Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 3 juin 2022

Une exception Tunisie en puissance 9

 
 
 أي جمهورية جديدة 
مع الإبقاء على قوانين الدكتاتورية؟

 
لا شكّ أن من يتابع منشوراتي غداة ما سُمّي زيفا ثورة، أي الانقلاب الشعبي التونسي حسب وجهة نظري، يعلم أنّي كنت أوّل من استعمل تعبير الجمهورية الجديدة لتوصيف ما يمكن -بل يجب- أن يكون بالبلاد التونسية إذا رمنا حقّا نجاح الانقلاب الشعبي، هذه الثورة المزعومة.
فخلافا لما كان يقال ويرّوج له من البداية، سنة 2011، لجمهورية ثانية فثالثة، كنت ولا أزال أردّد أنه لم تكن يوما بتونس جمهورية حقّا حتى نستعمل هذا التعبير، وقد وسمها الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي بالجملوكية. وأكّدت أنه لو تصدق النية في إرساء نظام جديد يكون بحق جمهورية، أي حاجة الكل، فهذا طبعا يقتضي بداية ضمان الحقوق والحريات المنعدمة لصالح الشعب التونسي المقهور.
وها هو رئيس البلاد يستعمل تعبيري، وهو الذي انتظرنا منه، غداة انقلابه التشريعي في 25 جويلية 2021، تحقيق إرادة الشعب في الانعتاق من ربقة قوانين الدكتاتورية المخزية، فما فعل؛ ثمّ إنه اليوم يستعمل تعبير الجمهورية الجديدة دون تحقيق ما افترضناه من أوكد الضروريات، أي الاعتراف بحقوق الشعب وضمان حرياته، خاصة في حياته الشخصية.  
هذا، والرئيس يتكلّم بحماسة في ما ينكره من تدخّل أجنبي في شؤون البلاد، معتبرا إياه مسّا بسيادتها رغم أن ما أثار مؤخرا حفيظته مجرد تقرير استشاري قانوني؛ والأدهى أنه يواصل في الوقت ذاته غض النظر عما هو أهمّ، ما يمسّ لا فقط بسيادة وهيبة الدولة، بل أيضا وخاصة بكرامة التونسي، ما يجعل شبابنا يغامر بحياته في لجة البحر. طبعا، أنا أقصد هنا القبول بدكترة التأشيرة المفروضة على كل تونسي يبتغى الترحال في العالم المجاور، فلا يصغي المسؤولون لما أدعوهم إليه من المطالبة بتعويضها بما هو ممكن دون الإخلال بالإكراهات الأمنية، أي تأشيرة المرور كما بيّنت في العديد من مقالاتي ودعواتي للسلط الديبلوماسية للأخذ بها؛ إلا أن كلامي إلى اليوم في النافخات زمرا.
وبما أنّي سأعود لهذا الجانب الخارجي للسياسة التونسية في مقالة الأحد لهذا الشهر، أكتغي هنا بالمجال الداخلي لهذه السياسة التي لا فائدة فيها للبلاد والعباد حاليا للأسف إلا  التقسيم وبث الفوضى. ذلك لأن حسن النية لا يكفي عند الرئيس ومن معه لإنقاذ تونس من خور نخبها رغم أن السلاح الفعال موجود؛ إلا أن أهل الحل والعقد، وأيضا من يقاومهم بشراسة، يزدرونه بالرغم من فاعليته وذلك لأنه لا يخدم مصالحهم الآنية، بل هو لا يستجيب إلا لصالح الشعب وما تقتضيه سيادته الفعلية الحقّة لا ما تلوكه ألسنهم من شعارات جوفاء.
فالرئيس قيس سعيّد لا يتقمّص بالمرّة صفة الرئيس لجميع التونسيين ولا يبدو مستعدّا لذلك، بينما هو واجبه وروح المسؤولية المناطة بعهدته منذ انتخابه. ولا شك أن له من الأسباب الموضوعية ما لا يحصى ويعد، ممّا لا يجهله البعض ويعتقده العام والخاص، من انقسام البلاد منذ القدم بين القلة التي تستفيد منها والقلة التي تسعى بصدق لخدمة الكثرة لأجل الحالة المزرية التي هي عليها، إلا أنها لا تستطيع لنفوذ القلة الأولى المجحف ودوامه اعتمادا على قوانين ظالمة للشعب، متسامحة مع من يقزّمه ويستغله. وهذه القوانين تعود إلى عهد الاحتلال في معظمها، وقد زادتها عنجهية وتسلط عهود النفوذ الفردي في أعلى رحاب الدولة وفي ردهات إدارة متنفذة لا تخدم إلا مصالح من يرعى مصالحها الأنانية.
ولعل رئيس الجهمورية يعرف جيد المعرفة تواجده في فوهة بركان المتنفّذين المنتفعين بقوانين العهد البائد، المتعلقين به والساعين لبقائه على حاله. لذلك هو لا يستطيع في رغبته الإصلاح إلا الركون إلى الأقرب إليه من بينهم في الرؤيا للتصدّي للقوى الأخرى المناوئة والتي لا تُعدم من الإمكانيات والمؤازرة من أهل الخفاء الساعين، في الخارج وفي الداخل، إلى أن تبقى الأحوال بالبلاد على حالها، أي حال المزرعة لاستغلال من يعتبرها ملكه من المستبدّين المتمعّشين من ثرواتها.
لهذا، لم يكن بإمكان الرئيس -أو لعله لم يفكّر بتاتا في ذلك لفهمه الشخصي الأيديولوجي لسلطة شعب نظرية، لا تُعنى بواقعه اليومي من استغلال فاحش لانعدام حقوقه وحرياته الشخصية- لم يكن إذن بإمكانه المبادرة بإبطال قوانين الدكتاتورية التي يعلمها جيّدا ظالمة فاحشة، رغم كلامه المستمر عن سيادة الشعب وعن ضرورة احترام سلطة القانون وعلويته. فعن أي قانون يتحدّث وهو مجموع نصوص مخزية مكّنت الدكتاتورية، وقبلها الاحتلال، من استغلال الشعب التونسي أي استغلال؟
إن النية الصادقة في إقامة جمهورية جديدة بالبلاد همّها سيادة الشعب التونسي لتفرض أولا وقبل كل شيء أن تكون هذه الجمهورية ملكا للجماهير كما يقتضيه المعنى الاشتقاقي للكلمة وكما تحتّمه الوضعية الحالية للشعب التونسي الذي لا حقوق له ولا حريات في أبسط أموره الفردية.
وعلى الجميع ألا ينسى أنه للحصول على تلك الحقوق والحريات فقط رحّب التونسّيون بما قام به الرئيس سعيّد يوم الخامس والعشرين من جويلية الماضي، ولا لشيء آخر. وها هو لا يحصل على شيء إلى اليوم، إذ يتصرّف الرئيس مثل سابقيه الذين تعلّلوا بالاستجابة لحقوق التونسيّين وتطلعاتهم لتشريع الانقلاب الذي أطاح بالدكتاتور -ما نعتّه لذلك السبب بالانقلاب الشعبي-، إلا أنهم ماطلوا ثم كذبوا ولم يغيّروا ولا نقيرا من النصوص القانونية التي مكّنت الدكتاتور من البقاء في الحكم سنين ودعّمت نفوذه!
الشعب اليوم لا يهمّه نظام الحكم وصفة القائمين به، ولن يشارك في الاستفتاء إذ سيكون منه نفس الازدراء الذي كان من غالبية الشعب للانتخابات السابقة، إذ ليس همّه انتصاب هيئات تدّعي الاستقلالية أو انتخاب مسؤولين يموّهون في خدمته وهم يطبّقون عليه يوميا قوانين الدكتاتور التي فتكت بهم وبكل عزيز عليهم أيّ فتك ولا تزال تفعل ذلك بما أنها سارية المفعول عليهم، لا مناص للخلاص منها لتشبث سدنة منظومة الحكم  بها. 
الإطاحة بهذه المنظومة التشريعية الفاسدة أولا وقبل المنظومة السياسية لهي الدليل الفعلي على أن السعي لجمهورية جديدة ليست مجرد كذبة سافرة، إذ القوانين الحالية أفسد بكثير في تداعياتها من فساد النخب لأنها الأصل ونخبة الفساد الفصل، لا وجود لها بدون تلك النصوص. 
هذا ما تقتضيه الجمهورية الجديدة بادىء ذي بدء على المستوى الداخلي؛ وهو ما لا يقدر عليه أحد اليوم ممن يتكلم فيها وعنها أو حتى ضدها، إذ لا أحد منهم جميعا يريد حقا صالح الشعب، أي له حقوق محسوسة وحريات حقيقية. 
ذلك لأنه عندها يصبح بالغا بحق، لا يقبل التصرف الحالي معه كقاصر، لعبة في أيدي من يستغله، كما كانت دوما حاله في هذه البلاد رغم أنه يستحق الأفضل لأجل أنه نواة ما أنعته بتونس الاستثناء.