Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 7 mars 2025

في الأخلق الإيماني، 
إسلام الذكر الأوّل


  
كما أنّ النظام العالمي القديم تهافت وهو في حالة انهيار، كما سبق لنا الكلام فيه هنا، فالنظام الروحاني المدّعي أنه مستوحى من أخلاقية الإسلام ومقاصده السنية، والذي دام -بل طغى- إلى يومنا هذا، من شأنه أن يتطوّر ويتغّير إذ هو في حالة احتضار، إن لم يكن الموت السريري الذي عبّر عنه الرسول الأكرم بغربة الإسلام عند انعدام الاجتهاد فيه وتطوير معانيه وعبره على رأس كل قرن. فهذا النظام بار وفسد رغم اعتماده على فقه كان متناغما مع مقتضيات زمنه في ما فهمه عندها من إيمان الذكر الأول الإسلامي. إلا أن هذا الفقه، وهو اجتهاد بشري، لا مجال لأن يسمو إلى درجة العصمة عن الخطأ فادعاء الصلوحية على الدوام، محاكيا الحكمة الربانية التي هي الوحيدة الموسومة بالأزلية. فكل اجتهاد بشري لا يسلم من النقص بالضرورة لما في الطبيعة البشرية من كبير الميزة منه؛ وهذه حال كل ما لنا اليوم من فقه ومدارس فقية ما كانوا يوما إلا من باب اجتهاد المسلم في دينه وحقه في ذلك، إذ كاد الاجتهاد أن يكون فرضا عينا، طالما حسنت نية المجتهد العارف لدينه وبلاغة لغته المنزّل بها. 
إن مواصلة الاعتماد على ما وصل لنا من اجتهاد السلف دون القبول بإعادة فتح الاجتهاد، رغم ما فيه من صحّة الدين والمحافظة على روحه الثورية، وهي في الآن نفسه علمية عالمية، لمن الاجحاف بمكان بالإيمان الإسلامي الصحيح إذ طغت عادة الفهم القديم له نزعة يهومسيحية (بما أن حملة العلم كان أغلبهم من الموالي وعظمهم كان متخيله مشبعا يهودية ومسيحيا) مسخت الكثير ممّا أتى به من فهم قبحداثي غير معروف أو مقبول في ذلك الزمان؛ وهو ما نعتّه بالحداثة التراجعية للحنيفية المسلمة rétromodernité. هذا ساهم، تزامنا مع القرار السياسي في غلق باب الاجتهاد، وما عقب ذلك من تسلط إمبريالي كان من تداعياته تقوقع المسلم على نفسه، في انتشار الفهم الدغمائي والتشجيع عليه من باب المحافظة على الذات لما كان من استشراء خطر سلبها نظرا لسيطرة الاستعمار على الأرض الإسلامية وتشجيعه لترسيخ العادات اليهودية المسيحية التي انبنت عليها حضارته في تلك الأرضين.                  
وبما أن الحضارة الحداثية للغرب أتت بدعوى فصل الدين عن السياسة، فقد طوّرت مفاهيم اعتبرت غلطا مخالفة للإسلام بينما ليست مخالفتها إلا لصفة ممّا أورثته السياسة في الإسلام باسم الدين بينما ليست هي منه. ذلك أن طبيعة الإسلام الثنائية كدين ودنيا تجعل دعوى الفصل بينهما لاغية في إيمان شامل لا نبذ فيه لأمور الدنيا في الدين وأمور الدين في الدنيا. إلا أنه هذه الوحدة التمامية مركبّة لا يختلط فيها الذاتي والشخصي يالعام والعمومي، فلا دخل للمجال العام في فهمٍ صحيح للإسلام حين الخوض ف المجال الخاص كما أن هذا الأخير مستقل عن المجال الخاص الذي هو في حماية تامة منه واستقلالية نهائية عنه. فلا واسطة في الذكر الإسلامي الأول بين الله وعبده، إذ الأول هو الوحيد الذي يحاسب الثاني في فهمه وتطبيقه لقواعد دينه، لا كهنة ولا إكليروس مثلما هي الحال في اليهومسيحية. وهذا هو المعنى الصحيح للائكية وهي ما يخص عموم الشعب؛ وذا هو الفهم الذي كان عند العديد من أهل الإسلام وقد عبر عنهم بالمرجئة. إلا أنه للأسف، ليس هذا الذي حدث من بعد بما أن تاريخ الإسلام حفل بما أتى تقليدا، بل استنساخا لما عرف في غير الإسلام من الديانتين التوحيديتين.
هذا الشرخ الخطير في الإسلام مع ماهيته الأصيلة في الذكر الأول كما عبّر عنه الوحي المكّي -بل هي قطيعة تامة مع روح الإيمان الأولى- لهو سياسي بالأساس؛ لكن ليس ذلك بالمعنى الاشتقاقي للكلمة سابق الذكر كميزة للإسلام، أي بمعنى حوكمة رشيدة للمدينة الفاضلة، بل بالمعنى المبتذل الذي يعبّر عنه المثل السائر أن السياسة لهي خدعة الذئب أو الثعلب وقوة الأسد وصولته. فقد دأب أهل السياسة، من المسلمين والعرب منذ قيام الدولة الإسلامية، على استغلال ما للإسلام من مكين الوقع عند المؤمن، وبخاصة العربي، للتمويه عليه بفحش التسلط باسم دينه. فلا هم اعتمدوا في تعاطيهم للسياسة  ما نعتّه بالأخلق السياسي poléthique ولا احترموا المرجعية الصحيحة للإيمان الإسلامي، خاصة في انعدام الواسطة بين المؤمن وخالقه وتمتعه بكل حقوقه الخصوصية وحرياته، وهما أس كرامة المؤمن في دين أتي مكرسا للحقوق والحريات لا متنقصا منها، محترما للغيرية لا متنمرا عليه؛ وهذا ما أنعته بالأخلق الإيماني، وهو يختزل الإسلام الأول كما تجلّى في السور المكية للقرآن؛ وهو الذكر الأول الذي لم يعد يعرفه أهل الإسلام اليوم يما أنهم لا يأخذون إلا بالفهم الذي فرضه أهل السياسة من اجتهادات المداس الفقهية. 
هذا بعجالة ما يختزل الذي عاناه أهل الإسلام من كبار المصائب المتتالية عليه؛ وليست هي، خلافا لما يٌعتقد غالبا، من تداعيات الفتنة الكبرى وصراع الخليفة الرابع مع المؤسس الأموي للملك العضوض في الإسلام؛ ولا هي كذلك من نتائج أحداث السقيفة التي اعتبرت جزافا أول انقسام كبّار للمسلمين أتى بما عاشوه بعد ذلك من مآسي. بينت هذا في كتابات، ومنها رواية تاريخية بالفرنسة صدرت سنة 2015 حول الأحداث التي عقبت وفاة الرسول، وذلك قبل أن يفتح الباب على مصراعيه لمن استغل حقائق هذه الحقبة الزمنية التاريخية الهامة للمتاجرة بها دون احترامٍ للأخلق العلمي في الموضوعية. 

في حقيقة الأمر، ما تجلى في صفّين، وقد مهّدت له السقيقة، تجذر في سبب أصلي يتم تغيبه عموما أو السكوت عنه، وهوما واكب فتح مكة، إذ أسس لقطيعة بدأ شرخها من قبل، مثلا عند تنديد الأنصار بما كان من حظوة للمكيين من المؤلفة قلوبهم. ففي الفتح حدث انقلاب سياسي وأخلاقي لا يستهان به، ساهم - إن لم يؤسس - لما أتى بعد، إذ شرعنه في اللاوعي الجمعي ومتخيل المسلمين. ذلك أننا رأينا كيف أصبح، بين عشية وضحاها، زعيم المكيين وأشد المناهضين للإسلام من أهم وأكبر الحليف لصاحب الدعوة والمقربين منه! هذا ممّا لا يستهان به ويفرض التمعن فيه ودراسته كمفتاح لعديد الفواجع اللاحقة، وأيضا للبعض من الأسباب التي جعلت من إسلام تنويري عالمي ملّة ظلامية شعائرية خاصة بقوم بعينهم لا ثقافة عالمية علمية التعاليم أنسية المقاصد كما هي في الذكر الأول والذي من المتحتّم العودة إليه للأخذ بتعاليمه الصحيحة المغيّبة بفهم متهافت أكل عليه الدهو ولا زال يشرب إلى الثمالة.