حديث الجمعة : انتشار الزواج العرفي في المجتمع يحتّم تحرير العلاقات الجنسية
كل المؤشرات تؤكد أن القانون الحالي الذي يحد من العلاقات الجنسية يتطلب التغيير لانتشار ظاهرة الزواج العرفي وزواج المتعة في المجتمع التونسي.
ما لا يفقهه حكامنا هو أن المجتمع التونسي تغيّر بصفة لا تقبل دوام القوانين القديمة التي تحد من حرية التونسيين، خاصة في مجال الحريات الشخصية. ونظرا لانعدام الجرأة لديهم لإبطال تلك القوانين، فإن التونسيين يفتكّون حرياتهم بشتى الوسائل، متحايلين لإيجاد الحلول المتناغمة مع عاداتهم ومعتقداتهم.
جرأة المجتمع على افتكاك حرياته باسم الدين
لذا، لاحظنا منذ الثورة انتشار الزواج العرفي وزواج المتعة في مجتمع يتصدّي بذلك للقوانين الوضعية التي تمنع حق العلاقات الجنسية خارج الزواج. وبما أن القانون يدّعي الأخذ بتعاليم الإسلام في ذلك المنع، فبالدين يعارضه أبناء وبنات الشعب لافتكاك حرياتهم.
ذلك لأن الإسلام أقر حق الجنس خارج إطار الزيجة العادية باللجوء لزواج المتعة؛ ومنه الزواج العرفي الذي كان عاديا في مجتمعنا قبل أن تفرض الدولة القانون المعمول به حاليا.
لقد كان هذا القانون مقبولا عند فرضه بالبلاد، أما اليوم فهو في تناقض تام مع تطلعات الشباب المشروعة للحرية التامة في حياتهم الجنسية. وما دام القانون على حاله، فهم يستنبطون قانونهم الخاص، يفرضونه بذلك على السلطات التي عليها الأخذ بمثل هذه المطالب الشعبية، إذ لا محيد من الاعتراف بها وتثمينها.
الاعتراف بحق الجنس وتغيير القانون
لقد حذّرت أخيرا وزيرة المرأة من استشراء مثل هذه الحلول في أواسط الشباب بدعوى أنها تعرّضهم للعقوبة لمخالفتها الصيغ القانونية. هذا من البديهيات التي لا حظ لها أن تلقى اليوم أي صدًى عند التونسي الراغب أكثر من أي وقت مضى في الحياة الشخصية تامة الحرية.
لذا، كان أحرى بالوزيرة اقتراح تغيير المنظومة القانونية للاعتراف أخيرا بحقوق التونسيين في الجنس عوض التنديد بوضعٍ لن تمنعه القوانين الجزرية. فهذا الوضع من الإفرازات المجتمعية المتناسبة مع روح زمننا الجماهيري الذي ميزته الأكبر تنمية المشاعر دون أي تحديدٍ أو تسلطٍ عمودي أيا كانت صفته.
إن الحق في الجنس مضمون في الدين الإسلامي، إذ أقر بدايةً حق المتعة، وذلك حتى في موسم الحج، فلم يقع منعه إلا لاحقا بعد وفاة الرسول الأكرم. ثم العلاقة المتعية في الإسلام خارج الزواج مقبولة بواسطة زواج المتعة المعروف ببعض البلاد الإسلامية. وكيف لا يكون ذلك وقد أباح الدين الجنس في الجنة بدون تحديد؟
المهم في الإسلام أن تكون المتعة عقلانية، دون مضرة لا للنسب ولا للنسل. لهذا، فرض العقد لخصوصيات الزمن الغابر. ولا شك أن العقد اليوم يتمثّل في رضا طرفا العلاقة وبلوغهما، نظرا لانتفاء مشكل النسب والنسل للتقدم الحاصل في وسائل التوقّي من الحمل غير المرغوب فيه.
لم يبق إذن إلا وجوب تغيير القانون الحالي حتى يتلاءم لا مع صفة المجتع فقط، بل ومقتضيات الدستور وتعاليم الدين المعترف اعترافا لا شك فيه بحق الناس المشروع في عيشةٍ شخصيةٍ تامة الحرية حسب الطبيعة البشرية. أليس الجنس أهم علامات هذه الفطرة؟
نشرت على موقع أنباء تونس