Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 5 novembre 2021

Une martyrologie tunisienne 8

 
بعد مرور مائة يوم من 25 جويلية،
كيف نحقّق سيادة الشعب  المهدورة؟  


لقد سبق منّا بيان أنّ 25 جويلية في رأينا كان بالإمكان أن يكون بحقّ ردّة فعل الشعب على الانقلاب السياسي الذي تم باسمه في 14 جانفي 2011 تحت مسمّي الثورة؛ وقد نعتناه لذلك بالانقلاب الشعبي coup du peuple؛ لهذا رحّب عموم الشعب بهذا بالانقلاب الجديد باسمه كارتداد لانقلاب 2011 contrecoup du peuple، على أن يحقّق ما لم يحققه الانقلاب الشعبي المزعوم الأول، أي إبطال قوانين الدكتاتورية المخزية، التي تظلمه يوميا، وإرساء لا دولة القانون فقط، بقوانين عادلة للجميع وحريات فردية لا تستثني أحدا، بل وأيضا مجتمع القانون. لقد كان أمل الشعب كبيرا في ذلك نظرا لما يتّسم به الرئيس قيس سعيّد من نزاهة وخاصة ما لم ينفك عن ترديده من أنّ همّه لهو تحقيق سيادة الشعب. ولكن ها نحن، بعد مائة يوم من الارتداد المزعوم للانقلاب الشعبي، ودار لقمان أي الدكتاتورية على حالها، إذ تتحكّم قوانينها الفاجرة في رقاب الناس! فماذا فعل الرئيس سوى ترديد شعار ليس هو إلا كاذبا طالما لم يؤدّي إلى فعل حقيقي أصبح ميؤوس منه؟
إنّ الرئيس، الذي يردّد يوميا قناعاته بأن الشعب هو الذي يريد في تونس، ورغم عدم جهله بأن سيادته مهدورة بالنظام التشريعي القائم، لم يتصرّف  بخلاف ما فعل أسلافه، أي اللجوء إلى مجرّد الشعار الكاذب مع إبقاء النصوص الباطلة شرعيا ومشروعيا على حالها وهي التي بها تتجسّد الدكتاتورية في أفسد مظاهرها. فهو لم يتكلم ولا يتكلم منذ مائة يوم ولو مرّة واحدة عن هذه القوانين المخزية الباطلة وكأنه نسي مضرتها إذ هي منبع الفساد الأول في البلاد الذي يدّعي إصلاحه. وها هو، كمن سبقه، يدعو إلى حوار، أي تمييع قضية حقوق الشعب وحرياته المشروعة في شبه شورى كالتي ادعى تحقيقها قبله أهل الإسلام السياسي منافقين لا ساعين لخدمة الشعب، بل مجرد المماطلة للبقاء في الحكم والتمعّش منه. أيكون هذا أيضا مبتغى قيس سعيّد وقد عُرف بازدائه لكل مظاهر الحكم الكاذبة؟ فلئن كان صادقا حقّا في خدمة الشعب، هلا بدأ بإبطال، أو على الأقل تجميد، النصوص القانونية التي قام ويقوم عليها الظلم المستشري في البلاد فيستردّ الشعب حقوقه؟
نعم، لعل نيّته صادقة لكن صعب الأمر عليه، بل واستحال نظرا لأن تصرّفه  داخل البلاد غير حرّ تماما بما أننا نراه نراه رهينة لوبّي من اللوبيات الكثيرة بتونس، إلا أنها الأقوى والأخطر، إذ هي في خدمة دوام القوانين الفاحشة بما أنّها تدّعي وجوبيّتها لضمان بقاء الدولة، بينها هي لا تضمن إلا بقاء الامتيازات لأعالي القوم ممن لم ينفك من استغلال الشعب منذ القديم. هذا لا يبعد عن الحقيقة، لا محالة، إذ رأينا، بعد انقضاء المائة يوم منذ الارتداد المزعوم للانقلاب الشعبي، وبما أننا لا نشك في نزاهة الرئيس قيس سعيّد، رأينا أنه غير حرّ في تصرّفاته وأن همّه السعي رغم ذلك للأهم مع البقاء في الحكم على أن يسعى لما نعتقده نحن الأهمّ وما يفرضه القانون والأخلاق، أي إبطال ما فحش من قوانين في البلاد، وذلك باسم الواقعية وتفضيلا لتحقيق الأقل في انتظار البقية، كما يفعل الرئيس انطلاقا من مبدأ أنّ هذا ليس إهمالا بل إرجاء، حسب المقولة الفقهية الشهيرة. لعلّ هذا التوجّه هو الفهم الأصح للواقع دون أي ظلم لقيس سعيد أو شكّ في صدق سريرته في اعتقاده وخدمته لسيادة الشعب.
رغم ذلك، نحن لا نقبل به! فلو كان هذا التعليل صحيحا على المستوى الداخلي، هلاّ سعى الرئيس على الأقل على استعادة حريته على المستوى الخارجي لتحقيق سيادة الشعب بمبادرات دعوته مرارا إلى اتخاذها فتكون بمثابة العوض المتحتّم، على صعيد العلاقات الخارجية، عن التلكؤ في ما لا يستطيع فعله داخل البلاد، خاصة وأن بإمكانه فرض هذا التمشّي خارجيا على اللوبي الذي يمنعه من التصرف بحرية داخليا!
مثال ذلك ما أدعو الدبلوماسية التونسية لتبنّيه عاجلا من المطالبة بتعويض التأشيرة الحالية بتأشيرة تنقّل تمكّن التونسي من حق التنقل بحرية طيلة سنة مع حق الإقامة لمدّة لا تتجاوز ثلاثة أشهر قبل مغادرة البلاد المعنية للعودة إليها إن شاء وذلك تفاديا لسقوط الحق في هذه التأشيرة التي بذلك يمكن تمديدها بصفة آلية عند انقضاء صلوحيتها. تكون هذه المطالبة باسم سيادة الشعب والدولة مقابل الاستمرار في مراقبة الحدود المطلوب حاليا من بلادنا ورفع بصمات التونسيين من طرف الأجانب. ولا شك أن البلاد الأوربية خاصة، وهي موقع التمكرز الأهم للجالية التونسية المتغربة، لا يمكنها رفض مثل هذا الطلب إذا تجرأ دبلوماسيونا على ربطه بمقتضيات القانون الدولي والمنطق والأخلاق مع الإلماع إلى إمكانية التوقف عن المساعدة الهامّة التي تقدمها اليوم للسلط الأمنية الأجنبية في مراقبة الحدود ومقاومة الهجرة السرية أيضا لوضح الحد للتنازل بلا أي مقابل اليوم عن جزء من سيادتها، ما يختزله بالأخص السماح للدول الأجنبية برفع بصمات مواطنيها على أرضها، وفي هذا أفظع الخرق لها وللقانون الدولي.
كذلك من صالح الدبلوماسية التونسية، وهي من اختصاصات الرئيس قيس سعيد، انتهاز فرصة تأجيل القمة الفركوفونية بعام للدعوة لما لا أنفك عن المطالبة به أي إقرار التأشيرة السابقة الذكر على المستوى الفركفوني، وذلك على الأقل بين الدول الديمقراطية منها أو في حالة انتقال ديمقواطي مثل تونس. أليس في ذلك، إضافة لخدمة كرامة التونسي بضمان حريته في التنقل وتحية لتعلقه بالفرنسية، التدعيم الأفضل للديمقراطية بالبلاد المتكلمة بالفرنسية، وهي من أهم ما تسعى إليه المنظمة العالمية للفرنكفونية؟ بذلك لا يكون هذا السعي ممجرّد الادعاء أو ذر الرماد في الأعين، بل واقعا ملموسا ومحسوسا.
بهذا، وفي انتظار حتمية إبطال القوانين المخزية بالبلاد، يصحّ الاعتقاد في حسن نيّة قيس سعيّد في خدمة سيادة الشعب وفي أن ما قام به في الخامس والعشرين من جويليلة لم يكن انقلابا سياسيا جديدا مثل المسّمى جزافا ثورة، بل التحقيق الفعلي والمرحل لما كان من شأنه أن يكون انقلابا شعبيا سنة 2011 لولا كذب من صعد عندها إلى سدة الحكم ونفاقه وشجعه في التحكّم في الناس بقوانين سهّلت له ذلك رغم بطلانها وظلمها لهم.