Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

mercredi 17 décembre 2014

Pour un humanisme intégral 5

حول الدور الثاني للرئاسية أو في النفس التواقة إلى ما هو أعلى



بمناسبة الانتخابات التونسية التي كانت للأسف مهرجان الكذب والبهتان، دعنا نمر ولو لفسحة من الزمن وجيزة من الأخلاق الحسية التي انعدمت عند البعض منا إلى معانيها المعنوية؛ فليس أفضل من تسامي الذهن بقوت القلب والروح.
هذه إذن هديتي بمناسبة الدور الثاني للرئاسية بتونس جعله الله مباركا على الجميع، آخذين بالديمقراطية أم مدعين الأخذ بها، مسلمين كانوا أم لا، لأن المؤمن الحق هو من يفتح روحه لأخيه ولأخته لا في الإسلام فقط، بل في البشرية جمعاء.  
أقول هذا لأن الشعب مخير بين مترشحين للدور الثاني، أحدهما يدّعي الإسلام ونصرته وهو ينافق، والآخر يعاني من نظرة الناس القاسية لسنه وخاصة ماضيه مع النظام القديم لما فيه من رمزية.
إلا أن علمي النفس والاجتماع يعلّمانا أن في النفس البشرية آفات لا بد من العمل على تنقيتها وتزكيتها بما سمّاه الإسلام بحق الجهاد الأكبر. لذا فهذه الخاطرة تندمج في نطاق ما علينا عمله لتجاوز المظاهر والغوص إلى الأعماق حتى نجد الحقيقة أو على الأقل نجعل هذه الانتخابات الفرصة للبحث عنها والتوجه نحوها.       
مركزية الأخلاق في عاداتنا :
خاطرة الانتخابات هذه في ما في ابن آدم  من التوق دوما إلى ما هو أعلى. فمن طبيعة الإنسان أن نفسه ما نالت شيئا قط إلا تاقت إلى ما هو أعلى منه، سواء كان ذلك الأفضل أو الأسواء من الزاوية الأخلاقية، وذلك حسب المعيار الأخلاقي عند كل أحد. ولا غرو أن المعايير تختلف، وقد خلقنا الله للتعرف على بعضنا البعض؛ فلكل شعب موازينه وأرطاله.
من الناس بيننا من ينال غاية ما في الدنيا بالحصول على الملك وحكم الناس، سواء كان هذا مباشرة بالهيمنة سياسيا عليهم، أو بصفة غير تلك، من خلال التحكم في الفكر والتسلطن على الفعل في المجال الاجتماعي. 
وبما أنهم لا يظلون يتوقون إلى غاية أعلى من تلك، فما تكون عند من تمسك بإسلامه أو حرص على الاستنارة به غير شوق أنفسهم إلى غاية ما في الآخرة، أي الجنة، والسعي إلى الفوز برضوان الله؟
هذا من زاوية الإيمان، أيا كان، بما أن ديننا هو خاتم الأديان، فيه الاعتراف الصريح بجميع الديانات وإعلاء شأن الإيمان على مجرد الإسلام، أي إسلام الشعائر؛ إذ الحنيفية المسلمة هي الإيمان الثقافي أولا وقبل كل شيء، أي توحيد الله قبل ودون النظر إلى طبيعة المناسك وخصوصية الشعائر.
لذا، فواجب المسلم الساعي إلى الفوز برضوان الله - خاصة من كان من أولى الأمر من الملوك أوالسلاطين على فكر الناس وأمورهم - عدم السعي في جعل مثل هذا الملك أو السلطان سبيلا لبلوغ عز الدنيا، بل الحرص على أن يكون السبيل إلى بلوغ الآخرة. ولا يكون هذا إلا عندما لا يرزأ أخاه الإنسان في أي شيء من حقوقه عليه، بما أن حق ابن آدم على أخيه من البشر هو الاحترام التام بالحرص المتأكد على سلامته في نفسه وفي حريته الكاملة ضمن علاقته المباشرة مع خالقه. 
فلا حاكم إلا الله على ضمائر البشر وأعمالهم في الإسلام، وإلا فلسنا من دين محمد القاضي بالتسليم الخالص لله. ولا شك أنه لا إسلام لمن يرى أن له الحق في أن يضرب أخاه ولا يُضرب، وأن له أن يشتم غيره ولا يُشتم، وأن في وسعه أن يؤذي الناس ولا يؤذيه أحد ! هذا ليس في شيء من المسلمين، وإلا لما أتى الأذى لنفسه ولغيره، لأن الدين الحق هو حفظ النفس، ولا يكون ذلك إلا بالحرص على حفظ نفس الغير تماما كحرصنا على أنفسنا.
ضرورة التأقلم مع عالمنا الجديد :
لقد أعلنت منذ البداية عدم مشاركتي في انتخابات لم تستف كل أركان الاستحقاق الانتخابي حيث حملت في شكلها على الأقل إشكالية الحبر التي أعتبرها وصمة عار لنضج التونسي ووعيه. ذلك أن استعمال مثل هذا الحبر يؤشر على اختلاط العملية الانتخابية بوازع تجاري يسيء إلى ما يجب أن تتسم به العملية من قطع مبدئى وتام مع المال السياسي كقاعدة أخلاقية جوهرية.
رغم ذلك، وعملا بضرروة تجذر المفكر في واقعه، لم أتجاهل الحملة الانتخابية، فتوجت برسالة* لكل من مرشحي الدور الثاني اختزلت بها مشاغل التونسي في أسئلة ثلاث لم يجب عليها أي واحد منهما مما يدل على مدى قيمة مشاغل التونسي عندهما.
نعم، لم تكن الأسئلة مما اعتادته الساحة السياسية لأنها من واقع الشارع ترنو لعكس ما يختلج في لاوعي التونسي ومخياله. فلا شك أن قضية القوانين الجائرة للاستبداد وموضوع حرية تنقل التونسي خارج الوطن ومدى ارتباط بلده بالمجموعة الأوربية هي من المسائل التي لا مناص من التعرض لها يوما إذا أردنا حقا حل مشاكل البلاد في عالمنا اليوم.
إن هذا العالم لتزيد العولمة في اتحاد أطرافه إلى حد أنه أصبح كالعمارة الواحدة لا يمكن تجاهل ما يحدث بها سواء كان ذلك بالطابق الأعلى أو الأسفل، أو حتى بدهليز العمارة. لذلك، فلا يمكننا مواصلة الحديث عن حلول داخلية لمشاكلنا بما أن هذه المشاكل أصلا منبعها أو حلها له علاقة بما يربطنا بالدول الأجنبية  من علاقات حميمة، سواء كانت علاقة جوار أو تواصل بشري أو تبادل اقتصادي ومالي وثقافي.   
لقد تغير العالم وواجب السياسي الحصيف اليوم الاعتبار بما حدثت فيه من مستجدات عظيمة قلبت المفاهيم رأسا على عقب ليغيّر من سياسة أصبحت عقيمة، فيستنبط الوسائل المتجددة التي تتناغم مع مقتضيات الزمن الجديد. 
ولاشك أن مسألة الحريات الشخصية  هي من هذه المسائل الأساسية، ومنها حرية التصرف بطلاقة في الحياة الخصوصية وحرية التنقل دون حواجز،  إضافة إلى تدعيم الديمقراطية بالعمل على إبطال كل ما فيه رمزية وفاعلية على المتخيل الجماعي. 
من هذا، موضوع منع عقوبة الإعدام مثلا أو ضرورة العمل على إحلال السلام بالبحر المتوسط الذي لا يتم إلا بالتوجه على دعم العلاقات بين بلدان المغرب وأوروبا إلى حد دمج بعضها في بعض على قاعدة عادلة تقطع مع الوضع الحالي الجائر.
ذلك لأن المجموعة الأوربية تمتد اليوم بالأراضي المغربية ماديا أولا، عبر ممتلكاتها بالمغرب لسبتة ومليلية، ومعنويا ثانيا، عبر سيطرتها الإقتصادية والمالية وحتى الثقافية - وإن عرفت جزرا جديا على هذا المستوى - على المغرب العربي الأمازيغي.  
لهذا، ضرورة التوجه للعمل على بعث فضاء للديمقراطية المتوسطية لا مناص منها في نطاق العمل على التواصل بين الشرق والغرب عبر بلاد المغرب العربي لبعث مساحة حضارة تعمل على الجمع لا التفرقة بين الشعوب والثقافات. 
وهذا يقتضي التوجه لإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينة، وهو لا يكون إلا باعتراف الدول العربية بدولة إسرائيل على قاعدة التقسيم الدولي الذي يبقى بطاقة ولادة الدولة اليهودية، فلا يمكنها مواصلة رفض القانون الدولي لأن في ذلك إنكار لكيانها. 
ما في انتخاباتنا من رغبة التوق للأفضل :
إن ما سبق لهم مما يتوجب قوله لأهل النفوذ منا في هذه المناسبة، وهي الفرصة الفضلى للاعتبار وقد كثر اللغط في محاسن ومساويء المترشحين إلى حد التهيأة إلى تقسيم البلاد، فسمعنا الدعاوى الفاجرة من البعض لجعل عرس الديمقراطية مأتما للبلاد.
فإن كنت غير مصيب في قولي، غفر الله لي، وهو الغفور الرحيم لصدق نيتي؛ وإن أصبت، غفر الله لمن أذنب في حقه ممن يشملهم قولي، وهو خير الغافرين.
إن المسلم الحق لا يقول أبدا لا لواجب الغياثة، عند تململ السليم، أيا كان دينه وصفته؛ ذلك لأن لاء المسلم - عدا التشهد - هي دوما نعم لكل مكارم الأخلاق، إذ غياث المشرف على الهلاك أس الإسلام.
فليكن التونسي في هذا الدور الثاني للرئاسية ، خاصة من ادعى الإسلام، كما قال الفرزدق في علي زين العابدين سبط رسول الله وابن الحسين بن علي بن أبي طالب :
سهل الخليقة لا تُخشى بوادره | يزينه اثنان : حسن الخُلق والشيمُ
ما قال «لا» قط إلا في تشهّده  | لولا التشهد كانت لاءه  «نعم». 
وللإفادة، نشير إلى أن هذا المثل الأعلى للمسلم كان من ولد إحدى بنات كسرى الثلاث اللاتي أسرهن المسلمون وباعوهن فكانت الأولى من نصيب عبد الله بن عمر بن الخطاب، أنجبت له سالما فإذا هو أشبه الناس بجده الفاروق؛ وكانت الثانية من نصيب محمد بن أبي بكر فأنجبت له القاسم، أحد فقهاء المدينة السبعة (وهم : سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن المخزومي، وخارجة بان زيد، وسلمان بن يسار، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة والقاسم بن محمد بن أبي بكر هذا)؛ أما الثالثة فكانت من نصيب الحسين بن علي. وكان إسمها شاه زنان، أي ملكة النساء، فأسلمت وأصبحت تدعى غزالة. ولقد ماتت على إثر ولادة القاسم من حمّي نفاس.
بقي في الختام، أن نتمنى لتونس السلام ولكل تونسي الغد الأفضل بعد هذه الانتخابات التي أملنا الكبار، أيا كانت نتيجتها، أن تكون بحق الفرصة للنفس حتى تتوق للأعلى لا إلى الحضيض، حاملة معها أحلام الشعب التونسي للأفضل إذ هو حقا الأهل لكل ما هو أفضل. وكل انتخابات وتونس بخير، عزيزة منيعة بشعبها الواعي، المتعلق بوطنه الحبيب. 
* راجع :
 - Trois questions au candidat Béji Caïd Essebsi
 -  Trois questions au candidat Moncef Marzouki