Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 18 décembre 2020

Espace francophone de démocratie 5

 
سياسة ما بعد الحداثة وديبلوماسيتها


مع الذكرى العاشرة لما سُمّي ثورة، أي الانقلاب الشعبي التونسي، الفرصة السانحة للاحتفاء الصادق النزيه بالحدث؛ يكون هذا بالتمعن في كل ما ميّز من أحداث العشرية المنقضية، خاصة تلك التي شانتها، فالتعهد بتلافيها حتى لا نمر في الذكريات القادمة من السيء إلى الأسوأ. ولا شك أن المجالات عديدة التي ينبغي علينا زيادة الحذر فيها من تواصل الأخطاء قدما مما من شأنه تجذير القطيعة بين الشعب  وساسته؛ فقد وصلت عند شعبنا العربي الأمازيغي مع حكامها الحد الأقصى المؤشر على حتمية انقلاب الأمور بشكل يصعب التحكم فيه، مما يأتي بالاضطرابات والثورات. بصفتي الديبلوماسية السابقة، هذه رسالتي إلى أهل الميدان وللساسة عموما ببلادنا لأجل مصلحة البلاد والعباد في قادم الأيام والسنين.  

مقتضيات تغيّر العالم : ما من أحد يشك، سوى النوكى، أن العالم تغيّر، خاصة في المفاهيم التي تحكم النظرة إلى الحضارة بغلوّها في النزعة العلماوية. فهي بصدد ترك مكانها، وقد استنفدت كل ما فيها من معاني، لمفاهيم مستحدثة تقتضي العودة للأخذ بكل ما صلح في عادات البشر وتقالديه مما عُد سابقا من الترهات أو البدع. لهذا، كان الانقلاب الشعبي التونسي الذي أتى بدستور جديد وما رافقه من ساسة ما كانوا يوما يحلمون بالحكم؛ وهي بلا منازع الدليل الكبار الذي استنبطه أهل الحل والعقد لقطع الطريق على التجربة الشعبية التي بينت ضرورة إدماج الإسلام السياسي في القرار الرسمي مع حتمية تطور قراءة مخزوننا الثقافي وتراثنا التليد من طرف ساسة جدد، لهم مرجعية دينية. إلا أن لم يفهمه هؤلاء هو أن مرجعيتهم الدينية لا بد لها أن تكون متجذرة في ما يميّز الشعب التونسي من إسلام صوفي لا علاقة له بالإسلام السياسي كما يتجلّى في االشرق، بما فيه تركيا، حيث غلب عليه التشويه المتزمت الوهابي، وهو من الإسرائيليات، لا يمت للإسلام الصحيح بأي صلة.

تهافت الإسلام السياسي: الحكام من المرجعية الإسلامية بتونس لم يفهموا بعد تماما أن دوامهم على الساحة السياسية يقتضي الأخذ أولا بمصلحة البلاد والشعب. وليست هي في فرض إسلام متعجرف متزمت لا يخص إلا قلة ناشطة تبدو فاعلة نظرا لسكوت الأغلبية ابتغاء لحسن العشرة وابتعادا عن المشاكل. إن فهم الأغلبية للإسلام هو القبول بكل ما فيه من حريات تميّز الحياة الشعبية بالتكتم والتقية المفروضان عليها بقوانين جائرة مدعية صبغتها الإسلامية بينما هي من الدخيل اليهودي التي لا زال يهدم صرح الإسلام من الداخل، مما أتى بداعش اليوم. وقد قيض الله لتونس ولإسلامها الشيخ راشد الغنوشي، الذي يمكن أن نعده من دهاة العرب، لما يمتاز به لا محالة بالنسبة لبقية الإسلاميين المغاربة من ذكاء حمله مثلا على الابتعاد شكليا، في البداية، عن الحكم لمدوامة النفاق بكل حرية ودهاء، كما فعل بدعواه عدم الاعتراض على إبطال تجريم المثلية بتونس دون العمل على تفعيل كلامه. بذلك سهى، شأنه شأن بقية الإسلاميين الدغمائيين، عن مقتضيات أخلاقيات الدين القيم في العمل على تقديم مصلحة العامة على الخاصة، ومصلحتها الذاتية في الحكم؛ فهم لا يفكرون إلا في مباهجه ولا يسعون إلا لخدمة أغراضهم الذاتية. ولا شك أن أكبر الدليل على ذلك قوانين الريع الذي منحوه لأنفسهم باسم التعويض على تضحياتهم لأجل البلاد؛ فإن كان ذلك صحيحا، فهذه الصحة تنتفي إذا جعلنا له تجليات مادية. لقد سهرت النهضة منذ اعتلائها للحكم على خدمة مصالحها الذاتية مع استفزاز الشعب عوض التفرغ لضمان معاش الأغلبية الفقيرة بالبلاد، همها خدمة مصالح  أهل النفوذ أولا، بل القلة المترفة فيه، وهي هنا قلة الساسة.

ما يقتضيه زمن ما بعد الحداثة : لا يختلف اليوم أحد في أن مصلحة البلاد هي في ولوج الإسلام السياسي الحكم إذ لا يمكن إقصاء هذا الجزء المجتعي الهام من الشعب عنه. إلا أن هذا لا يكون على الشاكلة المخزية الحالية في توظيف الدين لأغرض ضيقة تجعل الناس تنفر منه ومن سماحة تعاليمه وإناسيتها. ذلك لأننا بهذا نستصغر انتماءها للإسلام وما أتى به للحضارة العالمية؛ فإذا بها مركب نقص هو أنجع العمل السلبي على بقاء بلادنا متخلفة، لأنه لا تقدم بلا قناعة في أن لنا ما نقدم للعالم وللأفضل فيه. طبعا، ليس يأتي مثل هذا التصرف الأخرق من غالبيتنا عن سوء نية أو عن حسن نية، بل بصفة لاشعورية بسب لخبطة قيمية فظيعة حان لنا أن تفيق من غفوتها. إن زمن ما بعد الحداثة الذي أظلنا يفرض دمقرطة قراءتنا لتعاليم الدين للأخذ به حسب روحه ومقاصده، إذ هو في ذلك ديمقراطي بدون أدنى شك، وإلا لما كان حداثيا قبل الحداثة الغربية المتهاوية اليوم لطغيان المادة فيها دون أي روحانيات. توازيا مع هذا الاجتهاد لأهل الإسلام السياسي الذي لا مناص منه، لا بد لنساء ورجال الحداثة، أو ما يُسمى اليسار، عدم تجاهل الحقيقة القائلة بأن مصلحة تونس، بل وكل البلاد العربية الإسلامية، في تفاعل كل مكونات مجتمعاتها في نطاق عمل متصل مستدام نحو الأمن والدعة الروحية التي أساسها قطعا الأمن المادي. ولا يكون هذا إلا بتعاطي ما يقتضيه الزمن مابعد الحداثي من إرساء نظام محبة بالبلاد يتناسب مع الروح الصوفية والإقدام على القطع حقا مع الماضي، أي كل ما سبق أحكام الدستور الجديد  من تصرفات خرقاء، خاصة في ميدان الحريات العمومية والخصوصية باسم الدين وهو منها براء. بديهي أن الماضي ذاك لا يتمثل فحسب في نظام الديكتاتونية السياسي والأخلاقي باسم خصوصيات الشعب. ولكن أيضا الدغمائية السياسوية  التي تقول بديمومة النظام العالمي الحالي رغم أنه أفلس منذ زمن طويل، فلم يعد إلا مومياء علينا الخلاص منها في أقرب وقت. وطبعا، هذا ما لا يوافق مصالح كل من انتفع بالنظام المتهاوي، سواء بالداخل أو الخارج، وعلى رأسهم رأس المال العالمي.

إرساء نظام حرية التنقل : ذلك لا يكون إلا في محيطنا المتوسطي، الذي لا مجال لتجاهله، وبالدعوة الملحة إلى فضاء ديمقراطية متوسطية تقتضي أولا إرساء حرية التنقل بالبحيرة المتوسطية لكل مواطني بلاد المغرب الأمازيغي العربي لدعم نقلتها النوعية نحو ديمقراطية حقة غير منقوصة. كما اقترحت ذلك العديد من المرات، يكون هذا باعتماد آلية التأشيرة الحالية، وهي مخالفة للقانون الدولي، على أن تصبح تأشيرة مرور تسلم مجانا مع قابلية التجديد والصلوحية لمدة سنة على الأقل لكل مواطن تونسي، وثلاث أو خمس سنوات على الأكثر لبقية الأصناف كالطلبة والتجار. إن مثل هذا التوجه للعلاقات الدولية بالمتوسط، الذي لم يعد من الممكن تجاهله أو عدم المطالبة به من طرف الديبلوماسية التونسية يندرج في نطاق حتمية الخلاص من مومياء النظام القديم وقد فسد فأصبح كله مساويء. وهو من شأنه آجلا دعم مطلب انضمام تونس إلى الاتحاد الأوربي، إذ لا مناص منه لما هناك من ترابط بين شمال المتوسط وجنوبه ولتواجد أوروبا بعد على الأرض المغاربية من خلال تمسكها بسبتة ومليلية. فهذا التواجد الأوروبي بالمغرب لا يكون مشروعا بعد اليوم إلا بتواجد المغرب بأوروبا بقبول انضمامه أيضا لها بما أن هذه الأخيرة على أرضه بعد ولا تريد مغادرتها. فإما أن تصفّي مثل هذا التواصل لماضي الاحتلال البغيض أو تبني عليه حاضرا يقوم عليه المستقبل، وهو في ترابط ضفتي المتوسط فعليا وقانونيا للمصلحة الجماعية، لا كما هي الحال اليوم في صالح أوروبا البحتة وأتباعها من حكام لا يراعون مصلحتهم الحقيقية التي هي أولا وقبل كل شيء خدمة صالح شعبهم؛ فأي خدمة لشعبنا وشبابه غير الحصول له على حقه في حرية التنقل وهي من حقوق الإنسان ؟

الخلاص من النظام العالمي المتهاوي : التوجه الجديد الذي أهيب بالديبلوماسية التونسية التزامه يؤدي حتما إلى العمل على إرساء دعائم مساحة حضارة بين الغرب والشرق نواته مغربنا حيث تناغمت الروافد لإسلام متسامح كوني التعاليم وعلميها. فمع ما يعيشه العالم أجمع اليوم من فواجع، لا محيص لما أصبح عمارة كونية كضرورة قصوى لمجابهة قوى الشر المستشرية به عن قيم التآخي والترابط والتكاتف بين مختلف البشر بكل نزعاتهم، وبخاصة بين شرق غوى بتزمته وغرب هوى إلى أفظع ما تؤدي إليه المادية. فإما هذا مع ما يقتضيه من ضرورة نبذ كل ما فسد من ديبلوماسيتنا وإلا ازداد الشر انتشارا بصفة مفرطة لذهولنا عن الخيار الأوحد الذي له أن يمنعه وهو خيار المحبة. إن المستقبل الإنساني للروحانيات بلا منارع؛ ومعلوم أن مغربنا أرض الروحانيات بامتياز؛ لذا فدور النخب فيه من الأهمية بمكان للمساعدة على إخراج ساسة العالم من سباتهم المادي وغفلتهم عن القيم بالعمل الجاد المتواصل حتى تتم النقلة النوعية التي لا حل غيرها بسلاسة من النموذج السياسي لنظام عالمي منتهية صلوحيته إلى النوذج مابعد الحداثي. هذا واجب ساسة تونس خاصة، ومنهم أدعياء المرجعية الإسلامية، إذ خدمة العدل والانصاف لا يكون بالشعارات الكاذبة وزخرف القول وتهافت العمل. طبعا، هو أيضا مسؤولية أهل السياسة الخارجية التي مفهومها اليوم أكثر من أي وقت مضى لهو اليقين أنه لا مستحيل لمن عمل على تنمية الأحاسيس بقلبه ومشاعر الحب، ما أسمّيه سياسية القبل Bécopolitique للمرور من سياسة بلا أخلاق إلى الأخلق السياسي Poléthique.