مشروعا قانون لمكتب المبادرات التشريعية للنهضة
في تصريح لرئيس كتلة النهضة، السيد نورالدين البحيري، علمنا بالأمس أن كتلة الحزب الإسلامي بمجلس نواب الشعب أحدثت “مكتبا للمبادرات التشريعية”، مهمته تقديم مبادرات تشريعية لتجسيم احكام الدستور على ارض الواقع.*
ولا شك أن هذه المبادرة قيمة إذا لم تكن فقط من باب ذر الرماد في الأعين والضحك على الأذقان.
ليس لنا طبعا إلا الترحيب بها، خاصة وأن السيد البحيري أكد أن المكتب سيعمل على طرح مبادرات تشريعية لتعديل القوانين التي لا تتلاءم مع الدستور.
مشرورعا قانون من المسكوت عنه :
لذلك، وحتى لا يكون حكمنا اعتباطيا، إذ عودنا حزب النهضة بالكلام الفضفاض المداهن، أعرض هنا ومن جديد على نظر المكتب المحدث، لمشروعي قانون من الأهمية بمكان، إذ يختزلان من جهة تخلص النهضة من عقدة الإسلاموية بقراءة سليمة للدين، ومن جهة أخرى برهنتها على الأخذ بمباديء الديمقراطية التي هي في المساواة الحقيقية بين الجنسين وبين المواطنين، كل المواطنين.
فهما من هذا المسكوت عنه من المواضيع التي اعتدنا عدم الخوض فيها، بينما لا قطعيات لا في الدين ولا في دولة القانون، حيث يجب التفريق بين أمور الدين التي مجالها الحياة الخصوصية والمجال العام الذي لا يتصرف فيه إلا الدستور بالحقوق والحريات المنصوص عليه فيه.
فإذا كانت حقا رغبة كتلة النهضة، كما زعمه رئيسها، في قبول المبادرات من داخل الكتلة وخارجها، والإسراع لاستكمال عملية البناء التشريعي ووضع حد لبعض القوانين “المعطلة للتنمية والإصلاح السياسي والإستثمار” والتي صدرت في شأنها عديد التشكيات من قبل المواطنين، فليبدأ بهذين القانونين لأن فيهما التعطيل الكبار لا فيا لظاهر، بل في باطن الأشخاص، إذ يعمل رفض الآخر وعدم القبول بالمساواة بين الجنسين على تغذية كوابل فكرية في اللاوعي والمتخيل الشعبي، مما ينميّ فيهما رفض العيش المشترك وبالتالي هدم منع اببناء لصرح دولة القانون إذ لا مكان فيها لقوانين مخزية كلها من عهد الديكتاتورية ، بله العدد الوافر منها من عهد الاحتلال.
المشروع الأول : إبطال الفصل 230 جنائي
هذا الفصل أصبح باطلا بعد دخول الدستور حيز التفيذ، لأنه يخالف الحقوق والحريات، لا في الدولة المدنية فقط، بل وأيضا في الدين إذ الإسلام أقر قدسية الحياة الخصوصية ومنع المساس بها.
فما من شك أن المشروع المعروض هنا يبين ذلك بكل وضوح مما جعل اللائكيين يرفضون تقديمه للمجلس رفضا للاعتراف بدور الإسلام في القانون التونسي، رغم أنه في الدستور.
وهذا نص المشروع :
مشروع قانون في إبطال تجريم المثلية :
حيث أن كراهة المثلية مخالفة لحقوق الإنسان في حياة مجتمعية آمنة، وهي أساس الديمقراطية؛
وحيث أن التوجه الجنسي للبشر من حياتهم الخصوصية التي تضمن حريتها دولة القانون والإسلام؛
وحيث أن الفصل 230 من القانون الجنائي يخرق الإسلام وينتهك تسامحه، إذ لا كراهة فيه للمثلية لاحترامه لحرمة الحياة الخاصة للمؤمن وضمانه التام لها؛
فإن مجلس نواب الشعب يقرر ما يلي :
نظرا لأن الحياة الخصوصية محترمة ومضمونة دستوريا بالجمهورية التونسية، لذا، أُبطل الفصل 230 من القانون الجنائى.
المشروع الثاني : المساواة في الإرث بين الجنسين
هذا أيضا من المشاريع التي ترفض اللائكية تقديمها نظرا لاتزانه وأخذه بمقومات خصوصيا الحياة التونسية. فهو يسعى للمساواة في الميراث لكن بتؤدة ودون إسقاط من فوق، ضامنا حرية من لا يريد الأخذ به. وهو طبعا يحترم تماما مقاصد الشريعة الإسلامية التي أعلت مقام المرأة أي إعلاء وبينت أن التوجه الذي على المؤمن الأخذ به حتى يتمسك حقا بروح الإسلام الصحيج لهو الإقرار بالمساواة التامة في الميراث بين الجنسين.
هذا نص المشروع المعروض على مكتب المبادرات التشريعية :
مشروع قانون في المساواة في الإرث بين الجنسين :
اعتمادا على التأكيد الدستوري للمساواة التامة بين المواطنين،
واعتبارا للدور السني للمرأة في المجتمع التونسي وحقها في المساواة مع الرجل،
ونظرا لمقاصد الشريعة الإسلامية التي شرّفت المرأة فأعلت من شأنها في نطاق توجه مرحلي تقدمي جاء متناغما مع وجهة التاريخ والمنظومة العالمية للقيم الإنسانية؛
فإن مجلس نواب الشعب يقرر :
لمدة سنوات عشر ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ يقع رفع تطبيق القاعدة الحالية التي تمنح للوارث الذكر مثل حظ الأنثيين، وذلك كما ورد بالباب التاسع من مجلة الأحوال الشخصية.
خلال هذه العشرية، عدا حالة الرفض الثابت من المرأة الوارثة، فإنه يقع تمكين المرأة مثل حظ الذكر في الإرث ليعادل نصيب الأنثى نصيب الذكر الوارث.
وفي نهاية فترة العشر سنوات من تطبيق هذا القانون يقع إقراره نهائيا أو إبطاله بعد تقييم مستفيض لتطبيقه خلال المدة المعنية.
تتم دراسة التقييم من طرف مجلس نواب الشعب قبل نهاية عشرية التطبيق لهذا القانون حتى يقع إثباته نهائيا أو إبطاله.
هل تستحق النهضة أن تكون ديمقراطية إسلامية؟
لا شك أن حزب النهضة بتبنيه هذين المشروعين يدلل بدون أدنى مجال للشك على نضجه السياسي وحسه الديقواطي وأهليته للعب الدوو الذي يليق به في الحياة السياسية، إذ يكون برهن بذلك، في هذين الموضوعين الحساسين، على مدى واقيعته وتطور فكره ونضج عقليته.
فهل هذا حقا هو واقع حزب النهضة اليوم أم هو يخاتل ويخادع كما يقول من عاداه ؟
سنرى ذلك في مصير هذين المشروعين عند مكتب المبادرات التشريعية الحديد للنهضة.
ننتظر طبعا لأجل مصلحة البلاد والعباد ألا يخيب الحزب الآمال المعقودة عليه حتى يكون لتونس بحق حزبا ديمقراطيا إسلاميا، نظير الديمقراطيات المسيحية بالغرب ! فهل هذا بالمستحيل؟ نرى ذلك بقبول أو رفض حزب النهضة لهذين المشروعين.
نشرت على موقع أنباء تونس