Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 6 septembre 2024

Contre fraude des mots, mensonge en parole 8

 

في دولة التقليد القانوني


العديد من التصوّرات النظرية والمعاني المجرّدة، خاصة القانونية منها، تتعرّى في واقعنا المعيش ممّا كان يسربلها بعض المعقولية وخاصة الفاعلية، أو قابلية الفعّالية، وذلك بالاعتقاد الشائع بين الناس في صلوحيتها والقبول بها بصفة عمياء أو بلا نقاش. مثال هذا مفهوم القانون الدولي وضرورة احترامه من طرف الجميع وفرضه طرا، هذا القانون الذي تبيّن اليوم أكثر من أي وقت مضى أنه مجرد قواعد مستنبطة من طرف الدول المدّعية التقدّم والتي لا زعامة لها إلا بمقتضى ما لها من إمكانيات اقتصادية ومالية تجعلها تهيمن بكل وسيلة -بما فيها غير العادلة ولا الأخلاقية، ناهيك المشروعة- على العالم لأجل مصالحها الأنانيّة باسم مصالح شعبها وهي في الحقيقة مصالح حكّامه؛ أليست الديمقراطية اليوم ديمومقراطية، أي نظام جنّ السياسة غير الأخلاقية؟ 

هذه الحقيقة المرّة أصبحت واضحة لا نقاش فيها على المستوى الدولي؛ ولا شك أنّ فواجع القضية الفلسطينية المتتالية أكّدت ذلك وقد فات التلاعب فيها بالقانون الدولي جميع الاعتبارات وأبسط المبادىء البديهية؛ وهي اليوم أيضا، على مستوى الدول داخليا، من أهم معالم الوضع الوطني. ولقد بيّنّا سابقا أن مفهوم الديمقراطية تهافت ولم يعد كافيا لتوصيف وضع أي بلاد نامية يدّعي الحكّام بها احترام سيادة شعبها. كيف يكون ذلك بما أنّه حتى في الدول العريقة في هذا النموذج المعتبر كأفضل الأنظمة ليس هو إلا ديمومقراطية، حسب اصطلاحي المستنبط، أي المفازة (الصحراء) كمحيط لجنّ السياسة ترتع فيه كما ترغب وتمليه مصالحها في التمتّع بالحكم وملاذاته؛ كل ذلك طبعا باسم سيادة الشعب وهيبته، بل وهيبة الدولة والسلطات القائمة. بذلك فالمفهومان المتعارف عليهما كالشرط الضروري المؤمّن لحقوق الشعب وحرياته، ألا وهما دولة القانون ودولة المؤسسات، أفرغا تماما من محتواهما ليصبحا مجرّد شعار لا حقيقة له واقعيا، صَدَفة خاوية لا لؤلة ولا دّر فيها إلا وهما أو مغالطة وخداعا. 

كذلك الحال أيضا بخصوص ما استنبط كبديل أو رديف مفعّل لدولة القانون، وهو تعبير مجتمع القانون؛ فهيهات أن يكون هذا بدون ذاك لأن مجتمع القانون يعني مجموع الشعب كامل التمتّع بحرياته العمومية والخصوصية علاوة على تمام حقوقه السياسية في المجالين العام والخاص، وهذا لا يتأتى بانعدامه أولا وبداية على مستوى التشريع العام للدولة والذي تكرّسه مقولة دولة القانون.

كما سبق أن قلنا، هذه الحال أصبحت عامة، متوزعة تقريبا على جميع مجتمعات العالم، بما فيه الأنظمة التي لا يمكن وصفها بالدكتاتوية والتي، رغم ذلك، لا تعدم من انتهاكات لحقوق أفراد شعبها، خاصة الأقليات فيها، ومنها من لها  أصول أجنبية رغم استيطانها البلد وانتمائها القانوني له. طبعا هذه الحال أفحش في بقية بلاد العالم التي لم يسمح لها النظام العالمي الجائر بالخروج من التخلف الاقتصادي، وهو أساس التقدّم السياسي والانتقال الديمقراطي أو ما ينعت كذلك؛ ناهيك الدول التي اعتادت نظام الفرد أو الأقلية المتنفّذة والمنعوته بالدكتاتورية منذ القديم فرسخ في المتخيّل بها واللاوعي الجماعي، وهذا على حدّ السواء لدي الشعب والحاكم.       

لذا، من غير المستغرب بتونس، وهي الدولة ذات الإدارة القوية منذ أمد بعيد وحتى قبل استقلالها، ألا تكون إلى اليوم سوى دولة القانون حسب طبيعة هذا القانون، وهو إلى الآن مجموع نصوص جائرة تعود إلى عهد الاحتلال والدكتاتورية، فلا دولة ولا مجتمع قانون حقيقة وفعلا بلا حقوق وحريات ثابتة مفعّلة كما ذكرنا أعلاه بالرغم ممّا لها في شعبها وثقافته التليدة من إمكانات وتطلعات لتزكية المفهوم المتهاوي وابتكار التجلي الطريف والمتجدد له. بل ولأنها -بما أن من ديدنها الجرأة على الطرافة والابتكار، حتى في غير ما فيه فائدة- امتازت منذ الاستقلال باستنباط، في نطاق ما عرّفته بلعبة الأنا jeu du je، ما نعتّه بعادة التقليد القانوني similidroit، أي الحرص كل الحرص على توخّي المرجعية القانونية للتصرّفات العمومية مع مشروعية الانحياز بها عن المفهوم المفروض للقانون أو تجاهل تداعياته المتحتّمة. وذا ما عاينّاه أخيرا بالخلاف المستجد بين الهيئة المكلفة بالانتخابات والمحكمة الإدارية.

عادة الانحراف هذه بالإجراءات القانونية أو الانحياز بها ضد ما تفرضه لهي الأمر الشائع في الإدارات التونسية بما لا فائدة من التدليل عليه، وقد عانى ويعاني منه العديد من التونسيين والموظفين المظلومين في مختلف الإدارات، منها خاصة وزارة الخارجية التي عانيت بنفسي أيضا من ظلمها دون الحصول على رفعه؛ لذلك شاعت بين الدبلوماسيين طرفة تسمية إدارتهم بوزارة الشؤون الغربية تصحيفا لترجمتها بالفرنسية ministère des Affaires étranges.

دولة التقلديد القانوني État de similiroit هي اليوم أفضل الدول المدّعية التمسّك بالقانون شكلا دون الخوض في مضمونه المنافي للعدل والإنصاف المميّز نظريا لصفته الشرعية؛ فليس لها ما يفرزها عن الدكتاتورية إلا هذا الادّعاء، وهو كما بيّنا ليس حكرا على الدول النامية المشاع عنها أنها غير ديمقراطية. ولعل الوقت حان لكل من يتكلم عن الديمقراطية كسلطة الشعب وكرامته أي مواطنة تُعرف بمجموع حقوق وحريات فعلية، والانتباه إلى هذا النشاز في فهمهم للأمور للجرأة على الكلام باديء ذي بدء عن الحقوق الخصوصية المهضومة في القانون المطبّق والحريات الخاصة والعامة المنبوذة في الواقع المعيش قبل الاعتداد بالتمسّك بالقانون أو بالسعي لإرساء ديمقراطية وهميّة إذ لا شيء يجسّدها سوى تلك الحقوق والحريات ثابتة وغير منقوصة.