حديث الجمعة: شرعية الخمرة في رمضان، تجارةً وشربًا
بيّنا في الحديث السابق أنه لا تحريم في الإسلام لحق الإفطار في رمضان الذي يقرّه الإسلام، بل ويضمنه لكل مسلم، لأنه العبد الحر في دين القيّمة، لا يُسلم أمره إلا لخالقه ولا ينافق في دينه. فالصوم لله وليس للعباد؛ لذلك لا تظاهر فيه، خاصة في رمضان الذي أصبح للأسف شهر النفاق وفرض الصوم على من لا يريده. الأفضل عندها الإفطار، لأن الصوم لا يكون صحيحا إلا إذا توفّرت فيه النية الحسنة وسلمت التقوى في القلب قبل الجوارح. أما من يدّعي فرض الصوم على الناس، فهو ممن جهل دينه أو تظاهر به للمتاجرة والرياسة، يعتقد نفسه في دينٍ فيه كنيسة ومعبد، يتقمص دور الحبر اليهودي والقس المسيحي، بينما لا إكليروس في الإسلام بين الله وخلقه. فله وحده حق الثواب والعقاب لمن صام ولمن لم يصم. ثم إننا نعلم جيّد العلم أن الإسلام السمح المتسامح يمنح حق الكفارة ويأذن بالعديد من الاستثناءات التي ليس الحق في تقدير حقيقتها إلا لرب العالمين، بما أنه منع التنقيب في أفئدة الناس.
قولنا هذا في شهر الصيام يخص أيضا الخمرة، تجارةً في رمضان، وخصوصا شربها الذي بيّنا عديد المرات أن لا تحريم له في الإسلام الصحيح؛ فالتحريم لا يخص إلا الإسراف في الشرب والصلاة في حالة اختمار. ذلك أن الإسلام دين عقلاني لا يظلم الناس، وقد منع الإسراف في كل شيء من طيّبات ما خلق الله، بما في ذلك العنب ومشتقاته. ورغم اجتهاد فقهاء السلف الذي ذهب إلى المنع، فليس فقههم إلا من التأويل للقرآن الذي صلح لزمن ولا يصلح لكل زمن، وإلا أصبح من القرآن المنزّل؛ فهل يبقي عندها من الإسلام؟
فهم الفقهاء الخاطىء لشرب الخمر:
لئن غلب فهم التحريم للخمرة عند الفقهاء، فما كان ذلك إلا من باب استسهال المنع على المجاهدة رغم أن مجاهدة النفس في كل شيء هي مناط الدين؛ ولقد سهّل هذا المنزع تطويع الدين من طرف السلط العمومية التي تجد في ذلك ما تتحكّم به في رقاب الناس. وقد علمنا مدى توطئة الدين للسياسة منذ بداية الإسلام.
منع شرب الخمرة ليس إلا اجتهاد فقهاء بلاطات الحكم، أي الإسلام السياسي، وهو اجتهاد في صالح أصحاب الشوكة والسلطان الذين لا رقيب ولا مانع لما يفعلون، إلا أنهم بحاجة إلى التمويه لأجل النفاق في الدين وادعاء احترامه بينما هم ينسفون صرحه القائم على الأخذ الحر والنية الصادقة والحقوق والحريات .
لعل أبلغ دليل على حلّية الخمر عند أهل الدين الصحيح ما نراه عند أهل التصوف القدامى الذين قاسوا حليته بوجوده بالجنة، إذ من يسهر على الشرب دون بلوغ حد السكر يجعل شرابه كشراب الجنة، لا اختمار منه ولا فيه، بل ليس فيه إلا الحق. أما من لا يقدر، فيجد في ذلك المحنة الضرورية للنجاح في امتحان كبح جماح رغباته للامتناع عن الشرب طالما لا يقدر عن الامتناع عن السكر؛ والامتحان واجب في الدين.
وما يزيد خطأ الفقهاء بخصوص الخمر فداحة ابتداعهم لأحاديث انتحلوها على الرسول الأكرم، منها الادّعاء بأن مسكه حرام. وقد ذكّرنا في الحديث السابق بأن الروح القدس جبريل نفسه مسك به، بل وقدّم منه كأسا للرسول ليلة إسرائه؛ فهل يُعقل هذا فيما نعتبره من الفواحش؟
نفاق الدولة في تجارة وشرب الخمرة:
إن فساد فهم الفقهاء للدين اليوم لهو أيضا من فساد تعاطي الدولة معه، إذ مسؤوليتها كبرى في إصلاح المفاهيم الخاطئة، لا التشجيع عليها؛ فليس ذلك من حماية الدين ورعاية حقوقه، بل هو الإضرار بمقاصده والمتاجرة به عمدا. ونحن نعاين مدى فحش هذه المتاجرة كل سنة مع شهر رمضان، إذ تنقلب مصالح الدولة إلى هذا التاجر الذي يسعى جاهدا يحث الناس على الإسراف في الأكل والتخمة بالسهر جادا على توفير السوق بكل ما يجب ولا يجب. ثم إن سلطاتها تمعن في منع الناس من الأكل والشرب علانية بينما هذا من حقّهم المضمون دستوريا ودينيا.
فهلا سعت السلط بتونس، بداية من هذه السنة، في الكف عن تجارتها الرخيصة بالدين فصححّت فهمها له بأن سعت لتحرير النوايا الحسنة في احترام رمضان؛ فمن شاء الصيام فله ذلك على ألا يفرضه على غيره، إذ في صومه مع غير الصائمين أفضل الدليل على حسن نيته وسلامة فهمه لدينه واحترامه لحرية غيره! كما للمحلات التجارية عرض الخمر كما هي الحال سائر الأيام، إذ منع البيع في رمضان وأيام الجمعة يخالف، لا الدستور وحده، بل والدين أيضا، إذ في كليهما التقديس لحريات الناس الخاصة!
وجوب رفع العراقيل عن شرب الخمر والمتجارة بها:
نأمل من الآن أن تثوب السلط إلى رشدها وتحترم واجباتها الدستورية في الحرص على تطبيق الدين القيّم الصحيح، لا ما رسب فيه من مفاهيم مغلوطة أفرزتها الإسرائيليات التي طبّقت مفاهيم غربية عن الأسلام، بما أنه ليس مجرّد شعائر، إنما هو دين ودنيا؛ وللدنيا مقتضياتها.
إن احترام الدولة لواجباتها لهو في المنافحة عن الدين الحقيقي ورفض كل فهم غير صحيح له، يجعل من إسلام الحقوق والحريات دين التزمّت ورفض الآخر باسم نظرة لاهوتية مستوردة لا تمت بصلة لا لروح الإسلام ولا لعقلية العربي المتعلّق بحريتة في دينه.
لذا، من الواجب إبطال كل ما يمنع في رمضان هذه السنة حرية التجارة، بما فيها تجارة الخمرة، وتبيان أن الإسلام يضمن للمسلم حق مسكه وشربه شريطة ألا يبالغ في ذلك إلى حد فقدان عقله. فشرب الخمرة بلا إسراف لمن باب مجاهدة النفس، وهي هذا الجهاد الصحيح الذي حث عليه الإسلام، فنسيه من يتاجر بدينه من الفقهاء المحرّمين للخمرة. ولتعطي أيضا البلديات المستقلّة إشارة العودة للدين السمح المتسامح بأن تسعى، دون تأخير، لأن تطبّق في مجالها هذا الفهم االصحيح للدين؛ إذ بلغ السيل الزبى في الإفحاش في فهمه من طرف من قلب ما فيه من درر إلى بعرات أفرزها إسلام دعي لا يمت بصلة لدين محمّد، إيمان الحقوق والحريات، كل الحقوق وكل الحريات بلا استثناء.
فهم الفقهاء الخاطىء لشرب الخمر:
لئن غلب فهم التحريم للخمرة عند الفقهاء، فما كان ذلك إلا من باب استسهال المنع على المجاهدة رغم أن مجاهدة النفس في كل شيء هي مناط الدين؛ ولقد سهّل هذا المنزع تطويع الدين من طرف السلط العمومية التي تجد في ذلك ما تتحكّم به في رقاب الناس. وقد علمنا مدى توطئة الدين للسياسة منذ بداية الإسلام.
منع شرب الخمرة ليس إلا اجتهاد فقهاء بلاطات الحكم، أي الإسلام السياسي، وهو اجتهاد في صالح أصحاب الشوكة والسلطان الذين لا رقيب ولا مانع لما يفعلون، إلا أنهم بحاجة إلى التمويه لأجل النفاق في الدين وادعاء احترامه بينما هم ينسفون صرحه القائم على الأخذ الحر والنية الصادقة والحقوق والحريات .
لعل أبلغ دليل على حلّية الخمر عند أهل الدين الصحيح ما نراه عند أهل التصوف القدامى الذين قاسوا حليته بوجوده بالجنة، إذ من يسهر على الشرب دون بلوغ حد السكر يجعل شرابه كشراب الجنة، لا اختمار منه ولا فيه، بل ليس فيه إلا الحق. أما من لا يقدر، فيجد في ذلك المحنة الضرورية للنجاح في امتحان كبح جماح رغباته للامتناع عن الشرب طالما لا يقدر عن الامتناع عن السكر؛ والامتحان واجب في الدين.
وما يزيد خطأ الفقهاء بخصوص الخمر فداحة ابتداعهم لأحاديث انتحلوها على الرسول الأكرم، منها الادّعاء بأن مسكه حرام. وقد ذكّرنا في الحديث السابق بأن الروح القدس جبريل نفسه مسك به، بل وقدّم منه كأسا للرسول ليلة إسرائه؛ فهل يُعقل هذا فيما نعتبره من الفواحش؟
نفاق الدولة في تجارة وشرب الخمرة:
إن فساد فهم الفقهاء للدين اليوم لهو أيضا من فساد تعاطي الدولة معه، إذ مسؤوليتها كبرى في إصلاح المفاهيم الخاطئة، لا التشجيع عليها؛ فليس ذلك من حماية الدين ورعاية حقوقه، بل هو الإضرار بمقاصده والمتاجرة به عمدا. ونحن نعاين مدى فحش هذه المتاجرة كل سنة مع شهر رمضان، إذ تنقلب مصالح الدولة إلى هذا التاجر الذي يسعى جاهدا يحث الناس على الإسراف في الأكل والتخمة بالسهر جادا على توفير السوق بكل ما يجب ولا يجب. ثم إن سلطاتها تمعن في منع الناس من الأكل والشرب علانية بينما هذا من حقّهم المضمون دستوريا ودينيا.
فهلا سعت السلط بتونس، بداية من هذه السنة، في الكف عن تجارتها الرخيصة بالدين فصححّت فهمها له بأن سعت لتحرير النوايا الحسنة في احترام رمضان؛ فمن شاء الصيام فله ذلك على ألا يفرضه على غيره، إذ في صومه مع غير الصائمين أفضل الدليل على حسن نيته وسلامة فهمه لدينه واحترامه لحرية غيره! كما للمحلات التجارية عرض الخمر كما هي الحال سائر الأيام، إذ منع البيع في رمضان وأيام الجمعة يخالف، لا الدستور وحده، بل والدين أيضا، إذ في كليهما التقديس لحريات الناس الخاصة!
وجوب رفع العراقيل عن شرب الخمر والمتجارة بها:
نأمل من الآن أن تثوب السلط إلى رشدها وتحترم واجباتها الدستورية في الحرص على تطبيق الدين القيّم الصحيح، لا ما رسب فيه من مفاهيم مغلوطة أفرزتها الإسرائيليات التي طبّقت مفاهيم غربية عن الأسلام، بما أنه ليس مجرّد شعائر، إنما هو دين ودنيا؛ وللدنيا مقتضياتها.
إن احترام الدولة لواجباتها لهو في المنافحة عن الدين الحقيقي ورفض كل فهم غير صحيح له، يجعل من إسلام الحقوق والحريات دين التزمّت ورفض الآخر باسم نظرة لاهوتية مستوردة لا تمت بصلة لا لروح الإسلام ولا لعقلية العربي المتعلّق بحريتة في دينه.
لذا، من الواجب إبطال كل ما يمنع في رمضان هذه السنة حرية التجارة، بما فيها تجارة الخمرة، وتبيان أن الإسلام يضمن للمسلم حق مسكه وشربه شريطة ألا يبالغ في ذلك إلى حد فقدان عقله. فشرب الخمرة بلا إسراف لمن باب مجاهدة النفس، وهي هذا الجهاد الصحيح الذي حث عليه الإسلام، فنسيه من يتاجر بدينه من الفقهاء المحرّمين للخمرة. ولتعطي أيضا البلديات المستقلّة إشارة العودة للدين السمح المتسامح بأن تسعى، دون تأخير، لأن تطبّق في مجالها هذا الفهم االصحيح للدين؛ إذ بلغ السيل الزبى في الإفحاش في فهمه من طرف من قلب ما فيه من درر إلى بعرات أفرزها إسلام دعي لا يمت بصلة لدين محمّد، إيمان الحقوق والحريات، كل الحقوق وكل الحريات بلا استثناء.
نشرت على موقع أنباء تونس