Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 27 novembre 2020

NOESI-S : Nouvel Esprit I-slamique 2


أدلّة حلّية زواج المسلمة من غير المسلم (2)




بيّنا في حديث الجمعة السابق أنّ زواج المسلمة من غير المسلم حقّ ثابت في الإسلام اليوم وأنّ تحريمه كان من الإسرائيليات التي داخلت الفقه الإسلامي فشوّهت الدين ومسخت سماحته. ونبيّن اليوم أدّلة حلّية هذا الزواج، إذ هو من حقوق البشر وحرياته التي أتى خاتم الأديان بدعمها، لا كما تُجمع عليه كتب الفقه الحالي الذي بار ويجب تجديده في العديد من المسائل، ومنها تقريره في أنّ المرأة المسلمة يحرم عليها الزواج بغير المسلم إجماعاً. فما مستند هذا الإجماع الذي انتهت صلوحيته، وما علّته الواهية التي لا تعبّر عن إناسة الإسلام في شيء بل عن تهافت العقل البشري حين لا يتجاوز نقصه بالأخذ بمقاصد الإيمان التي تختزل الحكمة الإلهية السنيّة؟
يقول الفقه، الذي وجب نعته اليوم بالقديم المتقادم، أنّ الإسلام إذا أباح زواج المسلم من الكتابية في الآية 5 من سورة المائدة، حيث أحلّ للرجال العقد على المحصنات من اليهود والنصارى، فقد حرّم زواج المسلمة من غير المسلم - بما فيهم أهل الكتاب - ببضعة أدلة، منها الآية 221 من سورة البقرة:{وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}. لقد فهم السلف هذه الآية أنّها عامّة، صالحة لكل زمان ومكان؛ ونقول نحن، كما سيقول حتما الفقه الجديد الذي يتوجّب على المسلمين استنباطه، أنّ الله ليس بالظالم فيميّز المسلم عن المسلمة بينما لا فرق بينهما إلا بالتقوى. لذا، فلئن أباح الله زواج المسلم من الكتابية وحرّم زواج المسلمة من غير المسلم في ذلك العهد، فلحكمة لا تغيب عن ذي عقل وحسن نيّة، وهي هذه الظروف التي أحاطت بالتنزيل فكانت تقتضي الحفاظ على الدين الجديد في بداية نشأته. أمّا وقد تغيّرت الآن الظروف وأصبح الإسلام مكينا في القلوب، فهذا الحكم يُترك جانبا لأنّ في تطبيقه اليوم إجحاف وظلم، مثل تطبيق حكم قطع اليد مثلا. فما حتّم التنزيل في المنع لهي أسباب لم تعد قائمة، وبالتالي انتفاء السبب يقضي بعدم تفعيل الحكم، إذ هو حيني لا أزلي كالعديد غيره، خاصة وأنه يتعلّق بالمعاملات لا العبادات. هذا ما تفرضه مقاصد الشريعة، لأنّ المسلم هنا، إذا تشبثت بحرف النص وترك روحه العادلة والصالحة لكل البشر، يكون بذلك قد نفى عن دينه صفتة كخاتم الأديان الصالح لكل زمان ومكان. كما أنه ينفي عدالة الله بسحبه عليه اعتقاده البشري الناقص ضرورةً؛ فلا مجال له لمعرفة كنه الحكمة اللدنية بعض المعرفة إلا بالحرص على احترام مقاصدها، ومنها العدل المطلق أساسا بين كل المؤمنين لا فرق بينهم إلا بالكسب التقيّ وحسن النيّة.       
وفي اعتقاد من يقول بحرمة زواج المسلمة من غير المسلم، وأنّ إباحة زواج المسلم من الكتابية لا يسمح بالعكس، أي زواج الكتابي بالمسلمة، سحب  ما ثبت عند اليهود
في الإسلام، إذ لا خلاف في وجود الحرص في الدين اليهودي على زواج اليهودية من أهل دينها بحجة الحفاظ على صفة شعب الله المختار المزعومة في اليهودية. هذا تمثّل في رأي فقهاء الإسلام في قيل أنه لا ولاية لغير المسلم على المسلمة؛ بذلك نسوا أ تناسوا أنّه، في الإسلام الصحيح، لا ولاية على أحد، مسلم أو مسلمة، إلا من الله. ثمّ هم رغم عدم إنكارهم أنّ الإسلام يعترف بجميع الأديان السماوية لكونها كلّها من أصل واحد، لا يأخذون بما يفرضه المنطق، وهو القبول بزواج الكتابي بالمسلمة لتعلّة أنه لا يعترف ضرورة بالإسلام، وفي هذا إجحاف وأخذ بالظنّة لا يقبل به دين القيّمة سواء لغير المسلم أو للمسلمة بدعوى ضعفها في الحفاظ على دينها. فكيف القول بأنه لا ضرر من المسلم على زوجته إن كانت كتابية، بينما هناك مخاطرة في زواج المرأة المسلمة من رجل غير مسلم لا يعترف بدينها؟ أليس هذا من المركّبات الرجولية التي لا بدّ من تنزيه الله منها، كالقول بأنّ الرجل أقوى من المرأة وأقدر على التحكم في عواطفه، وأن تأثيره على المرأة أكثر من تأثيرها عليه، وهو أحرص على دينه من حرصها على دينها؟ ثم أليس في هذا الموقف الدعوة الخفيّة لعلوية الإسلام على بقية الأديان، ما ينقض منطوق الآية 285 من سورة البقرة وسماحة الإسلام؟ ألسنا بذلك ندخل في هذا الدين المتفتّح على كل إيمانٍ صادقٍ في غير الإسلام عقدة شعب الله المختار؟       
أمّا الاستدلال، انطلاقا مما سبّق من الذكر الحكيم، بأنّ فيه نهي صريح يفيد التحريم، فهذا منطق لا يصلح إلا في ذاك الزمن الذي من المعقول والمقبول فيه إجماع الأمّة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه لما فيه من «الغضاضة على الإسلام» كما يقول القرطبي. مع العلم أنّ  المنتصرين لهذا التحديد من صلوحية القرآن لكل زمان ومكان يضيفون ما يعتقدونه دليلا إضافيا في الآية العاشرة من سورة الممتحنة:{فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}. فإنّه من الخور الاعتقاد أن هذه الآية تنفي حق المسلمة أبديا في الزواج من رجل من غير دينها وقد مرّعهد الكفّار بقيام دولة الإسلام في محيط بشري فيه الإيمان مختلف حسب الأديان، فلا كافر ولا مسلم اليوم بل مؤمن بالله يوحّده أو غير مؤمن وأمره موكل لخالقه، إذ لا إكراه في دين الإسلام الصحيح. فالعبد في الدين القيّم لا يُسلم أمره إلى ربّه إلا لأنه حرّ، له جميع الحقوق والحريات، بما فيها الحق في عدم الاعتقاد في خالقه الذي له وحده حق هدايته قبل موته أو عقابه بعد موته. هذا هو الإسلام الذي أضعناه فجعلنا منه ملّة ظلامية، بل وإجرامية أيضا!     
إنه لمن باب المسخ للدين السافر الاعتقاد بأنّ من مقاصده في نطاق الزواج، هذا الأمر الخصوصي بامتياز، المساهمة في تحقيق السعادة الفردية والسعادة المجتمعية وأنّ هذا الهدف لا يتعارض مع تحريم زواج المسلمة من غير المسلم، وذلك لما في هذا الاعتقاد من تحيّز، بل وظلم في دين ميزته العدل التامّ. فالله، لا محالة، أراد
في الزواج الانسجام بين الزوجين والكفاءة، وهما في الحب والمشاعر؛ فليست هي قضية دين ولا إيمان لأنهما ممّا يكمن في أعماق القلب فلا يهمّان أحدا سوى العبد وخالقه في علاقة مباشرة لا دخل لأحد فيها. لذلك، لا انعدام لأيّ كفاءة في اختلاف دين الزوجين، خاصة في الإسلام الذي يعترف بجميع الأديان، ولا يجعل الإسلام أعلاها، كما يعتقد العديد من المسلمين خطأ، إذ لا علوّ إلاّ في الكسب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهما اليوم ما تقبل به المنظومة الحقوقية البشرية المعترف بها في جميع البلدان المتحضّرة، فالمعروف ما تتعارف عليه الحضارة الإنسانية اليوم والمنكر ما تنكره.
بالتالي، لا بدّ من الكفّ عن الإضرار بدين الإسلام وإخراج تعاليمه من المسائل التي لا تهمّ إلا البشر، بما أنّ أفضل الزواج يقوم على المودّة والرحمة والكفاءة، لا في الدين بل في مكارم الأخلاق، وهي من الإيمان وثقافته، والإيمان أعمّ من الإسلام وشعائره. ولا شكّ أنّ الإيمان الإسلامي الصحيح في الالتزام بما في القرآن المكّي من أحكام روحانية وعدم العمل ضرورةً بالبعض ممّا في القرآن المدني من نصوصٍ تخصّ المعاملات والمسائل الدنيوية. فالمحافظة كل المحافظة على مقصدٍ عظيمٍ من مقاصد الشريعة، ألا وهو التعلّق بالإيمان الصادق النزيه، هذا التشبث بالأخلاق عموما كما أتى بها القرآن المكّي. هذا، وليست النزاعات الزوجية تتفاقم بالضرورة بين المسلمة وزوجها غير المسلم، بل هي في انعدام مكارم الأخلاق تلك؛ فكم رأينا غير مسلم يحييها أكثر من مسلم دعيّ يكتفي بصفته الوراثية ولا يتورع عن الإضرار بدينه! إنّ الحرص الصادق على سلامة الأسر من الهدم والتفكّك يكون اليوم بالكف عن زجّ الدين في الأمور الخصوصية بتطبيق تشريع حيني في تحريم زواج المسلمة من غير المسلم. فهو غدا لا يخدم  الإسلام في شيء بل يسيء إليه كلّ الإساءة في مقصده المتعلّق بحماية الإنسانية من كل خطر وضلال والارتقاء بها مادياً وروحياً نحو سبل الكمال.