Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 6 août 2021

NOESI-S : Nouvel Esprit I-slamique 9

كلمة السواء في موسم الاحتطاب في لغة الخشب

نحتفل، بعد أيام، برأس السنة الهجرية، وقد دعوتُ رئيس الجمهورية باعتمادها لإبطال القوانين اللاغية للديكتاتورية التي لا تزال تطبّق بالبلاد حتّى تكون بحقّ لا سنة إسلامية جديدة بتونس بل وحقبة متجدّدة، رمزها الأكبر العدل وصفتها الحقوق والحريات الشعبية. فإلى متى ادعاء خدمة الشعب وحقوقه وتحقيق ما يريد بينما لا يزال هذا الشعب المسكين يرزح تحت نير قوانين العهد البائد الظالمة، التي بعضها يعود إلى عهد الاحتلال؟ إلى متى الاحتطاب في لغة الخشب والامتناع عن كلمة السواء التي تقتضي صدق القول ونزاهة الفعل؟ هذا ما لا نجده إلى اليوم  ببلادنا وهو  أصل الداء بها قبل الأزمة الاقتصادية والمالية ولو أنها خانقة. فلا رفاه ولا تقدّم عند انعدام الحقوق والحريات لشعب يرى كرامته فيها، وصدقت رؤياه! ففي ذلك انفتاحه على الآخر الذي صحته في أن يكون أولا وقبل كل شيء التجذر في الثقافة الأم، إذ بانعدامها لا انفتاح حقيقي، بل المسخ للذات والضياع لها. وهذه الثقافة، بما فيها الجانب الروحاني، تقوم على الحقوق والحريات أساسا. لذا كل ما نعانيه اليوم ببلادنا لهو جرّاء تعنت البعض في رفض مقوّمات ذاتيتنا وهويتنا الأمازيغية العربية، فإذا هم أكبر السند لقوى التزمت الإسلاموي، إذ حُق لها عندها الدفاع عن ذاتية البلاد المهددة بالانحلال في نطاق لخبطة قيمية مريعة لا بد من الخروج منها.  
مظاهر تديّن خادعة: الاحتفال لدى البعض فرصة للأكل كالعادة؛ وعند البعض الآخر للمراءاة في مظاهر التديّن، وكأن هذا يكفي لبيان أخذه بالدين الصحيح. مثل هذا التظاهر الذي نرى عند الساسة يأتي لا محالة للتغطية على الحال المزرية التي عليها أهم معالم هويتنا في بعديها الأمازيغي والعربي الإسلامي؛ بها يحاول أهل السياسة التنصل من المسؤولية في عدم العمل على تصحيح مسار المسخ الحالي والحرص على الحد من الانبتات الذي نرى بإحياء تراثنا، لكن على قاعدة صحيحة لا كما يفعل أهل التزمت. فالحال المزرية التي عليها جهل غالبيتنا، وخاصة الناشئة، لتاريخهم العربي الإسلامي طبعا، وأيضا البربري الأمازيغي،  ليس لها أن تدوم، لأنها هي التي تغذي التزمت. وإنه لا مناص من تلافي الوضع الحالي والعمل على الكف عن كل تزمت؛ لا الإسلاموي فقط، بل وأيضا ذاك الذي مأتاه الانبهار بالغرب وحضارة الغرب وقد تهافتت في مادية لا حد لها أتت على الأخضر واليابس من مبادئها وأخلاقها القائمة عليها؛ فذاك الذي يجعلنا نرفض ماضينا جملة وتفصيلا، بينما لا مستقبل لمن لا ماض له.   
لغة غير خشبية ظاهرا، حطبية باطنا: رغم تعدّد، هذه الأيام، ما اعتدناه من شعارات تخص الحقوق والحريات ودولة القانون،  فلا شيء يؤشر على أن السلطة القائمة  تسعى حقا  في أن يكون التغيير الذي تؤكد العمل لأجله بالصفة الجذرية الحيوية وعلى النسق السريع الذي يريده الشعب المتعطش لكرامته. وهذه في إبطال القوانين الجائرة التي كان يعتمدها نظام الدكتاتورية لقمعه، والتي إلى الآن تطبّق حرفيا. فالكل يكتفي، عند التعليق على ما حدث يوم الخامس والعشرين من جويلية، بظاهر الخطاب لينسى باطنه. والخطاب، إن بدا ظاهريا من باب الانتصار للقانون ولحقوق الشعب والنقد اللاذع للفساد، فهو لا يقطع مع اللغة الخشبية المعتادة في المحافل السياسية؛ إنه حقيقة وباطنا من هذه اللغة، إذ يحتطب فيها، وليس فيه أي جديد مما يخص صالح الشعب ومصالحه. فأي قرار اتخذه الرئيس في القطع حقا مع دولة اللاقانون طالما لم يبطل القوانين اللاغية التي تطبق إلى اليوم رغم تغطرسها وظلمها للشعب؟ نعم، هناك من يرى أنّ الإصلاح التشريعي مهمّة شاقة تتطلب من الوقت الكثير ولا يمكن إبطال قوانين ولو كانت ظالمة دون إبدالها بقوانين أخرى لتجنب الفراغ اللاقانوني. إلا أنّ هذا الكلام من الحيل القانونينة والمخادعات السياسية يلجأ إليها من لا أخلاق له ولا رغبة في إحقاق الحق وإعادة حقوقه وحرياته للشعب، فهو لا يبتعد عن المناورة السياسية.
الكف عن لغة النفاق السياسي: مثل هذا الاحتطاب من النفاق السياسي المعهود حيث نقول ولا نفعل، فلا نعمل كما نقول لأننا نتكلم فنحسن القول بما لا نعرف فعله ولا نريد عمله. فمن بين ما لا يتحدث عنه رئيس الجمهورية، رغم التأكيد كلّ مرّة على احترامه للحقوق والحريات واعتماده المرجعية الدستورية ودولة القانون، حقيقة أنه لا حقوق ولا حريات بالبلاد ما دامت  القوانين الجائرة للدكتاتورية وعهد الاحتلال سارية المفعول؛ وأنه لاحول ولا  قوة للشعب طالما القضاة والشرط يطبقونها بحذافيرها. هذا يتم برضا أهل الحكم السياسي ومن يسوس البلاد؛ فلولا قبولهم بما يفرضه القانون الجائر لما كان لأهل الفساد وظلمهم الذي يندد به الرئيس أي نفوذ بتونس. فمن المسؤول الأول؟ واقع الحال أن نظام الدكتاتورية وعهد الحماية لا يزالان على حالهما بما أنه لم يتغير إلا الشكل، وذلك بفضل قوانين باطلة نرفض إلي اليوم تجميدها. ما الذي يمنع الرئيس من ذلك وهو يتكلم مثل من سبقه عن الأخلاق وعن الحقوق والحريات؟
كلمة السواء: هي أنّ الحق كل الحق اليوم لعموم الشعب في تسيير أموره بمدنه وقراه حسب نمط سياسي جديد متجدد يستوحي مبادئه من ضرورة لامركزية فعلية يعود القرار فيها بخصوص مشاغل الشعب اليومية لمن يسهر عليها بالنواحي والجهات من أبناء تلك الأصقاع. فغدا لا محيد من أن يكون القرار الذي يهم مستقبل البلاد المتخلفة على المستوى المحلي والجهوي للمعنيين  الحقيقيين به، لا غيرهم ممن يمثل السلطة المركزية. وهذا يبدأ بتنقية القوانين المطبّقة بالبلاد من كل ما يجعلها ظالمة للشعب. لهذا، لا فائدة من الاحتطاب الحالي في لغة الخشب المنبوذة، بل الأكيد الأوكد يقتضي تسمية الأمور بمسمياتها، وتصفية المنظومة القانونية من كل ما فسد فيها وأفسدها. مثل هذا التوجه هو الثورة الحقيقة، ومكانها اليوم ليس في الخطب المناورة بل الأمخاخ حتى تطال الواقع المعاش لتغييره. كذلك فقط يكون كلام الرئيس بحق في الصميم، مؤسسا لدولة القانون ومجتمع الحقوق والحريات. إن كلمة السواء هذه للضمير الحي لا يسمعها إلا من لم يمت ضميره السياسي والإسلامي على حد السواء. ونحن نقولها صراحة لمن يتعاطى السياسة باسم الإسلام ومن يتعاطى الإسلام باسم السياسة : إن الإسلام سلام أولا وقبل كل شيء وهو دين حقوق وحريات. فليست الحنيفية المسلمة بحرب ولا هي بخدعة، ومن ظن ذلك فقد جهل عن علم؛ وليس أقذع من ذلك وأبخس علما، لأنه من الفجور الذي يراد به الفضيلة. الإسلام دين ودنيا، وهو كدين لا يعتد فقط بالشعائر، إنما الدين أولا ثقافة وأخلاق؛ فلا دين لمن لا يسلم الناس من يده ولسانه وسوء نيته؛ ولا دين لمن لا يصدق ظنه ويحسن فعله وعمله؛ ولا دين لمن يحكم على غيره بالظنة. والإسلام كدنيا سياسة صادقة النوايا، نزيهة الأفعال؛ فلا كذب ولا غش ولا بديع في القول ولا زخرف في الفعل، خاصة إذا أريد به الباطل؛ ومن الحق ما لا يراد به إلا الباطل! لذا، فالإسلام في السياسة أخلاق أو لا يكون، والأخلاق تقتضي كلمة السواء. وهي اليوم في الالتزام بمقصد من مقاصد الشريعة، كما هو مكسب من مكتسبات الثورة، أي حرية العبد، حرية التونسي وقد مجدها الإسلام وأعلتها الثورة. فالتونسي اليوم حر أبي، لا يُستعبد من جديد. رغم هذا، نحن نرى الأحزاب تسعى لذلك، فتعمل جاهدة لاستعباد التونسيين بانتخابات صورية نتيجة نظام انتخابي على المقاس لا خير فيه. لقد جرّّبنا هذا النظام الانتخابي فأفرز أفسد ما يكون في الحقبة الزمنية المنقضية التي جعلت البلاد تفرط في محاسن عقد الثورة الفريد واحدة بعد أخرى بينما الديمقراطية الحقة ليست «الديمومقراطية»، أي مفازة جن السياسة؛ وهي تفرض اليوم إعادة الكلمة إلى الشعب. يكون ذلك بإيقاف دولاب القوانين الباطلة حالا وتعويضها بقوانين تحترم الحقوق والحريات التي أتى بها الشعب. ثمّ يأتي دور تغيير النظام الانتخابي ليكون على الأشخاص في انتخابات جهوية ومحلية أولا. فسيادة الشعب اليوم ليست إلا بتعاطيه أموره في بلدياته وولايات البلاد مما من شأنه أن يعيده إلى السياسة حتى لا تكون حكرا، كما هي الآن، على قراصنة «البوليتيك» ومردة التحكّم، من همه الوحيد مصالحه لا كلمة الشعب. ولا أدلّ على ذلك إلا ما تشحّم من كروشهم وتفحش من ثراء في معاشهم. فهل هذه خدمة الشعب والمسؤولية التي تحاسب عليها ضمائرهم قبل أفعالهم؟