Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 4 août 2023

Libre circulation, génie du libéralisme 5


 جريمتنا في حق الحياة 


وواجبنا في الحفاظ عليها 


من منّآ، خاصة ممن يؤسس حياته ومنهجه فيها على الأخذ بتعاليم دينه والحرص على احترامها الوثيق، يجهل ما من عادتي الكلام فيه إلى حدّ إقلاق راحة ضمير من شأنه الغفو عما لا يجب السهو عنه، أي واجبه الأخلاقي قبل الديني، إذ النسيان ديدن البشر الذي خلق ناقصا؟ لذلك قلنا، نقول وسنقول، كما أتى القيل في القرآن الكريم، أنّ الذكرى تنفع المؤمنين.

 من روح الإسلام، دين العدل والحقوق والحريات، كما هو في الفهم الصحيح له، لا مناص من كلمة السواء تلك  للمؤمن الحقّ، وهو الحرّ الأبي بما أنه لا يسلم أمره لأحد غير خالقه؛ لذا هو أبدا العبد الحر الذي لا نزاع في حقوقه وحرياته المضمونة دينيا وأخلاقيا في معتقده، كما لا نزاع فيها لفائدة غيره من عباد الله، أيا كان مشربهم أو اعتقادهم، بما أنه لا فرق بين مسلم وغيره إلا بالتقوى. 

وليست التقوى، كما يفهمها مسلمو اليوم فيقزمونها، مجرد الالتزام فحسب بالإسلام، عدا إذا فهمناه فهنا صحيحا بصفته أنسي التعاليم، علميّها وكونيّها؛ بل التقوى الإسلامية الصحيحة هي الالتزام أولا وقبل كل شيء بمكارم الأخلاق، وقد أتى صاحب الدعوة لإتمامها. فهي، بداية، الشهادة بقول كلمة السواء، أي الإتيان بالخبر القاطع؛ وهذا هو المعتى الصحيح للشهادة الذي نسيه أهل الإسلام اليوم من بين ما نسوا، فإذا الشهادة أصبحت الموت في نطاق جهاد أصيغر عوض الحياة للشهادة الصحيحة كما ذكرنا، وهو من هذا التذكير بما ينفع المؤمنين.

والذكرى اليوم لهي في ما  وجب الكلام فيه لغيابه عن الفعل وقد أصبح بعيدا كل البعد عن الكسب الإسلامي التقي. من ذلك الحق في الحياة الذي يضمنه دين الحنيفية المسلمة وينادي بالحفاظ عليه لكل مخلوق من مخلوقات الله. فقد ذهب الشطط بالبعض في فهمه إلى التشبث بما ينفيه، ألا وهو عقوبة الإعدام لما بدا له منافضتها للحق من أساسه. كما أنه لا يتردد في تجاهل جريمتنا اليوم في غض النظر عن مصير العديد من عباد الرحمان، من مواطنينا وغير مواطنينا، الذين تجهمت في وجوهمم الحياة وادلهمت فيها سبل الحياة فهاجروا للقمة العيش. فمنهم من يغادر وطنه، ومنهم من يأتى إليه على أنه بلاد إسلام المحبّة والرحمة والتسامح، فإذا بهم لا يجدون بها إلا التجاهل لمعاناتهم ونبذهم إلى جحيم الصحراء على حدود مغلقة  بين تونس وجارها الشرقي. هذه محنة إخوتنا الأفارقة القادمين إلينا من جنوب الصحراء آملين في أن تكون الرحمة منا وقد انعدمت في بلدانهم وخاصة في من يدّعي رعاية حقوق الإنسان بالعالم النامي المزعوم متحضرا والذي يرفض أن يرحلوا إليه بصفة شرعية.

فما من شك أنّ ما يفتحر التونسي به، وقد أتى دستوره الجديد تكريسا لمركزية الإسلام في حياة البلاد وشعبها، انتماءه الثابت لحضارة دين أنسي التعاليم علميّها، حضاري المعاملات إذ ليس هو مجرد عبادات، ولا عبادات متزمته كما كانت الحال عند أهل الكتاب. هذا، بلا مرية، يقتضي الحرص المستدام على أن تكون التصرفات ببلدنا أنسانية، أيا كانت الظروف؛  فهي  أولا وآخرا إناسية، آخذة بتعاليم ومقاصد الإيمان الإسلامي السمح، وهو دين الحقوق والحريات لكل مؤمن مهما كانت ملته. لذا، هي ليست ليست فحسب قانونية، بما أنه، للأسف، من القوانين ما يفسد ويبقى شرعيا دون مشرورعية وبغير رحمة، كما هي قوانين الدكتاتورية التي لا تزال قائمة بتونس رغم نبذ نظام الدكتاتورية بها. فكيف تبقى منظومتها القانونية؟

وذا يفرض قوله والتذكير به ما حدث ويحدث على الأرض التونسية وحدودها من معاناة لبعض من له حق الضيافة والزيارة، مع الأمن وحفظ النفس طبعا من أي ظروف تنتهك حرمة كرامته وجسده، مؤدية إلى هلاكه؛ ففي ذلك هلاك أخلاقيتنا وأس إيماننا الإسلامي الذي يعلو كل الاعتبارات السياسية والخيارات الأيديلوجية. ومن هذه بالطبع تلك التي تفرضها الإكراهات الآنية الجيوسياسية إذ فيها العار الذي لا يقبل به المسلم الحق، باسم دينه، إيمان الحقوق والحريات، وإلا نافق فيه فكان ممن يسلم ولكن لا يدخل الإيمان الصحيح قلبه ولبّه.

ما يحدث ببلادنا من مآسي ما يُنعت بالهجرة غير النظامية، سواء طالت مواطنين تونسيين أو مهاجرين من بلدان أخرى جار عليهم الدهر فهاجروا ابتغاء حياة أفضل،  ما لهو ممّا وجب الكلام فيه لرفضه؛ وليس هذا طبعا من باب التنديد الكاذب أوالتشهير المنافق، كما يفعل للأسف من همه المغالطة وطمس الحقائق لتصفية حسابات حتى وإن كان على حساب الوطنية وأخلاق الصدق والنزاهة في القول والفعل، بل للتذكير والدعوة للعودة للأخلاق الإسلامية السمحة وما ينفع المؤمنين من أفضل مكارمها، ألا وهي في مد يد العون والمساعدة لكل من ظلمه زمنه، بله ناسه وأهله، وابتغى وجه ربّه ومعونة من صدق في إيمانه به والتعلق بصحيح ما في دينه من الجابر لكل عثرات الحياة  لمن جارت عليه. فذلك هو كسب الإسلامي وصفة المؤمن الكريم فيه، الذي واجبه دوما تثمين الحق في الحياة والمساعدة على الحفاظ عليها دون التنصل من مسؤولياته القانونية والأخلاقية.    

وبما أن حرية التنقل البشري هي لب المشاكل الحالية التي أدت وتؤدي إلى الموت غرقا بالبحر المتوسط أو حرقا تحت أشعة الشمس الملتهبة على الحدود التونسية الليبية، فمن المتأكد ألا تتردد الديلومسية التونسية أكثر في المطالبة باعتماد تأشيرة التنقل في العلاقات بين دول الشمال، وهي فاحشة الثراء، والجنوب وهي شديدة الفقر، رغم ما في أراضيها من كنوز منهوبة. فالسبب الأول والأخير لما يحدث من مآسي جراء في مواصلة العمل اليوم بالتأشيرة الحالية الظالمة، فهي تفرض على سلطها مكافحة محاولات الهجرة غير النظامية بما فيها من تداعيات مؤسفة ورغم انتهاكها لسيادة البلدان، ومنه بلدنا وكرامة شعبه والمسّ بحرياته.