Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 1 octobre 2021

Une martyrologie tunisienne 6

 
أخطاء قيس سعيّد 
في حقّ نفسه وحقّ الشعب

بينّا في حديثينا السابقين أي دولة ومجتمع قانون نبتغيه من خلال دستور البلاد وقراءة دين شعبها بعد أن دعونا بإلحاح إلى الكفّ عن هذه الرياضة المتفشية عندنا في الاحتطاب بدون هوادة في لغة النفاق. فالمواسم لا تزال صاخبة بمثل هذا النشاط؛ وها نحن نعيش أحدها اليوم تزامنا مع السعي لتكوين حكومة فترة الأزمة التي تمر بها البلاد. فرئيس البلاد، وهو صاحب النفوذ الأوحد فيها اليوم، لا يزال يقبل بمنظومة قوانين أصبحت باطلة علاوة على ظلمها للناس وللأخلاق وحتى الدين عوض المبادرة بإبطال أحكام الخزي هذه الموروثة عن عهدي الدكتاتورية والاحتلال التي تمنع الشعب من حقوقه وحرياته؛ وذلك بالرغم من أنه لا ينفك يتكلم عن سلطة الشعب وكرامته! نعم، إنه يتصدى لمظاهر الفساد المتفشية، إلا أنه يهتم أكثر يما لا يهمّ الشعب في حياته اليومية؛ فهو لئن يفكّر في مقاضاة من خرق القانون، لا يعير اهتماما لفساد هذا القانون فيما يخص الحياة اليومية للشعب، وهذا أهمّ من التفكير الذي يشغله أيضا في كتابة دستور جديد كأنّ نظام الاقتراع وطبيعة الحكم السياسي أولى شعبيا من إرساء دولة ومجتمع القانون بتفعيل الحقوق والحريات التي أتى بها الدستور في الديباجة وأحد البابين الذين لم يقدر على نبذهما وقد ظلا حبرا على ورق!
ها هو السيد قيس سعيد يتصرف إذن مثل سابقيه فيلجأ إلى استغلال رمزية دور المرأة بالبلاد، ونحن نعلم إلى أي مدى ناور من سبقه  بهذا الشعار مغالطا الشعب بما لا يعد أن يكون إلا شعارا كاذبا طالما لم تحصل المرأة حقيقة كامل حقوقها وتساويها مع الرجل وهو ما يجسده بلا شك موضوع المساواة في الميراث. وقد علمنا موقف الرئيس سعيّد من هذه القضية حيث يرفض المساواة بتعلة احترام النص الديني بينما هو لا يحترمه لتعلقه بحرفه وترك روحه ومقاصد الشريعة التي تفرض كلها المساواة وفي أقرب وقت! مثل هذه القراءة المتزمتة للإسلام سببها لخبطة قيمية فاحشة تجعل من الدرة بعرة حسب المقولة الشهيرة لأبي حيان التوحيدي الذي برع في توصيف لا أخلاق عصره، وهذا الزمن لا يبعد عن ذاك، بل يتجاوزه فحشا.
هذه الدغمائية عند الرئيس في موضوع نصيب المرأة في الميراث وضرورة تساويه حتما وباسم الإسلام مع نصيب الرجل لا ضدا على دين محمّد بل احتراما له وتطبيقا صحيحا لتعاليمه، ليزيدها فسادا الاعتقاد في صدق صاحبها. بذلك هي ممّا يُسقط كل ما لا يشك فيه أحد من خصالٍ للرئيس، أي رغبته الصادقة في الإصلاح ونظافة يديه. ولعل لهذا نراه لا يتررد في الإكثار من اللغة الخشبية في كل شيء بما في ذلك، كما قلنا، القبول بدولة تحكمها قوانين باطلة، بل وأيضا بالتشبث في العلاقات الخارجية مع مفاهيم بارت مثل استعماله جزافا لشعار السيادة أو اكتفائه بمبدأ الحق الفلسطيني دون السعي لتحقيقه اعتمادا على القانون الدولي وما يسمح به من مبادرات. فمن المؤسف حقا ألا تتبع الدبلوماسية التونسية النهج الذي بيّنه قبل كل العرب الرئيس بورقيبة والذي أخذت اليوم به البلدان العربية ومنها المملكة المغربية، إذ تلك الطريق الوحيدة لإعلاء الحق الفلسطيني بينما مواصلة رفض ما لازلنا ننعته بالكيان الصهيوني لا يخدم في شيء حق الفلسطينيين المشروع، فلا يسعى إلا في ركاب اليمين وأقصى اليمين في إسرائيل ويدعّم سياسة الاحتلال الغاشمة إلى أمد طويل مع المآسي التي تنجر عنها والضحايا الأبرياء. هلا فكّر الرئيس بأكثر رصانة وحكمة وأقل دغمائية في هذه القضية وسار في اتجاه التاريخ الذي هو في حتمية سلام عادل لا بخس فيه لحق أي طرف، خاصة الحق الفلسطيني المعترف به دوليا والذي لم يعرف إلى اليوم الحصول عليه أهله أو من يدّعي المنافحة عنه بما أنه لا يخدم إلا المتطرفين ممن يرفض هذا الحق، لا فقط من المحتل الإسرائيلي للأراضي المغتصبة لشعب فلسطين، بل أيضا من الحكام العرب الدكاترة الذين وظفوا والقضية في خدمة مصالحهم الذاتية.
وإنها حقّا لقاصمة الظهر أن يواصل الشباب التونسي الذي يتغنى بحقوقه رئيس البلاد المجازفة بحياته لعبور المتوسط والدخول لأوربا بينما لا تطالب السلط التونسية، رغم ادعائها مع قيس سعيّد أنه آن للشعب التونسي أن يريد! فهلاّ طالب، وهو المسؤول الأول بلا منازغ اليوم في البلاد، بحقّ التونسي في حرية التنقل؟ فالحل لذلك متوفر، كما بيّنته العديد من المرات، يتمثل في استبدال التأشيرة الحالية بتأشيرة تنقّل دون الاستغناء عن طبيعة الأولى الحالية بما في ذلك رفع البصمات. ولا شك أن السلطات التونسية، بل المغاربية طرا إذا نسقت مع بعضها،  تنجح في ذلك إذا ربطت التعاون الأمني في ميدان الهجرة السرية مع هذا التمشي بما أنه ثبت بعد أنّ السبب الأساس للهجرة السرية هو غلق الحدود والموانع المقامة للحصول عى تأشيرة سياحية.
وها هي بلادنا تستعد لاحتضان قمة الخمسينية لانبعاث الفرنكوفونية التي ساهمت في إنشائها؛ فعوض التنكر لماضيها المجيد في هذه المنظمة المهمة اليوم، وعوض التلكؤ في إنجاح القمّة، هلا سعت لحمل المنظمة على إحياء روح التكافل التي ميّزت بداياتها بإقرار مبدأ حرية التنقل في المساحة الفركفونية بواسطة تأشيرة التنقل السابقة الذكر على أن تكون فركفونية ويتم تفعيلها بداية بين الدول الفرنكفونية التي حققت أو تسعى لتحقيق الانتقال الديمقراطي على أراضيها!
مثل هذه المسائل وغيرها هي لب لباب الديمقراطية الحقة، وهي ما ينتظره الشعب التونسي بفارغ الصبر، إذ من شأن حصوله على حقوقه وحرياته كاملة غير منقوصة ما يجعله يتسلّى عن هموم حياته اليومية ومتاعبها، فتساعده على الصبر على غلاء المعيشة وغيرها من المنغصات، لأن الكرامة الصحيحة ليست مقصورة على توفر الشغل والمال، بل هي أساسا في ثبوت صفة المواطنة. فالكل عندنا من أهل السياسة والاختصاص الاقتصادي، وعلى رأسهم طبعا الرئيس وبطانته، يخطىء عندما يصب اهتمامه على كيفية تعبئة الموارد المالية لتغطية نفقات الدولة أو تحريك المفاوضات مع النقد الدولي أو إنقاذ بعض المؤسسات والمرافق العمومية أو إخراج البلاد من الفساد المستشري. تلك قضايا هامة بلا شك، إلا أنها اليوم لا تعنى إلا القلة المحظوظة نظرا لأن الشعب غير منشغل بها لأنه بلا حقوق وبلا حريات. أمّا إذا كانت هذه هي الضروريات الأولى لتصبح التونسية والتونسي  بحق مواطنة ومواطنا ذوي حقوق وحريات، لسوف يكونا الأولان في المناداة إلى الؤصلاح والعمل على توفير ما انعدم في البلاد، إذ في ذلك إثبات حقوقهما وحرياتهما فالعمل على الحفاظ عليهما وتنميتهما أكثر.    
المشكل مع السيد قيس سعيّد هو أنه صادق النية عالى الهمّة، إلا أنه لا يحتكم إلا لما يراه شخصيا، وما يراه يرتكز على مسلمات ليس خاطئة بالضرورة ولكنها ليست صحيحة دائما أو أنها تفرض نفسها كأعلى ما يفرضه الوضع الراهن من تصرف لإنقاذ البلاد. كما لعله لا يشك في أهمية ما نتكلم فيه هنا من مواضيع حساسة، إلا أنه يراه ممّا لا يرتقي إلى مستوى المواضيع التي تهمّه، وهذا ما يغلط فيه علاوة على خلط بين الضروري المفيد حالا والضروري الذي لا يإتي أكله إلا بإيتاء الناس ما ينتظرونه من حقوق وحريات. فلعلها ثانوية في نظر الرئيس، بينما هي الأثافي التي تقوم عليها قدر الإصلاح، فلا نجاح له بدونها. ونحن نعتقد أن الرئيس قيس سعيد في تعمده استعمال نمط معيّن من الخطاب، فيه التذكير الكبّار بمرجعية الأخلاق، ليفقد الكثير من فاعلية الخطاب عندما ينحو باللائمة على البعض ويبرّيء البعض الآخر من كل مسؤولية، كما لا جدوى لمثل هذا الخطاب إذا كان فيه الشيء من المغالطة مثلما هي الحال في قضية حقوق المرأة وحقوق الشعب بصفة أعمّ. فالالتزام بصدق المقولة في كل شيء، بما في ذلك أبسط تجليات الأمور، من الأخلاق، بل أولاها في السياسة خاصة وقد انعدمت منها. وهذا ما أسمّيه بالأخلق السياسي Poléthique.