نحو إبطال تجريم المثلية بتونس
تتجه أنظار العالم اليوم إلى تونس حيث يكتب التاريخ بحروف من ذهب صفحة جديدة في السماحة التونسية من خلال اعتزام السلط إبطال تجريم المثلية بتونس.
واجب إبطال المثلية :
لقد صرح اليوم وزير العدل التونسي بضرورة العمل الجدي على إبطال الفصل 230 جنائي المجرم للمثلية. وكان هذا بعد زوبعة أثارتها قضية طالب مثلي وقع الحكم عليه بعام سجنا بعد فحص شرجي.
فبعد حملة حثيثة قام بها المجتمع المدني، تعددت الأصوات المنددة بالفحص المهين، مطالبة بإبطال سنده القانوني، أي الفصل 230 المذكور، مذكرة بانتهاكه للحقوق والحريات المضمونة بالدستور.
هذا، ومعلوم أن زعيم الحزب الإسلامي المشارك في الحكم كان صرح منذ مدة عدم اعتراضه على إبطال مثل هذا الفصل لإخلاله بحرمة الحريات الخصوصية التي يضمنها الإسلام.
لا تحريم للمثلية في الإسلام :
مع العلم أيضا أنه وقع نشر العديد من الدراسات مند سنوات تبين أن الإسلام لا يجرم المثلية ولا يحرمها، إذ ما عليه الفقه الإسلام الحالي ليس هو إلا من رواسب الإسرائيليات بما أن التحريم كان موجودا بالتوراة والإنجيل.
أما في الإسلام الأول، فما كان مثل ذلك التجريم إذ لا يوجد أي حكم يحرم مثل هذا الجنس الشاذ في القرآن وعد من الفطرة البشرية من طرف أجلة الفقهاء القدامى. فما ورد من آيات بالفرقان في أمر قوم لوط ليس إلا من القصص، ولا تحريم اعتمادا على غير الأحكام، بما أن القاعدة الفقهية تبقى الحلية عند اعدام الأمر الصريح بالتحريم.
هذا، كما أنه لا يوجد في السنة الصحيحة، أي صحيحي البخاري ومسلم، أي حديث في المثلية؛ أما سائر ما يُذكر من أحاديث، فهي من المنحول. وقد بين أبو حنيفة النعمان والشافعي في أصح روايتيه في الموضوع أنه لم يصح أي شي في الموضوع عن الرسول الأكرم.
ثورة أخلاقية :
هكذا إذن تستعد تونس إلى تحقيق نقلة نوعية في ديمقراطيتها الشابة ومكسبا آخر من مكاسب ثورتها الطامحة إلى ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان واحترام الذات البشرية أخذا في ذلك بكل فتوحات الحضارة الإنسانية في تناغم تام مع فهم صحيح للإسلام لا يشين تعاليمه السمحة.
ولا شك أن مثل هذا الانجاز العظيم بتونس سيكون له التأثير الأكيد على المغرب إذ الحالة به نفسها في قمع الحريات بقانون المملكة، حيث أن الفصل المجرم للمثلية فيها يخالف أيضا الدستور ويناقض الإسلام ولا بد من إبطاله إن عاجلا وإن آجلا.
كذلك إذن تعطي تونس بمثل هذه الثورة الأخلاقية الهامة الدرس االأسنى في احترام الإسلام وأصوله بتمسكها في نفس الوقت بكل مباديء حقوق الإنسان، وخاصة منها حقوق المثلي التي ترمز اليوم إلى حقوق كل الأقليات؛ ذلك أنه في احترام المثلي الاحترام الواجب للآخر المختلف؛ وتلك لعمري ركيزة الحياة الجماعية في دولة ديمقراطية يحكمها القانون لا الظلم والجور.
نشرت المقالة على موقع أخبر.كم