1/
تجليات
السياسة الأمريكية اليوم بتونس
في
الذكرى الأولى لحادثة الاعتداء السلفي
على سفارتها بتونس يوم 14
سبتمبر،
جاء في البلاع الأمريكي أننا »سنبقي
هنا ونواصل العمل الهام الذي فيه فائدة
لبلدينا وشعبينا«.
وهل
هناك شك اليوم في مدى تواجد الولايات
المتحدة الأمريكية ببلادنا وشدة متابعتها
للتطورات السياسية بها؟ بل لعلنا لا نبالغ
إذا قلنا أن التوجهات العامة لأهم الأحزاب
السياسية، وخاصة حزب النهضة منها، لا
تخلو أن تكون إلا عصارة الاستنتاجات
للتحاليل الأمريكية وقراءة لتأويلاتها
وتخميناتها للساحة السياسية التونسية،
ومنها للساحة العربية الإسلامية بشكل
أعم!
ولا
غرو أن التوجه العام للسياسة الأمريكية
الحالي يقتضي نجاح التجربة الآنية بتونس؛
ولعل هذا العزم هو الذي جعل حزب النهضة،
بعد أن زعزعته أحداث مصر، يسترجع بعض
الثقة في مستقبله على سدة الحكم فيعود
للمناورة ولغة الرفض وقد كاد يقبل بأي
شيء خوفا من الإقصاء.
ورغم
أن هذه القراءة لموقف واشنطن من الإسلاميين
غير خاطئة بالمرة، إلا أنها ليست صحيحة
تمام الصحة لأن الموقف الأمريكي، وإن
اتصف بالمرونة والبراغماتية، فليس هو
كذلك إلا لانعدام البديل حاليا على الساحة
السياسية؛ مما يعني أنه لو ظهر بتونس تيار
يأخد بالدين ولكن في نفس الوقت يعمل
بمباديء الديمقراطية في معاييرها االدولية،
فلن تجد النهضة في الحليف الحالي الأمريكي
ما عهدته منه إلى حد هذه الساعة.
ولعل
الأمريكان لا ينتظرون إلا ظهور مثل هذا
التيار في بلادنا لدعمه وإدارة الظهر
للنهضة التي لا تمثل بالنسبة لهم الخيار
الأمثل، بل فقط الأقل ضررا والأهون من
غيره.
فالسياسة
الأمريكية، شأنها في ذلك شأن السياسة
التي تنتهجها النهضة اليوم، تعمل على
تعداد الإستراتيجيات وتعددها حتى يمكن
لها استعمال الأفضل حسب الظروف مع إمكانية
التأقلم معها إن تغيرت وتبدلت.
فهمها
اليوم ليس مساندة حزب النهضة، بل مساندة
حزب قريب من التوجهات الإقتصادية الأمريكية
مع قابليته للتطور سياسيا نحو إسلام أقل
تعصبا وتزمتا مما نرى في الدول العربية
والإسلامية الأخرى.
ولا
شك أن لا شيء يمنع الأمريكي من القبول
بحزب لا تكتمل فيه كل أوصاف الديمقراطية
إذا تواجدت فيه المواصفات السابقة الذكر،
إلا إذا ظهر على الساحة السياسية من يبزه
في كل ذلك مع احترام تام لمباديء الديمقراطية
الحقة.
وبما
أن الحال اليوم ليست كذلك، إذ أن الحزب
الذي كان بإمكانه أن يلعب مثل هذا الدور،
أي المؤتمر من أجل الجمهورية، أصبح خاتما
بين أيدي النهضة تديره حسب أهوائها، فلا
مجال لأن تتغير السياسة الأمريكة بتونس
حتى تتبدل الأحوال بها كما قلنا؛ ولعل
هذا غير بعيد.
ولنا
للحديث في ذلك عودة.
أما
حاضرا، فإننا بعودتنا إلى تاريخ التواجد
الأمريكي ببلادنا سنرى أنه لا يسعنا إلا
أن نستخلص عبرة تؤيد ما قلناه في عموميات
التوجهات السياسة الأمريكية مع مسحة خاصة
تبين ما لعله يخفي على البعض من مميزات
المشهد السياسي.
وذلك
ما ستبينه هذه الحفريات.
2/
بداية
الحضور الأمريكي بالمغرب العربي
يعود
تاريخ العلاقات الأمريكية مع تونس والمغرب
العربي بصفة عامة إلى ما قبل استقلال
الولايات المتحدة.
فقد
حرصت الدولة الأنجليزية على توطيد علاقاتها
مع السلط بتونس والجزائر والمغرب والارتباط
معها بمواثيق كان هدفها ضمان حرية التجارة
بسلامة عبور بواخرها، بما فيها الأمريكية،
مقابل إتاوات حتى لا يستهدفها القراصنة
الذين كانوا في خدمة الحكام بتلك البلدان.
ولما
استقلت الولايات المتحدة، حرصت على
المحافظة على مضامين الاتفاقيات السابقة،
كما أكد ذلك سفيرها بالعاصمة البريطانية
سنة 1783،
إذ سرعان ما تفطنت إلى أن الدول الأوروبية
لم تكن ترغب البتة في علاقات مباشرة بين
الطرف الأمريكي وبلاد المغرب.
فتكونت
لأجل هذا لجنة كان من ضمن أعضائها رئيسان
قادمان للولايات الأمريكة، هما جون أدامس
وتوماس جفرسن.
فكان
أن أمضت الدولة الجديدة سنة 1786
على
اتفاقية مراكش للصداقة والتجارة مع
المغرب، وقد كان من المبادرين بالاعتراف
باستقلال الولايات المتحدة.
فتبع
ذلك استقرار أول بعثة أمريكية بالمغرب
العربي في مستوى قنصلية بطنجة افتتحت سنة
1791.
ثم
تبعت ذلك معاهدة سلام وصداقة تم إبرامها
مع داي الجزائر بتاريخ 5
سبتمبر
1795.
ورغم
تأخر العلاقات مع تونس نظرا للعراقيل الي
كانت فرنسا تسعى لخلقها أمام التواجد
الأمريكي، فقد نجحت الدولة الأمريكية
الجديدة في 26
ماي
1799
من
إمضاء إتفاقية صداقة وتجارة مع باي تونس.
وقد
سبق ذلك توقيع معاهدة سلام وتجارة مع
طرابلس في 6
نوفمبر
1796.
إلا
أن هذه الاتفاقية الأخيرة تم نقضها من
طرف باشا ليبيا سنة 1801
لأسباب
مادية مما أدى إلى مناوشات عسكرية بين
ليبيا وأمريكا أدت مؤقتا إلى تدهور
العلاقات مع تونس.
ولكن
لم يدم الحال على تلك الشاكلة، بل أدى
بالعكس إلى تدعيم العلاقات التونسية
الأمريكية.
فكان
أن تمكنت البواخر التجارية الأمريكية
طوال السنوات الفاصلة بين سنة 1805
و1810
من
المحافظة علي حرية تجارتها بالبحر المتوسط
رغم الموانع والعراقيل جراء سياسة نابوليون
وبريطانبا العظمي يالمنطقة.
3/
السياسة
الأمريكية قبل الحماية الفرنسية
لقد
أدت التداعيات السياسية بالمغرب العربي
إلى حرص الولايات الأمريكية على المحافظة
على تواجدها الإقتصادي بالمنطقة، بل
وتدعيم الامتيازات التي حصلت عليها.
لذلك،
بادرت بإرسال بوارج حربية بالبحر الأبيض
المتوسط سنة 1823.
كما
حرصت على الحصول على معاهدات أخرى، كتلك
التي أمضتها مع تونس سنة 1824
بخصوص
تجارة الصوف.
وقد
حصلت أمريكا بمقتضى هذه الإتفاقية على
بند الدولة الأولى بالرعاية.
وقد
تمتنت العلاقات التونسية الأمريكية في
تلك الفترة، فكان أن تعددت الهدايا بين
سلطات البلدين، ومنها صورة للصادق باي
أهداها سفير تونس عثمان هاشم إلى الرئيس
الأمريكي أندرو جونسن، فزينت قاعة
الاستقبال بوزراة الخارجية حذو غيرها من
صورة زعماء العالم.
وكان
ذلك صائفة سنة 1865،
وهي سنة خاصة سواء بالنسبة لأمريكا أو
تونس، إذ كانت فيها نهاية حرب داخلية :
ثورة
علي بن غذاهم، من جهة، وحرب انفصال الجنوب،
من جهة أخرى.
وبالرغم
من هذه العلاقات المتميزة، وقد كانت أكثر
بعدا مع المغرب، لم تحرك الولايات الأمريكية
ساكنا أمام الاحتلال الفرنسي مع أنها
كانت تساند رسميا حق الشعوب في تقرير
مصيرها.
والسبب
في ذلك يعود إلى تلك النزعة الانعزالية
التي سرعان ما طغت على السياسة الخارجية
للبلاد، وقد حدد معالمها على التوالي
الرؤساء واشنطن وجفرسن ومونرو.
والمعروف
عن نظرية مونرو أنها اقتضت ترك الحبل على
الغارب للأوروبيين في إفريقيا وآسيا مع
قطع دابرهم من القارة الأمريكية التي هي
لأهلها وحدهم، أي للولايات الأمريكية.
ولا
شك أن البراغماتية التي تميز الفكر
الأمريكي هي التي كانت وراء مثل هذا
التوجه.
ورغم
ذلك، فقد حرص الأميركيون على الدفاع عن
مصالحهم التجارية بمنطقة المغرب العربي،
وخاصة بالمغرب، فكان أن شاركوا في
المؤتمرات التي حددت مصيره فحصلوا من
أنجلترا وفرنسا على بند الدولة الأولى
بالرعاية في مؤتمر مدريد سنة 1880
الذي
سيتم بمقتضاه تحديد حق الرعاية التجارية
بالبلاد.
4/
السياسة
الأمريكية في بداية الحماية الفرنسية
بتونس
لقد
بقي الحضور الأمريكي ببلدان بالمغرب
ثابتا وإن كان محتشما، إذ كان همه الحفاظ
على المصالح التجارية للبلاد في المنطقة.
فكان
أن لعبت الولايات المتحدة دورا كبيرا في
مؤتمر الجزيرة الخضراء في 1906
الذي
تقرر فيه مصير المغرب كمستعمرة أوروبية،
إذ سعت إلى تقريب وجهات النظر بين فرنسا
وألمانيا وذلك خصوصا لأجل حماية حرية
التجارة وعدالتها.
أما
بتونس، فقد تم إمضاء إتفاق بتاريخ 15
مارس
1904
تم
بمقتضاه تحديد مضمون العلاقات مع فرنسا،
وهي تهم خاصة الأمور التجارية.
وبمقتضى
ذلك، وقع إبرام إتفاقية في 4
نوفمبر
1904
تخص
إجراءات التبديل المالي والمواصلات
البريدية.
هكذا
إذا، كان الموقف الأمريكي من الحماية
الفرنسية بتونس متسما بنوع من عدم المبالاة
الحذرة.
ولم
يتغير ذلك في الفترة بين الحربين العالميتين.
إلا
أن ما جاء في خطاب الرئيس ويلسن في 8
جانفي
1918
بخصوص
السلام كان له الوقع الكبير في العالم
أجمع، وخاصة البند 5
من
النقاط 14
التي
تقرر حق تحديد المصير للبلدان المستعمرة.
فقد
كانت المرة الأولى التي يعبّر فيه سياسي
في مثل هذه الدرجة عن تطلعات شعوب مقهورة
لم يكن صوتها يسمع بالمرة.
وما
من شك أن هذه المباديء كانت لها نتائج
هامة في السياسة العالمية، لا فقط على
مستوى الولايات المتحدة الأمريكية، بل
وخاصة قرب النخبة المتطلعة للحرية بالبلدان
المستعمرة.
فليس
من المستغرب أن تلقى مثل هذه المباديء
أكبر الصدى بين صفوق الوطنيين بتونس.
وكان
ذلك الحال عند حزب الشباب التونسي الذي
اعتمد على نقاط ويلسن للمطالبة بدستور
للبلاد التونسية.
أما
خلال الحرب العالمية الثانية، فقد اهتمت
السياسة الأمريكية خاصة بالدور الإستراتيجي
الذي يمثلة موقع البلاد المغربية، ومنها
تونس، إذ كان الهدف حماية هذه الربوع من
الوقوع بين يدي القوات الألمانية بهدف
استعمالها كنقطة انطلاق للعبور نحو أوربا
لتحريرها.
وكان
ذلك واضحا منذ سنة 1941
حيث
بدأ الجنرالات الأمريكيون العمل على فتح
واجهة جديدة بإفريقا الشمالية بأن كثفوا
الاتصالات في نفس الوقت مع سلط فيشي وقوات
فرنسا الحرة.
وبما
أن الأثر النفسي له الدور الكبير في حالات
مثل هذه، فقد فتحت الولايات المتحدة
بالجزائر بعثة بمقتضى إتفاقية لإعانة
غذائية لبلاد إفريقيا الشمالية.
وكان
الهدف الرسمي لهذه البعثة السهر على أن
المعونة تبقى بالبلاد الإفريقية فلا يقع
إرسالها إلى فرنسا.
لذا
قبلت سلطات فيشي إرسال مراقبين أمريكيين
لهذا الغرض.
وطبعا،
كان لهم الدور المخالف تماما لما كان
مقررا، مما مكنهم من تقييم الوضع العسكري
والسياسي بإفريقيا الشمالية.
بذلك
تمكن الأمريكيون من التخطيط الإستراتيجي
المنهجي لنزول القوات الأمريكية
والإنجليزية الذي كان بعد مقررا منذ تلك
السنة.
وعمل
أيضا المبعوثون الأمريكيون على التصدي
للدعاية النازية، بل وأيضا على تأطير
النخب السياسية ببلاد المغرب، بأن دافعوا
عن قضاياهم كما فعلوا مع عبد الكريم الذي
كان منفيا بجزيرة راينيون، و علال الفاسي
في منفاه بإفريقيا الإستوائية الفرنسية.
وكان
الشأن نفسه مع الحبيب بورقيبة الذي كان
مسجونا بمرسيليا.
وحرص
المبعوثون الأمريكيون أيضا على استمالة
شعوب البلاد المغربية إليهم، فكان نشاط
القنصليات بتونس ووهران والجزائر والدار
البيضاء حثيثا لهذه الغاية مما مكن نزول
القوات العسكرية على الأراضي المغربية
بنجاح في 8
نوفمبر
1942.
5/
السياسة
الأمريكية وثوابتها بعد الحرب العالمية
الثانية
بعد
الانتصار الكاسح لقواتها في الحرب العالمية
الثانية، لم يعد بإمكان البلاد الأمريكية
الاكتفاء بما كان لها ببلاد المغرب من
تجارة تقليدية بسيطة، فبدأت تنمو النوايا
الاقتصادية شيئا فشيئا، حتى أدت إلى الطمع
في ما تختزنه الأرض المغربية من مواد
أولية إضافة لأهميتها كأسواق للبضاعة
الأمريكية.
وقد
بدأ الاهتمام الأمريكي ببلاد المغرب
العربي بضمها إلى مخطط مارشال وذلك بمقتضى
المعاهدة الممضاة مع فرنسا في 28
جوان
1948.
وكان
المغرب الأقصى أول البلاد التي تستأثر
بالإهتمام الأمريكي، حيث استقر به العديد
من العسكريين بعد الحرب فكونوا مؤسسات
مختصة في التوريد والتصدير سرعان ما
احتكرت التجارة المحلية.
وقد
ساعد على ذلك احتفاظ أمريكا إلى حدود سنة
1947
بالقاعدة
البحرية التي كانت لهم بالقنيطرة، ثم
حصولهم على موافقة فرنسا لفتح قواعد
عسكرية بالمغرب تزامنا مع حرب كوريا سنة
1951.
ومعروف
أن الولايات المتحدة الأمريكية تزعمت
سريعا الغرب بعد أن أضعفت الحرب أوربا
سياسيا واقتصاديا، وكان لها هذا بمقتضى
شعارين اثنين نجحت في تقميصهما لديبلوماسيتها،
ألا وهما التضامن مع بلاد الغرب وخاصة
منها المستعمِرة كفرنسا، من ناحية، ومن
ناحية أخرى الدفاع عن حقوق البلاد الرازحة
تحت نير الاحتلال في التحرر والانعتاق
حسب المباديء التي عُرفت بها بين الحربين
العالميتين.
ونحن
لا نغلط إذا قلنا هنا أن ثوابت الديبلوماسية
الأمريكية آنذاك، وهي نفسها التي لا زالت
قائمة إلى اليوم، تمثلت في مسحة أخلاقية
لا مراء فيها لا تخلو أحيانا من صبغة
تبشيرية، وفي نزعة ثانية إقتصادية
ليبيرالية، اعتقادا راسخا منها أن ذاك
هو النظام الأفضل للبشرية.
ولعله
من جراء النزعة الأولى، أي الأخلاقية،
ستتميز السياسة الأمريكية في تونس بمسحة
خاصة كانت أساسا نقابية؛ وسنرى لاحقا
أهميتها على مشارف إستقلال تونس.
وبما
أن السياسة الرسمية الأمريكية بالمغرب
العربي كانت تبحث عن التوازن بين التضامن
مع الحليف الغربي المستعمِر ومساندة نضال
الشعوب من أجل التحرر، فسوف تجد مخرجا
لها في انتهاج مبدأ الحث على الحوار حتى
وإن أدى ذلك للجوء إلى المنتظم الأممي.
فكان
أن ساندت أمريكا تسجيل القضيتين المغربية
والتونسية للنقاش أمام المحفل الأممي في
أكتوبر 1952.
وطبعا،
لن يؤدي ذلك قط إلى التصويت ضد فرنسا، بل
دائما إلى الاحتفاظ بالصوت، كما كان الحال
عندما عرضت القضية التونسية أمام مجلس
الأمن في 14
أفريل
1952
أو
عند نقاش القضية الجزائرية في 1958
و1960.
فهم
الأمريكيين دوما كان الحث على الوصول إلى
حل تفاوضي لا أكثر.
ومثل
هذا الدور في الوساطة بين فرنسا ومستعمراتها
هو الحل الذي ارتأته أمريكا لديبلوماسيتها
الرامية للحفاظ على مصالحها الإستراتيجية
بالمنطقة.
ولم
يمنعها ذلك من مواصلة العمل على صعيد
آخر لأجل مصالحها، فكان على المستوى
النقابي، سنان قنا التواجد الأمريكي
بتونس.
6/
المسحة
النقابية للسياسة الأمريكية بتونس قبل
الاستقلال
لقد
بينا في حفريات سابقة*
عن
مدى ارتباط العمل النقابي بتونس بالنشاط
السياسي.
ولقد
تفطنت الديبلوماسية الأمريكية إلى ذلك
فكان أن عملت على النفاذ إلى أعماق الشعب
التونسي من خلال مساندة نقابيه.
فلقد
اهتمت الجمعية العالمية للنقابات الحرة
CISL
بما
يجري بتونس على المستوى النقابي منذ
انبعاثها بلندن سنة 1949.
فكان
أن أرسلت وفدا إلى تونس في نوفمبر من السنة
الموالية وأعلنت عن مساندتها للنضال
التحرري بالبلاد حتى حصلت على خروج الاتحاد
العام التونسي للشغل من الاتحاد النقابي
العالمي FSM
في
جوان 1950
مما
أدى إلى انضمامه إليها في مارس 1951.
وقد
بّين فرحات حشاد آنذاك أن انضمامه إلى
مثل هذه المنظمة هو من باب السياسة
والديبلوماسية لا من الباب الإيديولوجي،
أي أن ذلك لا يعني الانتصار للنظام
الرأسمالي على حساب الإشتراكية.
وأكّد
حشاد أن السبب في ذلك يكمن في أن الموقع
الجغرافي لتونس لا يسمح لها إلا أن تكون
إلى جانب الغرب، أحبّت ذلك أو كرهته.
ومعناه
أن أمل العمال التونسيين يكمن في الدور
الفعال الذي يمكن أن يلعبه زعيم المعسكر
الغربي لصالح القضية التونسية.
وما
من شك أن هذا مما يُحسب لصالح الزعيم
النقابي التونسي الذي عرف كيف يقرأ اتجاه
الحركة النقابية الأمريكية التي كانت
منذ الأربعينات تمثل المصالح الأمريكية
بالمنطقة وتسهر على رعايتها وذلك بمساندة
الوطنيين التونسيين، كما كان الحال مع
الاتحاد الأمريكي للشغل AFL
ومؤتمر
المنظمات الصناعية CIO.
وقد
تدعم هذا الحضور النقابي الأمريكي بتونس
باستدعاء الزعيم فرحات حشاد إلى الولايات
المتحدة في سبتمبر 1951
للمشاركة
في مؤتمر الاتحاد الأمريكي للشغل المنعقد
بسان فرنسيسكو.
ورافق
الزعيم بورقيبة حشاد، وكان سبقه إلي
أمريكا في سنة 1946،
فقاما بجولة دعائية للقضية التونسية
توقفت بهما بواشنطن ونيويورك.
وقد
مهدت هذه الرحلة لاستقرار ممثل عن الحركة
الوطنية بالعاصمة الأمريكية ممثلا في
شخص الباهي الأدغم على رأس مكتب تونسي
للتحرر الوطني.
وتواصل
الدعم النقابي لتونس؛ فكان أن طالب المجلس
التنفيذي للاتحاد الأمريكي للشغل AFL
في
فيفري 1952
الإستقلال
الداخلي لتونس داخل الاتحاد الفرنسي ودعا
إلى مفاوضات مع القوى الديمقراطية بقيادة
الحبيب بورقيبة لتحقيق المسار نحو إستقلال
كامل في نطاق النضال المشترك الذي يجب أن
يجمع القوى الديمقراطية التونسية وفرنسا
ضد الشيوعية ومن أجل الحرية والسلام
بالعالم.
ولا
شك أن مثل هذا الدعم من طرف النقابات
الأمريكية، وبخاصة الاتحاد الأمريكي
للشغل AFL،
كان
له التأثير الكبير على مواقف الصحافة
الأمريكية من القضية التونسية وأيضا
توجهات سياسة واشنطن نفسها.
ولتبيين
قيمة هذا الدور الأمريكي، لا بأس من
التذكير هنا أن العدد الكبير من وجوه
الصحافة الفرنسية في تلك الفترة كان يلقب
فرحات حشاد بالأمريكي؛ خاصة بعد أن قضى
أسابع طويلة سنة 1952
بالولايات
المتحدة الأمريكية للدفاع عن القضية
التونسية وتقوية الضغط النقابي على الأمم
المتحدة حيث طالبت تونس بإدراج شكوى ضد
فرنسا أمام مجلس الأمن.
ورغم
الدعم اللامشروط من قبل الاتحاد الأمريكي
للشغل AFL
للشكوى
التونسية، فلقد وقع رفضها في أفريل وصوتت
أمريكا لصالح فرنسا مما أثار حنق المنظمة
الشغيلة AFL
فعبرت
عنه بأقسى العبارات في مؤتمرها الحادي
والسبعين، مبينة تضامنها التام مع تونس
حتى وإن اقتضى ذلك مخالفة السياسة الرسمية
للبلاد.
وهكذا،
كانت المنظمة الشغيلة AFL
سباقة
إلى القول بحتمية إستقلال تونس، داعية
دون هوادة المحتل الفرنسي للتحاور وبدون
تأخير مع الزعماء التونسيين.
وكان
إرفين براون، ممثل الإتحاد بأوربا، بحق
من ألد أعداء المحتلين.
ورغم
ما حاولت السلطات المحتلة فرضه من تعقيدات
للحد من الاتصالات بين المنظمة الشغيلة
التونسية ونظيراتها بالخارج، لم يتوقف
التواصل نظرا لمثل هذه المساندة من طرف
الأمريكي.
فكان
أن شارك الإتحاد التونسي للشغل بوفد في
المؤتمر الثالث للجمعية العالمية للنقابات
الحرة CISL؛
كما أمكن للإتحاد قبول هذه المنظمة والعديد
ممن كان تحت لوائها في مؤتمره الخامس
المنعقد في جويلية 1954.
وكان
المؤتمر فرصة من ذهب للمنظمة الأمريكية
AFL
وممثلها
بأوربا إرفين براون للهجوم بحدة من جديد
على فرنسا وسياستها القمعية العقيمة
بالبلاد التونسية مما دعم المنظمة الشغيلة
في نظالها لا النقابي فقط بل والسياسي.
فكان
أن أدى كل ذلك إلى دفع المحتل إلى الحلول
اليائسة لعله يخمد ما بدا له فتنة طار
شررها وطال ضررها؛ فتم اغتيال فرحات حشاد.
7/التواجد
الأمريكي بعد الإستقلال كامتداد للنشاط
النقابي
بما
أن النقابات الأمريكية ساندت الشعب
التونسي في نضاله من أجل الإستقلال، فلا
عجب أن تحرص على أن تكون علاقاتها مع
النقابيين التونسيين أمتن بعد الإستقلال.
ورغم
ما وطدته الأواصر النضالية من علاقات ود،
فهي لم تكن تخلو، من الجانب الأمريكي، من
الهاجس في أن تستدير تونس إلى البلاد
الشيوعية للحصول على الإعانة اللازمة
لبناء الدولة الجديدة، خاصة وأن الزعماء
التونسيين عرفوا بسياستهم العملية.
فكان
أن حرص التيار النقابي الأمريكي، ممثلا
في منظمتيه الاتحاد الأمريكي للشغل AFL
ومؤتمر
المنظمات الصناعية CIO
،
على
إعانة المنظمة الشغيلة التونسية بتكوين
إطاراتها مع توفير الرحلات التربصية
والمنح الدراسية علاوة على الإعانة
المادية الهامة عن طريق الجمعية العالمية
للنقابات الحرة CISL
التي
يُذكر أنها قدمت ما بين سنتي 1959
و1964
ما
يناهز 13000
دولار
أمريكي في نطاق الحث على مقاربة عملية
نقابية بين الاتحاد العام التونسي للشغل
ونظرائه بأمريكا لأجل تعاون نقابي مستديم.
وإضافة
إلى تمويل البنك التعاضدي للإتحاد من طرف
المنظمتين AFL
و
CIO،
فقد تعدت الزيارات من الجانبين، فقدم إلى
تونس التقنيون الأمريكيون بينما زار
أمريكا النقابيون التونسيون وقضوا بها
للتكوين الأسابيع الطويلة.
فبين
سنة 1957
و1978،
تحصل ما لا يقل عن 87
نقابي
تونسي علي دورات تكوينية قصيرة بالولايات
المتحدة الأمريكية.
بذلك
وكما كان الأمر قبل الإستقلال، بدا العمل
النقابي بدون أدنى شك سنان قنا التواجد
الأمريكي بتونس.
وقد
نجح النقابيون الأمريكيون في مجابهة أي
محاولة لدفع الشغالين إلى التطرف، وخاصة
الشيوعي منه، إذ عملوا على مساندة التيار
الوسطي داخل المنظمة الشغيلة، تارة باسم
مناهضة الإحتلال، وطورا باسم الشعب
ومصالحه من خلال المعونات السخية التي
كانت تُقدم له باسم الشعب الأمريكي.
هكذا
بدأنا الحديث عن الحضور الأمريكي بتونس
المستقلة بهذا الجانب النقابي لأنه
الامتداد لما سبق والتحضير لما كان وسيأتي
على المستوى السياسي.
فمعروف
أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت أول
قوة عظمي في الاعتراف باستقلال تونس وذلك
في 17
ماي
1956
من
طرف قنصلهم العام قبل أن يقع تعيين قائم
بالأعمال في تونس، ثم تبادل السفراء في
جويلية من نفس السنة، فكان المنجي سليم
أول سفير لتونس بواشنطن ولويس جونس أول
سفير أمريكي بتونس.
وبما
أن العلاقات كات على أحسن ما يرام نظرا
لما سبق أن قلنا، فقد حرص الأمريكيون على
عدم ترك المجال فسيحا لفرنسا ببلاد
المغرب، فاستغلوا فرصة تعكر تلك العلاقات
مع المحتل القديم مع تداعيات الحرب
الجزائرية لدعم حضورهم.
وكان
هذا بالمال والعتاد.
فتعددت
مظاهر مثل هذا الدعم الذي كان يستند دوما
على الثقة فى النزعة الغربية للقادة
بتونس.
وليس
المجال هنا للحديث عن مظاهر التواجد
الأمريكي بتونس وقد تعددت وتنوعت؛ فذلك
لم يعد يخفى عن أحد.
وسنكتفي
بإشارات عابرة لأهم مميزاته.
فقد
كانت تتمثل خاصة في الإعانة الإقتصادية
التي هي أساسا طريقة طريفة في التخلص من
الفائض في المنتوج بالسوق الأمريكية.
وقد
تعهدت بهذه المهمة وكالة تسمّت المعونة
الأمريكية US-
AID.
وطبعا
لم تكن المعونة خالية من التأثيرات حيث
تعددت زيارات الإختصاصيين الأمريكان
لتونس والذين لم يكونوا يتورعون عن محاولة
التأثير في القرار السياسي لأجل المصلحة
الأمريكية.
ولم
تقف الإعانة بالطبع على المستوى الإقتصادي،
إذ كان لها جانبها العسكري والأمني.
أما
المساعدة العسكرية فقد بدأت متعثرة قبل
أن تتأكد مع الستينات بعد ما ظهر من الرئيس
بورقيبة من مواقف مساندة للغرب سواء
بالشرق الأوسط أو بإفريقيا.
أما
المساعدة الأمنية فقد مكنت تونس من أن
تنال المرتبة السادسة على مجموع البلدان
الإفريقية الخمسة عشرة التي كانت تحظى
بمثل تلك المعونة والمرتبة الثانية في
تكوين التونسيين على الأرض الأمريكية.
وقد
مكنت مثل هذه الإعانة في بعث ما سمي بفرق
الأمن العام Brigade
de 'l'Ordre Public : BOP.
ولن
نزيد أكثر في مثل هذا الميدان لابتعادنا
عن هدفنا، أي الحفر في الماضي، كما لن
نقول شيئا عن النشاط الثقافي الأمريكي
الغزير بتونس.
إنما
سنقول القليل عن تجليات أخرى غير معروفة
بالضرورة للإعانة الأمريكية المتمثلة
في متطوعي هيئة السلام.
فقد
مهد لتواجد هذه الهيئة بتونس الإتفاق
الممضى في 7
فيفري
1962
والذي
يقضي بأن يوفر الطرف الأمريكي لنظيره
التونسي كل ما يقتضيه نموها الإقتصادي
والإجتماعي من إعانة تقنية.
وقد
كانت تونس من الأوائل الذين طالبوا بإعانة
مثل هذه الهيئة التي تكونت بعد خطاب الرئيس
كيندي أمام الكونغرس في غرة مارس 1961
الداعي
إلى خلق إمكانية توفير الفرصة للأمريكيين
الراغبين تطوعا في إعانة الدول النامية،
فيكون ذلك على نفقة الدولة الأمريكية.
وقد
قدم البلاد التونسية أول فريق من هؤلاء
المتطوعين في سبتمبر 1962
وكان
متكونا من 64
متطوعا.
ثم
تواصل الأمر هكذا كل سنة.
ولعله
من المفيد الإشارة إلى أن هؤلاء المتطوعين
كانوا يوزعون على كامل البلاد التونسية
وأن اختصاصهم أساسا هو تدريس اللغة
الإنجليزية والتعريف بالثقافة والحضارة
الأمريكيتين.
ولنختم
بكلمة عن المنظمات الخاصة الأمريكية
المتواجدة بالتراب التونسي وهي كلها
مستقلة عن الحكومة الأمريكية حتى وإن كان
عليها أن تنسق مع الوكالة الرسمية US-AID.
طبعا،
هاته المنظمات هدفها المعلن عنه هو مصلحة
تونس، وما يميزها هو عملها الدؤوب على
معرفة كل صفات المجتمع التونسي إلى حد
الانصهار فيه والذوبان في أخص ما يميزه.
وهي
تعمل مع التونسيين والأمريكيين سواسية.
ولعل
من أهم ما عُرف منها ومن أنشطها :
Catholic
Relief Services أو
CRS
التي
استقرت بتونس سنة 1957
وأبرمت
اتفاقية مع السلط التونسية في 1959.
وقد
تخصصت في توفير الإعانة الغذائية الأمريكية،
فكان أن وفرت ما كان يوزع مجانا بالمدارس
من لمجة للفقراء من التلاميذ.
وإضافة
للمدارس، نشطت المنظمة في مقاومة الجفاف.
وهناك
أيضا Care-Medico
الذي
يعمل بتونس بمقتضى اتفاقية أمضيت في 6
جويلية
1962.
ويتمثل
نشاط المنظمة في إبرام إتفاقيات مع السلط
التونسية وخاصة وزارة الصحة ووزارة
الفلاحة لأجل دعم مشاريعهما في ميادين
التغذية والصحة والتنمية الريفية.
أما
ثالث هذه الجمعيات النشيطة فهو مشروع
Hope
أو
ما هو تسميته بدون اختصار Health
Opportunity for People Everywhere.
وهدف
هذه الجمعية تمكين الدول النامية من
التقنيات الطبية الأمريكية.
وقد
حصل المشروع على حق التعامل مع وزارة
الصحة التونسية لأجل تنمية الظروف الصحية
والوقائية بالوطن القبلي والساحل والجنوب.
8/مستقبل
التواجد الأمريكي بتونس أو ضرورة المراهنة
على حريات التونسي
رأينا
إذا من خلال هذه الحفريات كيف نجح الأمريكيون
من التوفيق بين مصالحهم الإقتصادية
والإيديولوجية ومبادئهم الأخلاقية
والنظرية.
فعندما
كانوا يتكلمون عن الحريات، وعندما هم
يدافعون عن حق الشعب التونسي في تقرير
مصيره، كانوا في الآن نفسه ينافحون عن
تواجدهم بالأرض التونسية وعن مصالحهم
الإقتصادية بها مع العمل الحثيث على دفع
الخطر الشيوعي ودحضه.
وهذه
الثنائية في السياسة الأمريكية لم تكن
بالخافية عن الأعين ولا مما يمكن استقباحه
أو استهجانه؛ بل حتى الأمريكان أنفسهم
لم يكونوا يحاولون إخفائها.
فهذا
جورج ميني، رئيس ما أصبح يسمي AFL-CIO
بعد
اتحاد المنظمتين سنة 1955،
يعترف
بذلك سنة 1960،
إذ يقول:
»إن
مصلحتنا الخاصة هي في ما لنا من مصلحة في
توسيع رقعة النقابات الحرة في أي مكان
بالعالم.
فحيث
تفقد القوة العمالية حريتها، لا شك أن
هذا يكون نوعا ما خطرا محدقا بحريتنا«.
وتأسيسا
على هذه المقولة، دعنا نقول في خاتمة هذه
الحفريات للصديق الأمريكي باسم الشعب
التونسي أن العمل اليوم أكيد من أجل بعث
فضاء للديمقراطية ينشأ بين الدول المتقدمة
ديمقراطيا، من جهة، والتي هي في طور الدخول
في الديمقراطية كتونس، من جهة أخرى.
فبالعودة
لكلامه، يمكننا أن نحاكيه في القول :
حيث
تفقد الشبيية العربية حريتها، لا شك أن
هذا يكون نوعا ما خطرا محدقا بحرية الغرب.
لذا،
فأنا أدعو الغرب وزعيمه الولايات المتحدة
للدفاع عن حريتهم بالعمل على بعث الفضاء
المذكور في أقرب الآجال، وتكون بدايته
حرية التنقل لكل مواطن بلد اعتنق الديمقراطية
وذلك بالإستظهار بمجرد تأشيرة مرور تسلم
مجانا ولسنة على الأقل.
فهذه
التأشيرة موازية لنـظام التأشيرة الحالي
للضروريات الأمنية مع احترامها للقانون
الدولي الذي يمنع رفع بصمات أجانب من طرف
غير السلط الشرعية إلا مقابل تنازلات
لمصالح شرعية وذات أهمية.
هذا
علاوة على ما أدى إليه مبدأ التأشيرة
اليوم من إفلاس، لا فقط في التصدي للهجرة
غير الشرعية، بل وأيضا في المصائب الإنسانية
والدفع خاصة بشباب بلاد الجنوب في أحضان
التطرف وكره الغرب.
وبما
أن الولايات المتحدة هي زعيمة العالم
اليوم، وأن قلب عقلية وجوب التأشيرة رغم
عقمها تقتضي أن تنتصر له الدولة الأعظم
لتفتح الطريق بإعطاء الإشارة اللازمة،
فأملنا أن يسعى الصديق الأمريكي لتونس
لأجل مصلحته كما عرف كيف يرعاها سابقا،
فيعمل على إنارة الطريق التي لا مفر منها
لمصلحة الجميع.
وهي
اليوم في المراهنة على حريات التونسي،
كل حرياته بما فيها حرية التنقل كأساس من
أسس حقوق الإنسان.
فبذلك
يضمن الشعب الأمريكي لتواجده بالأرض
التونسية السلامة والاستدامة.
بل
ويكون ذلك لأجل كل بلاد الغرب في نطاق
توطيد متوازن ومتزن للعلاقات بين تونس
ومحيطها الطبيعي، ألا وهو الغرب، في
انتظار أن تلحق بقية بلدان المغرب والوطن
العربي بهذا الفضاء الديمقراطي الذي ليس
غيره كطريق للمستقبل.