Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 7 août 2020

De la politique à la poléthique 5


من أجل أخلقة السياسة: حكومة مسؤولية ومهمّات، لا أحزاب



إن الحزب الوحيد الوطني بتونس حقا، دون التراشق بالألقاب وقد أصبحت السياسة بلا أخلاق، هو حزب تونس، أي الحزب الذي يمثّل الأغلبية الشعبية. وهي ليست في البرلمان، إذ من انتخب النواب قلة قليلة، بل هي الأغلبية الصامتة، من غير المسجلين بالقوائم الانتخابية، ومن بين من لم يصوّت أو شارك بالرفض للقوائم المترشحة بصفة أو بأخرى. وهاهي تصدق حسن رأيه في عدم إعطائها الثقة لتمثيله بما أنّها تدلّل يوميا على عدم جدارتها بذلك، كما برهنت عليه وتبرهن في العديد من المناسبات التي بينت فيها أنها بلا أخلاق.
لذا، من الأفضل على السيد رئيس الحكومة المختار ألا يكتفي بمحاورة الأحزاب، بل يتجه أولا وأساسا نحو المجتمع المدني وخاصة أهل الفكر الحر ممن لا ينتمي إلى أي عصبة من أهل السياسة غير الأخلاقية. فإنه من المحبّذ، بل من المتحتّم، أن ينتهج السيد هشام المشيشي سبيل القطع مع تجليات هذه السياسة عديمة الأخلاق ويتمسك بأخلقة سياسية واضحة المعالم. حتما، يأتي هذا بالنأي عن الأحزاب في تكوين الحكومة فيكون الأعضاء بها أولا وقبل كل شيء ممن يمثل حقا الشعب كله، لا حزبه؛ وذلك لأن من واجبه في هذه الحكومة مسؤولية ومهمّات معيّنة، لا تمثيله لحزبه.
هذا من شأنه أن يعني تواجد شخصيات من أحزاب الساحة السياسة، إلا أنها لا تمثّل إلا شخصها وفكرها في الحكومة وبرنامجها، بدون أية مرجعية حزبية، ولا ترابط مع سياسته أو التزام بها. فليس تواجدها في الحكومة  باسم الحزب ولا ضدّه، بل باسم الشعب وحده. يتمثّل ذا التمشي بتعهّد الوزير بمسؤولية معينة ومهمّة محدّدة المعاليم سلفا، على الأقل في مدّة معيّنة من عمر الحكومة، كأن تكون سنة أو أكثر، يقع عند انقضائها متابعة النتائج الحاصلة وتحيين المسؤولية والمهمّة، مع ضرورة تغيير الوزير إذا فشل في إنجاح ما أنيط بعهدته. بذلك، للسيد المشيشي الإبقاء على البعض من وزراء الحكومة المتخلية إذا رأى في ما قاموا به نجاحا في مهمتهم وحسب توجهات الحكومة الجديدة، على أن يقع تحديد ملامح هذه المهمة والتركيز على أنها مسؤولية تعهّد بمهمّة لا بدّ من التعهّد بالنجاح في تنفيذها.
لهذا، مثلا، من الممكن الإبقاء على وزير الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري والحوكمة لإتمام العمل الذي شرع فيه على أن يقع تحديد وتفصيل المراحل المتبقية والنتائج المنتظرة مع جدولة زمنية وبيان للإجراءات الأهم المتخذة، مثل الفراغ  من قضية الإصلاح الإداري بخصوص تبعات مظالم العهد البائد في نطاق العدالة الانتقالية. مثال ذلك أيضا أن يتعهد وزير الخارجية، سواء طالت وزارته شؤون التونسيين بالخارج أم لا وتعهد  بالدبلوماسية الرقمية أم لا، بالشروع في تغيير نمط الديبلومياسة التونسية في علاقاتها مع الاتحاد الأوربي، خاصة في موضوع تنقل مواطنينا وما يسمّي جزافا بالهجرة غير الشرعية وذلك بالعمل على الخروج من المآسي الحالية التي يعيش على وقعها البحر المتوسط بواسطة عرض الحل الأوحد للمعضلة، والذي فيه الاحترام التام لحقوق التونسيين في حرية التنقل وحق الأوربيين في الأمن، وذلك بإرساء نظام تأشيرة المرور كقاعدة للتنقل عوض نظام التأشيرة الحالي الذي هو السبب في خلق الهجرة السرية. ويمكن قول الشيء نفسه بخصوص حتمية نبذ السياسة الخارجية الحالية التي تكرس تبعية بلادنا لنظام عالمي فاسد لما فيه من جور، وظلم ولا بد من السعي على ترشيده كالعمل على إيجاد التعاطي الجديد الضروري لقضية الديون وضرورة أن تصبح خلاقة للثراء، لا للدائين فقط بل للبلاد، بجعلها كلها أو نسبة منها المطية اللازمة لمشاريع بالبلاد.
أمّا بالنسبة للشأن الداخلي، فلا بد من أن يتعهّد وزير الداخلية والعدل، كل في مجاله، على إبطال القوانين المخزية للعهد البائد التي لا تزال قائمة رغم أنها باطلة، وذلك بتجميد تطبيقها دون انتظار إرساء المحكمة الدستورية؛ كما أن لوزراء الشأن المالي والاجتماعي الحرص على ألا يتغول المنوال الاقتصادي الحالي الآخذ بالتوجه الرأسمالي المتعجرف، حتى إذا لزم الأمر العمل على خصي توحشه. وبما أن توحش رأس المال مرتبط ببلادنا بالتوحش في فهم الدين، فلا بد من السهر على التطبيق الفاعل والفعّال لمبدأ مدنية الدولة الدستوري  بأن تقع حماية الدين بالسهر على ألا يتجاوز ميدانه الأوحدو أي المجال الخاص، وبالتالي إخراجه من المجال العام الذي أفسده ويفسده دون هوادة. ولعل أفضل الوسيلة لذلك هي في الاستغناء عن وزارة الشؤون الدينية والاكتفاء بمصالح المفتي مع ضم أمور الدين إلى الشؤون الثقافة، إذ الدين الإسلامي ليس فقط مجرد شعائر بما أنه أولا وقبل كل شيء ثقافة وفلسفة حياة.                    
إن خلاص البلاد لفي الجرأة على التعاطي المتجدد مع الأمورالحساسة، المسكوت عنها عادة، مثل هذه في السياسة الداخلية والخارجية، وأيضا بالكف عن تقليد ما يجري على مستوى السياسة الحزبية في الديمقراطيات الغربية بالإعراض عن الانتماء الحزبي لأجل تنمية الشعورالأهم في الانتماء للوطن قبل كل شيء. فديننا وشعبنا المتمسك بروحانياته ليفرضان أخلقة سياسية من الممكن إيجادها إذا نجح رئيس الحكومة المكلف على إيجاد وجوه حزبية في حكومته دون تمثيل لحزبهم، كأن يحصل مثلا على موافقة بعض الوزراء السابقين من الناجحين في مهماتهم بالعمل الحكومي باسمهم الخاص، خاصة من الحزب الأوفر عددا بمجلس النواب، كوزير الشؤون المحلية والصحة المقالين لصفتهما الحزبية لا لعملهما الوزاري. بذلك من شأن رئيس الحكومة الحصول على تأييد البرلمان بما أنه يضع عندها الأحزاب أمام مسؤولياتها: إمّا تغليب مصلحة الوطن أو القبول بحل البرلمان نظرا للمس بهذه المصلحة الوطنية التي يضربون بها عرض الحائط ممّا من شأنه أن يجعل الانتخابات السابقة لأوانها وخيمة على هذه الأحزاب.
هذا كلام من باب كلمة السواء التي لا بد منها اليوم، وهي  تقتضي الدقة في الحديث لا الاكتفاء بالشعارات والمطالب الفضفاضة التي يتفق الجميع عليها دون معرفة ما تتضمنه من عمل، كالنداء لتكوين حكومة ذات كفاءات وطنية مضيقة يكون شعارها خدمة الوطن والانحياز إلى قضايا الشعب والأمة، حسب مقولة الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل. فهلا نجحنا في التمسك بالأخلاقة السياسية؟ إنّ الطريق لذلك غير صعبة إذا حرصنا على السير على المنهاج المفصّل في هذا الحديث.