الصورة والخداع الأخلاقي
إن الصورة والهيأة وكل ما كان من المظاهر له من القيمة ما لا تُقدّر في عاداتنا وفي مخيالنا العربي الإسلامي، رغم أن الإسلام حذّر من زيف المظاهر أي تحذير.
قيمة الصورة في مخيالنا :
يقول المثل الشعبي عندنا «لتأكل على ذوقك وكما يحلو لك، ولكن لا تلبس إلا كما يحلو للناس وعلى ذوق الناس». فهذا مما يبين حرصنا على عدم إثارة نظر الغير بما لم يعتده.
وإذا كان ذلك من حسن المعاشرة وشدة اللباقة في التأقلم مع طباع المجتمع الغالبة، إلا أن من شأنه أن ينقلب إلى سوء المعاشرة وقلة اللياقة إذا أصبح من باب التملق و الكبرياء و الخيلاء إلى حد المغالطة في ما نحن عليه حقا من طباع وماهية صورتنا على حقيقتها.
فهناك العديد منا يسهر بصفة خاصة على تنميق صورته والحرص على زخرفتها في عين الغريب، لئلا يبدو منه له ما يشين؛ وهذا ولا شك من باب الزيف والمخادعة إذا ابتغينا منه الظهور بمظهر يناقض تماما ما نحن عليه في سائر الأيام وبين ظهراني من يعرفنا ويعاشرنا.
نعم، ليس من العيب بتاتا أن نسهر على إظهار أفضل ما فينا لمن لا يعرفنا حتى لا يسارع بالحكم علينا إذا ما ساءه منا أي شيء دون نية الإساءة منا؛ فلا كمال إلا لله! غير أنه إذا أتينا ذلك عامدين مخالفة ما نعتاده من التصرف أو القول أو مبتذل الهيأة، فذاك العيب كله.
الاستحياء من الناس دون الله :
لقد طالعتنا الأخبار من مكة أن السلطات السعودية عمدت بعد تفتيشات حثيثة إلى اعتقال أحد رجال أمنها لاتهامها له بأخد صور لعملية إعدام تمت بالساحة العموميمة لامرأة متهمة بالقتل العمد.
ليس المجال هنا للحديث عن هذه المسكينة التي قُطع رأسها وهي تصرخ براءتها؛ ولا عن التشنيع بمثل هذه الطريقة في القتل البشعة سواء بقطع الرأس أو بتنفيذ الإعدام بالساحات العمومية. غايتنا هنا فقط التنديد بمحاولة السلطلات السعودية إخفاء شناعة عملها عن مرأى الأجانب وذلك بإيقاف من تعمد تصوير المشهد الفضيع وإذاعته.
فهل تستحي هذه السلطات مما اقترفته إلى حد العمل على أن يتم خفية عن أنظار العالم؟ ألم تعلم أنه لا شيء اليوم يخفي عن أنظار الناس اليوم؟ ثم، إن كان ذلك ممكنا، فهل يخفى عن نظر الله؟ فهلا تستحي السلطات السعودية من الله وهي هكذا في استحياء من الأجانب وازدرائهم لتصرفاتها البشعة؟
لا حكم بالظنة في الإسلام !
لعل السلطات الوهابية ترد بأن المرأة مدانة وأن عقابها الإعدام؛ فلم لا يكون ذلك بعد محاكمة عادلة تتوفر فيها للمرأة كل حقوقها التي يضمنها لها دين الإسلام، قانون المملكة؟
أليس الدين يمنع الحكم بالظنة؟ وأليس من شأن إنكار المدانة لما اتهمت به إثارة للظنة ومظنة للشك، ولا قتل في دين الإسلام مع أبسط شك؟
إن هذا لمن الخداع! وإن مثل هذه المخاتلة ممن يسهر على رعاية حقوق الله بحفظ بيته وأقدس مقدسات ديننا لا تشرف الإسلام إذ تسيء إليه أي إساءة. إنها لأكبر وأعتى من أي عمل عدائي ممن يريد الشر لديننا.
فلتعمل السلطات السعودية على تنقية صورتها مما شابها حتى لا تشوّه معها نور الإسلام الساطع وكأنه تعمل على أن يخبو بمثل هذه التصرفات الخرقاء !