Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 3 octobre 2014

Renouvellement du monde 8

المثلية  بين الأمس واليوم



هذا تعقيب على المقال الذي نشره الموقع (1)، متعرضا كعادته بصفة موضوعية لأمر فحش فيه القول على أنه من الفحش، وليس الفحش إلا في من ينعته كذلك، أعنى موضوع المثلية أو ما أقترح نعته بالمماثلة بالعربية و بالفرنسية.
ذلك أني أصدرت أخير بالمغرب العزيز على قلبي كتابا في الموضوع بالعربية والفرنسية؛ وها أنا أقتطف منه ما يلي لقراء أخبر الأغر من باب التعميم  للفائدة (في تجديد العروة الوثقى، الكتاب الثاني من سلسة في 8 حلقات : حقيقة اللواط في الإسلام، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء).
فقد حان الوقت أن يتفطن المسلم أن المثلية أو المماثلة مما يعترف بها الإسلام ولا يمنعها قط لأنها من الفطرة البشرية وإن شذت، والإسلام دين الفطرة ولا محالة؛ أما من يعتبر مثل هذا الجنس الطبيعي عند البعض من الناس من الفاحشة فليس هو بالمسلم لأنه لا يفعل كذلك إلا أخذا بالإسرائيليات التي تغلغت في دينا إلى حد تشويهه.  
وإليكم هذه المقتطفات مع بعض التصرف الطفيف.
 في المسألة الجنسية 
لا يخفى على أحد لما لمسألة الجنس من حساسية في المجتمعات البشرية دون تمييز، إلا أن هذه الطبيعة الخاصة تختلف حسب المجتمعات، فهي في بعضها، رغم حساسيتها أو لأجلها، لا تصطبغ بأي طابع أخلاقي أو خصوصية دينية، بينما نراها في المجتمعات التي ظهرت فيها الأديان، وخاصة التوحيدية منها، تتلون بأشكال خاصة تقننها وتحد من طريقة تعاطيها إذ تجعل من الجنس قضية أخلاقية بحتة.     
في هذا الصدد، لا بد من الملاحظة أن نظرة الإسلام الأصلية للجنس تختلف أساسا عن نظرة اليهودية والمسيحية له على أنه ثمرة الخطيئة فيتعين التستر فيه والتعيّب منه، فإظهار اللذة مسموح به في الإسلام، إذ لا قيد فيه للمتعة وبالمتعة الحلال.  
أ - من الزاوية اليهودية والمسيحية :
إننا في تنظيرنا لانعدام تحريم اللواط في الإسلام ننطلق من الحقيقة المقررة الآتية، وهي أن تحريم اللواط (2) في الإسلام من الإسرائيليات التي أثرت بشكل ملحوظ في تعاطي المسلمين مع دينهم فخصصت من بعض مبادئه وحرّمت ما لم يحرمه الشرع الإسلامي. ومن ذلك المسألة التي نحن بصددها.
فلا يخفى على أحد أن اللواط محرم بصريح العبارة في الكتاب المقدس بعهديه، ولقد انبنت الأخلاق طويلا ببلاد الغرب اليهودي والمسيحي على مثل هذا التحريم، فكان اللواط من أنكر الرذائل وأبغض الفواحش،  تماما كما يراه اليوم هؤلاء الذين يفتخرون بصفتهم السلفية، وما سلفهم في ذلك إلا عادات وتقاليد هي غريبة عن الإسلام.
فلنقرأ ما جاء من بعض الأحكام الصريحة في الموضوع في الديانتين اليهودية والمسيحية :
١ - العهد القديم :
_ «وَلاَ تُضَاجِعْ ذَكَراً مُضَاجَعَةَ امْرَأَةٍ. إِنَّهُ رِجْسٌ. * وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ بَهِيمَةٍ مَضْجَعَكَ فَتَتَنَجَّسَ بِهَا. وَلاَ تَقِفِ امْرَأَةٌ أَمَامَ بَهِيمَةٍ لِنِزَائِهَا. إِنَّهُ فَاحِشَةٌ. * بِكُلِّ هَذِهِ لاَ تَتَنَجَّسُوا لأَنَّهُ بِكُلِّ هَذِهِ قَدْ تَنَجَّسَ الشُّعُوبُ الَّذِينَ أَنَا طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ * فَتَنَجَّسَتِ الأَرْضُ. فَأَجْتَزِي ذَنْبَهَا مِنْهَا فَتَقْذِفُ الأَرْضُ سُكَّانَهَا. * لَكِنْ تَحْفَظُونَ أَنْتُمْ فَرَائِضِي وَأَحْكَامِي وَلاَ تَعْمَلُونَ شَيْئاً مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الرَّجَاسَاتِ لاَ الْوَطَنِيُّ وَلاَ الْغَرِيبُ النَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ *(لأَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الرَّجَاسَاتِ قَدْ عَمِلَهَا أَهْلُ الأَرْضِ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ فَتَنَجَّسَتِ الأَرْضُ). * فَلاَ تَقْذِفُكُمُ الأَرْضُ بِتَنْجِيسِكُمْ إِيَّاهَا كَمَا قَذَفَتِ الشُّعُوبَ الَّتِي قَبْلَكُمْ.» (3)
_ « وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ذَكَرٍ اضْطِجَاعَ امْرَأَةٍ، فَقَدْ فَعَلاَ كِلاَهُمَا رِجْسًا. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا.» (4)
٢ - العهد الجديد :
_ « أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الظَّالِمِينَ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ؟ لاَ تَضِلُّوا! لاَ زُنَاةٌ وَلاَ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلاَ فَاسِقُونَ وَلاَ مَأْبُونُونَ وَلاَ مُضَاجِعُو ذُكُورٍ * وَلاَ سَارِقُونَ وَلاَ طَمَّاعُونَ وَلاَ سِكِّيرُونَ وَلاَ شَتَّامُونَ وَلاَ خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ ». (5)
_ «الَّذِينَ اسْتَبْدَلُوا حَقَّ اللهِ بِالْكَذِبِ وَاتَّقَوْا وَعَبَدُوا الْمَخْلُوقَ دُونَ الْخَالِقِ الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. * لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى أَهْوَاءِ الْهَوَانِ لأَنَّ إِنَاثَهُمُ اسْتَبْدَلْنَ الاِسْتِعْمَالَ الطَّبِيعِيَّ بِالَّذِي عَلَى خِلاَفِ الطَّبِيعَةِ * وَكَذَلِكَ الذُّكُورُ أَيْضاً تَارِكِينَ اسْتِعْمَالَ الأُنْثَى الطَّبِيعِيَّ اشْتَعَلُوا بِشَهْوَتِهِمْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَاعِلِينَ الْفَحْشَاءَ ذُكُوراً بِذُكُورٍ وَنَائِلِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ جَزَاءَ ضَلاَلِهِمِ الْمُحِقَّ. * وَكَمَا لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا اللهَ فِي مَعْرِفَتِهِمْ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لاَ يَلِيقُ. * مَمْلُوئِينَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ وَزِناً وَشَرٍّ وَطَمَعٍ وَخُبْثٍ مَشْحُونِينَ حَسَداً وَقَتْلاً وَخِصَاماً وَمَكْراً وَسُوءاً  * نَمَّامِينَ مُفْتَرِينَ مُبْغِضِينَ لِلَّهِ ثَالِبِينَ مُتَعَظِّمِينَ مُدَّعِينَ مُبْتَدِعِينَ شُرُوراً غَيْرَ طَائِعِينَ لِلْوَالِدَيْنِ * بِلاَ فَهْمٍ وَلاَ عَهْدٍ وَلاَ حُنُوٍّ وَلاَ رِضىً وَلاَ رَحْمَةٍ. * الَّذِينَ إِذْ عَرَفُوا حُكْمَ اللهِ أَنَّ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ يَسْتَوْجِبُونَ الْمَوْتَ لاَ يَفْعَلُونَهَا فَقَطْ بَلْ أَيْضاً يُسَرُّونَ بِالَّذِينَ يَعْمَلُونَ!». (6)
_ «وَلَكِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ النَّامُوسَ صَالِحٌ، إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْتَعْمِلُهُ نَامُوسِيّاً. * عَالِماً هَذَا : أَنَّ النَّامُوسَ لَمْ يُوضَعْ لِلْبَارِّ، بَلْ لِلأَثَمَةِ وَالْمُتَمَرِّدِينَ، لِلْفُجَّارِ وَالْخُطَاةِ، لِلدَّنِسِينَ وَالْمُسْتَبِيحِينَ، لِقَاتِلِي الآبَاءِ وَقَاتِلِي الأُمَّهَاتِ، لِقَاتِلِي النَّاسِ، * لِلزُّنَاةِ، لِمُضَاجِعِي الذُّكُورِ، لِسَارِقِي النَّاسِ، لِلْكَذَّابِينَ، لِلْحَانِثِينَ، وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ آخَرُ يُقَاوِمُ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ»(7)
ب - من زاوية المفهوم الإنساني والإجتماعي :
هكذا إذن يعتبر الدين اليهودي والدين المسيحي الشذوذ الجنسي من الكبائر فيحرّمه بصريح العبارة. وطبعا، يعتقد البعض اليوم عندم يرى ما آل الأمر إليه من تفسّخ أخلاقي أحيانا في الغرب أن ذلك مأتاه انعدام التحريم الديني له، وهذا من أكبر الأخطاء، إذ الموضوع الذي نحن بصدده كان يُعتبر في الغرب، ولا يزال عند متزمّتي اليهود والنصارى (أي ما يُمكن أن يعد بسلفيّيهم)، من أفضع الفواحش من الزاوية الدينية البحتة. (8)
فهذه البلدان الغربية التي تعترف الآن بحقوق الممثالين (9) وتسنّ التشريعات المتحررة التي تصل في ذلك إلى الزواج المماثل أو المثليّ (كما يقول البعض) هي نفسها التي كانت حتى الأمس القريب تضطهد هؤلاء الشاذين عن القاعدة وتعتبر الشذوذ الجنسي مرضاً نفسياً وظاهرة اجتماعية خطيرة يجب محاربتها والقضاء عليها. (10)
ولا يجب أن نسنى هنا أنه، بينما كان الغرب في ذلك الزمان الحالك تحت وطأة الأخلاق اليهودية والمسيحية يضطهد الأبرياء من الشاذين لرميهم بالفاحشة (كما يريد إحياء ذلك سلفية اليوم ببلادنا)، كان الإسلام أرحم بهم فدونت الآداب لنا أفضل ما قيل في هذا الباب.
             ماهية الشذوذ :
    الشذوذ هو الخروج عن القاعدة. وليست القاعدة بالضرورة هي الحق. فهي تختلف حسب تطور العقل البشري واتساع آفاق علمه. فكم من قاعدة كانت أساسا للفكر أو عمادا للأخلاق ثم انهارت واندثرت وحلت محلها قاعدة أخرى أصح وأقرب للنمو البشري، وهو ولا شك في اطراد دائم.
أما الشذوذ الجنسي، بما فيه من لواط أو مساحقة، فهو مخالفة القاعدة، أي الخروج عما هو شائع ومتعارف عليه، وليس معنى ذلك أن الشائع والمتعارف عليه هو التصرف الجنسي الطبيعي. فنحن نرى في الطبيعة تصرفات مختلفة، ليس فيها ما درج البشر على اعتباره قاعدة جنسية أو فطرة إنسانية. (11)
وهذا هو الخطأ السائد عند المتزمّتين من المسلمين وغيرهم من الآخذين بفكرة أن اللواط غير طبيعي ويخالف الفطرة البشرية. فالأصح هنا القول بأنه فطرة البعض من الناس تخالف فطرة جل الناس. فهما إذا فطرتان ولا داعي لإعلان الحرب بينهما، لأن الإسلام يحترم الإنسان في فطرته، فكما خلقه الله، له الحق في أن يعيش ويُحترم بفطرته.  
         الشذوذ في الإسلام :
  ما يجب معرفته هو أن ما يسمّى بحدود الله في موضوع اللواط هي تلك الحدود العامة كما فهمها المفسرون فخصصت. فلا حكم ولا حد في القرآن ولا في السنة بصريح العبارة في موضوع اللواط.(12) وليتمعّن من يدّعي خلاف ذلك في آيات القرآن وأحاديث السنة الثابتة ثبوتا لا شك فيه، فسيرى أن لا حكم في ذلك ولا منع ولا تجريم. وحتى نتبين ذلك، فلنعد إلى الصحيحين الذين اتفق المسلمون على صحة ما فيهما من أحاديث، أي صحيح البخاري وصحيح مسلم، وليأتوننا بحديث واحد في اللواط!
نعم، هناك من يفتري على الرسول ما لم يقل أو يفعل، وكانت تلك عادة معروفة ومحبّذة طالما كانت من أجل العمل الحسن والأخلاق الحميدة. وبما أن اللواط، بتأثير الإسرائيليات في ديننا، أصبح من الخبائث وأكبر الفواحش كما هو في الدين اليهودي والمسيحي، لم يتردد المحدّثون في اختراع الأحاديث ونسبتها للرسول الأكرم؛ وكان ذلك من زاوية النصرة لدين الإسلام. (13)
إلا أن هؤلاء المجتهدين، أو بالأحرى من جاء بعدهم فأخذ عنهم، فاتهم أن الإسلام دين ودنيا وأن نظرته للأمور البشرية نظرة متفهمة وقابلة للتطور لكونها تتنزل من باب الحقيقة الأزلية. لذا، فالإسلام لم يصدر الحكم النهائي في جانب من الجنس كان يعدّ من الأمور العادية عند العرب، شأنهم في ذلك شأن من سبقهم من الإغريق مثلا. وما كان له أن يتجاوز وصف اللواط بما عُرف عنه في الدينين الذين سبقاه دون تصنيفه في خانة ما حد فيه الحدود وأصدر فيه الأحكام.
وفي ذلك، كانت نظرة الإسلام للواط نظرة عصرية قبل أوانها، إذ جاءت ملائمة لروح العصر في تجلّيها بوصفها كما كان الرأي الديني السائد يراها، وجاءت أيضا ذات نزعة علمية في انعدام إصدار حكم نافذ مقرّر لها.  
      الشذوذ عند العلم :
  واضح هنا أن نظرتي إلى العلم، وكما ألمحت إليه سالفا، ليست تلك النظرة التي عهدناها والتي فرضتها فترة الحداثة الغربية التي ولت وانقضت. إن العلم في هذا الزمن الذي نعيشه، زمن ما بعد الحداثة، لم بعد تلك الحقيقة الإلاهية في قالب بشري، أي هي ليست كما كانت تبدو للبعض وأصبحت عند البعض الآخر عقَدية وقطعية؛ فالحقيقة العلمية دوما مؤقتة وهي أساسا نسبية، صالحة ومجدية طالما لم يأت ما يخالفها في جدّيتها. (14)
المهم اليوم هو التنصيص أن علم الإنسانيات والمجتمعات في موضوع الجنس بات لا يجزّ بالغريزة المثلية أو جنس المماثلة (أي اللواط والسحاق) في خانة المرض أو الشذوذ الأخلاقي، بل يراه _ ويدلل على ذلك بما فيه الكفاية _ من الأمور الطبيعية، لا في الجنس البشري فحسب، بل وفي المخلوقات عامة.
لذا، فمن العقل والحكمة الأخذ بما يقوله العلم اليوم حتى وإن كانت قناعتنا لا ترتضيه، والعمل من باب النزاهة والأخلاق الحميدة على عدم ظلم من نزعت بهم أمزجتهم وطبائعهم إلى هذا النوع من الجنس حتى لا يكون حكمنا القاسي من الظلم والبغي لهم؛ وذلك لعمري من أشد الفواحش في الإسلام الحق، الذي هو أساسا سلام! 
أما إن ظهر علم ما يخالف ذلك، فبالإمكان عندها العودة إلى ما كنا نرى ونعتقد باسم العلم وباسم الدين معا دون أن نكون ظلمنا وحكمنا بالظن، وهو من أوكد الممنوعات في الدين، وذلك حتى في ما هو أعظم من الجنس، أي القتل المتعمد، إذ لا قصاص إلا إذا تبيّنت الأدلة على ذنب لا لبس فيه؛ أما إذا التبست الأمور، فالدين يقتضي غض النظر.
        الشذوذ عندنا اليوم :
  فأين المسلم الحق العارف بدينه لتبيين ما التبس من الأمور على أهل الإسلام فقلبوا أخلاقه رأسا على عقب وجعلو إسلامنا العلمي إسلام الجهل والكراهية؟
لذا أنا أقول : إذا ثبتت الغريزة في الإسلام، ثبت وجوب احترام تداعياتها وملتزماتها، لأن الله خلقها في الإنسان، وعدم ترك المجال لعملها وعرقلة تجلّيها في حياته اليومية هي بمثابة محاولة مسخ السجية البشرية، وذلك ولا شك من المحرمات. 
فكما يحرّم الشرع الانتحار مثلا، هو يحرّم كل ما هو بمثابة إزهاق لمقومات الطبيعة البشرية. وخذ لك في ذلك مثل ختان البنات، فهو محرم شرعا رغم وجوده في بعض المجتمعات بتعلة الدين، وتلك من الترهات التي فرضتها في الحقيقة طبيعة تلك المجتمعات ذات العصبية للذكور ضد الإناث.
إن الدين لا يقر بتاتا قمع الغرائز إلا بطريقة وحيدة هي الطريقة السلمية الحضارية التي تعتمد على الرغبة ومجاهدة النفس، وذلك هو الجهاد الأكبر قي الإسلام، أي جهاد النفس للتغلب على نوازعها. ولا بد من التنبيه هنا إلى أن هذه الصفة الجهادية للنفس تفرض قابلية النجاح والفشل في مثل هذا الصراع الكبار.  وليس النجاح أو الفشل هو المهم في الإسلام، بل الاجتهاد؛ فإذا كان الفشل هو نتيجة الإجتهاد فتغلبت الغرائز على صاحبها، فلا لوم عليه لأنه قاومها وفشل، وما دام يقاوم ويجتهد. بل الأجر له مضمن على ذلك، وهذا ما يؤكده الشرع، وهو من العلمية بمكان، إذ أنه ثابت علميا أن النجاح الأعظم إنهما يتأتي من تكرر المحاولات الفاشلة؛ وهذا ما تبيّنه أيضا التجارب في جميع الميادين. 
العبرة إذا في ديننا ليست بالصفة التي نعيش بها غرائزنا، بل في النية التي تحدونا في التصرف فيها. ولا شك أن النية الحسنى تتأتي أحيانا مع طول الزمن، فلا يخدعنك انغماس البعض في الملذات وإطلاق العنان لشهواتهم، إذ لا تمانع البتة في أن يثوبوا يوما إلى رشدهم. فبعد أن يستنفذ الإنسان كل ما تعطيه غرائزه من ملذات زائفة يكتشف حقيقة الأمور ويعود إلى ربّه صافي السريرة نقي التصرفات؛ فيجده مرحبا، عطوفا، حنونا، غافرا للذنوب، كل الذنوب، إن شاء وأراد.
ولا شك أن من مثل هذا المتعبّد، في الإسلام الحق، لهو أفضل من ذلك المتحنّث الذي لا يعرف من دينه إلا حركات وسكنات تعلّمها فرددها دون إحكام عقل أو مجاهدة نفس؛ فالله يحب من خلقه المجاهدين التوابين المخلصين في إيمانهم. فهل أفضل صدقا وإخلاصا في إيمانه من كافر هداه الله إلى محجة الطريق؟ والله يهدي من يشاء.       
ج - من زاوية العادات العربية والمغربية :
إن المتفرّس في عاداتنا العربية وتقاليدنا المغربية ليراهما من التميّز بمكان في سماحتهما وتسامحهما في أمور الدنيا والدين، حتى إذا اقتضى الحال بهما إلى مخالفة ما بدا من الأمور الشرعية التي لا مجال للتفرد فيها برأي أو طرافة.
       المماثلة عند العرب :
إن العربي، في تعلقه الشديد بحرية الأخذ من كل شيء بطرف، لا يستحي من الجنس، كل أنواع الجنس، أو حتى من العري، وقد كان الحج مثلا يتم و بعض الناس، بما فيهم النساء عراة. وقد تواصل الأمر على حاله سنة في عهد الرسول بعد فتح مكة. (15) 
ولا حياء في الدين، فقد فصّل الإسلام من المسائل التي لا تتعرض لها عادة الأديان، لأن الإسلام دين ودنيا. والجنس من الدنيا بما فيها من مواصفاته المختلفة؛ أما أن نرفض نحن ذلك اليوم، فنجعل عندها ديننا مجرد دين، تماما كاليهودية والمسيحية. (16)
إن المُمَاثَلة  (أو ما يدعى باللواط) كانت موجودة عند الإغريق، وهذا هو الذي يسمّى بالحب الإغريقي. ولقد كان هناك من التواصل بين العادات العربية والإغريقية ما جعل العرب المسلمين، خاصة بعد اكتشافهم الفكر الإغريقي عند فترة التدوين، يتعلقون به لما له من شديد المشابهة لفكرهم وفلسفة عيشهم. 
فقد كان اللواط منتشرا عند العرب ولم تكن صورته كما هي في ذهننا اليوم، وذلك كما حددتها الأخلاق اليهودية والمسيحية، إذ جعلت إطارا لتنميط الإنسان من خلال رغبته الجنسية وتصنيف الرجال حسب ميولاتهم الجنسية، فما كانت اللذة الجنسية عند العربي تقتضي التقيّد بجنس أو حد. 
ورغم المحاولات الجريئة لصد مثل هذا التزمت من طرف العديد من أصحاب الرأي والأدب، (17) لا من الشعراء فقط، (18) بل وحتى  العديد من كبار رجال الدين،(19) وقد رأينا بعضهم ينشد حبه المماثل،(20) تغلغلت تلك العقلية الغريبة عن العادات العربية في المجتمعات الإسلامية وتغلّبت على التسامح المبدئي للإسلام في الموضوع. ولعل ذلك هو الذي فتح الباب أمام قاعدة أصبحت من أهم القواعد المتعارف عليها في المجتمعات العربية الإسلامية، وهي إلى اليوم سارية المفعول، ألا وهي قاعدة  التورية: تستّر وافعل ما شئت!
ولم يكن هذا خاصا بفترة معينة، فلانعدام النص القرآني الصريح، لم تكن هناك مسائل في اللواط ولا قضايا، خاصة وأن الأمر كان يتم عموما مع التستر إلا ما سيكون في بعض العصور المترفة من تاريخنا العربي كزمن الفقيه الجليل ابن حزم الأندلسي(21) أو العصر العباسي خاصة(22) الذي يمثل ذروة الحضارة الإسلامية؛ فكان الحال كما نراه اليوم في الغرب، إذ أصبح فيه اللواط مما يُفتخر به وغدا الغلمان جزءا هاما وأساسيا من تمام اللذة (23)
على أن التستر يبقى ولا شك من أهم قواعد الأخلاق في الإسلام الذي يقتضي أساسا حسن النية وطهارة الضمير قبل أي شيء آخر مما يتنزل في خانة المراءاة (24).
وقد رأينا الخليفة عمر، رغم ما عُرف عنه من تشدد في مسائل الدين، لا يطبّق حد شرب الخمرة على مرتكبيها عندما جابهوه بما أقنعه، وهو أن الأمر من باب الوشاية وأن هناك من اطلع عليهم في عقر دارهم يعاقرونها؛ فأقرّ الفاروق أن فعل هؤلاء الوشاة كان أعظم ذنبا من تعاطي الخمرة !(25) فهذا إذا عمر يقر مثل هذا التصرف الجريء أخذا بروح الدين الإسلامي، فهل نتصرف خلافه فنتدخل في أمور الناس الشخصية ونعاقب من يتعاطى المماثلة، وهو لا يتعاطاها إلا في داره وغائبا عن أعين الناس؟ فمتى كان الاطلاع على عورات البشر وفضحها من الأخلاق الإسلامية؟       
ولا بد من الإشارة هنا إلى ما سبق أن ألمعنا إليه، وكما يبينه الحال اليوم ببلدان الغرب، أن اللواط والتغني به لم يكن بالضرورة لأسباب جنسية بحتة، بل لعله يكون من البعض الذي لا يمارسه ولكنه لا يأنف من التعرض له كتعبير عن جزء مكوّن للجنس البشري ونوعية من الحب الإنساني. ولا شك أن أفضل مثال يُعطى على ذلك هو الجنس عند الصوفي الذي رفعه إلى مرتبة الحب والعشق العليا. (26) 
  المماثلة بالمغرب العربي الأمازيغي :
و بتونس ،كانت الحال نفسها من الحرية الشخصية في جميع الميادين. خذ على ذلك مثال الزواج بتونس؛ فقد عرف التاريخ ما يسمى بالزواج القيرواني،(27) وهو هذا الزواج الذي لا زلنا نعمل به إلى اليوم ببلدنا، أي زواج الرجل بامرأة واحدة لورود ذلك الشرط من طرف الزوجة في عقد الزواج. 
أما في ما يخص العلاقات الجنسية بين الجنس الواحد، فلا داعي للتذكير بشهادات العديد من الدارسين الغرباء عن البلاد، وبخاصة الغربيين منهم، الذين أكدوا على وجودها، مستغربين ذلك في عهد لم تكن الحرية الجنسية على ما نعرفه اليوم في بلاد الغرب، فكان منهم نفس الإشمئزاز الذي نراه من متزمتينا أمام الوضع ببلاد الغرب.
ولا يستحق التونسي العودة إلى شهادات هؤلاء الغرباء إذ هو يعرف خير المعرفة  أن المبدأ في بلده ومجتمعه هو حرية التصرف في الأمور الشخصية طالما كان ذلك مع التستر، وليس ذلك بالضرورة من باب التقية أو الخوف، بل كنمط من حصافة في السلوك والسيرة فيهما ذوق وفطانة. فهو يتحرج من إقلاق الغير أو إثارته بما يمكن أن يقلق راحته من حرية تصرف ربما فيها بعض الإيغال والغلو باسم تلك الحرية التي لا يجب أن تكون لها حدود عند البعض. وطبعا، لا يكون ذلك إلا على المستوى الشخصي، إذ تبقى الحرية فيه مطلقة مادامت لا تعدو محطيه وعلاقته بربه.
والأمر في ما يخص السحاق جد مشهور، ولا شك أن كتاب القاضي التونسي شهاب الدين أحمد التفاشي «نزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب» أهم ما قيل في الموضوع، حيث خصص جزءا هاما منه للسحاق استوفي في الموضوع من جميع جوانبه دون التوانى عن ذكر مزايا المساحقة عند أصحابها. (28)
وليس هذا بما لا يخص إلا البلاد التونسية، إذ يفيض الرحالة الأندلسي ليون الإفريقي، واسمه الأصلي الحسن بن محمد الوزان الفاسي الغرناطي، في وصف إفريقية والأمور الهامة بها، عن العادات الجنسية المنتشرة بفاس من مساحقة ولواطة. 
أما بالنسبة للقطر الجزائري، فيمكننا الإشارة إلى نموج آخر يبيّن مدى الارتباط الموجود في ذهنية غربيي الزمن الغابر بين العربدة والمجون والحرية الجنسية المستهترة من ناحية  والعربي أو التركي أو الفارسي المسلم من ناحية أخرى. فنحن نجد الكثير من ذلك إذا قرأنا بعض الوثائق التي تتحدث عن العادات الإجتماعيات لتلك البلدان، ومنها الجزائر خاصة في زمن القراصنة، كمذكرات الإنجليزي يوسف بيتس عن وقوعه في الأسر بالجزائر وذلك في القرن السابع عشر.   
وللعودة إلى ما يعنينا، أي الربوع التونسية، فالأمر ليس بالجديد فيها، إذ عرفت هذا الأرض مثل هذا النمط من التحرر والتفنن في أمور الدنيا منذ القدم. ولا يصعب على من شغف بالتاريخ القديم الاستشهاد في هذا الصدد بما كان يُقال عن حرية قيم أبناء هذه البلد وتحرر طبائعهم من أقدم الأزمن، وفي أيام قرطاج بالأخص.   
  ضرورة إحياء عاداتنا :
    إنما المسألة اليوم هي في هذا الالتباس الخاص بالتماهي بين النظرة الدينية الخاطئة للجنس، وبالضبط بنوع من الجنس، وبمقومات الشخصية وخاصة منها الذكورية في مجتمع أصبح على نوعية ذكورية جد متعصبة. 
إن الالتباس حاليا يكمن في ضرورة إعادة النظر في تعريفاتنا الأوليّة لمعنى الرجولة وشكلها، ومعنى الأنوثة ونوعيتها، وذلك خارج حدود الوظيفة الجنسية للإثنين ودون زج الدين تعسفا في أمور كان هو السبّاق في تحريريها من قيود العادات البالية.
  فنحن إن نجحنا في الاعتراف بإنسانية الآخر كأهمّ صفات الوجود البشريّ والإيمان الفعلي  بذلك، سننجح حتما في تجاوز خوفنا ممّا تصوّره لنا المثلية أو المماثلة الجنسية فنتوصل إلى القيام بقفزة نوعية في ميدان احترام الآخر أيّا كانت أهواؤه الجنسية وذلك باحترامنا الكامل لذاته وأفكاره، ولعمله وتصرّفاته. 
ولا شك أن المثير حقا هنا هو أن تكون مثل هذه القفزة ممكنة بمجرد العودة للدين، وذلك بالاعتماد لا فقط على روحه بل وأيضا على نصه لانعدام التحريم الصريح للواط.

3 - في اختزال الرأي الإسلامي السائد 
في هذه الفقرة  يتعرض الكتاب بالتفصيل للمماثلة أو المثلية في القرآن  والسنة ثم بقية المراجع  الإسلامية قبل تبيان حكم المماثلة أو اللواط حسب المعتقد السائد خاتما بمسألة غلمان وولدان الجنة. كل ذلك طبعل بصفة موضوعية علمية كما يقتضيها الفكر الإسلامي الصحيح الذي هو دين العقل، هذاالدين العلمي العالمي. ولن نورد هنا أي مقتطف لطول التفاصيل. فمن أراد التحري فليعد للكتاب.   
4 - في التنظير لموقف موضوعي 
بعد كل ما سبق، يحق لنا أن نستساءل لماذا هذا المعتقد السائدهذه الأيام بيننا بأن اللواط من الكبائر رغم عدم وجودها بأهم المراجع مما كان من شأنه أن يقضي بحلية نوع من الجنس كان يمارس دون حياء بين العرب؟
إن مثل هذا المعتقد ينبني على إجماع من أمة الإسلام على حرمة اللواط اعتقادا بأن ذلك جاء في كتاب الله. وقد بينا أن ذلك ليس بالصحيح؛ لذا، فإجماع الأمة يتأتى من عمل الفقهاء واجتهادهم. 
وقد كان هذا الإجتهاد صائبا في فترة من الزمن عُد فيها اللواط كبيرة لأسباب موضوعية. ولكن بما أن هذه الأسباب انتفت علميا، فمقاصد الشريعة تقتضي الإجتهاد مجددا لإعادة النظـر في حلية اللواط أو عدم حليته.
إننا نرى أن هذا الموضوع من الأمور الخصوصية في حياة الإنسان علاوة على أنه من الغرائز التي هي في البشر، فلا مجال للتعرض له بالتحليل أو التحريم ما دام في خانة الحياة الخاصة. (انتهى)    

نكتفي بهذا القدر، مع الإشارة إلى أن هذا الفصل يبين موقف العلم اليوم مما لم يعد بالإمكان تسميته باللواط، هذا التعبير غير الموجود البتة بالقرآن. ويتعرض هذا الفصل إلى موقف الأخلاق اليوم من المثلية وما يمكن، بل ما يجب موضوعيا، أن يكون موقف الدين الإسلامي من اللواط.
هدانا الله وهدى  الله الجميع إلى محجته التي لا يزال العالم متوجها نحوها ما دام لم يدّع العلم بها، فإن ظن أنه علمها، فقد جهلها؛ والله لأعلم بها من غيره !  
الهوامش  :
1. انظر مقالة حسن عباس : المثلية الجنسية في التراث العربي
2. وباللواط، نحن نشير إلى كل علاقة جنسية تختلف عن العلاقة المعهودة بين ذكر وأنثى؛ لذا، فبهذه  الكلمة نعني أيضا السحاق أو المساحقة.
3. اللاويون 16 : 22-28.
4. اللاويون 20 : 13.
5. كورنتثوس الأولى 6 : 9-10.
6.  رومية 1 : 25 - 32.
7. تيموثاوس الأولى 1 : 8 - 10.
8. من الطريف الإشارة إلى ما يرويه الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي في معرض حديثه عن العاداث الفرنسية في «تخليص الإبريز في تلخيص باريز» عن عادة الفرنسيين،  الذين كانوا يمتعظون من الأشعار العربية التي تتغني بالمذكر، في تأنيث المذكّر عند ترجمتها رفقا بمشاعر مواطنينهم مما كانت تبدو لهم من الفواحش. ولا داعى لذكر ما كانت حكايات ألف ليلة وليلة تمثله في المتخيل الغربي من الدلالة الفصوى على الشبقية العربية. ونحن نجد آثارا لذلك مثلا في ما يرويه عن طفولته الكاتب الفرنسي مارسال بروست في كتابه «البحث عن الزمن الضائع». وطبعا، ومنذ ظهور الإسلام، عاب الكثير من أعدائه ما اعتبروا في هذا الدين الثوري وفي نبيه الأكرم من حسية وشبقية مفرطة. فلتعد لها!          
9. أذكر هنا أن المُماثِل الجنسي أو المُماثِل هو التعبير الصحيح عربيا الذي أقترحه كترجمة لكلمة   Homosexuel . أنظر لاحقا الفقرة 5 : في تصحيح المفردة : من اللواط إلى المماثلة. ولكننا سنواصل في المقال استعمال كلمة لواط لا لشيء إلا لأنها تلك المتعارف عليها.
10. لعله من المفيد التذكير بأن المنظمة العالمية للصحّة لم تحذف المماثلة أو المثلية الجنسية من قائمة الأمراض العقليّة إلا في غرة جانفي 1993. ولم يأت ذلك إلا بعد أن اضطرت الجمعيات الأمريكية الناشطة في هذا الحقل على حمل منظمة التحليل النفسي الأمريكية على فعل ذلك سنة 1973. ومن المفيد الإشارة أيضا إلى أن المماثلين وقعت معاملتهم كاليهود من طرف النازية، إذ اضطُهدوا على نفس الشاكلة خلال سنوات 1933-1945 ووقع ترحيلهم إلى معسكرات الاعتقال النازية وإبادتهم. وكما استُعمل النجم الأصفر بالنسبة لليهود، كان يُشار إليهم بالمثلث الوردي.   
11. بل القاعدة في الطبيعة التي يقرها العلم اليوم هي المماثلة الجنسية، فالجنس واحد، لا فرق فيه بين الذكر والأنثى.
12. سنعود للموضوع بالتفصيل في الفقرة الثالثة الموالية : في اختزال الرأي الإسلامي السائد. 
13.  أفتكون اليهودية والمسيحية أفضل من الإسلام اليوم في هذا الميدان، وقد تطورت ذهنية غالبية أصحابها، فنستمسك في الإسلام بعاداتهم وقد نبذوها هم بأنفسهم؟
14. وذلك ما يسمّيه باشلار Bachelard الحادث الجدلي Le fait polémique. ولنا في الموضوع حديث في إحدى الحلقات التالية لهذه السلسلة.
15. كانت العرب تطوف بالبيت في الحج عراة، إلا الحمس من قريش، كما ذكّر بذلك البخاري ومسلم. 
16. لعل من أشهر الكتب الجريئة في الموضوع كتاب الشيخ النفزاوي : الروض العاطر في نزهة الخاطر. ويمكن الإشارة أيضا إلى المصنف المنسوب الى السيوطي وعبد الرحمن بن نصر الشيرازي : الايضاح في علم النكاح.
17. ومن أشهر من يذكر منهم النحوي والعالم اللغوي أبا عبيدة معمر بن المثنى البصري صاحب مجاز القرآن، وهو من أهم تفاسير القرآن من التيار اللغوي. وقد أُنشد له : صلى الله على لوط وشيعته/ أبا عبيدة قل بالله: آمينا // لأنت عندي بلا شك زعيمهم/ منذ احتلمت ومذ جاوزت ستينا.
18. وعلى رأسهم طبعا أبا نواس، ولكن نجد الكثير مثله تغنوا بالمرد من الفتيان دون أن يكونوا ضرورة من اللواطيين، إذ غدت اللواطة في فترة من التاريخ الإسلامي كالموضة اليوم، مما كان يسمّى بالظرف.  
19. مثال ذلك قاضي القضاة في عصر المأمون  الفقيه أبو محمد يحيى بن أكثم التميمي المشهور باللواط حسب ما ورد عن الذهبي في سير أعلام النبلاء والثعالبي في الكناية والتعرض أو النهاية في فن الكتابة. وقي ذلك يُروى لأبي نواس : أنا الماجن اللوطي ديني واحد/ وإني في كسب المعاصي لراغب // أدين بدين الشيخ يحي بن اكثم/ واني لمن يهوى الزنى لمجانب. ولا غرابة في ذلك عندما  نقرأ في البداية والنهاية لابن كثير امتعاضه من أن أغلبية وجهاء زمانه كانوا لا يتوانون عن ممارسة اللواط بما فيهم الملوك والأمراء والتجار والعلماء والفقهاء والقضاة بالإضافة إلى الأدباء والعامة.ونحن نجد الشيء نفسه عند المقريزي الذي يروي أن شدة انتشار اللواط كانت تحمل الجواري على التشبه بالغلمان.   
20. فالقاضي يحي بن أكثم لم يكن يتخفى أو يعرّض، بل كان يصرّح بأنه لا مانع في حب من جعلهم لله لأوليائه، ذاكرا بذلك غلمان الجنة. وسنخصص الفرع ه (مسألة غلمان وولدان الجنة) من الفقرة الثالثة الموالية لهذا الموضوع.   
21. وكتابه طوق الحمامة في الألفة والألاف يبقى من أفصح الكتب في موضوع الحب على جميع أصنافه دون تورية.  
22. يعدد السيوطي في تاريخ الخلفاء من عرف منهم باللواط وعلى رأسهم الأمين وحكاياته مع غلامه كوثر. ولكن المعتصم والواثق لم يكونا يترددان في التغني بمحاسن الرجال على عادة العصر، بل وممارسة الجنس أيضا مع الرجال إضافة إلي النساء. وقد أورد السيوطي حكاية حب المعتصم لغلامه عجيب الذي عُرف بجماله. وعن الحال في العصر العباسي المتأخر، يمكن العودة مثلا لما يقول التوحيدي في الإمتاع والمؤانسة عن تعاطي الجنس في بغداد.     
23.  استمع مثلا إلى هذين البيتين الذين يلخصان نمط العيش المثالي في تلك الفترة : إنما الدنيا طعام/ ومدام وغلام // فإذا فاتك هذا/ فعلى الدنيا السلام. ولعله من المفيد الإشارة هنا أن اللواط لم يكن فقط من باب الجنس واللذة، بل كان أيضا عند البعض من باب الفلسفة الروحية والنظرة الفلسفية للحياة كما هو الحال تماما في البلاد الغربية اليوم.  
24. وقد جاء في الحديث الشريف «وإذا بليتم بالمعاصي فاستتروا». 
25. ولعل هذا الإجتهاد يتنزل في خانة التسهيل على أمة الإسلام الذي جاء به الرسول الأكرم والتفريق بين ما هو من الحياة العامة التي يتوجب فيها احترام حساسية الآخر، وما هو من الحياة الخاصة التي لا حد لحرية المسلم فيها. ومن الطرائف في هذا الباب التي جاءت بها كتب الأدب أن الخليفة المنصور تحيّل في إنقاذ صديق له سكّير من حد الخمرة بأن أمر صاحب شرطة المدينة بإقامة الحد المقرر شرعا على هذا السكير إن جاء به أحد، مع أمره في الوقت نفسه يجلد ذلك الواشي بضعف حد السكير لأجل الوشاية التي تبقى من التعدي على الحرية الشخصية. ولعله من المفيد التذكير هنا أن المنصور عُرف بتوسعه في الفقه وسعة علمه في مسائل الدين.   
26. نجد أنماطا من هذا النوع الخاص من اللواط العذري عند الصوفية في ما رواه الشيخ أبا محمد القاريء في مصارع العشاق. ولنا عن الحب واالواط عند الصوفية حديث في ما يلي، وخاصة بالفقرة السادسة والأخيرة.
27. تروي كتب الأدب والتاريخ أن أصله يعود إلى زواج الخليفة العباسي المنصور من بربرية تونسية من القيروان اشترطت عليه ذلك.
28. وقد فعل ذلك قبله في ميدان اللواط الجاحظ إذ خصص له رسالته في مفاخرة الجواري والغلمان. 
نشرت على موقع أخبر.كم
تحت عنوان : 
 المثلية الجنسية عند العرب والعجم والأمازيغ