Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

mercredi 23 décembre 2015

Amor Fati, pilotage providentiel 8

حقائق عن المولد النبوي الشريف


نحتفل في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول من كل سنة بالمولد النبوي الشريف. ولم يكن هذا الاحتفال مما أراده الرسول الأكرم ولا صحابته؛ إذ رسول الله في الإسلام لا صفة له خاصة تميزه عن الآنام، إلا أنه سيدهم، وذلك بما اصطفاه الله من شرف النبوة. 
لا شك أن هذا مما يميّز الإسلام عن المسيحية مثلا، حيث شاعت عادة الاحتفاء بميلاد المسيح. ولا أحد ينكر أن محاكاة هذه العادات كانت من الأسباب التي أدت إلى الأخذ بهذه العادة التي لا تقرها إلى اليوم التيارات السلفية إذ تعتبرها بدعة.
ليس يهمنا هنا ما تقوله التيارات المتشددة في الإسلام، بل نود فقط تسليط بعض الضوء على هذه العادة التي أصلها لا علاقة له بنص ديني إنما هو استنباط شعبي تأصل حتى أقره معظم أهل الإسلام بما فيهم جلة الفقهاء على تعدد مشاربهم.
المولد النبوي هو الاحتفاء بيوم الوفاة :
أول حقيقة يجب التذكير بها هي أن الاحتفال بالمولد النبوي لا يخص مولد النبي الكريم بل وفاته، إذ تاريخ الثاني عشر من ربيع الأول يوافق يوم وفاة الرسول الأكرم. 
وليس هذا بالمستغرب بما أننا لا نعرف تاريخ ميلاد الرسول. مع الملاحظة أن نفس المشكل جابه النصارى؛ ذلك لأن يوم عيد ميلاد المسيح المحتفل به كل سنة ليس بالتاريخ الثابت الصحيح.        
الاحتفال بالمولد النبوي من ابتداع المتأخرين :
لم تذكر لنا كتب الفقه والتاريخ أثرا عن الصحابة ولا عن التابعين وتابعيهم في الاحتفال بمولد الرسول الكريم. فهذا الاحتفال من ابتداع القرون المتأخرة، وكان أساسا من عادات شعبية تعود إلى ما يذكره  صاحب المواهب اللدنية.
فالشهاب القسطلاني يُرجع أصل المولد إلى عادة أهل مكة في زيارة محل ميلاد النبي كما هي العادة عند العامة في التبرك بالأولياء. لأنه إن كانت هذه حال هؤلاء، فكيف لا يكون ذلك لأفضل خلق الله، رسوله للآنام، خاتم المرسلين؟
إن أقدم تاريخ في الكتب للاحتفال الشعبي لا يسبق القرن الخامس، بل لعله يعود  للقرون التالية، إذ يذكر الجامع اللطيف لابن ظهيره  وجود عادة الاحتفال في القرن العاشر بمكة وأنحائها، ملاحظا أنها عادة توارثها الخلف عن السلف؛ مع الملاحظة أنه بحث عن بدايتها فلم يظفر بها.
الشيعة أول المحتفلين بالمولد : 
الثابت تاريخيا، كما نراه عند القلقشندي أوالمقريزي، أن الاحتفال الرسمي في الإسلام  يعود للقرن الخامس، وكان من استنباط الشيعة، إذ ظهر بمصر على عهد الخلفاء الفاطميين؛ ولعله كان للتسويق لأعياد أئمتهم، إذ كانوا لا يحتفلون بمولد النبي فقط، بل ومعه مولد أهل البيت : علي بن أبي طالب وفاطمة ابنة الرسول والحسن والحسين؛ ولعل ذلك كان أيضا يقترن بميلاد الخليفة القائم.
لذلك لم تكن للاحتفال شعبية كبيرة بين عموم المسلمين لتعلقهم بالإسلام السني الغالب في بلاد الإسلام. فرغم استمرار هذه العادة الرسمية طوال الحكم الشيعي الفاطمي بالقاهرة ومصر والشام، بقيت لا تهم عموم الشعب حتى اختفت مع سقوط الخلافة في القرن السادس وقيام الدولة الأيوبية التي سارعت بمحوها، مقتدية بما كان  ساريا بالخلافة العباسية، أي انعدام أي احتفال.
عودة الاحتفال الشعبي بالموصل :
بما أن أصل الاحتفال كان شعبيا، بتأثير من العادات النصرانية، فقد عادت هذه العادة للظهور في القرن الموالي، أي السابع، بالموصل ونواحيها. ويبدو أن أول من أحياها صاحب أربل  الملك المظفر أبو سعيد كوكبري . 
عدها، سرعان ما انتشرت بالعراق، عند الأكراد خاصة وأهل الإسلام من الموالي وعند المتصوفة. وقد وصف سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان البعض من هذه الاحتفالات التي كانت وسيلة لأهل السلطة لدعم نفوذهم بين صفوف الشعب اعتمادا على الدين. وطبعا، استعاد الاحتفال من جديد خصوصيته الشعبية، أي الاحتفال بمولد الرسول وحده دون أئمة الشيعة. 
انتشار العادة بالمغرب والأندلس :
مرت عادة الاحتفال النبوي من الشرق إلى المغرب والأندلس بواسطة الرحلات المنتظمة بين طرفي بلاد الإسلام، أدخلها البعض من الفقهاء المحدثين كأبي الخطاب بن دحية البلنسي صاحب التنوير بمولد السراج المنير، كما يذكر ابن خلكان.
أما أول من سعى في إدخالها من أهل السلطان فتقول الآثار أنه أمير سبتة أبو القاسم العزفي، الذي حكمها في الشطر الثاني من القرن السابعو كما بين ذلك أبو العباس المقري في في أزهار الرياض. وكان هذا رغم استنكار بعض الفقهاء لتلك العادة الشعبية.
إلا أن وجهاء المذهب المالكي أقروها وعلى رأسهم الشيخ أبو موسى ابن الإمام، فسرعان ما أخذ بها ملوك المغرب والأندلس وتفننوا فيها تفنن النصارى في عيد نبيّهم، كما روي ذلك بإطناب صاحب نفح الطيب.  
هذا بالمغرب؛ أما بالمشرق، تماما كالمالكية المغاربة، استحسنت الشافعية العادة الشعبية فأيدها إمامهم عبد الرحمان أبو شامة مما جعلها تنشر أيضا وتعم البلاد.
الاحتفال بين المنع والإجازة  الفقهية:       
رغم انتشار العادة، لم تكن قبل القرن التاسع بالاحتفال الرسمي الذي لا يختلف فيه اثنان، إذ كان هنا المجيز والمانع، لكل أحكامه وحججه المقبولة. 
إلا أن الموقف المؤيد لأئمة ذائعي الصيت، مثل السيوطي وابن حجرالعسقلاني وابن حجر الهيثمي، كان له التأثير البليغ في تجذر هذه العادة حتى أصبحت على ما هي عليه اليوم. فمما يمكن ذكره هنا ما أتى به الإمام السيوطي من أدلة في كتابه حسن المقصد في عمل المولد الذي رد فيه على حجج أحد أئمة المالكية المتأخرين  تاج الدين عمر بن علي اللخمي السكندري المشهور بالفاكهاني وقد صنف فيه كتابه المورد في الكلام على عمل المولد، معتبرا  عمل المولد بدعة مذمومة. 
المولد النبوي الشريف اليوم :
منذ ذلك التاريخ، ورغم بعض الفتور في القرن العاشر بالبلاد المغاربية لم يدم طويلا، أصبح الاحتفال بالمولد النبوي الشريف عادة شعبية ورسمية، هي خاصة مما تحتفل فيه الصوفية أي احتفال في زواياها. 
ولعل تعلق العوام بالمولد كفرصة احتفالية هو السبب الأساس الذي أحيا الاحتفال ودعّمه. فالمولد، إضافة لكونه مناسبة لتلاوة الذكر والأوراد، هو أيضا الفرصة السانحة للتحابب وتبادل مشاعر الود وتنميتها من خلال عادات شعبية أصبحت بحق مهرجان حب وسلام، تماما كلبّ لباب الإسلام الحق.

نشرت على موقع أخبر.كم