حديث الجمعة: مشروع قانون المساواة في الإرث وإبطال تجريم المثلية المفروض عرضه حالا على البرلمان
تضمّن تقرير هيئة المساواة والحريات الفردية على مشروع قانون جدّ مهم، إلا أنه من المستغرب أن يتم عرضه لجرأته من طرف أهل القرار السياسي لأن همّهم مصالحهم لا إقرار العدل في المجتمع. فهم يدّعون المجتمع محافظا، وهذا غير صحيح إذ ليس المحافظ إلا القانون الذي يمنع حريات الناس، وذلك لصالح الأقلية في الحكم التي همّها قمع الحريات، بما أنها فوق القانون، وذلك للتحكّم في الشعب. لهذا، حتّى لا يقع تحت طائلة القوانين المخزية، يتظاهر الشعب بأنه محافظ، إلا قلّة من المتعجرفين الذين هم في خدمة أهل الحكم، والذين بالتظاهر والعنف بعملون على أن يُعتقد ذلك حال الشعب بأكمله، وليست تلك الحقيقة بتاتا.
هذا، وحتّى إن تم عرض مشروع قانون الهيئة على البرلمان لضغطٍ من المجتمع المدني أو الغرب، فليس من ذلك شأنه تحقيق النقلة الضرورية للتشريع التونسي حالا، بينما التغيير من الضروري المتأكّد، إذ أن وضعية الحريات بالبلاد وصلت إلى حدٍّ من الخزي لا يسمح بالدوام، على الأقل بخصوص بعض المواضيع الحساسة، منها المساواة في الإرث والقبول بالاختلاف الذي تختزله على أفضل صورة قضية إبطال تجريم المثلية التي قيمتها الرمزية كبيرة. لذا، عرض مشروع القانون المقترح من طرف الهيئة برمّته سيكون شأنه شأن العديد من القوانين الحساسة التي لا تعرض إلا للتمويه فلا يتم المصاقة عليها أبدا.
لهذا، من الأفضل، دون انتظار عرض مشروع قانون الهيئة على البرلمان أو الأمل في أن يُعرض يوما، أن يسعى أهل النضال الحقيقيين لأجل بلاد تُحترم فيها الحقوق الأساسية للفرد لعرض مشاريع قوانين بسيطة من الناحية الشكلية إلا أنه تبقى هامة في المحتوى، من شأنها أن تكون بمثابة الفاتحة اللازمة لأجل القطع مع حالة الجمود الحالية التي تزيد في تأزم الأمور بالبلاد. ويكون ذلك بالمصادقة حالا بدون تأخير على ما من شأنه، لأهمّية ورمزيته، من فرقعة التزمت الحالي والخروج بالبلاد من اللخبطة القيمية التي تعيشها.
هذا يقتضي مثلا أن يقع عرض المشروع التالي الذي يمكن من الخروج من وضعنا الراهن المخالف للقانون وللدين بخصوص حق المساواة في الإرث، وهو القطعية الإسلامية الصحيحة من زاوية مقاصد التشريع، وإبطال تجريم المثلية، إذ ما حرّم الإسلام الصحيح يوما اللواط ولا جرّمه، بل فعل ذلك فقهاء أخذوا بالعادات والتقاليد اليهودية المسيحية من خلال بالإسرائيليات التي رسبت في دين محمّد.
مشروع قانون المساواة في الإرث والحرية الجنسية
تأسيسا على مقتضيات الدستور التونسي المؤرخ في 27 جانفي 2014 وما يحيل إليه من مبادىء إسلامية ودولية كمرجعيةٍ لحقوق الإنسان، خاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المؤرخ في العاشر من ديسمبر 1948 وسائر المعاهدات الدولية الضامنة لحقوق الإنسان المصادق عليها من طرف الجمهورية التونسية،
صادق مجلس نواب الشعب على القانون الآتي في العدل بين الجنسين بالمساواة في الإرث والمساواة في الحرية الجنسية بإبطال تجريم المثلية.
أوّلا،
المساواة بالعدل بين الجنسين في الإرث:
اعتمادا على التأكيد الدستوري للمساواة التامة بين المواطنين،
واعتبارا للدور السني للمرأة في المجتمع التونسي وحقها في المساواة مع الرجل،
ونظرا لمقاصد الشريعة الإسلامية التي شرّفت المرأة فأعلت من شأنها في نطاق توجّه مرحلي تقدٌمي جاء متناغما مع وجهة التاريخ والمنظومة العالمية للقيم الإنسانية؛
ثانيا،
المساواة في الحرية الجنسية بإبطال تجريم المثلية:
حيث أن كراهة المثلية مخالفة لحقوق الإنسان في حياة مجتمعية آمنة، وهي أساس الديمقراطية؛
وحيث أن التوجه الجنسي للبشر من حياتهم الخصوصية التي تضمن حريتها دولة القانون والإسلام؛
وحيث أن الفصل 230 من القانون الجنائي يخرق الإسلام وينتهك تسامحه، إذ لا كراهة فيه للمثلية لاحترامه لحرمة الحياة الخاصة للمؤمن وضمانه التام لها؛
فإن مجلس نواب الشعب قرّر :
الفصل الأوّل
لمدة سنوات عشر ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيّز التنفيذ يقع رفع تطبيق القاعدة الحالية التي تمنح للوارث الذكر مثل حظ الأنثيين، وذلك كما ورد بالباب التاسع من مجلة الأحوال الشخصية.
خلال هذه العشرية، عدا حالة الرفض الثابت من المرأة الوارثة، فإنه يقع تمكين المرأة مثل حظ الذكر في الإرث ليعادل نصيب الأنثى نصيب الذكر الوارث.
وفي نهاية فترة العشر سنوات من تطبيق هذا القانون يقع إقراره نهائيا أو إبطاله بعد تقييم مستفيض لتطبيقه خلال المدة المعنية.
تتم دراسة التقييم من طرف مجلس نواب الشعب قبل نهاية عشرية التطبيق لهذا القانون حتى يقع إثباته نهائيا أو إبطاله.
الفصل الثاني
نظرا لأن الحياة الخصوصية محترمة ومضمونة دستوريا بالجمهورية التونسية، لذا، أُبطل الفصل 230 من القانون الجنائى.
الفصل الثالث
يدخل هذا القانون حيّز التنفيذ حال نشره باالرائد الرسمي للجمهورية التونسية ويُبطل كل ما يخالف نصه وروحه من التشريع المعمول به بالبلاد التونسية.
نشرت على موقع أنباء تونس