2967 .. كل عام والأحرار بخير !
يحتفل العالم يوم 12 يناير 2017 بالسنة الأمازيغية الجديدة، سواء كانوا أم لا من الرجال الأحرار، أي الأمازيغ في لغة تفناغ. فالتفتح على الآخر، أيًا كان، ثراءً ليس بعده ثراء، لأن التقوقع في ما يُسمّي هوية لا ينمّيها ويحييها، بل يميتها؛ فلا هويّة بدون اختلاط وتفتح على الغير.
لننظر مثلا إلى الكم الهائل الذي تزخر به لغة القرآن من تعابير أجنبية غير عربية، ككلمة قسورة، أي أسد، أو طهَ، أي يا رجل، وغير ذلك مما أصبح عربيا، بينما هو من المستعرب الذي استحق الهوية العربية لتجذره فيها.
كذلك الحال اليوم للأمازيغية وأهلها، إذ هم الركن المكين لأمة الإسلام؛ فلا مجال للفصل بين العربي والأمازيغي إلا لغاية في نفس يعقوب، بما أنه لا يمكن فسخ ما في التاريخ من انتصار للأمازيغ لحضارة الإسلام.
أصالة الهوية المغاربية :
إن المجتمع المغاربي قروي بامتياز، وشعبه البربري الأصل، العربي في تجلياته، حافظ على أهم ميزات هذين الشعبين، أي الصبر والاستقلال والتعلّق بالحرية الذاتية. ولقد تمازجت كلها في هذا المجتمع نظرا لكون بلاده مفترق طرق للحضارات.
لقد كان الفتح العربي احتلالا كغيره من موجات الاحتلال، إلا أنه انصهر بصفة أكبر في الشخصية المغاربية ذات الصبغة الخاصة؛ فلا شك أن الترابط وثيق بين الهويتين العربية والأمازيغية، مما أوجد فترات نيّرة في تاريخ المغرب.
مثال ذلك العهد المرابطي والنهضة الفكرية والفنية التي جعلت من مراكش مركز إشعاع علمي وأدبي؛ أو العهد الموحدي الذي عرف حركة تجديد وإنشاء وتنظيم معماري ونشاط فكري حثيث في النقل والترجمة جعله بحق عصر المغرب الذهبي. ولا ننسى أيضا ما عرفه العهد المريني من حركية حضارية، إذ فيه ظهر ابن آجرّوم، والأجرومية المرجع الأسمى عند كل محبي اللغة العربية؛ كما من هذا العصر ابن خلدون وابن بطوطة.
وهل من الضروري التذكير بما كان من تفاعل وتناغم بين المغرب والأندلس مما كان له التأثير الكبير على شتى حقول المعرفة، خاصة الفكر والفن، مضفيا طابعا خاصا على سائر مظاهر الحياة؟ فلكل ذلك كانت الشخصية متميّزة في بلاد المغرب، فهي بحق هوية مغاربية أصيلة، ليست عربية خالصة ولا بربرية صافية، بل من الاثنين.
روح المغرب أمازيغية :
مع هذا، نحن لا نرى اليوم ساستنا يعطون ما يستحقه الأمازيغ من حقوق، فلا يقدّرون لغته حق قدرها، رغم أنها كانت دوما الأليف والرديف للغة الضاد لا المناهض لها.
إن تفناغ، لغة الأمازيغ، تمثّل الانفتاح على العالم وتلاقحها مع الحضارات؛ فذلك ما تعنيه الكلمة تفناغ : ف«تف» أي الاكتشاف واللقية، و«ناغ» أي نحن.
فالأمازيغية في قدمها وتأصلها، مع تفتحها على الآخر، بما فيه المحتل، هي بحق روح بلاد المغرب الحية. ولا أدل على هذا حيويتها إلى اليوم عند أهلها ومحبّيها؛ وهذا مما يقّربها أكثر من لغة القرآن.
ففي تفناغ ما في العربية من جوامع الكلم ومن حب الحياة والتحرر من كل قيد، وهو ما ميّز ويميّز العربي والأمازيغي؛ لذا لا بد من التكاتف والتفاعل بينهما لا التقاتل والتناحر، إذ هذا لا يخدم إلا مصالح أعداء الرجال الأحرار، من الأمازيغ والعرب، لأن العربي بطبعه يطمح للحرية التي هي ديدن الأمازيغي.
تحية إذن لكل الرجال الأحرار من أمازيغ وعرب في عالم حان الوقت فيه أن تلتف كل النيات الطيبة حول قيم التضامن والتعاون والتكافل عوض والتفرقة والحروب.
كل عام وكل الأحرار بخير في 2967 !
نشرت على موقع نفحة