Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 5 août 2022


 حان الوقت لعلم كلام متجدّد: 

رياضيات الإسلام في فلسفة الإيمان!




إن اعتماد الدستور الجديد بعد الاستفتاء، رغم ما شابه من هنات، ليحتّم اليوم بتونس أكثر من أي وقت مضى الجرأة على الخروج من الوضعية السائدة في قراءة القرآن والسنّة، هذا الإسلام الرسمي الذي أنتجه فقه بار وفقد مشروعيته كقراءة شرعية صحيحة لدين أتى ثورة عقلية على كل تحجّر. فكان فيه الضمان الثابت لكل حقوق المؤمنة والمؤمن وحرياتهما، الذي هو نتاج تسليمهما أمرهما لخالقهما كعبدين حرّين. وهما لهذا في علاقة مباشرة معه، لا دخل فيها لأي سلطة، إذ لا سلطة إلا لله وحده. كما أنه لا تأويل لتلك العلاقة والسلطة إلا من طرف المؤمن نفسه، طالما حسنت نيته وعرف دينه واللغة التي تنزّل بها. ذلك أنه لا كنيسة ولا كهنوت في دين القيّمة وإلا أقمنا فيه مجدّدا الأصنام التي هدمها، فإذا هي أعتى من الأولى بما أنها معنوية!

نقول هذا إذ لا مجال للتشكيك في أنّ الصبغة الغالبة للدستور الجديد هي مكانة الإسلام في البلاد ومقاصده؛ فهل تكون ما عرفنا إلى اليوم من إسلام متزمت ولو أن أنصاره يدعون وسطيتة وحتى طبيعته الديقراطية بينما تلك الوسطية دغمائية في لغة حطبية وديمقراطية دعيّة  إذ تنعدم فيها الحقوق والحريات وهي مناط الديمقراطية الحقّة.

فالإسلام في قراءتنا، وهي الأقرب لروح الذكر الأول، لهو دين حقوق المؤمن وحرياته؛ كذلك أتى في زمن لا حقوق فيه ولا حريات لغالبية الناس فكان أن بدأ ثورة عقلية ليست فقط في نص القرآن بل أيضا وخاصة في روحه ومقاصدة، إذ هو دين لكل زمان ومكان. لذا، لا يمكن أن يتأقلم نصه مع كل زمان وكل مكان طالما بقي ما فهمه فقهاء عصر ولّى حسب عقلية ذلك العصر التي لا علاقة لها بعقلية العصور التالية.
وقد نبّه الإسلام إلى ضرورة دوام الاجتهاد في الدين كما أكده صاحب الدعوة إذ حذّر من غربة الإسلام المتحتّمة لو لم يتجدد على رأس كل قرن؛ وها هو ديننا في غربة مقيتة، انقلب فيها من دين ثوري تنويري إلي ملّة غوغائية ظلامية تأخذ أكثر بالعادات اليهومسيحية منها بالقرآن حيث تمّ تقزيم ما فيه من ثورية في جميع المجالات، خاصة في شؤون الدنيا. ذلك لأن تعاليم الفرقان لا تخص فقط الجانب الديني، بل هي أيضا فلسفة حياة؛ وهذه الفلسفة لا تتوسع فيها تلك التعاليم إذ لا تأتي إلا برؤوس أقلام في التوجهات التي تبقى من مشمولات العبد ليرعاها حسب مصلحته في زمنه آخذا لا بنص الققرآن بل بروحه ومقاصده.
هذا الذي فات فقهاء ديننا أو رفضوه فحنطوا باسم خور القطعيات التي سحبوها على ميدان المعاملات عوض أن تظل خاصة بالجانب اللاهوتي فلا تهم الجانب الاجتماعي والخاص للمؤمن إلا كتوجيهات لا بد من توطئتها لظروف كل زمن كي لا تفقد أي شيء مما يميّزها، وهي روحها الثورية وطبيعتها كضامن كبّرا لحقوق المؤمن وحرياته كاملة. مثال ذلك قضية حق المرأة في نفس حـق الذكر في الميراث الذي يؤكده الدين لروحه العادلة وحصره للتفاضل بين المؤمنين على التقوى وحدها. وقد علمنا أن الرئيس قيس سعيّد يرفض حق الأنثى في المساواة رغم كلامه المتكرّر عن سيادة الشعب رجالا ونساء. فعن أي سيادة منقوصة يتكلّم؟
لهذا نرى أنه لا خلاص للسلطة من مأزق الدستور الحالي - إن مرّ بسلام من مرحلة المصادقة عليه من طرف المحكمة الإدارية - إلا بالجرأة على الدعوة إلى فتح باب الاجتهاد الفقهي من جديد، فلا يحتكرها فقهاء الدولة وحدهم ولا من نصّب نفسه إكليروس إسلامي، بل ينفتح على جميع النوايا الحسنة والقدرات الثابتة لخدمة الدين والوطن. فيكون بذلك لعلم كلام متجدّد كرياضيات إسلامية للإيمان مهمّة الخروج بالدين من مجرّد الشعائرية التي شوهته إلى تقانة الثقافية التي هي ميزته الأولى. بذلك نحي التليد من الفلسفة الإسلامية بطارف يجعلها فلسفة الإيمان لكل المؤمنين طرا بما أن الإسلام خاتم الرسالة الإلهية. فهو بمثابة العهد الأخير للبشرية لاعترافه بالدينين الموحّدين الذين سبقاه مع تصحيح رؤياهما في سماحة التعاليم والقطع مع تجبّر إله العبرانية وتسلّطه ودغمائية سدنة إله النصرانية وتزمّتهم رغم ما أكّده المسيح، اليهودي الثائر، من أهمّية ثيمة الحبّ في دينه.
بهذا يكون الدستور الجديد رغم هناته ثورة عقلية جديدة بدءا بفهم دين غالبية الشعب ودعما لما ينوي التأسيس له من إرساء ما بعد الديمقراطية بالبلاد تعيد السلطة للشعب عبر مجالسه القريبة منه. إلا أنّ هذا لا يكون حقّا قابلا للتحقيق إلا بشرط أن يكون الشعب قبل ذلك حرآه طليقا، أي بعد أن يتم إبطال قوانين الدكتاتورية القائمة إلى حدّ الآن تظلم الناس يوميا ببشاعة كما كانت تفعل تماما طوال العهد الذي ندّعي القطع معه. فهل يكون هذا قبل دخول الدستور حيّز التنفيذ؟ إنه بحق الامتحان لنزاهة كامل المسار اادستوري والإصلاح الشامل بالبلاد! ولئنه الشرط الأساس لنجاحه لخير الشعب والوطن فعليا لا بمجرد كلام فضفاض.