Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 13 novembre 2020

Virtuel islam 5

ما يقوله التونسيّون لراشد الغنّوشي الخرّيجي قبل الغروب


لكلّ نجم في السماء بزوغ وغروب دوري لا ينتهي إلاّ بالحدّ الزمني المتاح للعمر البشري؛ ولا شكّ أن نجم راشد الغنوشى أقرب إلى الغروب وهو في سنّ الشيخوخة منه إلى السطوع أكثر ممّا كان، بل وربّما أيضا ممّا أُتيح له أن يكون، ولات بعد ساعة عزوف عن المحاولة! فقد بيّنت له سبيل النجاح في رسائل علنيّة عدّة ذكّرت بها في كتابي «الفتوحات التونسية. ما بعد الحداثة الإسلامية»، الصادر بتونس نهاية سنة 2017 عن دار«تبر الزمان»؛ فليعد إليها! همّنا اليوم حالة البلاد التعيسة على وقع ما يعيشه حزب النهضة، الذي يدّعي المرجعيّة الإسلاميّة، من أزمة هي كالحرب الحامية الوطيس، لا فقط بين بناته وأبنائه الذين تربطهم أواصر النشاط السياسي والأيديولوجي، بل خاصة بين من يدّعي تمثيل الإسلام والمنافحة عنه باسم عملية ابتزاز تُسمّى السياسة غير الأخلاقية. فقد اعترف أخيرا زعيم الحزب ورئيس البرلمان أنّ السياسة عنده ليست الأخلاق، ممضيا بالتالي انسلاخه عن المرجعية الإسلامية التي فيها كل شيء أخلاق بما فيها السياسة، فهي أخلاق أو لا تكون! بذلك فشلت أيّ فشل وفي المهده مزاعم سعي النهضة للديمقراطية بتونس حيث أصبحت مجرّد تدجين للشعب باسم أغلبية ليست هي إلا خدعة سياسوية حسب نظام انتخابي على المقاس ومشاركة شعبية ضئيلة ليست فيها الأغلبية إلا لأقلّية ببلاد لا تشارك أغلبيّتها في الانتخابات.
إنّه، في أفضل الحالات، لا ديمقراطية اليوم إلا تشاركية démocratie participative، أي ما يفترض حقّ القرار للمجتمع المدني والجمعيات الناشطة به حقّا للصالح العام، لا ما تُفرزه الأحزاب من أذناب لها. فهل صوتت حقا لحزب النهضة ومن يسانده أغلبية الشعب التونسي في الانتخابات التشريعية السابقة، ما مكّنه من مواصلة العبث بمصالح الشعب، بل وممّا هو أفحش لكونه ينشط باسم مرجعية دينية زائفة، بينما الإسلام براء من قراءته المتزمّتة له؟
الملاحظ المحايد والباحث النزيه اليوم في العلم السياسي العالمي يعرّف الديمقراطية، حسب ما آلت إليه في الغرب، بأنّها ديمقراطية المدجنة démocratie d'élevage . ذلك لأنه  ليس دور العملية الانتخابية إلا تدجين بعض الشعب، أي من له حقّ الانتخاب، لأجل مصالح أقلية من قرصان السياسة وجنّها في ما أسمّيه ديمومقراطية daimoncratie ، أي حكم جنّ السياسة، هؤلاء المدّعين التفرّغ للسياسة أو الاختصاص فيها. أمّا المختصّون السياسيون الحقيقيون، من درس العلم السياسي فخبر فيه، يرى ضرورة المرور بالديمقراطية إلى الديملوكية démoarchie، وذلك يعني سلطة الشعب، حتّى لا تكون الديمقراطية ما هي عليه اليوم في بلداننا المتخلفة، لا يسهر ساستها إلا على تقليد ما فسد في الغرب، فإذا نحن حيال ديمقراطية متوحشة   démocratie sauvage.  لذا، حسب رأيهم، إذا أردنا حقّا تنمية التعددية في البلاد المتخلفة سياسيا، من المتحتّم ألاّ نكتفي باستيراد السلعة الديمقراطية على حالها، بما أنها كسدت في بلدها بل بارت وفسدت، بل ابتداع ديموقراطية جديدة تعتمد بحقّ على سلطة الشعب، مختزلة خاصياته. تلك هي ما بعد الديموقراطية postdémocratie التي يفرضها زمننا الراهن، وهو ما بعد الحداثة postmodernité ، فيتوجّب على ساستنا العمل على ترسيخها ببلداننا النامية. هذا ما يحتّمه أيضا اتجاه التاريخ ومصلحة الشعب بتونس وسائر بقية بلاد المغرب العربي الأمازيغي والعالم العربي الإسلامي إذ هو اليوم لا يزال يعاني من تسلّط الامبريالية. إلاّ أنها أعتى وأخطر من سابقتها، لأنّها ثقافية واقتصادية من ناحية، سلاحها رأسمالية متوحشة، و من ناحية أخرى تعتمد على إسلام متزمّت وساسة لا عقل لهم إلا العقل الغربي أو الشرقي وقد تهافتا، لأن العقل اليوم حسّي أو حساس raison sensible. معنى هذا أنّه لا بدّ من الآن فصاعدا اعتماد سياسة أخلاقية، هي الأخلق السياسي poléthique، لتخرجنا من المأزق الذي نحن فيه فتوجّهنا إلي السبيل السوي، سبيل كلمة السواء، التي هي إناسة تمامية humanisme intégral  في الميدان السياسي والروحانيات spiritualité في الميدان الديني. ولا شك أنّ هذا ممّا تزخر به عادات شعوبنا وتقاليدها الإسلامية، بما فيها الشعب التونسي الذي أحبّه فرحات حشاد، والذي أعيش وسطه مدوّنا نبضاته.
فما يقوله اليوم هذا الشعب للزعيم الحالي لحزب النهضة مع الاقتراب المتحتّم لأفول نجمه؟ فقد جرّب حكم النهضة فتجرع مرّه وقراحه، فكان في مرارة العلقم المتسربل بقميص ديمقراطية  فاسدة. إنّه يوجه لراشد الخريجي الغنوشي بعض القول الصادق في قالب نظرة مجرّب فطن؛ فما من شكّ أنّ خير قادة البلاد فيه الخير العميم لجماهيرها، والعكس أيضا، إذ الشعب واحد ولا تفريق بين مصالحه في سدّة الحكم وقاعدته الشعبية الواسعة إلا ممّن في نفسه مرض.
يقول المواطن التونسي لرئيس مجلس نوابه الراهن: عليك بالحذر كل الحذر من نفسك وقد ربطت مصيرها بتجّار السياسة والدين، فهم فصيلة واحدة تسعى لمصالح جن من الساسة ومن أهل المال، همّها الأوحد الحكم ولا شي غير الحكم والمصالح المادية في هذه الدنيا الزائفة، لا غير. إنّ من يقحم الإسلام في السياسة لا بدّ له أن يعتمد على الأساس الأخلاقي للدين لفرضه على الساسة، لا أن يفرغ الدين من لبّ لبابه، أي ما فيه من أخلاق ومباديء سامية، وذلك لأخذه بما تفرضه السياسة العقيمة من كذبٍ ومخاتلةٍ. بذلك، ليست هي سياسة فهيمة politique compréhensive ، ولا خير فيها بالتالي ولا منفعة. نعم، لا مانع من الكلام في الدين وبالدين سياسيا، غير أنّ ذلك لا يكون إلاّ من زاوية الأخلاق الإسلامية، وأولها العدل وكلمة الحق ولو على النفس. فإمّا الإسلام السياسي يأخذ بكل ما ثبت من قيمٍ في الحضارات العالمية لأنها في الإسلام، فيكون بحقّ ديمقراطية إسلامية démocratie islamique كما هو الحال مع الديمقراطيات المسيحية démocraties chrétiennes، وإمّا أنّه لا يكون إلا مفسدة للسياسة وللدين لانعدام مثل تلك الأخلاق.
إنّ العدل الإسلامي لهو في إعطاء كل الناس، أي المواطنين هنا، حقوقهم كاملة، إذ لا ميزة لأحد على أحد إلاّ بالتقوى، وهي اليوم في كف اليد واللسان عن الغير، خاصة الآخر المختلف، كل مختلف؛ بل ومخالف، بما في ذلك المختلف والمخالف في دينه وسلوكه وعاداته وميولاته، حتى الجنسية، ما دام هذا الشخص يحترم حرية غيره. هذا من الإسلام السياسي بحق! فالإسلام دين الحريات تامّة غير منقوصة، ليس فيه أي إثم لا يُغفر إلا الإشراك بالله، أمّا سائر الأخطاء البشرية فهي مجرّد ذنوب، يعنى أنّ التكفير فيها ممكن وأنّ العفو من الله مضمون عند التوبة. لهذا يحثّ الله على الاجتهاد حتّى عند الخطأ الذي يثيبه إذا كانت النية حسنة. هذا، ولا ذنب في أن يعيش المؤمن حسب ميولاته وقناعاته؛ بل من الواجب ذلك حتى يكون بحقٍّ صادقًا صدوقا مع نفسه وغيره، فيعيش كما هو وكما خلقه ربّه بحسناته وسيئاته. فلا مانع من تواجد السيئات عند المسلم الذي خُلق ناقصًا لتزكية نفسه عند الاقتناع بما فسد فيه فيحرص على إصلاحه على هدي دينه ومكاوم الأخلاق التي جاء رسوله متمّمًا لها. فهذه هي الدنيا، محنة وتجرية، وهو من الواجب ما دام الذي يُعتبر عيبًا في ابن آدم لا يخصّ إلا الفرد دون أي إضرار فيه بالغير؛ وتلك مقتضيات العيش المشترك. هذا هو الإسلام الصحيح الذي يتاجر به كل حاكم منتهية صلوحية حكمه آجلا أم آجلا بلا أثر في الذاكرة ؤلا ما يسوء والذي من التعاسة لضميره العناد في مواصلة الاتجار بالدين تجارة سياسية بخسة كاذبة. وقد عرف التونسي هؤلاء وعرك تصرفاتهم المخادعة اللاأخلاقية، وقاسى الأمرّين ولا يزال يقاسي إلى اليوم من سوء تصرفاتهم وأضرارها لا بالدين فقط، بل بالبلاد وأهلها طرّا.
فهاهم شباب تونس في متاهات الإجرام والإرهاب بعد أن غرّر به من مارس الإرهاب الذهني، ولا يزال ! فالشباب المسلم، شأنه في ذلك شأن شباب كل العالم، إذا مُنع من حقه المشروع في الحياة والتطلع للأفضل، يفتكّ حقه هذا بأي وسيلة وإن كانت أفظعها؛ ولا شك أن أسهلها اليوم عند البعض منه هي التي يعرضها عليه بسخاء تجّار الموت والدمار جاعلين منه دينا. فلينتبه قادة الشعب في ساعة الحقيقة هذه وليتعظ بما مرّ لهم من التجربة وليعملوا على احترام الدين بسياسة أخلاقية نزيهة تكون متذجرة في تراثه التليد لكن حيويا بانفتاحها على فتوحات العالم؛ وذلك هو التجذر الحيوي enracinement dynamique الذي كرسه الإسلام المغربي الأمازيغي الصوفي خير تكريس وتقمّصه خير تقمّص. هذا هو الإسلام الصحيح بتونس وبغيرها من بلاد العرب، وهي أخلاق الإسلام الصوفي !
فليكن الوضع الحالي بتونس والأزمة التي تهزّ الحزب الإسلامي بهاالفرصة السانحة لقادتهما للانتفاع بالدرس السياسي لما حدث ويحدث بالبلاد وهو في الحرص ألاّ يتمسّك بسدّة الحكم إلاّ من هو أبعد عن الاتجار بالدّين والسياسة ممّن له الاستعداد الأوفر والأصدق لاحترام دين إناسي التعاليم كان حداثة قبل أوانها   rétromodernité بتعاطيه سياسة أخلاقية، هي الأخلق السياسي عالي الكعب poléthique، تكون المرجعيّة الدينيّة فيها الصفوة الإسلاميّة، لا قراءة متزّمتة دعيّة على الإسلام إذ ليس فيها إلا ما رسب في هذا الدّين من إسرائيليات على مرّ الأزمنة.