حول مخاطر مسودة القانون الجنائي في مقاضاة المغرب دوليا لأجل تجريم المثلية
جلالة الملك،
كنت دعوتكم سابقا لإبطال قانون تجريم المثلية بالمغرب لأنه يخالف الإسلام والأعراف والمواثيق الدولية التي تحرص المملكة علي احترامها، هذا علاوة على دستور البلاد الجديد وسمعة المغرب.
وقد عدت للموضوع في فرص مضت، منها رسالة بلغتها إلى جلالتكم من ابن المفرب البار إحسان الجرفي الذي سقط صريعا للإساءة، ألا وهي كراهة المثلية، تلك التي يشرعها في عهدكم الفصل 489 من القانون الجنائي وقد بقي على حاله في مسودة تنقيح الدستور.
لا تجريم للمثلية في الإسلام بدون قراءة إسرائيلية
وبمناسبة اليوم العالمي لمناهضة كراهة المثلية، أستسمحكم التذكير هما بما ينتظره شعبكم من سديد القرار في إبطال المثلية بالمغرب لأن الشعب في عمومه لا يرى في المثلية جرما ولا دعارة، إذ هي خاصية معروفة ومعهودة عند البعض بما أنها طبيعة أرادها الله فيهم كلون العينين أو البشرة، لا غير.
هذا ما أقره العلم اليوم وما فهمه ديننا الحنيف، وقد كان حداثة قبل الحداثة الغربية، فلم يجرم المثلية ولم يحرمها إذ لا حكم في القرآن البتة، بل قصص ذكّرت بالتحريم الذي كان موجودا قبل الإسلام والذي لم يقره الدين القيم.
كما ليس هناك أي حديث صحيح لا في البخاري ولا في مسلم في الموضوع الذي لم يصح فيه أي شيأ حسب أجل الفقهاء ومنهم الفقية الجليل أبا حنيفة النعمان. هذا وقد كان العديد من القضاة لا يستنكفون من المثلية، أمثال قاضي قضاة العباسيين يحي بن أكثم.
كل ما في الأمر هو أن الإسرائيليات تغلغت في الإسلام فأخذ بها الفقهاء، وجلهم كانوا من الموالي كما ذكّر بذلك ابن خلدون، وقد أشار إلى أن حملة العلم منهم، وبالتالي كانوا متأثرين بالديانة اليهودية والمسيحية في متخيلهم ولاوعيهم لحداثتهم بالدين الجديد الثوري.
ليحفظ أمير المؤمنين الإسلام من التشوية !
إن الإسرائيليات متغلغة اليوم في الفقه الإسلامي وحان الوقت لتصفية ديننا منها وقد عبثت به إلى حد قيام هذه الداعشية الدعيّة على ملة محمد، تقتل باسمه الأبرياء. فإلى متي يدوم الحال وقد انطفأت أنور الإسلام فأصبح مجرد شعائر ظلامية ؟
إن أمير المؤمنين لهو اليوم الراعي الأوحد للإسلام الصحيح، وقد طالب صوفية المغرب ملكهم، وعلى رأسهم الولي الصالح ابن حمدوش، في الرسالة التي أرسلها لكم ابنكم المشار إليه آنفا، العمل على التصدي للغزو المغولي الجديد الذي بدأ بعد يعشعش بالأدمغة.
ولعل ما يختزل هذا الزحف الداعشي بصفة صارخة هو مسودة القانون التي قدمتها حكومتكم باسمكم وتحت رعايتكم. ففي لقاء صحفي، تحدث رئيس الحكومة المغربية عن مسؤوليتكم الأولى والأخيرة بالمملكة عن السياسة التي تقودها حكومته تحت رئاسته.
فكيف يرضي الملك بالتوجهات التي تناهض الإسلام في ميدان حقوق الإنسان والحريات كما جاء صراحة بمسودة مشروع القانون الجنائي؟ أليس جلالة الملك هو المسؤول الأوحد عما في هذه المسودة مما يشين الإسلام والمسلمين وهو أمير المؤمنين حامي حمى الدين؟
من مساويء مسودة القانون الجنائي
لن أتعرض بالتفصيل للانتهاكات الفظيعة التي أقرها مشروع تنقيح القانون الجنائي لما فسد في قوانين المملكة وكنتم بأمركم تنقيح المجلة سهرتم على إصلاحه.
سوف أكتفي هنا، تزامنا مع اليوم العالمي لمناهضة كراهة المثلية والمثليين، بالتشهير بما في هذه المسودة من خروقات منطقية وقانونية سوف تأتي بالوبال على المملكة من زواية المسؤولية القانونية والدولية.
وهذا بالطبع بالإضافة لما ثبت فيها من تجن على الإسلام وتعاليمه في قراءة لا تمت بصلة لدين الحنيفية بما أنها إسرائيلية.
لقد أقر المشروع النص الحالي من المجلة الجنائية، أي المادة 489 التي تنص على ما يلي : « دون الإخلال بالمقتضيات الجنائية الأشد، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 2.000 إلى 20.000 درهم من ارتكب فعلا من أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه.»
إن هذه المادة من الباب الثامن المتعلق بالجنايات والجنح ضد نظام الأسرة والأخلاق العامة، تناقض ما ورد بالباب الباب الرابع الخاص بالأسباب المبررة التي تمحو الجريمة. فالمادة 124 تقول صراحة أنه «لا جناية ولا جنحة ولا مخالفة في الحالات الآتية : .... 2 : إذا اضطر الفاعل ماديا إلى ارتكاب الجريمة، أو كان في حالة استحال عليه معها،استحالة مادية، اجتنابها، وذلك لسبب خارجي لم يستطع مقاومته...»
لقد ثبت علميا وعالميا أن المثلية هي طبيعة في البشر؛ فكما في الجنس الغالب اشتهاء المخالف، هناك اشتهاء للمماثل في هذا النوع من الجنس؛ فهذه خاصية أرادها الله في خلقه.
كيف إذن يعترض لها القانون بما أن الفاعل لا اختيار له في تعاطي مثل هذا الجنس إذ يستحيل عليه اجتنابه للطبع الذي جعله الله فيه؛ فهل راد لما قدّره الله في عباده؟
إن الفعل الذي تعاقب عليه المادة 489، وإن كان من الشذوذ الجنسي، فهو ممما يستحيل عى الفاعل اجتنابه لسبب فيه لا يستطيع مفاومته إذ هو خارج عن نطاقه لأنه إرادة الله العلي القدير. لذا، عملا بالمادة 124 من القانون الجنائي، لا يمكن تطبيق المادة 489، فلا جنحة ولا جناية.
وما من شك أن هذا سيفتح الباب على مصراعيه للمثليين للتشكي للمحاكم المغربية وإن لزم الأمر الدولية لمقاضاة المملكة لانتهاكها لا حقوقه المشروعة فقط، بل وأيضا أحكام المجلة الجنائية نفسها علاوة على الدستور.
من فرضية مقاضاة المغرب دوليا
وفرضية مقاضبة المغرب أمام المحاكم الدولية واردة أيضا لمخالفة الفصل المجرّم للمثلية للباب الثاني المتعلق بالجنايات والجنح الماسة بحقوق الأشخاص وحرياتهم، خاصة المادة 225 منه التي تدين «كل موظف عمومي يأمر أو يباشر بنفسه عملا تحكميا، ماسا بالحريات الشخصية أو الحقوق الوطنية لمواطن أو أكثر».
فبما أن المثلية طبيعة بشرية وفطرة في بعض الناس، لا حق للشرط التعرض لهم وإلا مسوا تمام المساس بحرياتهم الشخصية وحقوقهم الوطنية كما أقرها الدستور الجديد للمملكة.
هذا، وهناك أيضا المادة 230 التي تناقض الدستور وتدوس الحقوق والحريات إذ «يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنة وغرامة... أو بإحدى هاتين العقوبتين كل موظف عمومي يدخل بهذه الصفة، مسكن أحد الأفراد، رغم عدم رضائه». فنحن نعلم أن العلاقة المثلية تقع في حرمة المسكن التي يتم هكذا انتهاكها تعقبا للمثليين.
وقد عرّفت المادة 441 من الباب السابع في الجنايات والجنح ضد الأشخاص ماهية انتهاك حرمة المسكم، فبينت أنها الدخول أو محاولة الدخول إلى مسكن الغير، باستعمال التدليس أو التهديد أو العنف ضد الأشخاص أو الأشياء». ولا شك أن منع المثلي من تعاطي مافيه من طبيعة هو من العنف المعنوي، بل وحتى المادي كما نراه يوميا.
ولنختم هذا العرض الموجز بالجرائم ضد الإنسانية إذ تعتبر المادة 9-448 «الأفعال الآتية جرائم ضد الإنسانية، ويعاقب عنها بالسجن المؤبد، اذا ارتكبت في اطار هجوم منهجي واسع النطاق موجه ضد مجموعة من السكان المدنيين : 1 - السجن، أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية، بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي»
ولا داعى للتدليل أن مناهضة المثلية وتعقب المثليين وسجنهم هو من الهجوم المنهجي الموجه ضد مجموهة من المدنيين.
المنطق الصحيح هو قتل المثلي أو إبطال تجريم المثلية
هذه نبذة عما ستخلقه من مشاكل للمملكة مساويء مسودة مشروع تنقيح القانون الجنائى، سواء على الصعيد الداخلي أو العالمي.
لذا، أهيب بجلالة الملك حفظ المملكة من مثل هذه المخاطر وذلك بالإذن بإبطال كل ما في المشروع من شناعة حتى يعطي المغرب المثل الأسنى لرعاية دين الإسلام في صفوة ما فيه، ألا وهي سماحة تعاليمة العلمية والكونية لصفته خاتم الأديان.
لقد أثبت العلم بما لا دحض له أن المثلية من الفطرة البشرية، ثم بينت دراسات علمية نزيهة أنها ليست من الإسلام. فالمغرب لا يحترم اليوم الإسلام بقانونه الحالي. ذلك لأن المنطق الصحيح والنزاهة الفقهية والعلمية يقتضيان إما تجربم المثلية إسلاميا، مما يحتم عليه أن يفعل ما تفعله بعض البلاد الإسلامية، أي قتل المثلي. وإما هي غير محرمة إسلاميا، ولا بد عتدها ألا نظلم الأبرياء فلا نسجنهم. وليس جلالة الملك، تماما كربنا، بظلام للعبيد!
ودمتم في رعاية المملكة والإسلام الصحيح، تعطوه حق قدره بنصرته من هذه الداعشية الزاحفة، فتلبوا بذلك دعوة أهل الإسلام، متصوفة المغرب، وقد أهابوا بكم حماية دينهم من الابتذال الذي أصبح عليه.
لكم مني ، يا جلالة الملك، أصدق مشاعر التقدير والاحترام لأنكم اليوم بلا منازع نصير الإسلام في هذه الحقبة الزمنية الحالكة.
فليكن المغرب منارة الإسلام التنويري !
نشرت على موقع أخبر.كم