Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 4 mars 2022

Une exception Tunisie en puissance 7


  
 من 
ديبلوماسية السياسة البهيمة 
إلى 
ديبلوماسية السياسة الفهيمة
 
بعد أن تردّدت وزارة الخارجية في موقف البلاد بخصوص القضية الأوكرانية، وقد رامت الحياد في البداية، انتهت بالتسليم للإكراهات الغربية، خاصة من طرف الاتحاد الأوروبي الذي اعتبر الحياد شراكة مع المعتدي؛ وللتعمية، قال وزير الخارجية عثمان الجرندي أن هذا الموقف الذي تجلى في التصويت مع الغرب في مجلس الأمن كان من باب الواقعية السياسية. وهذا التعليل من الوهن بمكان إذ الواقعية السياسية كانت في انتهاج ثوابت الدبلوماسية التونسية وهي الحياد في مثل هذه المواقف المحرجة؛ أمّا عن الشراكة مع المعتدي، فهي تقتضي تبيان المعتدي الحقيقي أو الأول، إذ ليس من الخور القول بأن التصرف الروسي أتي من باب الدفاع عمّا له أن يسمّّيه محيط نفوذه، والذي اعترف به الغرب عقب انهيار الاتحاد السيوفييتي قبل أن يتنكر له ويستغل الناتو ذلك للتوسع في المحيط السابق للنفوذ الروسي. وسنعود للموضوع في إضمامة يوم الأحد.  

أمّا فيمل يخص حقيقة التأثير الخارجي على القرار السياسي في بلدنا وقيمته، فليس بإمكان أحد التشكيك فيه إلا من تعاطى اللغة الكاذبة من باب الخدعة السياسية والمناورة المعهودة في المفهوم السياسي القديم رغم أن الدهر أكل عليه وشرب؛ فتلك سياسة بهيمة لا فهيمة عليمة. ذلك أنّ حقيقة التأثير الخارجي على القرار التونسي كعين الشمس، لا مجال لإخفائها؛ وإنّما ما فيه اختلاف، ما هو حري للأخذ به على السياسي الحقيقي اليوم، وهو السياسي الفهيم الذي يتعاطى شغله بصدق نية ونقاء سريرة، فهو الإجابة على السؤال الآتي : بما أنّ هذا التأثير الخارجي لا محيد عنه فهل هناك إمكانية الحدّ أو الاستفادة منه بتوجيهه نحو مصالحنا في نفس الوقت؟ ولعمري، في ذلك عين الحكمة!
حتمية التأثير الخارجي: دعنا نذكّر أولا بأننا اليوم أكثر من أي وقت مضى في عصر تلاحم المصير وتلاقح الأفكار والمصالح. وليس ما نراه من اختلاف وتضاد، يذهب إلى حد الحروب، إلا من باب رفض مثل هذا الترابط بين الدول والشعوب. فمصيرنا مشترك أيا كان اختلافنا، بما أننا نعيش على بسيطة مستقبلها يهم كل واحد من خلقها، لأنها غدت كالعمارة الواحدة. فهل بإمكان المتساكنين تجاهل ما يحدث في دهليز البناية أو في سقيفتها أو عليتها، خاصة عندما يحدث ما يهدد أمن العمارة كحريق أو فيضان مائي؟ ولا غرو أيضا أن مصير الجماعة دوما بيد كبرائها، تماما كما هو الحال داخل العائلة؛ إذ لا مجال لترك الصغير يقرر مصير العائلة، بله الإضرار بها. فالحال كذلك، أحببنا أم كرهنا، في المجتمع العالمي، حيث لا مجال لتجاهل مصالح دولها العظمي. وبلدنا ليس اليوم من هذه الدول، وقد كان الحال بالأمس عكس ذلك، إذ كنا جزءا لا يتجزأ من إمبراطوية إسلامية عظمى فرضت مصالحها على العالم، تماما كما تفعل الدول الكبرى اليوم . بل لنقل كما تحاول هذه الدول فعله اليوم، لأن الظروف تغيرت فأصيح الأمر أكثر صعوبة وتعقيدا. إلا أن المبدأ يبقى نفسه، أي حتمية القرار للأعظم، حتى وإن لم يكن على حق، إذ الحق رهينة العقيدة لا القوة. وطبعا، للحق أن يصبح قوة عندما يمتاز بالحكمة. ولهذا أن يحدث أولا بتزامن القوة والحكمة، وكان لنا ذلك في فترة ولّت وانقضت داخل الحضارة الإسلامية في أوجها. ويكون ذلك ثانيا، وهو ما أدعو إليه، بالحكمة في استغلال منطق القوي للتأثير المعاكس. وذا يقتضي المرور من ديبلوماسية السياسة البهيمة المقلّدة للغير إلى ديبوماسية سياسة فهيمة عليمة تستنبط فنّ السياسة استنباطا عبقريا.
ضرورة التأثير المعاكس : كيف يكون ذلك وميزان القوى عير متعادل؟ لنأخذ مثلا يسهل به فهم الموضوع. إن الإنسان المجرّب، ممن يستخدم عقله، عندما يقبض ٍقط على يده بمخالبه أو ينشب كلب أنيابه فيها، لا يسارع بإخارجها، فذلك ممّا يضره ولا فائدة تُرجى منه؛ إنما الحكمة في العكس تماما، أي إرخاء اليد وتركها بين أنياب أو مخالب الحيوان؛ فتلك هي الحيلة الفضلى التي تسمح له بالحفاظ على يده بأخف الأضرار.لأن الحيوان عندما تجابهه بشدّة يتشدّد، وعند التراخي يرتخي. مثل هذا التصرف الحكيم مما نتعلمه في تجليات الحياة حولنا، وهي من حكمة الله في خلقه، إذ نرى النملة و الصرصور يقفان ولا يتحركان، خلافا لما يفعله الإنسان في نفس الحالة، عندما يجدان أنفسهما في خطر داهم. ذلك لأن نظر الحيوان بصفة عامة لا يميز الألوان؛ لذا، عندما يلتزم الآخر بالسكون، يختفي عن الأنظار؛ فالحركة هي التي تظهره لعدوه وتجعله مرمى سهامه. والأمر نفسه في السياسة، إذ الحركة فيها كل شيء؛ إلا أن هناك حركة صائبة وحركة خائبة. فإن كانت الأولى من الدهاء السياسي وفيها المصلحة كلها عندما يأتي هذا الدهاء للصالح العام لا لأغراض دنيئة، فالثانية من التهور وابتغاء الباطل بدعوى الحق. بل هي ممّا يفقدنا حقنا لا محالة. ذلك لأن الحصول على الحق اليوم يقتضي احترام بعض القواعد الشكلية وإلا سقط، كالقيام مثلا بالدعوى أمام المحكمة في الآجال، أو عدم اللجوء إلى التصرفات الهوجاء، وإن كانت مفهومة ومشروعة من الزاوية العاطفية. وفي القضية الفلسطينة لنا أكير وأعظم شاهد على صدق هذا القيل. فكيف نجابه التأثير الخارجي على القرار السياسي في تونس ونستفيد منه؟ بادى ذي بدء، بالتعرف والقبول بأنه لا فائدة في نكرانه أو التنديد به، كما يفعل بعضنا ممّن يدعي تعاطي السياسة وليس له منها فتيلا، بما أن السياسة كياسة أو لا تكون. ولكنها، في نفس الوقت، ليست القبول بالأمر الاقع ورفض الحلول المنطقية بدعوى أنها خيالية، كما يفعل البعض ممن ينبطح أمام القوي - وينسى أن القوة الحقيقة ليست مادية بل روحية وخلقية - فيقبل الأمر الواقع بهناته لحاجة في نفس يعقوب. ولا ضرورة لتبيان تهافت مثل هذا التصرف الأخرق الذي يدّعي الواقعية، لأن السياسة الحقة هي أولا وقبل كل شيء العمل على تغيير الواقع؛ ويبدأ ذلك برفض سيئاته وكل ما يصاحبها في كل مقتضياته، حتى وإن بدا ذلك من باب الحلم أو من الوهم. فلا سياسة أصلا بدون حلم ووهم، وإلا فهي هذا التصرف البهيمي الذي ليس فيه من الإنسانية أي شيء، بينما ما يميّز الإنسان عن الحيون عقله وقناعته بقدرته على تغيير واقعه نحو الأفضل. وهذا دوما أمامنا، لا نصله بل نتوجه نحوه في سير متّصل مستدام، هو قدر الإنسان المحتوم.
من السياسة البهيمة إلى السياسة الفهيمة: السياسة البهيمية اليوم هي في قبول الواقع في العلاقات الدولية على أنه من المستحيل تغييره، لأن متخيلنا لا يزال تحت احتلال الغرب في رؤياه البالية للأمور. فنحن، وان تحررنا نظريا، بقينا تحت التصور الغربي لواقعه كما يحلو له، أي الحال التي تقتضي بقاء الدول المستعمرة سابقا تحت هيمنته الفكرية في تصوره الشكلي للأمور؛ والشكل يخدع الحواس لا محالة. فبديهي أن القول بتعادل الدول في السيادة يبقي نظريا ولا مدلول له إذا كان مضمونه لا يتوازن مع ما يفرضه المنطق والعقل. لنأخذ لذلك مثل حرية التنقل وهي من حقوق الإنسان ومما لا محيد عنه في عالمنا : فهل بالإمكان إقامة المتاريس وتحصين الشقق بين طوابق العمارة الكونية أو الكوكبية، حسب تعبيري؟ رغم الإجابة السلبية البديهية، هذا ما يقول به الغرب وما يقبل به ساستنا المنبطحين أمام الأمر الواقع؛ إذ، بدعوى الواقعية، يعملون على خدمة مصالح تلك الدول الداخلية. وتلك سياستهم البهيمية التي ليس فيها مثقال ذرة من العقل والحكمة. فهذه الدول، أساسا لأسباب ذات صبغة داخلية بحتة ومصالح أنانية للعديد من ساستها وأحزابهم، لتتجاهل بسهولة قيمها؛ بل هي لا تتردد في شراء ذمم من لا يخشى بيعها لمصالحه الذاتية. هذا مثال بليغ، أكتفي به لما فيه من رمزية - ولشدة دعوتي إليه - للتدليل على ما يمكن لنا فعله اليوم للرد على التأثير الخارجي بسلاح الدول الخارجية نفسها؛ بذلك نعكس مصالحها لأجل صالح شعبنا. فليس بالإمكان اليوم للغرب، وبخاصة للاتحاد الأوربي الذي هو أقرب جيراننا، أن يجابه بالمنطق دعوة تصدر منا، إن تجرأنا عليها، فطالبنا بما يلي :
     ­ـ أولا، حرية تنقل موطنينا في فضاء ديمقراطي متوسطي، لأن الشعب التونسي برهن على نضجه السياسي وعلى استحقاقه لمثل هذا المكسب الذي يُعدّ من أهمّ حقوق الإنسان ومن علامات الديمقراطية. ولا مجال لرفض مثل هذا الطلب باسم الأمن، لأنه بالإمكان تطبيقه، على الأقل في البداية، بمجرد تغيير شكل التأشيرة اليوم إلى تأشيرة تنقل تسلم لكل من يطلبها من التونسيين بدون تمييز. فهي من ناحية تأشيرة، أي تمكّن من تتبع خطى المتنقل، ولكنها في الآن نفسه تضمن حريته في تنقله بكل طلاقة.
    ­ـ ثانيا، التخلص من عقدتنا وخورنا في اعتقاد الوحدة العربية ممكنة اليوم، سواء بين دول المغرب العربي أو بقية الدول العربية، إذ هي تقتضي بلا أدنى شك انتقالنا الناجح إلى الديمقراطية؛ فلا ديمقراطية تُبنى بين أنظمة لا تؤمن بها. بل المنطق يقتضي تأسّس الديمقراطية بأن تترابط أواصر الدولة السائرة في هذا الإتجاه مع الدول التي لها فيه باع؛ فهل يُعقل أن نخيط الثوب الجديد بما خلق وبلى من الأسمال؟ ثم إنّ تونس أساسا قلب المتوسط، وأفقها وأفق شعبها يبقى البحر المتوسط قبل أن يكون المساحة المغاربية أو الإفريقة أو المشرقية. فتونس مغرب الشرق، واتجاهه الطبيعي والحتمي أن يميل نحو الغرب بأن يكون مشرقه، يأتيه بروحانية دينه الذي هو من هويته،لا نحو المشرق وهو أبعد ما يكون عنه، خاصة في تزمته السياسي والديني. هذه الحقيقة التي علينا ألا نتجاهلها، أحببناها أم كرهناها. وعسى أن نكره الشيء وفيه الخير، كل الخير، لنا ولغيرنا أيضا!

بديهيات هذه لأصحاب النهى وقد أظلنا عهد يقتضي التجديد في كل شيء، بما فيه السياسة والدين؛ بذلك تكون السياسة فهيمة والدين مجدّدا روحانيا ثقافيا بعد أن غدا مجرد طقوس وشعائر، كما هي السياسة اليوم عندنا وفي الغرب. زمن ما بعد الحداثة يقتضي إعادة اكتشاف  ثراء في الروحانيات حتى لا تبقى الديمقراطية مجرّد نظام بلى وتقادم، ليس إلاّ شكليات مضحكة ومخاتلات مبكية، هي صبوحنا وغبوقنا. فبإمكاننا التأسيس لمابعد الديمقراطية، تُعيد للشعب كامل سيادته، يتعاطاها خارجيا بتنقل حر يتوازى مع طبعه المتفتح وعقليته التجارية الأصلية، وداخليا بالعمل السياسي النزيه في مراكز جهوية فيها القرار السياسي المستقل، فيحكم الشعب نفسه في الجهات، لأنّ أهل مكة أدرى بشعابها.