حديث الجمعة : الانتحاري الأول كان يهوديا
الانتحاري الذي يقتل نفسه باسم الإسلام لا يفعل فعلته الشنيعة إلا تأسيا باليهودية، فالانتحار وقتل النفس محرمان في الاسلام؛ ثم أول الانتحاريين يهودي.
لقد سبق أن بينا أن الشهادة في الإسلام تقتضي الحياة لا الموت، إذ هي الاتيان بالخبر اليقين. وقلنا أن المعنى الحالي للشهادة هو من رواسب العادات اليهودية والمسيحية. وتأكيدا على ذلك، نبين اليوم أن الانتحاري الأول في التاريخ كان يهوديا، وهو القاضي شمشون
شمشون انتحاري التوراة
لقد ارتبط اسم شمشون بدليلة؛ فتحدثت الأفلام السينمائية عنهما بإطناب. وهي واقعة معروفة في الكتاب المقدس لليهود والنصارى، تنصهر في الصراع القديم بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
شمشون ويعني الشمس، شخصية من شخصيات العهد القديم، وهو بطل شعبي إسرائيلي. ورد ذكره في سفر القضاة في الأصحاحات 13 إلى 16، وفي الرسالة إلى العبرانيين من العهد الجديد في الأصحاح 11. وحسب سفر القضاة، الإصحاح 16، شمشون من قضاة إسرائيل، ظل يقضي عشرين سنة في حكم الفلسطيينين.
جرت الأحداث، حسب أسفار العهد القديم، في مدينة غزة؛ وهي تحكي غرام شمشون اليهودي بدليلة الفلسطينية. فعكس اليوم، كان اليهود ذلك الزمن تحت ربقة الفلسطينيين، أسيادهم. وكان شمشون جبّارا لقوته العجيبة؛ وكان يعيث فسادا في أراضي أعدائه، يسلب مسافريهم ويقتل من أمكنه البطش به.
ثم تعرف على دليلة الفلسطينية وأحبها فتزوجها بدون رضى والديه. أما دليلة فلا تقول القصة إن أحبت زوحها حقا، بل تبين أنها، انتصارا لقومها، كانت تنوي الاتقام لهم من شمشون. كانت مهمة دليلة معرفة سر قوة شمشون. وتوصلت بعد الزواج إلى معرفتها، إذ باح لها بأن كل قوته في شعر رأسه.
فكان أن جزت شعره عند منامه ثم هجم قومها عليه ففقأوا عينيه وأوثقوه بالسلاسل، وسجنوه يعمل في طحن الشعير. إلا أن شعر رأس شمشون أخذ ينمو رويداً رويدا طيلة سجنه، وبذلك استرجع قوته مما مكنه من الانتقام من أعد ائه.
كان ذلك في عيد لهم في المعبد، وكان شمـــشون موثقا بالسلاسل إلى عمودي المعبد، أتوا به إليه ليتسلوا به؛ فعمد إلى جذب السلسلتين، صائحا : «عليّ وعلى أعدائي يا رب!»؛ فانهار المعبد على رؤوس، وقُتل كل من كان به، بما فيهم شمشون نفسه. فهو إذن أول انتحاري يهودي في التاريخ.
شمشون هذا البطل اليهودي
يعتبر اليهود إلى اليوم شمشمون بطلا وطنيا بلا منازع. هذا، وتُعَيِّد له الكنيسة القبطية رغم أنه، حقيقة، أول انتحاري في التاريخ الديني. وهذا يبين صراحة كيف أن ثقافة الانتحار المنتشرة اليوم بين أهل الإسلام ليست إلا عادة يهودية. فالانتحاري المسلم لا يجدّد إلا سيرة شمشون اليهودي وسنته؛ فليس في القرآن والتاريخ الإسلامي ما يؤسس فقهيا للانتحار الذي يندد به ديننا أي تنديد، إذ لا يقبض الروح البشرية فيه إ لا خالقها.
ونحن نعلم أيضا أن الجهاد المسلح في الإسلام، أي الجهاد الأصغر، انتهى بقيام الدولة الإسلامية، فلم يعد هناك إلا الجهاد الأكبر، أي جهاد النفس. ومما يؤكد ذلك أنه لا حرب مقدسة في دين القيمة، فهذه أيضا من العادات اليهودية والمسيحية، لأن الحرب الإسلامية دفاعية لا غير.
بذلك نرى إلى أي مدى يغلط في فهم دينه من يحلل الانتحار باسم الإسلام؛ فما بالك عندما يقتل الانتحاري بجرمه أنفسا بريئة في دينٍ فيه قتل النفس الواحدة كقتل البشرية جمعاء!
أما حان الوقت لفقهاء الإسلام اليوم لرفع الغشاوة عن الأعين والتنديد بصناعة الانتحار هذه، وقول كلمة الحق في انتهاء الجهاد الأصغر، إذ ليس هو اليوم إلا من الإرهاب والإجرام في حق الناس وحق دين القيمة!
نشرت على موقع أنباء تونس