Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

dimanche 26 octobre 2014

Le nouvel être-ensemble 7

الانتخابات التونسية : هل هي الديمقراطية ؟


تنخب تونس اليوم بعد قرابة أربعة أعوام من اندلاع الثورة مجلس نواب الشعب؛ وهذه الانتخابات التشريعية هي العملية الثانية بعد الثورة، إذ سبقتها سنة 2011 انتخابات أولى لمجلس تأسيسي تكلف بكتابة الدستور التونسي.
فهل هي الديمقراطية بتونس، وهي مبتغى ثورة الشعب الأساسي؟
دوام عقلية الاستبداد :
إن المراقب للشأن التونسي لا يمكنه إلا ملاحظة دوام عقلية الاستبداد عند السلط الرسمية رغم الاستحقاقات المختلفة في العديد من المجالات.
فالحكومات المتعاقبة منذ الثورة لم تقطع تماما مع عقلية العهد البائد، خاصة من طرف الثلاثي الحاكم الذي تزعمه حزب النهضة مهيمنا فيه على حزبين، عُدّا من سط اليسار وما كانا إلا من وسط اليمين. لذا تميزت سياسة البلاد بالليبيرالية الاقتصادية المفرطة والمركزية السياسية المتشددة مع توجه لتقليص الحريات الفردية، تلك المتعلقة بالحياة الخصوصية وبحرية الضمير.
فأدت مثل هذه السياسة إلى العديد من الأزمات وصلت إلى حد القتل السياسي، بينما تنامت وتيرة الإرهاب فغدا الخطر الأكبر الذي يهدد مصير البلاد.
ولا شك أن الأحداث الجسيمة التي عرفتها بلاد النيل بصفة خاصة، والبلد الشقيق ليبيا ثم كامل اللشرق تحت وطأة الخلافة المزعومة بداعش، بصفة أعم، كان له من الصدى على الوضع التونسي مما ساعد على إخراج التحالف الذي يتزعمه الحزب الإسلامي من الحكم. فقد وقع تعويضه بكفاءات وطنية مستقلة مبدئيا عن الأحزاب وذلك في نطاق ما سُمّي بالحوار الوطني الذي عملت البلاد الغربية وخاصة الولايات المتحدة على إنجاحه بكل الوسائل رعاية لمصالحها الهامة بالبلاد، إذ هي ترى في تونس منذ اندلاع الانقلاب الشعبي بها Coup du peuple مخبرا لإسلام ديمقراطي.
إلا أن هذه التجربة الفريدة في نوعها لم تمنع من تواصل هيمنة الحزب الإسلامي على مفاصل الدولة بصفة غير مباشرة، خاصة عبر هيمنته على المجلس الوطني التأسيسي الذي واصل عمله رغم انتهاء مهامه قانونيا باعتماد الدستور، وعبر تواجد طرفا التحالف على رأس المجلس بباردو وبقصر قرطاج في رئاسة الدولة.
ليست هي إلا الديمومقراطية !
 إن هذه الانتخابات، وإن تأتي كتكريس للاستحقاق الانتخابي الحر والنزيه والشفاف بالبلاد التونسية، تبقي بعيدة عن تطلعات الشعب لديمقراطية حقة، لا تلاعب فيها بالأصوات والذمم كما عهد هذا تحت النظام السابق.
فهناك العديد من المؤشرات التي دلت على أن الوضع بالبلاد لا يزال هشا مما يمنع مثل هذا الانتقال المنشود حسب قوانين اللعبة الديمقراطية. 
وليس هذا بالستغرب حين نرى حال الديمقراطية بالغرب حيث غدت به مجرد عملية آلية مفرغة من معانيها الأساسية، أي تصرف الشعب في أموره ومشاركته الفعلية والفعالة في تصريفها. وطبعا، إذا كان هذا حال الأنظمة العريقة في الأخذ بالديمقراطية، فما يكون حالها في بلداننا التي تعاني من هيمنة بعض القوى السياسية لا بداخلها فقط بل وأيضا وخاصة خارجها؟
إنها ما أسميه  ديمومقرطية، أي هذه المفازة أو الصحراء التي هي كما نعلم في أدبياتنا العربية مرتع الجن الخصيب؛ فالسياسة عندنا، وهي في ذلك تماما على شاكلة ما أصبحت عليه بالغرب، حلبة جن السياسة وشياطينها. ولا يميز اليوم البلاد المتخلفة من المتقدمة في هذا الميدان إلا مدى قدرة هذه الجنة في التسلط والتحكم في مصير شعوبها وما لها من إمكانات وطلاقة يد في نطاق دولة القانون أو في انعدام القانوم من الدولة.
ففي بلاد الغرب، أصبحت اليوم ديمومقراطيتها تسمى مجرد التدجين الديمقراطي Démocratie d'élevage  وهي عندنا التدجين بدون ديمقراطية. أما ما يقابل مثل هذا التدني لما يعتبر من أفضل النظم السياسية رغم هناته، فهي الديمقراطية الآبدة  Démocratie sauvage  التي لا تفتأ النيات الطيبة في النضال من أجله بالغرب.ولا شك أنه كان بإمكان الساسة بتونس استنباط مثل هذا النمط الثوري والعمل على تحقيقه بالاعتماد على حيوية المجتمع المدني ونضج المواطن التونسي. إلا أن هذا لم يتم إلى الآن لأن النخب، الحاكمة والمفكرة، ليست إلا في عملية محاكاة عمياء لا غير لكل ما يحدث بالغرب على المستوي الرسمي. 
في تحديات المستقبل :
وهكذا، شاهدنا من طرف الشعب بتونس عزوفا عن العملية الانتخابية وقد كانت من أشد ما يتطلع له ويرغب فيه؛ فلم يسجل العديد أنفسهم على القوائم الانتخابية ولم يقبل على التصويت بصفة مكثفة هذا اليوم بتونس وفي النهارين السابقين خارج البلاد.
ولا شك أن مارافق عملية الانتخابات من أخطاء وإخلالات بعضها من الجسامة بمكان دعّم فكرة التونسي أنه حيال عملية هي أقرب إلى التمثيل السياسي من اللعبة النزيهة. بل هي عند بعضهم مجرد عملية تجارية تؤكدها العديد من المشاهد التي تمت معاينتها بمختلف جهات البلاد تمثلت في توزيع  على نطاق واسع للمال السياسي من طرف بعض الأحزاب لخدمة مصالحها في التعريف بها أو لشراء ذمة الناخب.
ولعل أكبر صورة شوهت نزاهة العملية في ذهن المواطن التونسي هي استعمال هذا الحبر الانتخابي الذي لا فائدة منه البتة ما دامت الهيئة المستقلة للانتخابات اعتمدت على نظام القائمات. فاستعمال مثل هذا الحبر هو مجرد عملية لا طائل منها بالنسبة لنزاهة الانتخابات، بل هي خاسرة تماما نظرا للصورة المبتذلة التي يعطيها عن مدى نضج المواطن التونسي. ثم هي هذه الصفقة الرابحة بالنسبة لمن يسوّق هذا الحبر الذي وجدناه تقريبا بكل الانتخابات التي تمت منذ اندلاع الربيع العربي.
رغم كل هذا، لسنا نُعدم الأمل من أن الأمور ما لها إلا أن تتطور بتونس نحو الأفضل، ولربما يكون هذا مع الانتخابات القادمة بعد شهر، وهي الرئاسية. 
ذلك لأن الأمور تغيرت بالعالم أجمع ولم يعد بالامكان حكم الشعوب كما اعتدناه؛ فلا بد من نظام سياسي جديد مع حتمية تغيير التصرف العمومي في نطاق سياسية تكون فهيمة  Politique compréhensive آخذة بجزء من تطلعات الشعوب، إذ نحن في زمن الجماهير لا محالة.  
هذا، وما من شك أننا سنرى البعض من ذلك في تونس التي سوف يضطر مجلس شعبها المنتخب اليوم إلى إعادة المنظومة القانونية للبلاد؛ فلا مفر له من تفعيل ما جاء به الدستور الجديد من حقوق وحريات قد ظلت حبرا على ورق إلى اليوم.
ومن أهم ما جاء به الدستور بتونس ما يسمى بالدولة المدنية، وهي فصل الدين عن السياسة، فلا مكان بها بعد اليوم لقوانين باسم الدين، لأن الدين لا يخص إلا الضمير والحياة الشخصية للعباد وقد خلقهم الله أحرارا في حياتهم الخاصة وفي ضمائرهم. فذلك مما شدد عليه الدين الإسلامي أي تشديد مقدسا حرمة الحياة الخاصة، رغم ما دأب عليه أهل الإسلام من خلافه باسم أخلاق لم تُفهم على حقيقتها، أي أفضل الوسائل للحياة الجماعية الآمنة، يأتلف فيها المختلف ويختلف بها المؤتلف بسلام وأمنة؛ فذلك هو الاسلام.   
ولا شك أن من شأن نتائج الانتخابات اليوم، التي تؤشر لتقاسم للحكم بين الاسلاميين والعلمانيين، ستسهل هذه النقلة النوعية من أجل تونس متقدمة، تكون فيها الحياة السياسية ديمقراطية بالمعنى الأصيل للتعبير لأن إسلامها ديمقراطي. 
هذا هو مدار انتخابات هذا اليوم أي الاتفاق التاريخي بين أهم القوى السياسية بالبلاد قبل أن تكون ممارسة حرة من طرف الشعب لرأيه. ورغم ذلك، تبقى من أهم المحطات في تاريخ البلاد، إذ هذه هي الوسيلة الفضلى اليوم لإخراجه من المخاطر الجمة والمتاهات المتنوعة التي يعاني منها مع ضمان عدم العودة إلى الوراء، بما أن الشعب نبذ بلا رجعة ماضي البلاد البغيض.

نشرت على موقع أخبر.كم