Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

jeudi 16 janvier 2014

Vers la postdémocratie 9

الإنقلاب الشعبي في عيده الثالث أو سنة بلوغ النموذج التونسي


هوذا العيد الثالث للثورة التونسية ومعه، وقد تكاثفت الغيوم وتلبدت، الخوف من انسداد الأفق أمام الأحلام النيرة التي أثارها الحدث الكبار الذي عرفته الأرض التونسية.
لقد كان الانقلاب الشعبي التونسي إرادة شعب تيقظ للحياة وقد اشتد الظمأ عنده إلى رغبة الحرية التي تلازم عنده جوعه الدائب إلي حياة الدعة والكرامة.
فهل اندثر حقا المد الثوري وغارت عيون تطلع الشعب لأفق أفضل على مشارف سنته الرابعة؟
عندما يصبح الإنقلاب ثورة
توالت منذ مدة التصريحات حول ما أرادوا تسميته حقيقة الثورة التونسية، وهي فقط حقيقة البعض ممن شارك فيها من قريب أو من بعيد ومن استغلها أو يريد استغلالها.
لم تكن الثورة التونسية تلك الثورة العادية كما عرفناها في الزمان الماضي، بل هي هذا الانقلاب الشعبي الذي نراه يوميا في شوارعنا والذي سيتواصل ويدوم لأنه سمة من سمات زمن مابعد الحداثة الذي أضلنا. وقد أشرنا إلى ذلك منذ البداية.
نعم، لقد عملت أيادي خفية حتى تكون الكلمة الأخيرة للشعب في التخلص من السلطة الظالمة. لكنها ما كانت تفعل شيئا لولا الانقلاب الشعبي العارم ورغبته الجامحة في الانعتاق من ربقة حكم جفت منابع الجياة فيه، فكان ساقطا ضرورة كالثمرة التي أينعت وأصحت مهددة بالتعفن. لذا سارعت الأيدي لقطافها لحاجة في نفس يعقوب.
إلا أنها، وأعيدها، ما كانت لتنجح إلا بما قام به الشعب من انقلاب على المفاهيم، إذ جعل إرادته تعلو لا محالة، عاجلا أو آجلا، إرادة السلطة في عصر هو زمن الجماهير بلا منازع. لذلك عمل البعض على إشاعة فكرة الثورة لاستبدال ما كان يبدو انقلابا، رغم صفته الشعبية الثابتة. فأصبح الانقلاب الشعبي في الأذهان بحق ثورة. وهذا أدى إلى عرقلة الصورة التي كانت مقررة من تواصل النظام السابق على هيأته مع تعديل طفيف على مستوى الرأس. وما كان لمن لم يقرأ للشعب حسابه إلا أن يذعن؛ وهكذا كان  الأمر لا مجرد انقلاب سياسي.   
وبذلك عسر تطبيق المخطط الأول كما كان يتمناه البعض والقاضي بفتح أبواب البلاد التونسية على مصراعيها للتجارة الحرة كسوق جديدة للغرب المادي بعد أن احتكرته عائلة الرئيس المخلوع. إلا أنه المخطط لم يفشل تماما لما في البرنامج الاقتصادي للحزب الحاكم من توجه رأسمالي كان من بين الأسباب التي جعلت زعيمة الغرب تراهن عليه كبديل للسطلة التي ساهمت في إسقاطها.
وكان أن عرقل الشعب مجددا حسابات الجميع عير مجتمعه المدني الذي تمسك بكل مباديء الانقلاب الشعبي جاعلا منها مباديء ثورية تستلزم التطبيق.
عندما يؤمن الشعب بثورته
إن الشعب التونسي لفي حراك مستمر اليوم لـأنه آمن ويؤمن بثورته، فهو بلا يكتفي بمجرد التغيير الحاصل على المستوى الصوري، هذا الذي أريد منه مجرد انقلاب سياسي، بل يعمل جاهدا على أن يكون انقلابا شعبيا حقيقيا، أي ثورة على كل ما بلى في السياسة فابتُلي به سنوات عدة.
بل هو لا يقبل بعد بما بلي من حوكمة اقتصادية، حيث لم يعد يرضى بما دأب عليه الشأن في العلاقات الدولية، فيطالب اليوم بنصيبه من الحقوق والسلط التي هي ميزة الديمقراطيات ومن آليات تضمن دولة القانون ومن حرية في كل شيِء، ومنها حرية التنقل داخل فضاء ديمقراطي من شأنه تدعيم مكتسبه وتحصينه من كل المترصدين به الدوائر.
وإن الشعب لن يهدأ طالما لم يحصل على ما يطالب به من حقوق وحريات، وهي لا تُضمن إلا في نطاق مجمتع آمن ودولة قانون. ولا مجال لهذا في زمننا الراهن إلا بتفاعل محسوس وملموس بين ديمقراطيته الهشة والديمقراطيات الغربية العريقة.    
وهذا لا يُعجب ضرورة من عهد انعدام دولة القانون لأجل مصالحه التي تقتصر على حرية التجارة في نظام رأسمالي لا يعتبر للمجتمع حقوقا غير حقوقه كمستهلك لضمان تعهده بواجباته في التسوق والتسلع.
نعم، هناك الكثير من أصدقاء بلدنا في الغرب ممن همهم الأوحد هو أن تكون تونس مجرد سوق للتجارة والتسوق؛ أما أن تصبح بحق دولة قانون تُحترم فيها الحريات، فليس ذلك بالمهم لما يمكن أن تكون فيه من عرقلة للسلاسة التجارية، خاصة عندما هي من نوع الرأسمالية غير المعقلنة أو الشرسة.
ولكن شعب تونس لا يرضى بذلك وقد أصبح انقلابه ثورة بحق في مخيلته بكل ما ترمز إليه من تغيير جذري للمفاهيم. إضافة لذلك، هو يسعى اليوم ويواصل جاهدا السعي حتى تكون ثورته بحق ثورة مثالية للعالم أجمع، تأتي بتغيير جذري في التصرف السياسي والحوكمة الرشيدة بين الدول والشعوب.
النموذج التونسي للثورة
إنها السنة الرابعة للثورة التونسية، وهي سن البلوغ في عمر الدول. وقد حان فيها الوقت للشعب عبر مجتمعه المدني للتعبير بكل طلاقة عن تطلعاته وما اختصت به ثورته من أهداف ومقاصد.
لقد كانت السنوات الثلاث الأولى الفرصة لامتحان القوى السياسية على الساحة العامة، فبانت عيوب البعض ونقائص الآخرين، وأصبح الشعب على علم بحقيقة الكل.
إن الأحزاب اليوم لم تعد تمثل أفضل ما في الديمقراطية، ولا النواب لهم امتياز تمثيل الشعب. لذا سنرى الثورة التونسية في سنتها الرابعة تعمل أكثر فأكثر على تفعيل أنموذجها الذي يعتمد على جمعيات المجتمع المدني وعلى السلط المحلية والجهوية في ديمقراطية هي من زمن ما بعد الحداثة. لذا فهي ما بعد الديمقراطية.
وفي هذه المابعد ديمقراطية تكون السلطة حقا للشعب عبر مجالس محلية وجهوية منتخبة ولها القرار السياسي من خلال منظمات المجتمع االمدني. وفيها تطالب البلاد بحرية التنقل لمواطنيها خارج ترابها في نطاق فضاء للديمقراطية يقع إنشاؤه بين الدول الآخذة بالمباديء العادلة، لا لدولة القانون فحسب، بل وأيضا لمجتمع القانون.
ولا شك أن للإسلام في بناء صرح هذا المجتمع الدور الكبير، لأنه مقدر للإسلام السياسي النجاح في تونس؛ غير أنه ليس ذلك الإسلام الذي عهدناه في السنوات الأخيرة، ولا النسخة المشوهة منه التي نراها بالشرق. إنه إسلام التسامح والمحبة والتآخي، ولا شك أن الصوفية التونسية ستعطيه البعد السياسي عاجلا بعد أن نظمت صفوفها أخيرا.
فالإسلام بتونس بحاجة لمن يتكلم باسمه ويعطي عنه أفضل صورة؛ وليس أفضل من أهل التصوف في ذلك، إذ هم في قلوب كل التونسيين، حيث لا تخلو مدينة ولا قرية من ولي صالح. هذا والإسلام التونسي باعتراف الإمام ابن عاشر لمدين كثيرا  للجنيد السالك، أحد أعلام الصوفية بلا منازع.    
 إن علم الإجتماع الفهيم sociologie compréhensive  يرى أنه لا مناص في عصرنا ما بعد الحداثي من سياسة تعنى بتنمية المشاعر Culture des sentiments، وهو يؤكد أن القانون الذي تتجه نحوه البشرية هو قانون الأخوة Loi des frères، وبيّن ولا شك ما لهذا القانون من شديد العلاقة  بالأخوة الإسلامية، كما لا مرية أن المحبة التي عبر عنها الصوفية لهي خير تقمص لها.
الزعامة لمحبة الشعب
إن تونس لفي حاجة لتنمية المشاعر، ففيها كل شيء حرارة، والحرارة هي الحياة؛ وهذه ترجمان الأشوق التي بإمكانها التأسيس لنظام المحبة في بلادنا. فالحياة ببلاد الإسلام  حياة محبة المسلم لأخيه المسلم، حتى وإن أخطأ، وبالأخص أيضا لأخيه غير المسلم أيا كان معتقده. وبما أن الإسلام دين وسياسة، فالسياسة تكون أيضا ببلاد الإسلام  نظام المحبة.
والسياسة الحقة اليوم، كما قالها فرحات العظيم، لهي محبة الشعب، كل الشعب بجميع أصنافه وأطيافه، المسلم فيه واليهودي والمسيحي، المتدين فيه والسفيه والفاسق، السلفي فيه والعلماني، المتشرق فيه والمتغرب، المتزمت فيه في دينه والصوفي والملحد، الملتزم بتصرف جنسي عادي والمتوجه لتصرف غير عادي موافقا تمام الموافقة لطبيعته وذاته اللتان جعلهما الله فيه؛ فهل مدبر غير الله لأمور خلقه؟
ستكون السنة الرابعة للثورة حاسمة  مع دخول الصوفية التونسية معترك السياسة لدحر النهضة والسلفية من دعوى تمثيل الدين الإسلامي وقد شوهاه. وما من شك أن الصوفية في السياسة لهي القادرة وحدها على إنجاح النوذج التونسي للإسلام السياسي بأن تجعل من بلدنا قِبلة الإسلام (بكسر القاف) وقُبلته (بضم القاف) لكل مؤمن، أيا كان معتقده، آمن بالحرية وتطلع للكرامة على هذه الأرض.
إن مثل هذا المستقبل لتونس ليتلألأ في عيون شبابها وشعبها الكادح نهار مساء في زمن سلطتهما بلا منازع. ويكفي النظر في عيون شعبنا لتبين مثل هذا الغد الزاهر، لأن عيونه كلها أمل، والأمل إرادة، وإرادة الشعب لا تقهر اليوم. وإن غدا لناظره لقريب!