Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 6 janvier 2023

Maladie d’islam 8

 

صفة علم الكلام الجديد في الإسلام كرياضيات فلسفة الإيمان



سبق أن بيّنّا هنا، في حديث شهر أوت من السنة المنقضية (بعنوان: حان الوقت لعلم كلام متجدّد: رياضيات الإسلام في فلسفة الإيمان!) حتمية علم كلام جديد في الإسلام؛ مع بيان أنّ الوقت حان له ليكون رياضيات فلسفة الإيمان الإسلامي. وهذا ما يفرضه منطق دستور البلاد الجديد المعتمد بعد الاستفتاء؛ بل هو أيضا ما تحتّمه الروح التونسية وعقلية شعبها، إذ يميّز الأولى الابتكار والابداع والثانية الفهم المتّزن (لا الوسطي حسب التعبير الأخرق المعتاد الذي معناه الصحيح لهو عكس ما يعنيه ظاهريا) لأمور الدين المشبع أشعرية ونفحات صوفية.   

ضرورة فلسفة الإيمان: إنّ اللخبطة القيمية التي يعيشها الإسلام اليوم، والتي جعلته غريبا بما أنها قلبته من إيمان تنويري إلى عقيدة ظلامية، ليست جديدة ولا مستحيلة على علاج سريع وناجح لمن حسنت نيّته وأخذ بروح الدين الصحيحة، أي ما أتى به الذكر الأول من معاني سنيّة ومقاصد عقلانية ومبادىء إنسانية. ذلك أنها، رغم ثبوت وجودها والتذكير المستديم بها كأس من أسس الإسلام المكينة، غابت عن الأذهان مع مرور الزمن بما شوهها من فهم دغمائي قزّم من مداها ومسخ معانيها الأصلية الأصيلة . لهذا لا بد من مقاربة فلسفية للإيمان الإسلامي للخروج به من أزمة أسسه ومفاهيمه. وليس هذا بالجديد بما أن أهل الفكر الحر في حضارة الإسلام، وقد كانت كونية، عرفوا مثل هذا الاجتهاد بتعدد النظم المعرفية وتنافسها في نطاق ما نعته المفكّر المغربي عابد الجابري ثلاثية البيان والبرهان والعرفان. كما أنّ الفلسفة عُرّفت في الفكر الإسلامي بأنها الحكمة، فكان أن أفرزت علم الكلام وعلم أصول الفقه وعلوم اللغة. ولئن اختلفت هذه العلوم إلى حدّ التنافر، وصل أحيانا إلى تكفير الآخذين ببعضها، فقد اتفقت في تحديد آفاق الحكمة، أي الفلسفة هنا، الشأن الذي حدّ منها بينما هي بطبعها لا تعترف بأي حدّ. لقد كانت الحكمة عند حكماء الإسلام وفلاسفته أولا وقبل كل شيء معرفة الله بأفضل العلوم، وهي المتجلية في كتابه للمسلمين. أمّا الفلسفة التي نعني هنا فهي طبعا حكمة الله، إلا أنها حكمته كإيمان، أي ما هو أوسع من حكمة الإسلام كما أتى بها الفرقان، بما أنّ الإيمان أعلى درجة من مجرّد الإسلام  كما ذكّر بذلك صاحب الشريعة نفسه.      

فلسفة الإيمان رياضيات روحانية: فلسفة الإيمان عندنا ليست حكمة الاعتقاد الإسلامي فحسب كما عُرف في تاريخ الحضارة الإسلامية، إنمّا هي حكمة الله في خلقه حسب تجلّيها في مختلف درجات الإيمان التي أتى الإسلام خاتما لها. فهو الدرجة النهائية للإيمان، على أنهّا ليست رتبة في سلّم ومرتبة أفقية أو منزلة نوعية، بل هي صفة جوهر الإيمان وطبيعته كتوحيد إلهي لأجل الصالح الأشمل للبشرية جمعاء. لذا، لا يجب أن يخفى على المؤمن المسلم أنّ ما يميّز دينه يتمثّل في علميّته وعالميّته؛ فالإيمان الإسلامي مجموع حقوق وحريات في مصلحة الخلق، هذه المصلحة التي لا يتعرّف عليها العبد بالضرورة فتخفى عليه، إلاّ أنه يتبيّنها أو يكتشف معانيها من خلال التمعّن في مبادئها ومقاصدها. هنا تكمن ماهية فلسفة الإيمان كرياضيات روحانية؛ فهي ماورائية طبعا لدراستها ما لا يتعلق بالطبيعة المحسوسة المادّية، إلا أنها في ذلك رياضيات متميّزة بالمنهجية العلمية في كشف واكتشاف ما يخص ابن آدم كمخلوق ثنائي، لا روح فيه بلا جسد ولا آدمية له دون عقلنة جذورها التي تبقى تداعياتها روحانية لقيمة الأخلاق فيها. تسعى فلسفة الإيمان إلى ذلك، تماما مثل الرياضيات، انطلاقا من المبادئ القرآنية ومقاصد الحكمة الربّانية إلى تحديد مجموعة المعارف الإيمانية لأجل تبيان معالم الإنسان الكامل بمعنى ابن آدم المكتمل خلقا وأخلاقا، نيّة وتصرّفا. لذلك من شأن هذه الفلسفة التفكير في أنماط فكرية متجدّدة لتحديد تجليات الإيمان في فرضيات لها من قوّة الإثبات ما للإثباتات الرياضية بهدف الاقتراب أكثر ما يمكن من الحقيقة الربّانية  مع درء الفرضيات السابقة أو الخاطئة التي أتى بها اجتهاد الفقهاء. وهذا يتأتى دوما انطلاقا من أخلاقيات الإسلام كدين حقوق وحريات، صونا لكرامة الكائن البشري، باستعمال التجريد والمنطق في دراسة منهجية لأشكال العبادة كتقوى روحية بخلاف ما يُسمّى إيمان الجوارح أي مجرّد الشعائر المادّية.               

ماهية علم الكلام الإسلامي الجديد: كما سلف القول، ليست هذه الرياضيات كفلسفة إيمان كوني بدعة بما أنّها عُرفت عند فلاسفة المسلمين من أهل الكلام، فقد امتهن أهله أيضا الحجج الصارمة والأصول المجرّدة والنظم البديهية. على أنّ علم الكلام الذي عرفنا نزع إلى إثباتات للحقيقة عن طريق الاستنتاج للبديهيات والتعاريف، سواء من المتعارف عليه في الإسلام أو المختلف فيه، ضدّا على ما اعتُبر مخالفا للإيمان الإسلامي، بينما لم يكن مخالفا للإيمان بل للإسلام كما فُهم عندها. وهناك اليوم من أهل الفقه المستنيرين من يدعو لعلم كلام جديد لتجاوز مرحلة الدين السنّي الأشعري الماتريدي الذي، رغم تشبّعه بالعقلانية المعتزلية، تحنّط للأسف لعدم ملاءمته لميزات العصر الراهن، بينما الإسلام إيمان كل زمان ومكان. فمن شأن فلسفة الإيمان الإسلامي كرياضيات تجديد ما عرفنا من روح علم الكلام بما تبتدعه من ابتكارات علمية تتفاعل لا فقط مع مقاصد الدين القيّم وروحه، بل وأيضا مع الاكتشافات العلمية التي لا تنتهي؛ فيكون بذلك التأكيد الأفضل أنّ دين الإسلامي هو دين عصره وأنّ أمّة الإسلام لهي بحق خير أمّة أخرجت للناس لأنها تأمر بالمعروف، وهو المتعارف عليه عالميا من زاوية إناسية أخلاقية، وتنهى عن المنكر أي ما تنبذه منظومة حقوق الإنسان في تجلياتها اليوم التي يأخذ بها العالم المتحضّر. بذلك، بهذه الفلسفة كرياضيات، يتوصّل أهل الإسلام، الذي يمتاز بالعلاقة المباشرة بين الله وعبده وبانعدام الواسطة الكنسية والكهنوتية، إلى وضع نماذج رياضية تطبيقية تمكّنهم من صياغة سلوك حضاري أو الدعوة لتغيير سلوكات أصبحت تناقض جوهويا روح الدين رغم أنها تدّعي مرجعيته. ولئن بإمكان الرياضيات هذه أن تكون بحتة، مقتصرة على الجانب العقدي اللاهوتي، لا تهتمّ ضرورة بوضع أي تطبيق على أرض الواقع، لا بدّ لها في خضمّ تفقّهها في الدين من تداعيات عملية لأنّ هذا من الإسلام أيضا، إذ لا يمكن تجاهل صفته كدين ودنيا.