Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

mercredi 16 juillet 2014

Fair-pray, sportive politique 6

ديننا اليوم إسرائيليات بلا روح إسلامية


ليس هناك مسلم حق يعرف دينه وتاريخ أمته ينكر مدى ما لعبته الإسرائيليات في فهم ديننا وتصريف أحكامه ومقاصده حسب ما اعتادته ودأبت عليه في الديانتين اليهودية والمسيحية وقد جاء الإسلام مصححا لهما، عائدا بهما لما سمّاه الحنيفية المسلمة، وهي دين إبراهيم، جد كل الموحّدين.
لقد تغلغلت الإسرائيليات بصفة كبرى في دين الإسلام حين فرض نفسه بسماحة تعاليمه وبساطتها. فكان محور هذا الدين الجديد التسليم من العبد لربه العلي القدير الذي يضمن له مقابل ذلك حريته كاملة تمجيدا لعقله الذي طلب منه دوام إعماله في حياته بهذه الأرض الدنيا.
وبما أن العلاقة في الإسلام بين الله ومخلوقه جاءت بدون وساطة، فقد عملت الإسرائيليات، أو الفكر الموسوم بطابعها، على إدخال الكنيسة أو البيعة من الشباك، وقد أخرجهما الإسلام من الباب، وذلك على هيأة الفقيه، بينما كل مسلم فقيه في الإسلام الأصلي إذا عرف لغة ملّته وأحسن قراءة دينه وفهم سنة رسوله.
العادات اليهودية والمسيحية تمسخ روح الإسلام
نحن عندما نتكلم عن الإسرائيليات، لا نريد ضرورة الحديث عن كل من لم يكن مسلما بداية، من يهود أو نصاري، ثم أسلم وبقي كمونا على دينه؛ ليس هذا مقصدنا وإن كان ذلك لا يبعد أحيانا عن الواقع كما بيّنه التاريخ. إن الذي نريد الإشارة إليه هو أن الفكر العربي الذي كان منتشرا عند ظهور الإسلام كان إما فكرا ملحدا (بالمعنى الأول للكلمة، أي ذلك الذي يميل عن دين الجماعة سواء إلى ديانة أخرى مرفوضة، أو خاصة إلى لا ديانة)، وكان هذا قليلا، أو فكرا يهوديا مسيحيا، وذلك هو الأغلب.
جاء الإسلام في هذه البيئة، لا ناشرا فقط عادات وتقاليد حديثة لم تُعرف، إذ كان ذلك خاصة على مستوى فلسفة الحياة وقيمة الإنسان فيها، بل أساسا لتصحيح ما فسد من العادات اليهودية والمسيحية التي عرفها المجتمع وعاش بها وعليها. فالإسلام عودة إلى الدين القيم، دين إبراهيم؛ لذلك، فهو يقر باليهودية والمسيحية بعد تنديده بما لحقهما من تحريف وتبديل. وهكذا، نجد الكثير في دين الإسلام مما عرفه اليهود وأقر به النصارى؛ إلا أن له في القرآن والسنة الصحيحة تلك المسحة الخاصة والطابع المميّز؛ وهذا هو الإسلام الحنيفي.
وقد عرفنا ذلك في العديد من المسائل التي جاء الإسلام ثوريا فيها، مجدّدا ومطوّرا العقلية المتزمتة كما كانت في العادات اليهودية والتقاليد المسيحية. وبديهي أن مثل هذه الثورية ميّزت الحنيفية المسلمة عما عُرف عند اليهود وأتباع المسيح مما فاجأ العديد من المتشبثين بالقديم وما عهدوا في دينهم، أو قل في حياتهم اليومية وفي تصرفاتهم، سواء منها الشعورية واللاشعورية.
ولا شك أن هذه الميزة الإسلامية كانت خاصة في إقراره حرية العبد في الاعتقاد، وسمو ذاته عن العبودية لغيره، إذ حرر الله المسلم من كل عبودية. وتمثلت هذه الميزة أيضا في التعاليم المتسامحة للقرآن في التعامل مع قضايا المجتمع وتناقضاته، خاصة في المواضيع الحساسة كالحدود، إذ تميّز بطابع تغلب عليه الرحمة في نزعة للتدرج من القساوة والفظاظة، وقد كانتا العلامة المكينة لتلك الحقبة الزمنية، إلى الرحمة والغفران.
فما كان الصوم مما يُفرض قهرا وقسرا على المؤمنين، ولا كانت الحياة الخصوصة تُراقب لتتبع المخالفات، بل لا منع في الإسلام حتى لحرية الارتداد عن الدين بما أنه دين الحرية الكاملة، ولا عقاب لمن طبيعته تحمله على أن يكون مثليا. ولا داعي للتذكير بغير هذا من عديد المسائل التي كان القرآن فيها رحيما عفوّا، مناقضا أحكام اليهودية والمسيحية. 
إلا أن المضحك المبكي اليوم هو أننا في حياتنا اليومية، بل وأيضا في قوانيننا الوضعية، نسيء للإسلام بقوانين تدّعي استلهام معانيه، بينما هي ما التزمت بنصه ولا احترمت مقاصده. ويكفي أن ألمع مجددا هنا  إلى موضوعي الردة واللواط إذ أفردت لهما كتابين بالأدلة الشافية والبراهين الكافية في تميّز الإسلام عن الديانتين المسيحية والموسوية؛ فليس في هذين الأمرين لا تحريم  ولا تجريم في الإسلام الحق خلافا للعهدين القديم والجديد، إذ كان الإسلام بذلك مبدعا، مخالفا ما أُقر عند أهل الكتاب. لذا، فقوانينا في الموضوع غير إسلامية بالمرة.   
ثورة الإسلام  العقلية والروحانية
قلتُ إن الإسلام ثورة أساسا، إلا أنها لم تكن فقط ثورة دينية واجتماعية، بل كانت أولا وقبل كل شيء ثورة فكرية وعقلية. وطبعا، ونحن نعيش هذا في بلادنا العربية اليوم، فلكل ثورة ما يأتي من النظام القديم  المنهار ليضادّها؛ والنظام العقدي المنهار في جزيرة العرب عند ظهور الإسلام وانتشاره هو عقيدة الكتاب المقدس لأتباع موسي وعيسى. لذلك رأينا هذا النظام المنحل يحاول مقاومة نظام الإسلام الجديد بالعودة به إلى تقاليد غريبة عنه ولكنها متغلغلة في قلوب أصحابها وعقولهم الشيء الذي جعلها طبيعة ثانية عندهم.
لست أقول هنا أن هؤلاء عملوا قصدا على تغيير الإسلام وتبديله من الداخل. نعم، هناك من كان على هذه الشاكلة، فسعى ضد الإسلام وأراد الشر له؛ لكن الأغلبية تصرفت حسب طبعها وما دأبت عليه. فقد نشأت وترعرعت على عقلية معينة مشبعة بالإسرائيليات التي أصبحت القاسم المشترك في العادات الإجتماعية. لذا، لما جاء الإسلام بتعاليمه، تداخلت معها وكستها بما كانت تمتاز به، فحادت ببعض مميزات ديننا عن روحها الأصلية الأصيلة.  
وطبعا، نحن نذكّر بما لاحظه مؤرخنا ابن خلدون من أن حملة العلم في الإسلام كانوا من غير العرب، أي من الموالي؛ وقد امتازوا بمعرفة اللغة العربية والدين الإسلامي بشكل جعلهم يخدمونه خير خدمة؛ ولعل حضارة الإسلام لم تكن بدونهم. فهكذا،  أنا لا أقلل من شأن الموالي ولا من الأيادي البيضاء التي لهم على الإسلام وعلى العربية. إلا أني أنبّه إلى ما لا يرفضه اليوم علم النفس، وهو أن هؤلاء، حتى في نزاهتهم وخدمتهم الصادقة للإسلام، كانوا ينطقون ويفكّرون من منطلق مسيحي يهودي، أي حسب ما عرفوه من إسرائيليات، كما عهده مجتمعهم.
وقد سجل لنا التاريخ إلى أي حد وصل ذلك النزاع الذي بقي طويلا خفيا مخفيا، أو قل كامنا داخل اللاوعي،عندما نشبت الشعوبية وبرز كلّ يدافع عن قيمه وأخلاقيته. وطبعا، لم تُذكر الإسرائيليات في هذه الحرب الفكرية رغم أنها كانت منها وفيها، ذلك لأنها تغلغلت تغلغلا كبيرا جعلها تفقد صبغتها الدينية لتصبح من العوارض الإجتماعية.
لقد ظهرت الشعوبية منذ العهد الأموي، ولو أنها لم تفرض نفسها إلا في العصر العباسي لما كان من دور للأعاجم في قيام دولة بني العباس؛ وما سجله التاريخ هو أنها نزعة لتفضيل العجم على العرب. ولا شك أنها كانت ردّة فعل على ما عُرف به العهد الأموي من سيطرة مطلقة للعرب واحتقار للموالي، فكانت منهم الثورة هذه التي بدأت كدعوة مطالبة بالتسوية قبل أن تصبح حركة تحقير للعرب. وهكذا، أفصحت عن مشاعرها القومية، بما فيها من جذور دينية مناهضة لروح الإسلام الحقة، عائدة بتعاليمه في فهمها وتأويل مقاصدها إلى العادات اليهودية والمسيحية، أي الساميّة بالمعنى الواسع، التي كانت معروفة قبل الإسلام.  
ولا يهمنا هنا الجانب السياسي للشعوبية بقدر ما يعنينا ما مثّلته من تمييع للمفهاهيم العربية الخالصة للدين وصبغها بصبغة العادات والتقاليد التي جاء الإسلام ثائرا عليها؛ فلقد كانت بحق ثورة مضادة على الإسلام وروحه الحقة. ولنبيّن مجددا هنا أن هذا لم يكن يتم ضرورة عداء للإسلام، إذ نجد الكثير ممن عمل صادقا على خدمته وإعلاء رايته؛ إلا أنه كان يفعل ذلك من زاويته التي هي ثقافته الأصلية وفكره المتأصل فيه، وهو من الغرابة والاختلاف بمكان عن الفكر العربي القح والعقل العربي الأصيل. 
السلفية من الإسرائيليات والصوفية هي الإسلام الحق
إننا اليوم نرى تواصل مد الإسرائيليات هذه في دين الإسلام من خلال كل توجة متزمت للدين، مجحف في تأويل تعاليمه السمحة، سواء كان ذلك عند أهل السنة، وقد نسوا أو تناسوا سماحة الإسلام، أو تحت وطأة السلفية التي تسعى إلى غسل عقول المسلمين وتجفيفها من كل ذرة معقولية. فهي لا تأخذ بشيء من روح الإسلام الحقة، وإنما تدعّم ما تغلغت فيه من عادات وتقاليد يهودية مسيحية.
إن مثل هذا التصرف عكّر طويلا صفو الإسلام لأجل أن ينعم الحكام الطغاة بصفو الحكم وقد وجدوا من ذبان البلاطات ومرتزقة الدين من يستغله للتحكم في تطلاعات الشعوب للحرية وتقليمها، بينما لا شك أن الحرية هي من المباديء الأساسية التي أقرتها الحنفية المسلمة. فإذا الإسلام يصبح اليوم هذا الدين المرعب الذي لا يتناسب مع مقتضيات العصر، رغم أنه الدين القيم الصالح لكل زمان ومكان لما فيه من احترام للحريات، كل الحريات.      
لقد تفطن الصوفية إلى هذا، فعملوا على التأكيد أن الإسلام ليس في الرسم والحرف فحسب، بل هو أيضا وضرورة في الروح التي في باطن النص. لذلك تمكّنت صوفية الحقائق من المحافظة على روح الدين الإسلامي في سماحته وبعده عن التطرف ورفض الآخر، كل آخر، مخالف كان أو متطرّف، سواء كان ذلك في الطرافة والجدة أو في الابتعاد عن المعهود والبدعة.  
لهذا قلت وأكرر هنا أن الصوفية هي السلفية الحقيقية اليوم، أي تلك التي تأخذ بروح الدين الإسلامي الأصيلة؛ أما السلفية التي بشوارعنا، وبخاصة السلفية الجهادية، فهي سلفية الأكاذيب، إذ هي تحاول مواصلة التأصيل في الإسلام لما بدأ به كل من أخذ بالإسرائيليات في ديننا، فبعُد به عن روحه السمحة وعن رحابة صدره لكل مختلف. ولعل أكبر دليل على ذلك ما تدعّيه السلفية الجهادية من وجوب الجهاد، بينما أغلق الإسلام الصحيح بابه نهائيا عندما انتشر وأصبح كونيا، فاتحا باب الجهاد الوحيد الممكن اليوم، وهو الجهاد الأكبر، أي مجاهدة النفس الأمّارة بالسوء.
فالسلفية الجهادية، وهي أعلى درجة الآخذين بالإسرائيليات، تترك الجهاد الأكبر، الذي يبقى ذلك الواجب الكبّار على الدوام لتزكية النفس التي دعا إليها الإسلام وحث، لتتعاطى ما تعرف جيّدا أن بابه أغلق، من جهاد صغّير، لا نفع فيه، بل كل المضرّة، وذلك لحاجة في نفس يعقوب... هداها الله لمحجته ولدعوة رسوله الأكرم، دعوة التآخي والمحبة! 


نشرت المقالة على موقع أخبر