Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

mardi 27 octobre 2015

Pour la démoarchie 9

مناخات نوبل للسلام والتداعيات المرتقبة بتونس *
* النص الأصلي الكامل



أسندت هذه السنة جائزة نوبل للسلام لتونس عبر ما يسمّى رباعي الحوار الوطني، أي هذا الفريق المتكوّن من أهم منظمة شغيلة بالبلاد، الاتحاد العام التونسي للشغل، ذات التاريخ النضالي العريق لا في الميدان النقابي فقط، بل وأيضا في مقاومة الاستعمار مع المناضل الشهير عالميا فرحات حشاد، الذي بقي مثالا للسياسي الفذ بتونس.
و نجد إلى جانب هذه المنظمة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، أي منظمة الأعراف بالبلاد، وعمادة المحاماة، والمنظمة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وهي من أعرق المنظمات في الميدان بالعالم العربي.
حيثيات المشهد التونسي  :
لقد تشكّل الرباعي بتشجيع من الأصدقاء الغربيين  لتونس في فترة  حالكة سياسيا، إذ كانت البلاد على قاب قوسين أو أدنى من الانفجار نظرا لتأزم الوضع جراء الفشل الفادح  للترويكا الحاكمة بقيادة الحزب الإسلامي، مما قاد إلى اضراب العديد من النواب بالمجلس التأسيسي عن أعماله، فأدّى ذلك إلى توقيف أشغاله مدة طويلة.
كانت مهمة الرباعي قيادة حوار وطني خارج المؤسسات الهشة للتقليل من الفرقة بين أهم الأطراف السياسية المعنية والعمل على رعاية هذا الحوار وإنجاحه  للخروج بالبلاد من الأزمة الحادة. 
وقد زادت حدة الأزمة أحداث مصر التي أدت إلى وصول العسكر إلى الحكم والانقلاب على الشرعية الانتخابية، مما كان له الوقع الأكيد على متخيل الإسلاميين بتونس. مع العلم أن الخيار الأمريكي بها كان دوما منذ البداية في العمل على إنجاح الانتقال الديمقراطي بسلاسة بدعم للإسلاميين سواء في الحكم أو قريبا جدا منه.
وبمساعدة لا يستهان بها من الأطراف الغربية، نجح الحوار بعد لأي، مؤديا إلي خروج الحزب الإسلامي وشريكيه من الحكم وتعويضهم بفريق حكومي تم اختياره مبدئيا لكفاءته خارج الأحزاب السياسية، مهمته قيادة البلاد لثاني انتخابات حرة أتت بتغيير ميزان القوي. ذلك أن الحزب الإسلامي ترك مكانه في الحكم وبصفة شرعية  لغريمه الحداثي دون أن يقل وزنه كثيرا على الساحة السياسية مما يمكنّه دوما من التأثير على مجريات الأحداث بكتلة نيابية هامة، الثانية عددا بالبلاد.
وقد ظن البعض أن نجاح مهمة الرباعي أشّرت على نهاية دوره بعد عودة البلاد إلى الشرعية الانتخابية، إذ عارض الكثير فكرة مأسسته حتى لا يتداخل نشاطه مع المؤسسات الديمقراطية الجديدية، خاصة وأنها لا تزال في طور الترويض.
إلا أن المشهد السياسي الذي أنتجته الانتخابات أدى إلي وضع كله هشاشة؛ فالحزب الحاكم المحسوب على الليبيراليين لم يحرز على أغلبية ساحقة تمكّنه من الحكم لمفرده، بما أن الحزب الإسلامي بقي حائزا على عدد وفير من الأصوات بمجلس نواب الشعب أعطاه المرتبة الثانية مع الكلمة الفصل في المسائل الهامة. 
لذلك أدى هذا الوضع بالحزب الحاكم، متنكرا لتعهاداته الانتخابية، إلى انتهاج سياسة توافقية تمثلت في ائتلاف حكومي جديد كانت نتيجته تجميد الوضع وانعدام أي اصلاحات هامة رغم ضرورتها واحتياج البلاد إليها.
من كواليس الجائزة :
لا شك أن هذا كان من شأنه حث البعض ممن يراقب عن كثب الشأن التونسي من الأصدقاء الغربيين على التفكير في إعادة استعمال السلاح الذي ساعد على حل الأزمة سابقا لحلحلة الوضع الراهن والمساعدة على الخروج بالبلاد من المأزق الحالي.
هذا هو السبب ، انطلاقا من بعض الملاحظات والتسريبات، الذي جعل عددا من أصحاب القرار على الساحة الدولية يعمل على دعم فكرة إسناد جائزة نوبل للسلام لتونس عبر الرباعي الراعي للحوار لإعطائه شرعية معنوية عالمية من شأنها تمكينه من الضغط على الساسة ومن خارج مؤسسات شرعية جامدة لعرض بعض الحلول التي ترفضها الأطراف الرسمية حاليا ولا مجال للوصول إليها بدون تدخل طرف فاعل لا ارتباطات له بالسلطة ومقتضياتها. 
إنه بحافز مثل جائزة نوبل لما يكفي من الهيبة والسلطة المعنوية للوصول للغاية المنشودة، على الأقل في إسماع رأي مخالف وحمل السلطات على عدم تجاهله لطرحه على الأقل على بساط الدرس.
هذا على ما يبدو لب لباب مناخات كواليس نوبل للسلام والسر في منحها لتونس جائزة هذه السنة رغم وجود أسماء لامعة من بين المترشحين لتقدير عالمي لا يستهان بقيمته وبتداعياته. 
هكذا أصبح أكثر من أي وقت مضى إسناد جائزة نوبل يخضع لحسابات ورهانات؛ فما تكون، يا ترى، الغاية لمنح تونس جائزة السنة هذه وأي تداعيات لنوبل على الوضع الحالي بتونس المتزايد تعقيدا لمن ينظر له من الخارج؟
ضرورة الخوض في مسائل جريئة : 
بديهي أن أهم ما يقض مضجع الغرب اليوم لما يحدث بتونس هو انعدام السلم الاجتماعية، إذ البلاد لا تنفك تغلي غليان القدر نظرا لحيوية مجتمعها المدني مع انعدام نخبة ذكية لها القدرة الكافية لاستيعاب مثل هذه الحيوية بالشكل المفيد للبلاد في توجهاتها الإستراتيجية. 
ولا شك أن هذه التوجهات ليست خيارات بل محتمات في اقتضائها دوام توجه البلاد نحو الغرب نظرا لوضعها الجغرافي وتاريخ شعبها المتفتح على حضارة الغرب وهو على أعتاب أرضه التي كانت دوما منعرجا؛  ناهيك أن الوضع الأمني في تأزم شديد للخطر الإرهابي المتزايد، مما يجعل الاحتقان المجتمعي يتصاعد حدّة كل يوم.
الإطار العام يتمثل اليوم بعجالة في انعدام الأمل لتغيير جذري للإقتصاد والتردي الإجتماعي المتواصل لسائر طبقات المجتمع، وقد طال بصفة مهولة حتى هذه الطبقة المتوسطة التي كانت تعد مفخرة لتونس ودليلا على تميزها في العالم العربي والثالث عامة.
لذا، يري العديد من الخبراء أنه لا مناص من البدء بما هو ممكن، أي تغيير بعض قوانين البلاد من بين تلك التي لها القيمة الرمزية الكبري، لما من شأنها التأثير على اللاوعي الجماعي وتفعيل المتخيل الشعبي بصفة تجعل الثقة في الحكام تعود للشباب، إذ هي أساس نجاح أية سياسة بما أن انعدام الثقة تفشل السياسة، حتى وإن كانت حكيمة وناجعة نظريا.
من هذا، يبدو أن حقيقة الغرض في منح الجائزة للرباعي هي إيجاد سلاح طريف يهدف إلى مساعدة المجتمع المدني على مجابهة الدغمائية الحالية بالسلطة والتوصل لإنجاح البعض من مشاريعه الجريئة. وهي تهم مسائل حساسة لا تجرأ السلطة اليوم الخوض فيها بتعلة واهية تدّعي أنها صفة للمجتمع، أي أنه محافظ، بينما لا شيء يؤكد هذا؛ بل بالعكس، كل الدراسات السوسيولوجية تنفي مثل صفة المحافظة هذه.
طبعا لنا أن نقرأ بطرق متعددة هذه الحقيقة للقبول بها أو دفعها؛ من ذلك كونها من تجليات التسلط الغربي على الواقع العربي. إلا أنه، بالنظر على الأقل لما ذُكر أعلاه، لا مندوحة لمثل هذا التدخل الغربي في الوضع التونسي اليوم وقد أوجبت جغرافية البلاد وتاريخه اليوم أكثر من أي وقت مضى هذا التأثير الغربي القديم بها لإنجاح تجربة فريدة من نوعها لها الخير العميم أو الشر كله على البحر المتوسط، بل العالم أجمع.
فلا غرابة في أن يبحث المجتمع المدني التونسي في نشاطه الحثيث عن كيفية الوصول  إلى فتوحات قانونية في بعض الميادين الاستراتيجية التي يقتضيها الواقع القانوني الجديد للبلاد الذي أتى بحقوق وحريات جديدة في الدستور بقيت حبرا على ورق إلى الآن. ولا غريب أن أهمها هي تلك التي لها التأثير الثابت في المتخيل الشعبي العربي لتغييره نحو القبول بالآخر المختلف ورفع ما في اللاوعي الجماعي من مكبحات تمنع القفزة النوعية لأجل الديمقراطية. 
مثل هذه التغييرات آتية لا محالة،  إن عاجلا وإن آجلا، وعلى الأقل بتونس وبالمغرب العربي حيث لا يهدأ الحراك الجمعياتي في عهد الجماهير هذا، فترة ما بعد الحداثة التي أظلتنا. ولا غرو أن مساندة تأتي من طرف حامل نوبل للسلام تسرّع بالضرورة على الوصول لمثل هذه الاستحقاقات الجريئة التي لا مفر منها.
ومن آخر هذه المشاريع المعروضة حاليا على المسوؤلين وعلى الرأي العام التونسي، بله العربي طرا، مشروعي إبطال تجريم المثلية واستهلاك القنّب الهندي. منها أيضا المطالبة برفع كل التضييقات على تجارة الخمرة ومشتقاتها واستهلاكها، والتوجه الضروري نحو المساواة في الميراث بين الجنسين.
هذه الأمور من تلك التي سيضطر حتما رباعي الحوار لقول رأيه فيها فتكون لكلمته الوقع الكبير لا في الإعلام فقط، بل والتأثير الفاعل أيضا للدفع الحاسم لإنجاح هذه المشاريع التي يفرضها دستور البلاد ولا تمنعها قراءة صحيحة للإسلام.
في موضوع إبطال تجريم المثلية : 
لقد ظهرت منذ سنوات بتونس والمغرب الأمازيغي العربي مقولات عديدة تبيّن مثلا أن الدين الإسلامي لا يحرّم الخمرة إنما السكر فقط أو أنه لا يمنع المثلية ولا يجرّمها، إذ ما في الفقه من رفض حالي للمثلية لا يعدو أن يكون من رواسب الإسرائيليات في دين الإسلام.
ولعل مشروع إبطال تجريم المثلية (أو ما يسمّى برهاب المثلية في ترجمة حرفية من اللاتينية) هو الموضوع الحساس الأول الذي سيضطر رباعي الحوار لمعالجته إذ وقعت بعد إثارته من طرف جمعية «شمس» المناضلة علنا ضد تجريم المثلية.
هذا، وقد أدى بعثها خلال السداسي الأول من هذه السنة إلى العديد من التساؤلات عن قانونية نشاطها، مما حمل بعض الجمعيات المتزمتة على تقديم قضية لإيقاف الجمعية، إلا أنه تم رفضها من طرف القضاء. ومن المنتظر أن يثار من جديد موضوع قانونية نشاط الجمعية، التي تحظى على ما يبدو بدعم كبير من الغرب، بعد الحملة الأخيرة التي قادتها في موضوع حساس للغاية يخص اللجوء بتونس في الخفاء التام لتحاليل شرجية لأجل إثبات مثلية البعض من الشباب وإدانته بمقتضى الفصل  230 جنائي. 
انطلقت الحملة على إثر سجن أحد شباب مدينة سوسة الواقعة على الساحل بوسط البلاد لمدة سنة على إثر هذا التحليل الذي لا تقره اليوم لا المنظومة القانونية ولا الأخلاقية. فأدت إلى تعاطف كبير من طرف أغلب المنظمات النشيطة في الميدان الحقوفي والإجتماعي؛ إلا أنها قوبلت بسكوت غير عادي من طرف جمعية القضاة وعمادة المحامين. 
ولئن كان صمت القضاء غير مفاجيء لمواقفه المتحفظة عادة في مثل هذه المسائل التي يرى لها طابعا دينيا، فالتساؤل كان كبيرا عن مدى تنامي ظاهرة التزمت في صفوف المحاماة لدورها المبدئي في الدفاع عن الحقوق والحريات أيا كانت صفتها، إذ لا دخل نظريا للاعتبارات الأيديلوجية في مهنة المحاماة .
ولا شك اليوم أن تواجد العمادة ضمن الرباعي الفائز بجائزة نوبل سيحمله اضطراريا إلى تحديد موقف واضح من قضية رفع تجريم المثلية، هذه العاهة القانونية التي لم يعد يقبل بها أي توجه حضاري ديمقراطي في عالمنا المتحضر.          
والغد لناظره قريب بلا أدنى شك بخصوص مثل هذه التداعيات لجائزة نوبل التونسية في التعجيل بتغيير النظرة العربية لمواضيع حساسة أكل الدهر عليها وشرب وبات من الحتمي تجاوزها للقطع مع التخلف العربي الإسلامي الحالي واستعادة الماضي التليد على أسس صحيحة  لا بد فيها من رؤيا متجددة لتراثنا وقراءة جديدة لفقهنا بدون إسرائيليات!  

نشرت على مجلة الدوحة 
عدد 97 بتاريخ نوفمبر 2015 
بتصرف طفيف ودون الفقرة الأخيرة