إلى متى نحي الإسرائيليات في دين القيّمة؟
هكذا إذن مر رمضان جديد وقد ادعيناه على عادتنا الشهر الفضيل والفرصة السانحة للعبادة ورعاية حقوق الله؛ إلا أن ذلك ، كعادتنا، لم يكن منا إلا كذبا وبهتانا.
فكان رمضان هذه السنة كسابقيه شهر عبادة الشيطان من طرف أغلبنا، خاصة أولي الأمر في هذا الدين الذين فشلوا، كما كان الحال في السنين السابقة، في أن يعطوا أفضل صورة عن الدين القيم.
وهذا يخص أول الساسة ومن يدعي خدمة الإسلام من موقعه في السلطة، إذ هم من يحاسب الله على تمييع أخلاق دينه وتصريف تعاليمه إلى إسرائيليات شوهته طويلا منذ بروزه ابتغاء القضاء عليه وهي لا تزال تواصل محاولة طمس أنواره في النفوس.
ولعل المحزن حقا أن المسلمين هم اليوم الذين يرفعرن راية هذه الإسرائيليات، لا من كان دينه اليهودية أو المسيحية، فدخل الإسلام عن حسن أو سوء نية، حاملا معه مخيالا كله عادات وطقوس يهودية ولاوعيا غزته تعاليم النصرانية. أفلم يبين لنا العلامة ابن خلدون أن حملة العلم في الإسلام كان أغلبهم من الموالي ؟
رمضان لا يُفرض قهرا في الإسلام !
متى كان رمضان يمنع من لا يطيقه ألا يصومه وقد بين الله الكفارات عديدة لذلك، فأخذ بها عدة من أسد الغابة من الصحابة والتابعين !
وكيف استعبدنا الناس إلى حد محاسبة من لا يصوم، بينما ليس في الإسلام كنيسة ولا كهانة تفرض ما تراه ولا يراه الله؟ فمتى كان الإسلام دين الكهنوت والأحبار ؟
هل أصبح الحاكم في بلاد الإسلام، وبالأخص أمير المؤمنين بالمغرب، مثيلا للبابا المسيحي أو الحبر الأعظم اليهودي، وقد توصل أهل الدينين هذين إلى التقليص من نفوذهما؟
إنها العقلية اليهودية والمسيحية تهجر أهلها لتغزو ديننا بتواطيء ممن يدعي فيه المعرفة وقد غاب عنه كنه الإسلام ومقاصده !
التعري غير ممنوع في الإسلام
فهاهم يفرضون الصيام عنوة أو الإفطار خلسة كأن الإسلام دين المراءاة للبعض ودين الخداع والتخفي للآخرين.
وهاهم أيضا يمنعون التخفف في اللباس ويحثون على التغطي تماما بينا حرية كهذه الأخيرة تقتضي حرية التعري تماماو هذه الحرية التي ما حرمها أبدا دين الإسلام خلافا لليهودية والمسيحية!
فهل يعلم هؤلاء الذين يستعبدون الناس هكذا، قائمين في المؤمنين كأصنام جديدة وقد هدمها دين الحنيفية، هل يعلمون أن أول حج في ديننا بعد فتح مكة تم والحجاج عراة، رجالا ونساء؟
فكيف يسمع هؤلاء الطواغيت الجدد بتتبع بنت لبست تنورة قصيرة أو تبانا والإسلام حرية لا مظاهر، وهو أولا وآخرا دين غض النظر عند حصول الإساءة لا منع وجود الإساءة، إذ هذا من ملة غير الإسلام وما وُجدت في ديننا إلا بما رسب فيه من إسرائيليات.
وهل علموا أن الجنس في الإسلام حلال ما دامت العاطفة صادقة والمشاعر حسنة؟ فقد عرف الإسلا الجنس حلالا حتى في الحج، وهي متعة الحج الت ما منعت إلا بعد عهد الرسول. وهل من فائدة في ذكر زواة المتعة؟
حكامنا يأخذون بالإسرائيليات لا بالإسلام !
كل ما تفشي في قوانيننا من الإسرائيليات لا من الإسلام الحق؛ وعقلية الإسرائيليات هذه متغلغلة في أدمغة ساستنا وقلة قليلة من شعبنا. فلقد وقع غسل دماغ هذا القلة فأصبحت كثرة لأنها لا تؤمن إلا بالعنف، فلا تُرى إلا هي. خاصة وأنها تبتغي فرض رؤيتها المتزمتة لدين كله تسامح وسماحة، تحسبها عبادة لله بينها ليست هي إلا عبادة للشيطان الرجيم. ونحن نعلم إلى أي مدى يصل إبليس في التلبيس والتلبيس !
أما آن لأهل الإسلام التيقظ واستعادة الوعي للعودة لديننا، الدين العلمي العالمي، خاتم الأديان؟ إن الإسلام حريات أو لا يكون لا ما أصبح عليه من موانع!
هل يعلم أهل التزمت الدواعش مثلا أن الإسلام لا يمنع استعمال الكلام المستهجن، إذ ذلك من حق المسلم كعبد له تمام حرياته، لا يقر بالعبودية إلا لخالقه؟ فقد استعمل الرسول الأكرم والصحابة الأخيار تعابير تُعد اليوم من الفجور. ولا داعي للتذكير بها هنا إذ تزخر كتب الفقه بالأمثلة في ذلك. فهل أصبح الساسة والأئمة أعلم من الرسول الكريم فيحرمون على المسلم التكلم على سليقته باسم الاعتداء على الأخلاق الكريمة، بينما تصرفاتهم لهي النسف اليومي لمكارم الأخلاق؟
وهل أعظم من مثل هذه البذاءة التي ترى في القبلة الوديعة إساءة للأخلاق، فتسجن من أعطاها ومن تقبلها وقد حث الإسلام على الحب والتحابب؟
وهل أعظم من هذه الوقاحة، بل هذا الجرم، الذي يحرّم ما لم يحرّمه الاسلام لا صراحة ولا ضمنيا، وذلك فقط اقتيادا بما نهج عليه السلف الصالح؟ فهذا السلف اجتهد لزمانه آخذا بالإسرائيليات وقد كانت طاغية في مجتمعه، بينما تغيرت الظرورف - ناهيك عن العلم وفتوحاته - فأصبحت تسمح بالعودة، بل وتفرضها، إلى النص القرآني لتنقيته مما رسب فيه مما كان ساري المفعول في اليهودية والمسيحية ولم يكن من الإسلام في شيء ؟
لنخرج من إسلام الإسرائيليات !
إن تحريم المثلية مثلا واعتبارها فاحشة ليس من الإسلام إذ ثبت أنها حلال فيه وأن التحريم هو مما داخل ديننا من الإسرائيليات، تماما مثل فرض الصيام بالقوة ومنع التعري وفرض الغطاء للرأس، وغير ذلك مما يتبجح فيه المتزمتون من المسلمين !
فادعاء هؤلاء أن ذلك من الإسلام لا صحة له لأنهم لا يأخذون إلا بتعاليم اليهودية والمسيحية؛ فليعودوا للكتاب المقدس من جهة وللقرآن والسنة الصحيحة من جهة أخرى لتبين الأشياء وقد اختلطت علهيم فأصبحوا يخبطون خبط عشواء! لقد حان الوقت للخروج من مثل هذا الإسلام المشوه، بل والكاذب، إذ هو من الإسرائيليات في معظمه.
فليت رمضان هذه السنة يكون آخر شهر يُعبد فيه الشيطان بأرض أمير المؤمنين حتى تكون مملكته حقيقة دولة إسلامية، لا مثيلا لهذه الدولة ااإسلامية الدعية التي تريد فرض طمسها لديننا على بلاد الإسلام طرا لتجعلها لا تأخذ إلا بالإسرائيليات. فداعش هي انتصار الإسرائيليات في الإسلام؛ وليس تغلغل تعاليم داعش في العقول، هذه الدعدشة الخفية، إلا تدعيما لإسلام الإسرائيليات الذي ليس هو إلا غربة للحنيفية المسلمة. بذلك ينجح أعداء الإسلام في القضاء على دين الرحمة والمحبة بأيدي أبنائه المغرر بهم، هذا الذي لم يقدروا عليه بمفردهم.
ألا هل حانت ساعة اليقظة؟ إن الإسلام في خطر ولا يتهدده إلا أهله، هؤلاء الأدعياء الذين ينسبون للإسلام ما ليس منه وفيه. فليس الإسلام الحق إلا حرية العبد التامة في كل تصرفاته، سواء لبس ما أراد أو التعري مما أراد، أو في حب من هام به، سواء من جنسه أو غير جنسه، أو في التعبدأو غير التعبد، شريطة أن يكون كل ذلك عن حسن نية، بعيدا عن التصنع والتكلف والمظاهر الخداعة. فالإسلام هو النية الصافية.
هلا صفت يوما نية الحكام عندنا، إذ لا تصفو نية العامة إلا بصفاء نية وتصرفات الخاصة وخاصة الخاصة؟ اللهم أعنا على هذا الذي فيه خلاص الإسلام من جاهليته التي أصبحنا فيها لشديد ما تفشي في ديننا من إسرائيليات؛ فأنت العلي العزيز!
نشرت على موقع أخبر.كم