Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 2 juin 2023

Libre penser, essence du libéralisme 4


 أغنية الفيل الهزلية

 بين مجون القانون المخزي 

وعربدة الشيبية الثائرة

 


ليس جديدا البتة ما حدث أخيرا بتونس في قضية الغناية الهزلية لبعض الشباب، فهي تبيّن مدى فساد قوانيننا الحالية الهاضمة لأبسط حقوق الشعب في حرياته الأساسية. ولا غرابة في ذلك إذ هي قوانين العهد البائد لا تزال قائمة ولا أحد يدعو لإبطالها. لذا، تراوح البلاد مكانها بين مجون قوانين مخزية وباطلة لفسادها الذي يسمح بكل التجاوزات وبين عربدة شبيبة ثائرة لتطلعها المستديم لأجل عيش كريم، أي حرياتها في أبسط مظاهر حياتها. ولا شك أن الأتعس والأدهى أن يتم في هذه القضية لا الاعتداء فقط على الحريات الشخصية، بل أيضا محاولة خنق الخلق وإجهاض الإبداع، في حين أن هذا الميدان هو الأخير الذي بإمكان شبابنا المخصي من التألق فيه؛ خاصة وأن في ذلك الأمل الوحيد لخلاص البلاد من مصيبة تخلفها الذهني وقصورها الحالي عن التطوّر الفكري الذي لا مناص منه عاجلا أم آجلا. 

وقد كنتُ تعرضت بالتفصل للموضوع بكامل جوانبه من زاوية قانون الدكتاتورية المخزي في موضوع الزطلة وذلك في روايتي الأخيرة الصادرة عن دار نحن بتونس: «أنا ضحية الزطلة». وهي  مستوحاة من أحداث واقعية جدت غداة ما نُعت بثورة بالبلاد، في حين أن أبسط التعريفات للثورة هي كونها الإبطال الآني دون تأخير لقوانين النظام التي تطيح به؛ بينما هي على حالها إلى اليوم كأن شيئا لم يكن! فطالما لم نبطل قوانين نظام الدكتاتورية، وأغلبها من مخلقات عهد الاستعمار، لا مناص من أن تبقى دار لقمان على حالها وتعود حليمة إلى عادتها القديمة في التسلط والاعتداء على حقوق الناس وحرياتهم. وفيما يلي مقتطفات من الرواية في واقع حال شبابنا اليوم وواقع المقال في قضية الحريات الفردية بالبلاد، بما أن القانون الذي تندد به، الاستنباط الدكتاتوري للتصدي لظاهرة الزطلة، لا تزال تطبقه سلطاتنا مع ترديدها المستمر لشعارها أن الشعب يريد. فماذا يريد الشعب غير حقوقه وحرياته اليومية؟   


مقتطفات من 
«أنا ضحية الزطلة» 
رواية في  165 ص، 18 د.ت

ص 24


الأخلاق والضمير كانا من الطفل، لا من طرف الكبار ومن كان يتقمّصها لينتصر لها جزافا باسم القانون. نعم، هذا القانون ظالم وواجب هؤلاء تطبيقه؛ إلا أن الفرصة كانت سانحة لعدم تفعيل ظلمه وغض النظر عنه باسم الأخلاق؛ بل وباسم القانون أيضا، أو بالأحرى روحه التي هي أعلى فتُبقي المنشود، أي العدل المبتغى. أمّا إذا انعدمت الروح من القانون، غدا مومياء عند منفّذيه، يعملون لا بروحه بل بجيفته ولو راقت في العيون هيئتها؛ تلك هي الدنيا على رأسها اليوم ببلادنا!


ص 25

نقلتُ كلمات الفتى للبعض من معارفي القضاة، فقال لي أحدهم من رفاق الدراسة، لم تغّري السنون صفاء ذهنه وصدق الأحاسيس فيه: «لا أمل في أن تتغير مثل هذه القوانين الظالمة لأنها مثل اللجام الذي يمكّن الدولة من التحكّم في من تعتبره حصانا حرونا ». وقال آخر عرفته دوما جيّد التحاليل في أمراض المجتمع: «هذه القوانين المخزية في خدمة حكّام أفلتوا زمام السياسة الرشيدة، فلم تبق إلا هي للتحكّم في رقاب الناس؛ بدونها، هم لا يخافون فقدان هيبتهم وامتيازاتهم فحسب، بل تحرّر من لا قدرة لهم على التحكم فيهم: الشباب ». أضاف ثالث، رغم أنه لم يكن ممن عرفتهم بالثورية: «تلك قوانين مشينة يرضى بها الجميع لأنها في صالحهم، من سياسيين وقضاة ومحامين؛ كلٌّ يوظّفها في أغراضه الضيّقة ». ولم أسأله، حتّى لا أحرجه، عن موقفه الشخصي من تلك المصالح لصفته من المنتفعين بها؛ لعله ممّن يصمت عن الفعل، فلا يتكلّم مع أهل الثقة إلا ترضيةً للضمير.

ص ص 89-90

إنّ كلام الناس الذي عانى منه إحسان كل المعاناة في سجن المجتمع زادته فظاعة عاداته ونصوصه اللاقانونية رغم تسربلها بصفة الشرعية، إلى حد أن السجن الصغير أصبح أحيانا عنده أقل وطأة؛ ودون أدنى شكّ، هذا أعتى الإحساس الذي كان له أن يشعر به. ستكون له العواقب الوخيمة، تقلب الموازين الأخلاقية رأسا على عقب، فتجعل السجن أهون من الحياة بحرّية في سجن المجتمع الكبير، وأيضا حتّى الموت للخلاص من حياة زائفة لا حقوق فيها ولا حريات، حقيقة. في مأساته الجديدة خارج السجن المدني يقول صامد:

– كما اكتشفتُ بعد خروجي من بين جدران السجن أنّي لم أعد كما كنتُ قبل دخوله، فقد تب ّني لي أنّ المجتمع لم يعد أيضا هو نفسه، ولم أعد فيه كما كنتُ، لا فقط لأنّي تغّري ت، إذ نظرتي له لم تتغّري ، بل لتغّري نظرته لي. سابقا، قبل تجربة السجن، كنتّ أعتقدُ نفسي حرّا في مجتمعي، وذلك ما جعلني أشعل سيجارة الزطلة لأول مرّة، كانت آخر مرة في حياتي. فتبيّنتُ أني كنتُ أعيش وهما؛ تبيّنتُ ذلك مع النّاس، كل النّاس، بصفة أو بأخرى. نظرتهم إليّ تغّري ت لأنّي أصبحت ذاك الذي كان بالسجن، أو الذي خرج للتوّ من السجن.

« كنتُ ذاك وكفى، أي كنتُ ما أفرزه تصرّف عابر ما كان ليمثّل شيئا في حياتي لولا قوانيننا المجرمة التي لا وجود لها إلا في العقليات الخامجة. هل نعّري الناس بأنهم يتبرّزون أو يتبوّلون، وذاك من أفسد ما في البشر، مع أنه ممّا لا غنى عنه؟ أليس مرضا انعدام هذه الطبيعة البشرية بانحباس البول أو البراز، فيتمنّى من يعاني منه البول أو التبرّز لا لشيء إلا للتعافي، أن يكون ككلّ الناس في ما يميّز وضعهم حتّى في ما ساء منه؟ وأليس ما يميّز سن المراهقة اكتشاف الحياة بحسناتها وسيّئاتها، إذ هي فترة التجربة، وبالتالي الحقّ في الخطأ؟

ص  126

الحال التعيسة هذه، والتي لا زالت قائمة، عاشها صامد في بلادٍ ادّعت رد الاعتبار لشبابها بعد أن قام ضد النظام الديكتاتوري وساعد على إسقاطه. فمن الخداع الأخلاقي تواصل مثل هذه القطيعة بين الشباب، عماد هذه الأمة ومستقبلها، ومن هو في حقيقة الأمر في خدمته لا العكس، لأن الشرطة على ذمّة الشعب مبدئيا. فالشرطي هو أول من يمثّل النظام؛ إنه الحاكم، في العرف الشعبي، كما يقول الشباب؛ لذا، من واجبه اليوم الحرص، كسلطة جمهورية، على عدم ظلم الناس حتّى وإن كان ذلك بدعوى دوام القانون الذي يحكم تصرفاتهم والذي يفرض عليهم التسلط على الناس. فلا مشروعية لقانون غشوم!