حول
مسودة الحقوق والحريات :
حتى نبيّض وجه تونس
الأغر!
قدم
لنا موقع نواة مشكورا مسودة لجنة الحقوق والحريات بالمجلس التأسيسي في فصوله
العشرين الأولى مع الإشارة إلى الإتفاق
المبدئي الحاصل في شأنها بين أعضاء اللجنة
مع بعض التعديلات التي لا مفر منها في
القريب العاجل.
وامتدادا
لهذا العمل المهم، هذه مساهمة مني متواضعة
في تحرير هذا الدستور الذي يكتبه أعضاء
المجلس التأسيسي ليكون أفضل تمثيل لتطلعات
الشعب وطموحاته نحو غد أفضل؛ إذ لا يجب
أن يغضوا النظر عن هذا الجانب المهم لدورهم
اليوم لأسباب شخصية أو توجهات حزبية.
فالتاريخ،
وليس أقل من ذلك، ينظر إليهم وما ستفرزة
ثورة الشعب التونسي التي فتحت الباب على
مصراعيه لعهد جديد هو ربيع بحق لكامل
العالم، لا العربي فقط.
فليساهم
فيه بقسط كل من استطاع إلى ذلك سبيلا!
أما
مساهمتي اليوم فتتمثل أساسا في مجرد إعادة
ترتيب مختلف المقترحات مع محاولة التوفيق
بينها من زاوية نظر تحترم جميع النزعات،
مع بعض الزيادات الطفيفة من باب التأكيد
على ضرورة تجذر تونس الجمهورية الجديدة
في المنظومة الديمقراطية كما تأخذ بها
كل البلاد التي تعد متحضرة اليوم.
فتونس
تنتمي إلى هذا العالم ولا يمكن لها أن
تقصي نفسها عنه بدعوى تميز ديني أو علو
مذهبي. فأصول
الحكم الديمقراطي واحدة ولا سبيل للتفرد
فيها والانفراد.
وإليكم
هذه الفصول وتنقيحاتها في نظم توافقي
أتمنى أن يظفر بإجماع في القبول لأجل
مصلحة تونس العليا.
وهدى
الله الجميع إلى ما فيه خير هذه البلاد
بكتابة دستور تعتز به أجيالها القادمة
فيبيض وجهها بين الأمم.
مشروع
تبييض لمسودة لجنة الحقوق والحريات في
فصولها العشرين
الفصل
الأول :
حق
الحياة من المقدسات، يضمنه ويحميه القانون
لكل متساكني البلاد كأول حق من حقوق
الإنسان، التي منها إلغاء عقوبة الإعدام
بتونس لعلوية وقداسة الروح البشرية،
فتعوض بالحكم المؤبد مدى الحياة.
الفصل
2 :
يضمن
القانون حرمة الجسد وكرامة الذات البشرية،
فيمنع كل أشكال التعذيب المادي والمعنوي،
ويعاقب عليه دون إمكانية لسقوط الجريمة
بالتقادم؛ كما لا تسقط مسؤولية الآمر بها
ومنفذها.
الفصل
3 :
حرية
المعتقد وممارسة الشعـائر الدينية مضمونة
بكامل البلاد التونسية في كنف حرية الرأي
والإبداع.
ولا
يعد تعاطي هذه الحرية من باب الاعتداء
على المقدسات إلا إذا كان مقصودا وسافرا
لا تشوب شائبة نية الإساءة فيه.
فلا
تجريم مبدئي بالبلاد لمساس بمقدسات هي
في عليائها وسموها مضمونة القدر والإجلال
والتوقير، يزيد من ذلك ويؤكده الجو التام
من الحرية المسؤولة الذي يسهر عليه القانون
ويضمنه لكل المواطنين.
الفصل
4 :
الحق
في الحياة الخصوصية أساسي ومضمون بالقانون،
وخاصة منها سرية المراسلات وحرمة المسكن
وحماية المعطيات الشخصية واختيار مقر
الإقامة وحرية التنقل داخل الوطن وخارجه.
ويضمن
القانون أيضا إمكانية مغادرة الوطن
والعودة إليه كحق مشروع لكل مواطن تونسي.
ولا
يمكن الحد من كل هذه الحريات إلا في حالات
إستثنائية يضبطها القانون بصفة تحديدية،
لا تكتسي الصبغة التنفيدية إلا بإذن قضائي
يستوفي جميع الشروط القانونية، ومنها
خاصة حق المعني بالحد من حريته الأساسية
في الدفاع عنها بكل الوسائل المشروعة.
الفصل
5 :
الجنسية
التونسية حق لكل مواطن، فلا يمكن سحبها
منه في أي حال.
كما
لا يمكن حرمان التونسي من حقوقه المدنية
والسياسية.
الفصل
6 :
حق
التقاضي مضمون بالقانون لكل التونسيين
وذلك أمام قضاء عادل، مستقل ومحايد تُضمن
فيه حقوق كل الأطرف، وخاصة منها حقوق
الدفاع.
الفصل
7 :
العقوبة
شخصية يقرها ويضبطها نص قانوني سابق
الوضع لا تنفذ إلا بمقتضاه دون إمكانية
إنسحابه على الماضي إلا في حالة نص أرفق.
الفصل
8 :
البراءة
هي الحال المبدئية لكل من تعلقت به تهمة.
فالمتهم
بريء إلى أن تثبت إدانته في محاكمة علنية
عادلة تُضمن له فيها جميع حقوق الدفاع في
كل أطوار المقاضاة، من بداية التتبع إلى
نهاية المحاكمة.
الفصل
9 :
التثبت
من الهوية على قارعة الطريق لا يتم إلا
حسب قرائن وأسباب مشروعة يمكن للقضاء
التثبت من جديتها.
ولا
يمكن إيقاف أي شخص إلا في حالة تلبس أو
بإذن قضائي.
وفي
هذه الحال، يقع إعلام الموقوف فورا بحقوقه
وبالتهمة المنسوبة إليه والتنصيص على
الإمكانية المتوفرة له للإستعانة بمحام،
سواء باختيار منه أو بتسخير من السلط
المعنية.
وتكون
مدة الإيقاف متوازنة مع خطورة الموضوع
وملابساته، وهي تحدد بقانون يضبط لها
حدا أقسى لا يمكن تجاوزه إلا في حلات
إستثنائية يقع ضبطها بصفة محددة وحسب
إجراءات قضائية تسهر على احترام الحقوق
الأساسية للمعني بالأمر.
الفصل
10 :
العقوبات
السالبة للحرية لها غاية إصلاحية، فيبقى
هدفها العمل على ضمان تأهيل السجين وتسهيل
إدماجه من جديد في المجتمع بعد قضاء
عقوبته، بما فيها العودة إلى وظيف أو عمل
سبق أن امتهنهما.
ويضمن
القانون، طيلة مدة السجن، تمتع السجين
بمعاملة حضارية لا تهان فيها حرمته البدنية
والمعنوية ولا يُحرم فيها من حقوقه
الأساسية.
وللقاضي،
إذا سمحت ملابسات القضية واقتضت الظروف
الذاتية للمحكوم عليه ذلك، أن يراعي في
حكمه مصلحة أسرته ووحدتها من باب العدل
والإنصاف للجميع.
الفصل
11 :
النشاط
الجمعياتي حر، يسهر القانون على دعمه
وتنميته بالبلاد كعنصر من عناصر الديمقراطية
الحديثة.
ومن
هذا النشاط خاصة تكوين الأحزاب والنقابات
والجمعيات المدنية.
الفصل
12 :
تمارس
الجمعيات بكل حرية أنشطتها، وخاصة منها
الأحزاب والنقابات، وذلك في ظل احترام
الدستور والقانون.
ومن
بين التزاماتها ألا تعمل على المساس
بسيادة الشعب والدولة ووحدة الوطن
والمباديء الديمقراطية التي يقرها الدستور
والقانون.
وعليها
أيضا العمل جادة على نبذ كل أشكال العنف،
ماديا كان أو معنويا، في نطاق نشاط متحضر
لا مكان فيه لنزعات جهوية وقبلية أو تطرف
مذهبي وعقدي.
وهي
تسهر أيضا، في نطاق ضرب المثل للعمل
النزيه، على الشفافية التامة في تصرفها،
أدبيا كان أو ماليا.
الفصل
13:
حق
الاجتماع والتظاهر السلمي مضمون بما في
ذلك الاعتصام طالما لم يحد من حريات الغير
فلم يمس بالصالح العام الذي يسهر القانون
على حفظه باسم مصلحة الشعب العليا.
الفصل
14:
العمل
حق لكل مواطن تبذل سلط الدولة وسعها لتوفير
فرصه وضمانها على أساس العدالة والتساوي
في الشروط والظروف بين الموطنين كل حسب
جدارته، مراعاة في ذلك المعايير الدولية.
وفي
نطاق مبدأ التضامن، تسهر السلط المعنية
على الحد من البطالة والتفاوت الإقتصادي
والإجتماعي بين كل جهات البلاد وعلى تشجيع
مساهمة المواطن الفعالة في الدورة
الإقتصادية بالحوافز اللازمة وتوفير
المناخ الملائم لذلك.
كما
تساهم بمعية الناشطين المختصين والمؤسسات
الاقتصادية والإجتماعية في تكوين وتمويل
صندوق يوفر منحة دنيا لكل عاطل عن العمل
لأسباب لا يكون له فيها يد.
الفصل
15:
الحق
النقابي مضمون، بما في ذلك حق الاضراب عن
العمل. وتسهر
النقابات في تعاطي هذا الحق على تفادي أي
خطر يمكن أن ينجر لحياة الناس أو صحتهم
أو أمنهم.
الفصل
16:
النفاذ
إلى المعلومة وحرية استعمال كل الوسائل
المعلوماتية اللازمة في ذلك حق مضمون
لكل شخص بالبلاد التونسية، لا يحده إلا
خطر محدق بالأمن الوطني أو المساس بالحقوق
المضمونة بهذا الدستور.
ويضبط
القانون ضرورة وبصفة تحديدية مثل هذه
الحالات ويضمن الإجراءات الخاصة بها حتى
لا تنال من مبدأ الحرية العام المنصوص
عليه بهذا الفصل.
الفصل
17:
التعليم
المجاني في كامل مراحله حق لكل مواطن،
وهو إجباري في مراحله الأولى إلى غاية
سنّ يضبطها القانون بنص تراعى فيه مقتضيات
المجتمع الآنية.
الفصل
18:
يضمن
القانون العمل الأكاديمي والبحث العلمي،
وتسهر السلط المعنية على توفير كامل
الحريات اللازمة والإمكانيات الضرورية
لذلك في نطاق السهر على أن يكون المستوى
الجامعي بتونس دائم التطور، آخذا بأرقى
المستجدات في المنظومات العالمية المماثلة.
الفصل
19 :
الصحة
حق أساسي لكل فرد بالبلاد التونسية تسهر
السلط المعنية على توفيره بضمان الوقاية
والرعاية والتغطية الإجتماعية على كامل
تراب الجمهورية دون تمييز بين الجهات أو
الأشخاص في التوزيع العادل للخدمات الصحية
وجودتها.
ويضمن
القانون العلاج مجانا لكل المعوزين من
الفئات الضعيفة أو المستضعفة ولمن تقصيهم
حالتهم من التمتع بهذا الحق، بما فيهم
ذوي الإعاقة.
وتسهر
السلط المعنية على وضع الآليات اللازمة
لذلك ومراقبة حسن عملها بما لا بحرم أيا
كان من حقه المشروع.
الفصل
20:
البيئة
السليمة المتوازنة في نطاق تنمية مستدامة
وحوكمة رشيدة هي حق لكل تونسي اليوم وغدا.
وحماية
البيئة والاستغلال الرشيد للثروات
الطبيعية للبلاد هي من أهم واجبات سلط
البلاد ومؤسساتها.
وتبقى
الثروة الأهم للبلاد التونسية مخزونه
البشري، وواجب سلطاتها المقدس دوما أن
تحافظ عليه أي حفاظ بالسهر على ضمان نمو
كل أفراد هذا الشعب، وخاصة جيله الصاعد،
في كنف الأمن والرخاء والحرية.
نشرت المقالة على موقع نواة