هل للإمام أو المفتي الحق في الإشهاد على اعتناق الإسلام؟
راجت مؤخرا أخبار مفادها اعتناق شاب فرنسي للإسلام بمساكن بين يدي إمام الجامع الكبير السيد البشير بن حسن.
وقد أعقب هذا الحدث صدور بيان من ديوان الإفتاء يفيد بعدم شرعية مثل هذا الإجراء، مشيرا إلى أن اعتناق الإسلام بالبلاد التونسية يتم بمقتضى شهادة رسمية تسلمها مصالح مفتي الجمهورية وذلك بمقتضى منشور صادر عن الوزير الأول بتاريخ 19 أكتوبر 1973 وآخر عن وزير العدل بتاريخ 5 نوفمبر من نفس السنة.
والحقيقة هي أنه لا صفة لإمام جامع مساكن بقبول اعتناق الإسلام من أحد، لأن الدخول لدين الله لا يهم إلا العبد وخالقة ولا أحد غيرهما.
هذا أولا؛ وثانيا، فإن المنشورين الآنف ذكرهما يهمان ضرورة الإدلاء بشاهدة في الإسلام لمن ابتغى الزواج بمسلمة لا اعتناق الإسلام عامة. وهما لا يتمتعان بحجية قانونية إذ يناقضان صريح فصول قانون مجلة الأحوال الشخصية في حرية المرأة في الزواج بمن تشاء، إضافة للمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية في موضوع حقوق المرأة الثابتة.
الحقيقة إذن هي أن اعتناق الإسلام ما كان يوما يرتبط بتسلم وثيقة إدارية، إذ هو من باب النية الصادقة لا غير؛ فالعلاقة فيه لا تربط إلا العبد وخالقه.
لذا، ليس لأي إمام ولا حتي لمفتي الديار التونسية الحق في دين الإسلام بالسماح أو رفض اعتناق الإسلام.
فالدين الإسلامي، في هذا الميدان، يختلف عن الديانتين المسيحية واليهودية، بما أن العلاقة فيه بين العبد وخالقه مباشرة، لانعدام الكنيسة أو البيعة أو الكهنوت في الإسلام.
لذا، يبقى للعبد، أيا كان، تمام الحرية في اعتناق الإسلام، لا رقيب له على حسن إسلامه إلا كسبه اليومي وتصرفه؛ ويكون ذلك بإعطاء المثل الأسني ومكارم الأخلاق.
أما النية التي عليها أن تكون حسنة والضمير الذي يجب أبدا أن يكون صافيا، فلا يراقبهما إلا الله لا غير.
هذا هو الإسلام الصحيح !