Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 1 juillet 2022

Infothique contre infotainment 2


 «يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا» 
حين تُقرّ توطئة مشروع الدستور ذاتها بفساده وسوء نيّة محرّريه


مشروع الدستور الجديد، الذي نشر البارحة ليُعرَض على الاستفتاء يوم عيد الجمهورية القادم ويحمل تاريخه بعد اعتماده المتوقْع، ليحمل في توطئته ذاتها ما يقرّ بفساده أصلا وسوء نيّة محرّريه فصلا.

فلا شكّ أنّ السبب في طرح مشروع دستور جديد كان بدعوى إعادة السيادة لصاحبها، هذا الشعب الذي تردّد التوطئة بدون لأي حقه ذا؛ ولا شكّ أيضا أنّ غاية محرّريه، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية، هي ادّعاء تحقيق هذه السيادة فعليا.

بداية، هذه التوطئة لا تسلم من الأسلوب الفضفاض والكلام الذي لا معنى له لتضخم الشعارات الجوفاء فيه والمغالطات، معاملةً الشعب كقاصر لا يفقه شيئا من أمر حياته، مثل مواصلة الكلام عن «الثورة المباركة» التي لم تكن إلا ثروة للمستفيدين منها وانقلابا شعبيا تمّ شكليا باسم الشعب، أو اعتبار ما تمّ «بداية من يوم 17 من شهر ديسمبر من سنة 2010، صعودا شاهقا غير مسبوق في التاريخ»!

الأدهي والأمرّ أنّها، رغم تكرارها المستمر للسيادة الشعبية -وهي بذلك، دون وعي، تحاول دفع واقع نفيها الفعلي لهذا الكذب القولي السافر- والاعتراف باستمرار ثورة هذا الشعب المقهور «على الظلم والاستبداد وعلى التجويع والتنكيل في كل مرافق الحياة»، فهي لا تبادرالبتّة بتفعيل ما يحقّق هذه السيادة المزعومة ويمكّن من نجاح الثورة البائسة اليائسة، ألا وهو، دون أدنى شك، تمكين الشعب من حقوقه وحرياته، ما يعني إبطال القوانين الجائرة التي لا تزال تتحكّم في رقاب الناس لتقزيمهم وتركهم لقمة سائغة لأهواء الحكّام، من تسعى القوانين في ركابهم رغم بطشها وخزيها. ذلك لأنّ القانون في هذه البلاد، وإن كان باطلا، فاحشا في الظلم، هو صاحب العلوية، وبالتالي سيادته أعلى من سيادة الشعب المزعومة، بل وأعتاها ضرواة لما فيه من خزي لم تنته تنميته منذ عهد الاستعمار.   

وليس هذا عن لا وعي أو جهل، بما أن التوطئة تعترف بأن الشعب «لم ينقطع عن رفع مطالبه المشروعة في الشغل والحرية والكرامة الوطنية،ولكنه لم يلق في المقابل سوى شعارات زائفة، ووعودا كاذبة، بل وزاد الفساد استفحالا»؛ وأنّ  «ما تمّ يوم 25 من شهر جويلية من سنة 2021، تاريخ ذكرى إعلان الجمهورية»، المنعوت بكونه «تصحيح مسار الثّورة بل ومن تصحيح مسار التاريخ»، كان من «موقع الشعور العميق بالمسؤولية التاريخية». فرغم كل هذا، يبقى الشعب مقهورا، رقبته تحت أرجل حكام البلاد، لأنّ سيادته مجرد شعار لا حقيقة له أمام علوية القانون وإن كان جائرا، ظالما، مخزيا وباطلا، كما هي الحال اليوم، وكما ستبقى أبد الآبدين بما أن النية في تحقيق  سيادته فاسدة فساد هذا الدستور بتوطئته وسائر فصوله.

ومن فساد التوطئة ما ورد فيها عن الاستشارة الوطنية وادّعاء نجاحها وأن «شارك فيها مئات الآلاف من المواطنين والمواطنات في تونس ومن خارجها»، وهو ما لا يصدّقه أي عاقل منتبه لما يجري في البلاد وخارجها، رغم ما حفّ بالاستشارة من أفاعيل ذكّرت بما كانت تقوم به إدارة عهد الدكتاتورية من خزعبلات.

أمّا فساد متن الدستور، فيكفي للتدليل على ذلك ذكر مثال وحيد لا غير، وهو الفاضح لكل ما فيه من فساد نيّة، ألا وهو الفصل الخامس والخمسون من مشروع الدستور في فقرته الأولى : «لا توضع قيود على الحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور الاّ بمقتضى قانون ولضرورة يقتضيها الدفاع الوطني أو الأمن العام أو الصحة العمومية أو حماية حقوق الغير أو الآداب العامة».

أليس هذا ما مردت عليه إدارات البلاد الجائرة في عهد الاحتلال وبعده، قبل وغداة الدكتاتورية، أي زخرف الكلام الذي ليس هو إلا من لحن الكلام ولغوه؟ وبديهي أنّ ما يؤسف له حقّا هو أن يأتي هذا ممن يدّعي الأخذ بالإسلام الصحيح، إذ من المحال العود إلى الذكر الأول بمثل هذا، إذ هو أقرب إلى ما ندّد به الله حين يقول «يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا» (الأنعام 112)ۚ!

فلئن سلمت حقّا النية وصدق الحرص في خدمة الشعب وصيانة كرامته وإحقاق سيادته، هلا اقتصدنا المال الوافر المرصود لاستفتاء لا خير يرجى منه وهو يتجاوز في أقل التقديرات الخمسين مليونا، نساعد بها العائلات الموعزة والمستضعفين في هذه البلاد. ثم هلا سارعنا بالمبادرة بما هو أفضل للبلاد والعباد، أي إبطال المنظومة التشيريعة الحالية دون تردّد أو تلكؤ أو بما هو أفحش، هذا الكذب المتمثّل في دعوى الامتناع عن خلق فراغ تشريعي بما أنه ليس أفظع من الظلم الحالي الذي هو أتعس من أتعس فراغ قانوني!

هذا طبعا لمن كان حقّا صادق النية مرتاح الضمير مع نفسه ومع خالقه.