Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 2 mai 2025

Spiritualité soffie 7

 

كلمة السواء، في الأخلق السياسي


كلمة السواء من بين أهم المصطلاحات الإسلامية مع سلامة السريرة وحسن النية، وهما من أسس الإيمان الذي أتى به دين الحنيفية المسلمة، أي الإيمان الأنقى بعلوية الخالق، ما جعل من دين محمّد الدين التوحيدي الوحيد الذي لا ينبذ ما سبقه، إذ هو ختام الرسالة الربّانية. هذا ما حتّم أن يكون الإسلام ثقافة إيمانية وفلسفة حياتية، لا مجرّد شعائر كما كانت حال اليهودية والمسيحية؛ لهذا منع الكنائس والييبعات والرهبنة ودعاوى الأحبار في التوسط بين الله وخلقه، فإذا العلاقة فيه مباشرة بين الخالق وعباده.

هذا هو الفهم الأصيل لدين التوحيد الإسلامي كما فهمه أوائل المنتمين إليه، ومنهم أهل الصفّة الذين أفرزوا ما سمّي صوفية، بينما الأحرى نعتهم بالصفّية، كما أفعل. هؤلاء، صفّية الحقائق، لا ما أصبح عليه بعضهم من تجارة دينية كغيرهم ممن أخذ في الإسلام الحرف وترك الروح، هؤلاء لا يرون في الدين ما أصبحت عليه حاله من غربة لاستشراء الفهم البئيس. وهو الذي رسب مع ما رسب من مفاهيم خاطئة نتيجة إمّا هيمنة سياسوية أو فكرية استغلت الروحانيات كآلية لفرض تسلّطها في سياسة غير أخلاقية، لا كسياسة بالمعنى الصحيح، ألا وهو حسن التصرّف لأجل أفضل الحوكمة في الاجتهاد لمدينة فاضلة تعاليمها أخلق سياسي لأخذها بكلمة السواء في كل شيء. 

ذلك لأن الدين في الإسلام الصحيح هو سياسة دنيوية قبل أن يكون دينية، إذ الدنيا أول الامتحان والسبيل للآخرة؛ فهو إذن معاملات صادقة نزيهة تتجلى فيها وعلى أساسها روح الإيمان؛ فلا تكفي الشعائر وحدها لإيجادها بما أنها تساعد على ذلك ولا تخلقها من عدم. بل الروح، وهي دائمة الحياة، تسبق المادة وما فيها من جوارح، الروح لا تتجلّي فقط في الجوارح بل في الوعي بما تأتيه الجوارح قبل أن تأتيه من حركات وتجليات صوتية، أي كل المظاهر الشعائرية. وغم هذا، يعتقدها أغلب المتديّنين كل الدين بينما هي فقط أقله، أهميتها في أنها تقرّب منه من يعسر عليه فهمه، كما هي الحال بالنسبة لما يجب فعله مع قليل الفهم لتقريب المغزى من ذهنه ولمّا يمتلىء بالإيمان بعد والذي هو في السرائر لا في المظاهر. هذا ما أنعته بالأخلق الإيماني وفيه لب لباب روح الإيمان الشريف، الإيمان الذي وصفة صاحب الدعوة بأنه أعلى درجة من مجرّد الإسلام. 

الأخلق الإيماني في الحياة اليومية سياسي بالمعنى آنف الذكر، أي أنه تصرّف رصين لأجل أعم المصلحة في المدينة المرجوّة فاضلة، وليست هي كذلك بدون جميع أهاليها، لا تفرقة بينهم باسم دعاوي ودعاوى باطلة، خاصة باسم الدين الذي غايته التفاف الجميع حول مكارم الأخلاق لا التفاف البعض على البعض الآخر باسم فهم يقزّم الدين بجعله أيديلوجية دغمائية لأقلية بينما هو مجموع حقوق وحريات للجميع. ذلك لأن التصرف السياسي الذي تغلغل في الأذهان نظرا لما فرضته المفاهيم الخاطئة أفرز ما نأى بالسياسة عن الفهم الصحيح والفطن، أى حوكمة التصرّف، إلى التحكّم في التصرّفات، ومن تفتّح الأذهان وتفتّقها على الأفضل إلى تحجرها وإغلاقها على المعتاد المعروف رغم أنه صار منكرا.

هذا أتى، لو اختزلناه، من تجاهل كلمة السواء، بل نبذها في كل شيء، خاصة في التعاطي مع تجليات الدين، بل والروحانيات بصفة أعمّ. مثال ذلك انقلاب الإسلام، وهو سلام، إلى حرب وتجبّر؛ وفقدان روحه العلمية، وهي اختبار وبحث وابتداع، مع قبول الخطأ، أي أفضل ما في المنهجية العلمية. ذلك أنه تمت الاستعاضة عنها بدغمائية الجاهل الذي يعتقد معرفة كل شيء، بما في ذلك ادعاء معرفة كنه الدين والحكمة الرّبانية رغم ثبت قصور العقل البشري عن امتلاك الحقيقة؛ فلا كسب له أفضل من تولية وجهه نحوها، وذلك في أفضل الحالات إذ الله الأعلم أبدا أيا كان نبوغ العقل الآدمي.

وكلمة السواء هذه ليست الوسطية في فهمها الذي شاع، بل هي الثورية في دوام التطلع للجديد والتجديد للاقتراب أكثر من الحكمة اللدنية مع الأخذ بالمعروف، كل معروف عند جميع الخلق، بما أن الإسلام عالمي، إضافة لعلميّته؛ فليس هو ملّة قوم وزمن كما أصح البعض يزعم إلى حد أنه قلب درره إلى بعرات، حسب تعبير التوحيدي، فإذا هو يجعل من المنكر معروفا يُؤمر ويُؤتمر به بينما هو ممّا يستحقّ النهي أخذا بمكارم الأخلاق عالميا وبمقاصد شريعة الإسلام كروح إيمان شريف.