من حق المغرب المطالبة بحرية التنقل لكل مواطنيه !
تناقلت أخيرا بعض قنوات ا الإعلام المغربية، مواكبة للمحادثات التي تجري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، خبرا يقول بالتوجه نحو رفع التأشيرة للمواطنين المغاربة.
وهذا، إن كان مما لا ريب فيه مستقبلا، إذ لا مجال لتواصل القطيعة الحالية بين شمال المتوسط وجنوب، فهو حاليا من باب مجرد المخادعة.
ذلك أن الكلام اليوم عن حرية التنقل هو من المخاتلة لأجل تمرير الاتفاقية التي يحرص الاتحاد الأوروبي على توقيعها مع بلاد المغرب الكبير، بل كل البلاد الإفريقية، في نطاق سياسته العمياء في مجال الهجرة.
إتفاقية مجفحة لا يجب توقيعها
هذه الاتفاقية، التي عرضتعلى تونس وستناقش بعد أن تم إمضاء برتوكول أوّلي، تسمّى جزافا إتفاقية شراكة في الحركية والتنقل بينما هي لا تقضي إلا بالجمود.
فبدعوى تسهيل منع التأشيرة للبعض من مواطني المغرب، كل المحظوظين طبعا من علية القوم وليس من أبناء الشعب، تقضي هذه الإتفاقية الخرقاء بفرض قبول المملكة مواطنيها، وحتى غير مواطنيها، عندما ترفض السلط الأوروبية دخولهم أراضيها.
هكذا إذن، بمقتضى هذه الإتفاقية إذا وقع توقيعها لا سمح الله، سيصبح من واجب المغرب قبول أي أحد، حتى غير مواطنيه، ممن يعبر إلى شمال المتوسط عبر أراضيه ! وهي توجب أيضا على السلطات المغربية حماية حدود أوروبا الخارجية بصفة أكثر شراسة حتى يصبح العبور إلى الضفة الشمالية للبحر المتوسط منعدما أو يكاد يكون كذلك.
وبهذه الصفة، تواصل السلط الأوروبية التنصل من أبسط مسؤولياتها، فتسوقها بصفة مخزية إلى بلدان جنوب المتوسط وكأنهم لم يعدموا مشاكل هامة غير حراسة الحدود لمنع من يريد التنقل بحرية ووجوب قبول كل من يمر بأراضيهم وكأنهم من مواطنيه.
سياسة الهجرة الخرقاء
إن مثل هذه السياسة لا طائل منها في عالم أصبح بمثابة العمارة الواحدة؛ فهل يعقل أن نمنع المرور بين الطوابق أو أن نتجاهل ما يحدث في قبو العمارة أو سقيفته مما يهدد أمن العمارة كلها؟
إن ما نراه اليوم من تعدد المآسي ببحيرة المتوسط مرده سياسة أوروبا الخرقاء والعقيمة في مجال الهجرة. فليس هناك هجرة غير شرعية إلا بسبب غلق الحدود؛ ولا مكافحة لها نافعة ومجدية إلا برفع التأشيرة كما نعرفها اليوم، وذلك بالاعتراف بحرية التنقل.
فالتأشيرة على حالتها اليوم تخرق القانون الدولي لما فيها من مخالفة لسيادة االدول، إذ هي تسمح للسلط الأجنبية التي تمنحها برفع بصمات مواطنين غير مواطنيها، مما فيه الاستهزاء الكبير بسيادة تلك الدول. وهي أيضا تخالف أدنى حقوق الإنسان في التنقل الحر. ثم هي أثبتت بعد بما لا شك فيه فشلها االذريع في منع الدخول بخلسة؛ بل نراها تشجع عليه.
لذا، من واجب الديبلوماسية المغربية رفض الاتفاقية الي تعرضها هذه الأيام عليها السلطات الأوربية، ويكون ذلك بربط واجب قبول من يُرفض دخوله إلى الأراضي الأوروبية بثبوت حقه في حرية التنقل. ويكون هذا من السهل النافع باللجوء للحل الذي أقترحه في ما يلي.
فأنا أناضل ببلادي تونس من أجل حرية التنقل بتأشيرة مرور؛ ولعل للمغرب ما يقوّي من موقفه في طلب ما أقترحته إذ له ملف الأراضي الأورربية بالمملكة. فمن حقه أن يطالب الاتحاد الأوروبي إما أن يرفع يديه عن سبتة ومليلية أو أن يقبل بحرية التنقل بين أراضيه وبين المغرب كما يقبل هذا الأخير التواجد الأروربي على أراضيه.
مع التذكير أن مثل هذا الجدال كان نافعا للمغرب عندنا استعمله الملك الحسن الثاني في الستينات فأفرد لبلده تميزا في المعاملة من طرف أوروبا عن سائر بلاد المغرب الكبير.
المطالبة بحرية التنقل بتأشيرة مرور
من الضروري المتأكد إذن على بلدان المغرب الكبير العمل على تجاوز النموذج الحالي للتأشيرة، وهو من المخلفات الفاشلة لنظام دولي انهار ويتوجب تجديد آلياته.
وقد كنت اقترحت الحل الأفضل المتمثل في تعويض التأشيرة الحالية بتأشيرة تنقل تسلم بصفة آلية و لمدة عام على الأقل أو أكثر مع حرية الدخول والخروج.
فبمثل هذه التأشيرة فقط يمكن للمملكة المغربية وغيرها قبول أن ترفع بصمات مواطنيها سلطات أجنبية على أراضيها، إذ يعوض مثل هذا الخرق الفادح لسيادتها ما يقابله من تنازل من طرف الدولة المانحة للتأشيرة، فتتعادل التنازلات. أما اليوم، فالتنازلات من جهة واحدة، وفيها الشيء الكثير من التجاهل لسيادة دول الجنوب وهضم حقوقها وحقوق مواطنيها.
هذا مع الإشارة لما في مثل هذه النوعية للتأشيرة من تمام احترام المواصفات التي تميز التأشيرة الحالية من ناحية المتطلبات الأمنية التي يضمنها رفع البصمات؛ إلا أنها تمتاز باحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان في نفس الوقت.
فليكن المغرب أول البلاد المغاربية في الحصول على حرية التنقل لمواطنيه، لا كما يعرضه كذبا الاتحاد الأوروبي لتمرير اتفاقيته الفاحشة في مزيد الهضم لحقوقه المشروعة، بل كما بيناه هنا، أي باعتماد تأشيرة المرور لكل مواطن مغربي.
نشرت على موقع أخبر.كم