Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 7 avril 2023

Soffisme : Néosoufisme, stoïcisme i-slamique 1

 
من علوم الدين إلى فلسفة الإيمان كثقافة قانونية



اشتهر مصطلح علوم الدين في الإسلام بمعنى لم يعد صالحا اليوم؛ لا لكون الإسلام لا يستحق دعواه في أنه علمي التعاليم، بل لأجل الفهم الخاطىء للعلم الذي أصبح عنذ بعضهم علوميا في نزعته لتقديس الحقيقة باسم الوضعانية؛ وهذا ما لا يختلف في جوهره عن الحقيقة الدينية التي تتميّز بقداسة حقائقها. أمّا العلم الصحيح، فهو أبعد عن تقديس أي حقيقة، إذ ليس إلا المنهج الموضوعي المعتمد للتدليل على الظواهر بالحجة والبرهان، وهو مدار الحقيقة أيا كانت، دينية أو وضعية. مع العلم أن حقيقة اليوم من شأنها أن تصبح خطأ الغد وخطأ اليوم حقيقة الغد إذا أتى الحادث الطارىء الذي يقلب المفاهيم ممكّنا من التدليل القاطع على صحّةٍ لم تكن معلومة وحقيقة جُهلت أو رُفضت إلى حد إثباتها موضوعا. لهذا قيل، وهي عين الحقيقة، إنّ  العلمي كل ما يقبل الدحض عاجلا أو آجلا بمعنى قابليته للنقاش وتبادل الرإي فيه إلى الوصول إلى حقيقة ثابتة بالدليل الوضعي. لذا ليست الوضعية ما آلت إليه من تحجر لحقيقة وحيدة لعلها فعلا الحقيقة الآنية لكن لا شيء يحعل منها حقيقة أبدية لا تحتمل النقاش على الأقل. هذا خاصة وقد علمنا اليوم كيف أن العقل البشري قاصر عن إثبات حقيقة الأشياء إذا لم تنصهر في حدود ما اعتاده من منهج عقلاني يرفض ما يخالفه بينما ليس هو مما يناقض المنهجية العلمية ولو بدا غير معقول، إذ ليس هو غير معقلن بل فقط يخالف ما اعتادناه من العقل وما من شأنه أن يعتاده يوما. فلم يعد التدليل العلمي مجرّد تفكير استطرادي واستنتاجي إذ يأتي أيضا بصفة حدسية مع تثمين قيمة الحدس في الذهن وفي حمل العقل على أهم اكتشافاته العلمية. 

قولنا اليوم بعلمية الإسلام لا بد له من التماهي مع المفهوم الحالي سابق الذكر للعلم، أي قابلية نقاش هذه التعاليم والقبول بتطورها وتغير أحكامها على ضوء مقاصد لا الشريعة، التي هي مجرّد اجتهاد بشري ناقص فلا يصلح أبديا، بل مقاصد الإيمان التي هي أزلية، مثل التوحيد والعدل والمساواة التامّة واحترام حقوق الناس الفردية وحرياتهم الشخصية والعامّة. هذه هي الوضعانية المحدثة بما أن صاحبها أوغيست كونت، مستنبط علم الاجتماع الحديث، وهو القائل بالنسبية في كل شيء كمبدأ وحيد مطلق، أسّس لديانة لا تعترف بالموت وإن لم يشتهر بها كما اشتهر بعلم السوسيولوجيا والوضعانية؛ وقد أرادها ديانة الإنسانية التي ينعتها بالكائن الأعظم، وهي عنده أهم من الوضعانية الأولى فأنهى حياته مدافعا عنها وفي خدمتها. هذا ما يخص الدين كعلم وهي ميزته الأولى عند المسلمين. لذلك لم يعد مقبولا القول بعلميته الإسلام دون القبول بحق المسلم الصادق النزيه في الاجتهاد في فهم تعاليمه خارج أطر الدين الرسمي والفقه المعتمد لأجل الإتيان بحقائق جديدة أكثر تناغما مع روح الدين ومقاصد إيمانه في كل تلك المواضيع التي غدت اليوم من التبوهات لكونها من المسكوت عنه لدى من يُنعت بأهل الذكر، وقد أصبحوا كنيسة وبيعة في الإسلام بينما من حق كل مؤمن عالم بدينه، عارف بلغته العربية التي تنزل بها، صادق االنية ، حسن السريرة أن يكون من أهل الذكر دون إقصاء. 

ثمّ إن للإسلام ميزته الثانية، وهي صفته دستوريا كدين أغلب أو كل البلاد العربية الإسلامية؛ فهو قانونها كما هو في بلاد الإسلام الأخرى. والقانون ليس علما صحيحا، ولكنه فقط علم المصطلحات الصحيحة. لذلك ليس من الخطأ القول بأن من شأن الدين أن يكون كذلك في إبمانه الإناسي. بهذا يبقى من العلم اليوم في الدين الإسلامي ما ورثناه من علومه القديمة، لكن ليس بالمعنى الحديث آنف الذكر فحسب، بل أيضا بالمعنى القانوني، فهو علم المصطلحات الإيمانية الصحيحة، وأهمها مصطلح الإيمان. لذا، لا بد من الحرص على مراعاة خصوصية هذه المصطلحات في طابعها المعرفي وسياقاتها الفكرية ودقتها اللغوية. وهذا مدار فلسفة الإيمان، علم الكلام المحدث كثقافة قانونية نحن بأشد الحاجة إليها. فهي تشحذ الهمّة  لملاءمة دقّة المصطلح وعمق النظرية القانونية وتشعّب البناء المعرفي مع خصوصية الفكر وروح النص. كل ذلك يحمل خاصة على الأخذ بعين الاعتبار الكلمة القرآنية ومفهومها من خلال المصطلح الفكري الإيماني عبر الزمان والمكان ومدى تلاؤمهما مع مستجدات اللحظة التي يتلقاها المؤمن الباحث في نطاق واجبه في تثوير القرآن. 

ذلك أنّ كلّ كلمة عبارة اليوم عن حكم مسبق، أي أنّ كل كلمة لها دلالتها وتاريخها ومعانيها وتحوّلاتها وتقلّباتها؛ كلها من معاني الكلمة الواحدة ودلالاتها التي لا ترمز إلا لمعنى واحد من الحكمة الإلهية التي تبقى أفق الفهم البشر الذي  لا مجال للوصول إليه نهائيا، بل أفضل ما بالإمكان هو الاقتراب من تجليات الحكمة الربانية. يكون ذلك بالمصطلحات التي يأتي بها تأويل مقاصد الإيمان الإسلامي لا كشعائر وقانون وواجبات بل كثقافة وقانون حقوق أولا إذ هي التي تولد الواجبات حفاظا على الحقوق بالمعنى الذي عرفناه عند كانط وقبله عند أهل التصوّف. لذلك، وكما كانت علوم الدين تأخذ من أساطين اللغة العربية وما انتهت إليه علوم اللغة والنحو والبلاغة، لا بد لها اليوم من الأخذ أيضا بما انتهى إليه علماء اللسانيات والمختصين في الترجمة. يكون هذا مع وجوب التوفيق، وإن اقتضى الحال التمييز، بين مقتضيات التزامنية اللغوية التي تحمل على تناول النص الديني من خلال المعنى السائد في عصره من نحو، ومستلزمات التطورية اللغوية أو التاريخية الآخذة بعين الاعتبار التحوّلات التي يشهدها معنى الكلمة عبر الزمان والمكان، بل والزمكان، من نحو آخر. 

بهذا التمشي للمؤمن المسلم اليوم الحفاظ على المعنى الأصلي للمقصد الرباني مع حسن فهم تجلياته وتداعياته أولا وآخرا مع دوام التشوف لمراعاة الأمانة العلمية في التعامل مع مفاهيم متصلة بفلسفة الدين كثقافة قانونية. هذه مهمّة الفلسفة الإسلامية الجديدة لملاءمة دقة المصطلح وعمق المصطلحات الدينية في صبغتها القانونية وتشعب البناء المعرفي مع خصوصية الفكر الديني وروح النص في إيمان علمي عالمي. فمثل فلسفة القانون التي أصبح لها دور لا يستهان به في الثقافة القانونية لتملّك المفاهيم والقواعد القانونية الدقيقة والمعقدة من خلال بيان مقاصدها والأهداف التي وضعت من أجلها، كذلك فلسفة الإيمان بصفتها ثقافة قانونية لا مناص لها من الاعتماد على التراث الفكري الفلسفي العالمي مع أهمّ الأفكار القانونية إضافة لعلوم الدين القديمة بالتوازي مع ما نعلم اليوم من النظريات الدينية قديما وحديثا، وخاصة منها المعطى الروحاني للإسلام. بذلك يتم النفاذ إلى جوهره كدين عصره، وهو الزمن ما بعد الحداثي، أي كعلم وثقافة وقانون أي روح إ-سلامية متجدّدة، روح إسلام شريف i-slam fair pray ، هذا الذي يأتي به التعمّق في مقاصد إيمانه؛ وهي بالضرورة تمنع تقزيمه إلى دين شعائري حُصر في أمّة بعينها بينما أتى دينا كونيا خاتم الرسالة الربانية بإيمان ثقافي علمي عالمي.