Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

mardi 6 décembre 2016

Du dest'1 au dest'n 2

بعد تصريحات بنكيران غير الديبلوماسية : حان وقت الشوط الثاني!
  

السياسة المجدية الحقة هي خاصية في كل البشر، فلا نخطئ القول إن قلنا أن الإنسان، كما هو اجتماعي بطبعه، هو أيضا هذا السياسي على السليقة لحاجته الماسة لغيره، وفي نفس الوقت للدفاع عن نفسه وعن مصالحه. فالسياسة هي الخاصية الأساسية للتمدن والحياة المجتمعية؛ بل ذلك هو التعريف الاشتقاقي للكلمة.
لذا، من المستهجن حقا  أن نسمع ممن ينوي تزعّم حكومة ثانية بالمغرب مثل ما صرّح به أخيرا، ما من شأنه أن يضر بمصالح بلده وشعبه، خاصة بالكلام بدون تمعّن في ميدان حسّاس كالديبلوماسية ليس له فيه على ما يبدو ما يكفي من الضوابط الأساسية اللازمة. 
السياسة الفهيمة والبهيمة :
ليس هذا بالغريب ممن لم يمتهن السياسة حسب أصولها وقواعدها، بل جعل منها سياسة دينية عقيمة. فلعلها كانت مجدية لو أنه اغترف من روح الشرع الإسلامي ومقاصده لا من حرف لم يجتهد في فهمه. 
ليس هذا بالغريب إذ رأينا نفس الشيء بتونس غداة الثورة،  حيث سارعت السلط إلى ركوب أهوال إفساد العلاقة بين تونس وسوريا والزج بالشباب التونسي في متاهات الحرب على الأرض السورية. وقد أضر هذا الكثير بمصالح التونسيين بسوريا، بل وبمصالح البلد عامة لما كان في ذلك من الاخلال الفادح بما ميّز ويميّز السياسة الخارجية التونسية من اعتدال وفطنة وذكاء. فتلك سياسة بهيمة لا فهيمة! 
إن السياسة الناجعة والديبلوماسية الناجحة لهي اليوم تلك التي تحرص أن تكون بحق سياسة وديبلوماسية الأنا والآخر، أي تتشارك في الأهداف والمبتغى، ألا في العلاقة السلمية السليمة مع احترام الثوابت والمصالح المختلفة لكل واحد؛ وهذا أقصى الإبداع والنجاح، إذ يتم رغمًا عن اختلاف الانتماءات والنوازع والمسببات. 
وذلك من النموّ المبارك، لأنه كما زاد المجتمع تطورا وارتفع كعبه في التمدن والتحضر، زاد علوّ سياسته وديبلوماسيته في الرقي والرونق والبهاء بمثل هذا التوجه العلمي العالمي في تجلياته مع التجذر في أصالته.
إنه بالإمكان تعريف السياسة الحقة، وما تحتّمه من ديبلوماسية علمية عالمة عليمة، بأنها عقلنةً للسياسة الداخلية والخارجية بروح العلم وفتوحاته؛ وما من شك أن هذه العقلنة للسياسة تقتضي الأخلاق، بما أنه لا علم يُعتد به إلا إذا كان فيه الخير للبشرية. فقد علمنا أن العلم بدون ضمير، وهو منبع الأخلاق، لهو التهافت التام للعقل والروح وكل ما يميّز الإنسان عن الحيوان science sans conscience n'est que ruine de l'âme كما قالها رابُلى. 
في التجذر الحيوي :
هذا هو التجذر الحيوي enracinement dynamique الذي به دوام التقدم للأفضل وللبشرية قاطبة في عالمنا اليوم وقد أصبح دون أدنى شك عمارة كونية immeuble planétaire. لذا، لابأس من الاغتراف من ديننا الحنيف وقد جاء ثورة عقلية على كل ما يتحجّر حتما في الذهن البشري عندما لا نداوم على الاجتهاد. إلا أن مثل هذا الاغتراف لا بد أن يكون حكيما، لا مجرد التقليد الذي نراه لاجتهاد الأولين. كما أن الاجتهاد لا بد أن يكون حصريا الأكبر، أي مجاهدة النفس، لا الأصغر بأي حال، مما نراه من حرب ضروس لا تُبقي ولا تذر؛ فإذا ديننا السمح هذه الدعشدشة الجاهلة الهمجية.   
إن الإسلام السمح المتسامح ليزخر بالأخلاقيات، وهو دين العدل وكلمة السواء؛ فكيف لا يأخذ بروحه من يدّعي مرجعيته فلا تكون سياسته، داخليا وخارجيا،  هذه العلمية الصحيحة، عالمة بعالميتها وخيرها العميم لأهل المعمورة طرّا وبدون استثناء نظرا لإلمامها بكل جوانب الحياة البشرية في كونيتها مع اختلافها وتميزها على المستوى الإقليمي؟
إن عالمنا اليوم بأمس الحاجة إلى أن تكون السياسة، سواء في الداخل أو الخارج، عليمة compréhensive بمعنى عالمة وعلمية؛ بذلك تكون متناغمة حقا مع ديننا الحنيف، لا مع الجاهلية الوهابية التي تدّعي السلفية وهي مجرد إسرائيليات رسبت في دين الإسلام.
وفي هذا التجذر الحيوي وهو بحق كنه السياسة، خاصة منها الديبلوماسية ومعناها المكنون، إذ هي، في أفخر تعريفٍ لها، علم وفن التصرف في العلاقات السياسية الدولية، خاصة لتمثيل، فالدفاع، عن مصالحها خارج أرضها. 
ولا شك أن العلم والفن في التصرف يحتاجان إلى مهارات وخبرات، لعل أهمها التمكن من المعلومة السياسية الثابتة وحسن التصرف فيها على أفضل وجه حتى تكون الخبر القاطع والنشاط الفاعل الفعّال بين الدول رعايةً لمصالحها وتفهمًا لأوضاعها وتطلعاتها.  أما إذا انعدمت  هذه الصفة فيها، فهي تصبح تماما كالجسد الذي فارقته الروح، فإذا هو لا جثة هامدة فقط، بل تلك الجيفة التي سرعان ما يصير إليها.
ضرورة سياسة شرعية حصيفة :
 أقول هذا خاصة ونحن على أبواب عالم جديد من المتحتّم فيه أن تتجدد قراءتنا للإسلام، إذ هو ليصبح غريبا إذا لم يتجدد على رأس كل قرن، كما بين ذلك الرسول الأكرم. 
وذلك  من مقاصد كل سياسة، بما فيها الشرعية، أي هذا السعي لجمع الأمور بحكمة تُؤلّف المختلف وتجعل من الاختلاف ائتلافًا لتمام التماهي بين الدول والتناغم في سياسة فهيمة politique compréhensive تتطلع دوما للأفضل، لا للأسوأ، ألا وهو الاحترام المتبادل بينها والأخذ الحصيف بمصالحها مع التوقير التام لبعضها بعضا كشركاء للكسب الخيّر والعدل والإنصاف، لا كسيّد ومسود لأجل الظلم والحيف والجبروت، باسم تميّز مادي أو ديني لا مغزى له في عالم التكافل الوجوبي.
لا شك أن عالمنا اليوم وصل إلى نهاية الشوط الأول من اللعبة التي رأت صعود مرجعيات إسلامية خاطئة لسدة الحكم بدعمٍ حاسمٍ من سيّد العالم الأمريكي رعايةَ لمصالحه. فهاهي قمة الحكم في هذا البلد تتغير مما سيؤدي حتما إلى تغيير سياسته الخارجية، على الأقل في مساندته للإسلام المتزمت الدعيّ. 
إننا اليوم في مرحلة الاستراحة التي ستتلوها بدون أدنى شك بداية الشوط الثاني مع تسلم الرئيس الأميركي المنتخب مقاليد السلطة. عندها، لا بد أن تتغير الأمور في بلداننا لأنه من المتحتم أن تتغير العقليات المدّعية للمرجعية الدينية حتى تأخذ أخيرا من الدين الصحيح لا المغلوط الذي تغترف منه اليوم.
هذا يعني أنه لم يعد بعد لحزب بنكيران بالمغرب والغنوشي بتونس إمكانية التذرّع بالدين للامتناع عن إدخال الإصلاحات الضرورية بدعم الحقوق والحريات التي أقرها دستورا البلدين فبقيت حبرا على ورق. فإما الغروب عن الحكم أو التأصّل في الإسلام الصحيح مع التفتّح، لا فقط على الحداثة (إذ الإسلام كان حداثة قبل أوانها، أي ما أسميته الحداثة التراجعية rétromodernité)، بل وأيضا ما بعد الحداثة، وهي الفترة التي أظلتنا اليوم. بذلك تُؤلّف مشارب أبناء الشعب ولا تُخالف بينها، كما هي تفعل اليوم؛ وبئس السياسة تلك!
إن في مثل هذا التجميع والتوليف أقصى مظاهر السياسة الفهيمة الحصيفة، خاصة منها الشرعية، إذ هي تغوص إلى داخل الأمور بموفور الفهم والتفهم أي  perception ؛ ونحن نعلم أن معنى هذه الكلمة في الأصل اللاتيني perceptio هو الحصول والتنمية  recueillir ، وهو حسب الأصل recolligere يعمي التجميع  rassembler الذي أصله اللاتيني : وضع الشيء مع بعضه : mettre ensemble. أليست هذه، مرة أخرى، روح السياسة الحقة؟ 
فهل فهم ويفهم هذا السيد الغنوشي بتونس والسيد بنكيران بالمغرب؟ إن في ذلك ما من شأنه، بالنسبة لبنكيران،  دعم أو حفظ حظوظة في البقاء في الحكم؛ وإلا فإن قطار التاريخ لا ينتظر.      

نشرت على موقع أخبر.كم