعاليمه وقضت على حضارته بأخذ المسلمين بها دون ما في دينهم من حريات ثابتة مما فتح الأبواب لدخول الاستعمار. 
لقد حان الوقت للعودة لتراثنا التليد ورفع مثل هذه القوانين التي تشين الدين القيم بما أنها ليست منه، مثل الفصل 489 من المجلة الجنائية المغربية والفصل 338 من المجلة الجنائية الجزائرية والفصل 230 من المجلة الجنائية التونسية التي هي من مخلفات الاحتلال الفرنسي كما قلناه؟ فكل هذه القوانين بلا أدنى شك غير إسلامية، إذ هي يهودية مسيحية من الإسرائيليات رسبت في الإسلام فاتخذها المسلمون دون دينهم بعدما نبذها أهلها وقد عرفوا الحضارة بعد المسلمين ! 
وبعد، إن الجنس من الممنوع الذي يثير الفضول فتكثر قيمته. ونحن  نعلم اليوم ولا شك ما للممنوعات من قيمة عند المحرومين. فذلك مما يكشف سر ما يسميه البعض بالطفرة الإعلامية حول الموضوع. فاللواط من الجنس مع زيادة في كونه من طبيعة بعض البشر وسنة الله فيهم. وما كان الإسلام يعترف بالحياء في أمور الدنيا الضرورية؛ والجنس منها؛ بل هو الحياة كلها؛ أليست الحياة في العربية هي الحيوان ؟
إنه من الأكيد أنه لو كانت قوانينا تحترم حقا طباع الناس وعاداتها فلم تحرّم ما ليس في تحريمه أي خير، لما كان ما نراه اليوم الذي ليس له فقط كما يقول كاتبنا الوازع المادي كمحرك وحقيقة.
ضرورة إبطال القوانين غير الإسلامية :
القوانين التي تجرم المثلية ظالمة باسم دين لب لبابه العدل؛ فكيف نقبل بهذا الخزي للإسلام؟ 
نعم، نحن في بلاد المغرب الأمازيغي العربي، لا نذهب إلى حد القتل كما هو الحال ببعض البلاد الإسلامية كإيران والعربية السعودية؛ ولا شك أن في هذا ما فيه من التطور. إلا أنه في نفس الآن من التناقض الصارخ بمكان بما أننا، بالرغم من ذلك، نحكم بتجريم المثلية باسم الدين؛ فإذا كان ذلك كذلك، فلم لا نفعل عمل السعودية وإيران ؟
إن هذا التناقض يضعف موقفنا في نفس الوقت الذي يهتك فيه سماحة ديننا. فإما هذه القوانين إسلامية، ولا مجال عندها إلا أن نتصرف كداعش مثلا، فنهوي بالمثلي من شاهق، أو نسفك دمه كما هو الحال بالبلدين الآنفي الذكر؛ وإما هي ليست إسلامية، وهذا هو الصحيح، وعندها، لا مجال لإبقائها على حالها بمجلاتنا القانونية !
هذا،  ولم يعد شك في أن الدول الإسلامية التي تقتل باسم الإسلام بتعلة عمل قوم لوطا لا تستند في أحكامها إلى الدين الصحيح؛ وهي بذلك ترتكب جريمتين : الأولى في حق البريء المقتول، والثانية في حق الإسلام.
إنها تعتمد من ناحية على أحاديث غير صحيحة تماما، لا وجود لها عند البخاري ومسلم، كما بيناه؛ ثم هي، وهذا هو الأدهى والأمر، تستند في حيثيات أحكامها على آية لا تخص اللواط بتاتا، بل الحرابة، بما لا حكم في اللواط في القرآن، إنما مجرد قصص.
طبعا، يقول المتزمتون أن هذه القصص هي  للاعتبار، وأن الله عاقب قوم لوط لفعل، فكيف لا يحرمه؟ هنا من الواجب الأكيد رفع اللبس الذي يرافق فهمنا لقصص قوم لوط في القرآن الكريم.
إن فهمنا لقضية قوم لوط خاطيء، إذ نحن نتجاهل صفة بلاغية كبرى في العربية تقتضي نعت الشيء في مجمله بصفة واحدة منه، وذلك من باب وصف الكل بالجزء، وهي من البلاغة العربية المعروفة عند كل من لم يجهل لغته، لغة القرآن الكريم.
لما عرّف القرآن   قوم لوط بأنهم يأتون الذكران، اكتفى بذكر صفة كانت في البعض منهم لا الكل؛ فما كان اللواط صفة القوم طرا ولا في كل الأحوال، وإلا لما أصبحوا قوما، أي شعبا، إذ هذا يقتضي التناسل؛ فلا تناسل مع اللواط!
الحقيقة الثابتة اليوم عند أهل اليهودية والمسيحية، وهم من ذكّر الله بقصصهم، أن قوم لوط كانوا من قطاع الطريق، أي امتهنوا الحرابة التي جاء الإسلام منددا بها وأتى لها بأشد العقاب في الآية 33 من سورة المائدة. مع العلم أن العربية السعودية عندما تقتل مثليا تعتمد هذه الآية في بيان الوزارة المعلن عنه.
 إذن، الفعل الذي عوقب قوم لوط لأجله ليس اللواط،   بل قطعهم للطريق وامتهانهم للحرابة. فاللواط الذي كان في بعض قوم لوط،  كما هو دوما في فئة قليلة في الشعوب أيا كانت، استعمله الله في بلاغة عربيته المبينة لفحشه في تلك الحقبة من التاريخ، فعمّمه على كل القوم، وما كان فعلهم كلهم ولا صفتهم الأساسية.
هكذا نرى أن عقاب الله، الذي نعتقده اليوم يتعلّق بفطرة بشرية لم يحرّمها الله، إنما خصّ الحرابة التي هي حقا من أفحش الفواحش في كل الأزمنة؛ فهل أفظع من قطع السابلة والاعتداء على عابر السبيل؟
أخيرا، لنبين أن الفاحشة ليست ما نعتقد، إذ هي في اللغة العربية ما تجاوز الحد والقدر في كل شيء؛ ومنها يعتبر فاحشة كل ما قبح في القول والفعل، فالكذب فاحشة والبخيل فاحش. من هنا، جاءت الفاحشة عند الفقهاء، أي ما نهى الله عنه، بله ما عظم قبحه في القول والفعل. هكذا قال الجرجاني أنها كل ما يوجب الحد في الدنيا والعذاب في الآخرة. مع العلم أن   الفاحشة أطلقت عموما على الزنا.
لذلك سُحبت على المثلية نظرا لأنها أصبحت في العصور الغابرة، بتأثير من العادات اليهودية والمسيحية خاصة، تُعتبر مخالفة للطبيعة. ودامت النظرة لهذا الجنس الطبيعي طويلا   إلى حد أن المنظمة العالمية للصحة لم ترفعها من قائمة الأمراض إلا في السنوات الثمانين من القرن الماضي. 
فلا غرابة أن يعدّها فقهاء الإسلام فاحشة بل وأكبر الفواحش في فترة مضت؛ إنما الغرابة أن نُبقي اليوم على هذه النظرة التي ثبت تشويهها للإسلام الصحيح بالدليل القاطع. 
عقدة الجنس الإسرائيلي في الإسلام :
إن عقدة الحياة الاجتماعية عندنا بما فيها من رفض للآخر مجرد خيال متجذر فكريا في أدمغة بعض الناس الذين يعملون على ترسيخه بالقوة والرهبة على واقع يرفضه ولا يقبله وإن تظاهر بذلك خوفا من بطش هؤلاء.
طبعا، يتغذي هذا الخيال الزائف بمجموعة القوانين الجائرة التي ليس  هدفها إلا فرض رأي تلك الأقلية في فكرها الإرهابي، مستمدة شرعيتها مما يمدّها به سدنتها في صفوف من يسهر على مصالح الأقلية المستفيدة من تلك القوانين من رجال حكم وظف الدي لمصالحهم الشخصية، فإذا هؤلاء الفقهاء ذبان البلاط، كما نعتهم الجاحظ.
ولا شك أن البعض من أهل الفكر، سواء بسكوتهم أو بفمهم المغلوط لأمور مجتمعهم، يساهمون بالقسط الأوفر في دوام مثل هذه الحالة المنكرة. أقول منكرة لأنها لا تخالف فقط حالة المجتمع الحقيقية، بل وأيضا قيمه الدينية والأخلاقية إذ تقلبها رأسا على عقب.
كل ما هنالك إذن هو تداخل في العادات العربية الإسلامية مع العادات اليهودية والمسيحية في نطاق ما عرفه الإسلام من إسرائيليات فنعته بهد المسمىّ. إنها عادات غريبة عن التسامح الذي ميّز ويميّز الإسلام، خاصة قبوله بالغيرية altérité وتمجيده المطلق للحرية البشرية في الحياة الخاصة، إذ يقدّس الإسلام حرمتها.
هذا ما لم تعد تعرفه ولا تحترمه قوانيننا الي تفرض على المسلم قسرا وقهرا نمطا من العيش لايستسيغه اليوم لا العقل ولا تقبله الأخلاق الإسلامية بما أنها تشوهها بما رسب فيها مما ليس منها.
لقد حان الوقت لأن نقر بقبول اللواطي أو المثلي في مجتمعاتنا عالمين بما في  القبول بهذا الشخص من رمزية، إذ هو الدليل على قبولنا بكل مختلف أيا كان. فالدفاع عن المثلية هو اليوم، في زمن تدعدش فيه الإسلام، من باب الدفاع عن الحريات العامة، أي أهم أسس المطالبة بالديمقراطية. فلا ديمقراطية بلا غيرية. وما ظهور المثليين على الساحة العمومية إلا من باب دخول البلاد المغاربية في معمعة النضال من أجل اليمقراطية الحقة. 
تلك هي حتمية تطور المجتمعات التي تتغير وتتبدل أحوالها من حال إلى حال، فلا مناص من مد وجزر في كل الموضوعات بما فيها ما هو من المحرّمات، خاصة إذا لم تكن كذلك لا في الدين ولا في المتخيل الشعبي، فقط في مدونات قانونية هي مجرد وسائل للاستبداد في خدمة الحكام وفي يد أصحاب أقلام مأجورة، تساعد على دوام حال لا مناص من تغيرها.
نحن اليوم في فترة ما بعد الحداثة، وهي زمن الجماهير بلا منازع، فلا مجال لتجاهل ما يميز الحياة الاجتماعية من بروز على السطح لكل ما تجذر من العادات وتأصل من الأحاسيس والمشاعر، بما فيها تلك التي لم تعتدها مجتمعاتنا، لا لأنها لم تكن تعرفها، إنما لكمونها في الخفاء، بعيدا عن الأعين. 
هذا مما لم يعد إمكانه التواصل على تلك الشاكلة اليوم، إذ هو مطرد في ظهوره، لا يكبح أي شيء جماحه، لأنه يمثل غريزة الحياة ونزعة من تيارها العتي. وبما أن عقدة الحياة الإجتماعية عندنا هي مجرد الوهم الذي أشرت إليه آنفا، الراسب من إسرائيليات نبذها حتى أهلها، فقد حان للحقيقة أن تأتي عليها وتزيلها كما تزيل أنوار الشمس كل ظل من ظلل الخيال.
إن قناعتي كباحث في العلم الاجتماعي أنه لا عقدة لحياة اجتماعية متفتحة على الغير ولا رفض للغيرية بتاتا في متخيلنا الشعبي العربي  وخاصة المغاربي الأمازيغي. يكفي لذلك أن نرفع عنه ما رسخ فيه ظلما وبهتانا بحد سيف الحاكم أو من يمثله وينوبه من القوى الظلامية الساهرة على تقييد حرية الشعب من خلال التصرف في مشاربه وأهوائه الخصوصية باسم الدين، والإسلام من ذلك براء.
زمننا الحاضر، زمن الجماهير ، لهو ساعة تجارب الإنسان الأرضي، أي هذا الحيوان البشري الذي يمتاز بالأهمية المعطاة للحظة المُعاشة في حياته بتجلياتها الحسية ومتعها أو آلامها، ظاهرة كانت أو مستترة. ومع مثل هذا الإنسان الذي أصبح أرضيا لا مجال للتفريق فيه بين المادي في حسيته والروحي في تعاليه؛ إذ حتى المتعالي اليوم لهو محايثا غدا واللامحسوس حسيا.
مثل هذا الزمن يتميّز أيضا بالقيمة الكبّار فيه لنكهة العيش، أي طريقة الحياة كما يهواها صاحبها، سواء كانت فيها النكهة التي عهدناها أو نكهة غير معتادة لا يعرفها إلا من يتعاطاها؛ فتلك هي الحياة الجيدة عنده لما تمتاز به من شدة الاهتمام بالحاضر والانهماك فيه. 
هذه من السمات البارزة لثقافة العيش اليوم، وهي آنية، من النوع الأبيقوري. فالأبيقيورية غدت يومية اليوم، أي هي أيديولوجية العيش البشري ونمط حياة الإنسان في كل المجتمعات، لا فرق بينها إلا في درجة تعاطيها والقدرة لتعاطيها، لأن الفروق ضئيلة لا تختص إلا بما يطفح على السطح لا ما يختلج تحت أديم المجتمعات وفي حناياها، وهي كلها فيها على نفس الشاكلة.
كيف تُؤكل الكتف أو ضرورة احترام الإسلام : 
في الختام، لا بد لنا من العودة لشجب الحقيقة المؤسفة التي بدأنا بها مقالتنا، والتي فرضت النزاهة ذكرها؛ بما أنه من المعلوم المعروف  أن الوضع المزري الحالي في ميدان حقوق المسلم القاعدية شجّع ويشجّع  البعض ممن لا يريد الخير للإسلام من أعدائه بالداخل والخارج على استغلالها لزيادة في تشوييها. 
تلك هي الحال في قضية مناهضة تجريم المثلية المشروعة التي توظف للتهجم على ديننا رغم أنه بريء من تهمة منع اللواط وتجريمه. فلقد وصل الحد بالبعض من الجمعيات إلى جعل قضية الإبطال تجارية بحتة، ليس همها ضرورة مساندة من صدقت نيته في النضال من أجل إبطال تجريم ما قال به الله أبدا،   بل لغاية في نفس يعقوب، لعلها تتمثل في تجنيد الشباب الإسلامي ضد دينه ورميه في أحضان الغرب بدعوى تسامح أكبر في ربوعه من تسامح الإسلام.
 هذا ما نراه للأسف يوما بعد يوم، إذ يتنكر الشباب لدينه السمح معتقدا غلطا أنه ظلاّم للعبيد وللمثلين خاصة لأجل قوانين جائرة تظلمهم وتظلم الإسلام في نفس الوقت.
لذا من واجب السلط بمغربنا الأمازيغي العربي وبكل بلد إسلامي يريد حقا   الدفاع عن الحنيفية المسلمة الانتباه لهذا والعمل على الدفاع الحقيقي عن الدين القيم. ولا يكون هذا إلا برفع التجريم للمثلية وقد ثبت بما ليس فيه أي شك أنه من رواسب الإسرائيليات في إسلام يحترم الفطرة البشرية، علاوة على أنه من مخلفات الإستعمار.
ولنقل الآن كلمة في مفهوم الشذوذ وماهيته في لغتنا العربية، إذ غالبا ما يغيب عن الأفهام. إن الشذوذ هو الخروج عن القاعدة؛ وليست القاعدة بالضرورة هي الحق، إذ هي تختلف حسب تطور العقل البشري واتساع آفاق علمه. فكم من قاعدة كانت أساسا للفكر أو عمادا للأخلاق ثم انهارت واندثرت وحلت محلها قاعدة أخرى أصح وأقرب للنمو البشري الذي هو ولا شك في اطراد دائم.
 أما الشذوذ الجنسي، بما فيه من لواط أو مساحقة، فهو مخالفة القاعدة، أي الخروج عما هو شائع ومتعارف عليه، وليس معنى ذلك أن الشائع والمتعارف عليه هو التصرف الجنسي الطبيعي. فنحن نرى في الطبيعة تصرفات مختلفة، ليس فيها ما درج البشر على اعتباره قاعدة جنسية أو فطرة إنسانية.
 هذا هو الخطأ السائد عند المتزمّتين من المسلمين وغيرهم من الديانات الأخري ومن غير أهل الدين، الآخذين بفكرة أن اللواط غير طبيعي ويخالف الفطرة البشرية. فالأصح، وتلك هي الحقيقة العلمية، هو القول بأنه فطرة البعض من الناس تخالف فطرة جل الناس. فهما إذا فطرتان ولا داعي لإعلان الحرب بينهما، لأن الإسلام يحترم الإنسان في فطرته، فكما خلقه الله، له الحق في أن يعيش ويُحترم بفطرته.  
بذلك، يكون أهل النضال من أجل المثلية من أهل النضال الأوسع لأجل الحقوق والحريات عامة بما فيها تلك التي ضمنها الإسلام قبل غيره من الأديان في زمن ظلامي كان فيه نورا والغرب ظلمة حالة. بذلك، يمكن للمناضلين النزهاء بحق أن يقولوا كما قال الشاعر  المسلم النبيه: 
إنى امرؤ بالزمان مُعترف | علّمني كيف تُؤكل الكتف    

نشرت بتصرف على موقع نفحة تحت عنوان :
الجنس في الإسلام… إحياء الدين من جديد