Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

mercredi 15 octobre 2014

Repenser le monde 4

محنة خلق القرآن، بداية انحطاط الإسلام




يقول المثل اللاتيني ما معناه أن الوصول لأعلى المراتب هو بداية النهاية : La roche tarpéenne est proche du Capitole، وليس ذلك إلا ما عبر عنه شاعر الأندلس بصدر هذا البيت : لكل شيء إذا ما تم نقصان
لقد اشتهر المعتزلة بكونهم أصحاب العقل في حضارة الإسلام، فكان فكرهم مستنيرا عقلانيا، إلا أنهم إذا كانوا على مستوى البحث في عليين ، فقد تصرّفوا في مجتمعهم كما يتصرف النوكى، مما أدى إلى هدم كل ما بنوه، جاعلا ما أسدوه من خدمات سنية للفكر الإسلامي في سجين، فزج ذلك بكل الفكر العقلاني في غياهب الانحطاط.
الفكر الحر لا ُيفرض بالقوة 
لقد أراد المعتزلة فرض رأيهم بالقوة ، رغم وجاهته وعلو كعبه، فاستغلوا حظوتهم قرب السلطان وحملوه على فرض القول بخلق القرآن فرضا. وهذا ما أدى إلى محنة كان الفكر الإسلامي في غنى عنها، إذ لم تكن فحسب محنة الرافضين لفكرة خلق القرآن، بل محنة الفكر الإسلام عامة، مما أدى إلى غلق باب الاجتهاد.
وتماما كما أراد المعتزلة فرض رأيهم النير بالقوة، جاء بعدهم أصحاب الفكر الظلامي ففرضوا رأيهم الأخرق بالقوة أيضا؛ وهذا ما نقاسيه إلى اليوم؛ بذلك كانت محنة خلق القرآن بداية انحطاط الإسلام.
انحطاط الإسلام في غياب الفكر الحر
إنه ليغلط من يعتقد أن انحطاط حضارة الإسلام مرده الاحتلال الخارجي. نعم، لا شك أن ما حاق ببلاد الإسلام، بداية من الغزو المغولي إلى الحروب الصليبة، أضعفها، مانعا عودة الصحة إلى بدنها المعتل. إلا أن هذه الهجمات الخارجية لم يكن لها أن تفعل فعلها إذا لم يمهد لها الفكر الإسلامي ذاته الطريق بغلقه باب الاجتهاد؛ فقد حكم على العقول بالتحجر فغدت غير قادرة على التصدي بنجاعة لأي عدوان. 
لقد بدأ الإسلام السلفي منذ انقلاب السلطان على أهل الاعتزال بالتسلط على كل تجليات الفكر العقلاني معتمدا في ذلك على نفس الآلية التي استعملها عقليو الإسلام، ألا وهي شوكة الحاكم. بل إن منظريه طوروها حتى أصبحت سلاحا فتاكا بين أيدي الحكام يخدمون به في نفس الوقت طغيانهم وذلك بطمس كل علامة تحرر في فهم الدين وصرف معانية البليغة.
فكر ما قبل الانحطاط كان حداثيا قبل الأوان 
فأين نحن من هذه الطفرة التي سبقت قيام الدولة العباسة وعصر التدوين فأعطت للإسلام أفضل ما أمكن للعقل البشري اختراعه من فكري علمي وعالمي تميز بالحرية التامة فالإبداع والعبقرية؟
لقد اخترع العربي المسلم قواعد لغته وتفنن في فهم القرآن بغريبه ومجازه، فلم يستح من قراءته على أوجه مختلفة، بل ومتناقضة، لأن القرآن ورد على أحرف متعددة وكان متقدما على زمانه إذ العقل فيه لم يكن ما فهمه المعتزلة وتغلب من بعد على الغرب، أي هذا العقل الجاف الديكارتي، إنما كان عقلا حسيا Raison sensible، لا تتنافض فيه الأمور بقدر ما هي تتفاعل وتتكامل، وذلك تماما كاللغة العربية بما فيها من ثراء إلى حد أن الكلمة تعني الشيء وضده.
ولا شك أن مثل هذا البديع اللغوي الذي منه معجزة القران هو ما يسمى في العلوم الاجتماعية المعاصرة بالفكر المركب Pensée complexe والفكر الأضدادي Pensée contradictorielle. وهو أفضل ما يميز اليوم هذه العلوم، إذ لم يعد العقل في فترة ما بعد الحداثة التي أظلتنا الفكر العقلاني كما عرفناه زمن الحداثة الغربية، إنما هو فكر ذوقي بالأساس، هذا الفكر الحسي كما تتفطن له الغزالي وكما نظر له أخيرا عالم الاجتماع، أستاذي وصديقي ميشال مافيزولي.   
عندما يعيد التاريخ نفسه   
كل هذا ما كان له أن يكون إذا لم تحكم السلفية الفكرية قبضتها على عقول الناس باسم قضية خلق القرآن، مستعملة نفس الأسلوب الذي اعتمده العقليون وهم يعتقدون خدمة العقل بينما كانوا يهدمون صرحه.
والحال اليوم نفسها عند السلفية الذين ـــ على الأقل عند مخلصي النية فيهم، كما كان حال زعيمهم الإمام ابن حنبل ـــــ يعتقدون خدمة الإسلام وهم لا يعملون إلا على هدم أساسه.
فأس الإسلام هو الحرية في فهم أحكامه وتصريفها حسب مقاصده دون التقيد بمقتضيات زمن ولى واجتهاد سبق؛ ذلك لأن قوة دين القيمة في الاجتهاد المستدام. فالسلفية اليوم ليست تنافح إلا على نفوذ سياسي وسلطة معنوية تضيفها إلي تسلط مادي لمجرد التحكم في عقول البشر وقد خلقهم الله أحرارا. فمتى استُعبد الفكر في الإسلام؟
لقد استُعبد منذ فتح العقليون الباب لذلك باعتمادهم على الحاكم لفرض مقولتهم؛ فإذا بهم يشوهونها ويفتحون السبيل أمام أعداء الفكر الحر؛ فليس للفكر الحر من راع إلا فكر حر مثله !
في انتظار اللحظة السرمدية
هذا الذي ينقصنا اليوم، فكر عقله ذوقي حساس، لا حِجر فيه   Tabou ولا تسلط عليائي واستعلائي؛ وهذا ما علينا استعادته إذ هو مما كان لنا في بداية الإسلام حتى أوج العقلانية في عهد المأمون، أي بداية النهاية، بمثابة اللِبَسَة Habitus.    
فبما أن التاريخ يعيد نفسه، إذ كل شيء فيه إلى عود على بدء لأن الزمن مابعد الحداثي لولبي Spiralesque، لا بد لنا من العودة إلى حيث وقف بنا الزمن الأول، أي قضية خلق القرآن والخوض فيها مجددا، ولكن على قاعدة جديدة هي الحرية التامة بعقل لم يعد ديكارتيا. فقد فات مثل هذا العقل وولى زمانه في نطاق ما عهدناه من  الوضعية Positivisme التي نضبت منابعها؛ ولنا أن نستلهم إبداعاتنا من الفكر المداعب الحساس Pensée caressante وعلم اجتماع القصف والعربدة Sociologie de l'orgie، وذلك طبعا بالمعنى الاشتقاقي إذ أصل الكلمة Orgè يعني الاكتناف  الانفعالي Ambiance émotionnelle ، وهو أهم ميزة لما بعد الحداثة. 
فالمجون من أغزر الفيض ولهو أفضل علامة للتحرر والانعتاق من ربقة كل قيد فكري، خاصة الفكر السلفي المناهض لروح الإسلام التحررية. بذلك نتوصل لأن نجعل من هذا الزمن الذي سادت الظلمة فيه فكرنا اللحظة الحاسمة للاستنارة والتنوير، وهي مي يسمى سوسيولوجيا  باللحظة السرمدية Instant éternel.    
ولا شك أنه ليتسنى لنا عندها، في نطاق فكرنا المركب، قلب بيت شاعرنا أبا البقاء الرندي قائلين بحق، مدللين عليه : لكل شيء إذا ما نقص اكتمال!  

نشرت على موقع أخبر.كم