Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 5 mai 2023

Soffisme : Néosoufisme, stoïcisme i-slamique 2

 

من الصوفية إلى الصفّية، 

إسلام أهل الصفّة، الصوفية المحدثة، 

رواقية إ-سلامية   



لئن اشتهر الفهم الصحيح للدين الإسلامي بمسمّى التصوّف والصوفية، فالأجدر اليوم العودة به  إلى أفضل مسمّى للمسلمين الصادقين النزهاء وقد ظهر في بداية الدعوة وتأكد مع الهجرة إلى المدينة، ألا وهو مسمّى الصوفية، أي أهل الصفّة، أو الصفة الصحيحة للإسلام  (بدون شدة على الفاء، أي الصفة الأصحّ للإسلام)، وهم فقراء المهاجرين الذين كان مأواهم صفة مسجد صاحب الدعوة، وبالذات صفّة المسجد بيثرب أو المدينة حيث كان يأوى فقراء المسلمين الأوائل من المهاجرين وغيرهم إلى مهاجر الرسول. أمّا ما يخص ضرورة مثل هذا العود على البدء، فذلك لتبعثر عقد الإسلام الفريد بين مسمّيات مختلفة، منها التليد، كالشيعة والسنّة والخوارج، ومنها الطارف، وتختزلها الداعشية ومن لف لفها ممن يدّعي الإسلام بينما همه نقض صرحه من أساسه. وهذا الصرح ليس إلا نزعة هذا الدين الإناسية وروحه العلمية في تعاليمه الكونية لصفته كخاتم للأديان التوحيدية. وهي التي ضاعت حتى ممن يأخذ بما سمّي الإسلام الوسطي أو دين أهل السنّة والجماعة.      

وأمّا العودة إلى مسمّى الصوفية، أو بالأحرى الصفّية، إحياء للنسبة التي تم للأسف تناسيها، فذلك لأخذ هؤلاء بروح الإسلام على صحّة في مقاصد إيمانه الكوني الأنسي، ما لم يأخذ به إلا القليل ممن اشتهر بهذا الإيمان عالي الكعب، ناهيك غيرهم ممن تكلم فيه وعنه، مرجحين عديد الأسباب في ذلك. ولا شك أن من أهمّ هذه التعاريف التي بارت الاعتقاد بانحدار مسمّي أهل الصفة والصفّة  من الصوف، فقالوا هي صوفية لما اشتهر به أهلها من لبس الصوف. وليس ذا طبعا لا صحيحا ولا مقنعا خاصة، إذ لم يلبس المتوصّفة الصوف إلا لفقرهم، إذ كانوا من فقراء أوائل المسلمين؛ على أن كل فقير في الإسلام لم يكن متصوفا بالضرورة. ثمّ إنها من نشاز التسميات إذ تسم الصوفي بما لا يعتدّ به، أي كل لبوس أيا كان، بما أنه لا يعتدّ إلا بالخرقة ويفتخر به وبركزيتها. ففي أفضل الحالات، لباس الصوفي -أو الصفّي إذن- هي الأسمال بما أن هواه في العري حتّى يكون كما خلقه ربّه عاريا أمامه وأمام خلقه. وبما أنّ هذا ممّا لا مجال إليه في المجتمعات التي يعيش فيها، فهو يكتفي بميزته، وهي الخرقة، إضافة إلى الصفّة التي انتسب إليها وإلى أهلها، والصفة أي الإسلام الأصيل الذي يومن به ويحي روحه. 

ولا شك أن ما عرفناه من تبرم المتصوّفة بالعادات والأخلاقيات المجتمعية وركونهم إلى الوحدة واعتزال الناس إلا عند الضرورة القصوى، لأجل وعظ وإرشاد أو امتهان كلمة السواء والسعي لإنارة الأذهان، جعلهم لا يعيرون أي اهتمام لكيفية تسميتهم من طرف غيرهم واكتفوا بتعريف أنفسهم بينهم. وقد خيرّ غالبيتهم أن يعرُفوا بأنهم أهل الصفاء، وأنهم من أهل الصفّة والصفة. لهذا، بيّنت واقترحت، في آخر كتبي الصادر هذه الأيام بعنوان «فلسفة السياسة الصوفية»، تفضيل تعبير الصفّية على الصوفية، مقترحا اعتماد هذه التسمية عوض الأخرى لما ران على التصوّف من عديد التصوفات التي شوهته وانحازت به عن فلسفته الأصلية الأصيلة. بذلك يكون تعبير الصفية كصوفية محدثة Néosoufisme فيه وبه التفريق بين روح الصوفية الأصيل وما عهدناه هذه الأيام خاصة من تمييع لها من أهل الطرائق وأصحاب الخوراق والشعوذة باسم الدين زاعمين ذلك من روح التصوف وروحه بينما لا يمت بهما بتاتا.

بذلك، وبعد مرور التصوف منذ ظهوره إلى يوم الناس هذا بمراحل عدّة، يصل اليوم إلى مرحلة جديدة من نمّوه المستدام كفكر حي وفلسفة إيمانية لها مستقبلها كما كان لها ماضيها الزاخر، وهي مرحلة الصوفّية المحدثة بعد مراحل تاريخية نختزلها كما يلي: مرحلة البداية، وهي زهد وورع كلها طيلة القرنين الأولين للهجرة؛ ثم، في القرنين الثالث والرابع للهجرة، مرحلة التدوين والتنظير باستنباط المصطلحات والمفاهيم المميّزة لمعرفة تسمّت لا فحسب بعلم التصوف، بل أيضا علم القلوب والباطن والأحوال والمقامات والسلوك والمكاشفة، وغيرها من التسميات. بعدها أتت مرحلة الترشّد والاستيعاب خلال القرون الهجرية من الخامس إلى السابع، فيها أتى الاعتراف بالتصوّف رسميا من لدن أهل الإسلام السنّي الغالب بفضل حجة الإسلام الغزالي بعد أن خاض بنفسه التجربة الذوقية وأقرّ بأنها الأفضل لسلوك المحجة الربّانية. أخيرا، بداية من القرن الثامن إلى يومنا، تلت مرحلة التحولات والتمظهرات الشعبية المختلفة، وبالأخص الطرقية منها. فبعد نضوب المعين الفكري في القرنين الأولين من هذه المرحلة باكتفاء  المتصوفة، كغيرهم من علماء الإسلام، بشرح كتب من سبق من السلف وشرح الحواشي بل وشرح الشروح، عرف الصوفية منذ داية القرن العاشر ظاهرة الطرقية. وقد كانت في البداية رياضيات ومجاهدات ومناهج تزكوية لمجموعات لكل واحدة نظامها ومميزاتها تمارسها في زوايا وأماكن تنسب لصاحب الطريقة. ولئن بدت هذه الزوايا كمراكز ثقافية عالمة تلقينية لعلوم الدين من زاويته الصوفية، فقد تسللت إليها من بعد العديد من ضروب المخرقة والشعبذة، فإذا صدق نوايا السلف يضيع مع سوء فهم الخلف وفساد التصرفات.                            

لذا التصوف اليوم على مشارف مرحلة متجددة تبدأ بالمرور من المسمّى المتعارف عليه بالصوفية، أى إسلام أهل الصفّة والصفة إلى المسمّى المنسي رغم معرفة الناس به، ألا وهو الصفّية نسبة إلى صفّة مسجد رسول الإسلام بالمدينة. ولعلهم هؤلاء أول من عرف في الوقت ذاته بالصلابة في مبادئه مع رزانة التصرف التي أتتهم من وضعهم المهمش في المجتمع، فللصفي من شدة العزم ورباطة الجأش ما لأحد ممن اعتنق الدين الجديد. لذا، أقول أن الصفية، أو الصوفية المحدثة، لهي الرواقية الإ-سلام Stoïcisme i-slamique. فكما تنسب الرواقية إلى الرواق الذي كان يجتمع فيه أتباع زينون وفلسفته القائلة بأن كل شيء في الطبيعة إنما يقع بالعقل الكلي ويقبل مفاعيل القدر طوعا، فإسلام الصفية نسبة إلى صفة المسجد الذي أظلهم، وهي فلسفة هذا الدين وإيمانه الأنسي في علمية تعاليمه وعالميّتها. 

أمّا ماهية هذه الصفية كصوفية محدثة فهي تبقى الصفة الصحيحة للإسلام في إيمانه الروحاني لكن أساسا كما أتي به القرآن المكي وأيضا كما تؤكده سنّة صاحب الرسالة طالما أكّدت ووافقت لا حرف الفرقان فحسب بل ومقاصد إيمانه دون الميل بها عن مغزاها الإناسي وروحها كمعرفة وفلسفة لثقافة إيمانية لا تقزمها شعائرية إسلامية هي درجة دنيا للإيمان التوحيدي في دين العدل. وهذا بدون شك من الإسلام ما بعد الحداثي الذي أدعو إليه، أي إسلام السلام المادي والروحي، ما أكتبه إ-سلام (بمطة بين الألف والسين) تمييزا له مع ما تعارفنا عليه من التراث الديني؛ فهو التجذر الحيوي في دين إناسي علمي التعاليم عالميها عزف للأسف أهله عن مبادئه الصحيحة التي تقتضي الأخذ بمقاصد إيمانه للاكتفاء بتأويلات أصحاب المذاهب رغم أنها لم تكن سوى الاجتهاد القابل النقاش والدحض؛ فإذا بالمذاهب، الأربعة الكبرى منها خاصة، تؤسس لإكليروس إسلامي فتعيد إقامة الأصنام المعونية على هيئة كنيسة ومرجعية لاهوتية. وليست الصوفية  المحدثة إلى العودة إلى أصلها كتأويل لروح شرف الإيمان fair-pray.