Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

jeudi 16 août 2018

I-slam des Lumières 3

حديث الجمعة: الشريعة ليست الدين، بل هي اجتهاد البشر

قضيّة المساواة في الإرث من أفضل القضايا التي تدلّل على الخلط الشائن في أذهان أهل الإسلام بين الدين والشريعة الإسلامية؛ فهذه الأخيرة ليست إلا الاستنباط البشري مما يكوّن الدين الإسلامي: القرآن والسنّة االصحيحة.  لذا من الخطأ الفاحش الخلط بين ما ورثناه من الفقه وقواعد الشريعة، أي ما وصل إليه اجتهاد بشري،  وما أتى به الفرقان الذي يبقىٍ الأصل الذي نهتدي به ونعود إليه دوما لتثوير معانيه باجتهادٍ لا ينتهي.
ليس هذا ما نفعل إلى اليوم، إذ أصبحنا نترك الأصل للفرع، فنتمسك بما وصل إليه اجتهاد السلف في أصلٍ جعلناه مقيّدا بما تفرّع عنه، لا يتغيّر، في حين ما يميّز هذا الأصل أشدّ التميّز قابليته  للتطور حسب فهمٍ لمقاصده يتغيّر لا محالة مع تغيّر الأحوال والأزمن.
إننا عند كلامنا عن مقاصد الشريعة لا يجب أن نتوقّف عند معناها الذي آل إليه الاجتهاد البشري حسب ما حصل لنا من شريعة، بل علينا الولوج إلى كنهها الأصيل، أي كلام وقانون الله الذي لا مجال لفهمه نهائيا. ذلك يكون بالتدرج والاجتهاد المتواصل لتبيّن المقصد الأساس لكل نص كأفضل ما يكون؛ وهو عموما، وبالأخص في موضوع الإرث، العدل كمبدأ عام وخاص، لا العدل كقسمة أو حصة في قسامة. 
الخروج من الخلط بين الشريعة والإسلام:
من المتحتّم اليوم على أهل الإسلام الخروج من اللخبطة التي صاروا إليها في هذا الخلط بين ما لا يتغيّر، وهو النص الديني، خاصة ما يخص العقيدة، وما لا بد له أن يتغيّر، أي فهمه البشري، ما نسمّيه الشريعة، خاصة ما يخصّ المعاملات. فمن البديهي أن النص الديني، أي كلام الله، يتوجّب فهمه لتطبيقه؛ وهذا من مشمولات الذهن البشري الذي لا بد له للتوصّل لذلك من الاعتماد على آلية الاجتهاد التي حتّمها الله حتى لا يبور دينه. فلا شيء يبقى على حاله دون فسادٍ على هذه الأرض الدنيا إلا وجه الله.
إن الاجتهاد ضروري في كل زمن لفهم كلام الله حسب منطوق النص وحسب مقاصده. وهذا يقتضي طبعا العلم بالعربية وبالدين، ولكن أيضا وبالأخص حسن النية في فهم مقصد الله من أحكامه. فالنيّة الصادقة هي التي تسمح لدين الإسلام بالتميّز عن سائر الأديان نظرا لانعدام كهنوت يحتكر حق فهم الدين وبيان تعاليمه، حيث لكل مسلم حق الكلام في دينه ما دام عارفا به. أما من قال عكس هذا، وأعطى الفقهاء ما لم يعطهم الله، فقد جهل دينه وعمل بما داخله من إسرائيليات. ذلك أنّه لا أحبار في دين القيّمة إلا العلماء، أي أهل العلم بدينهم من أي أفق كانوا، فمن حقّهم الاجتهاد المستدام لرعاية حقوق الله بالتعرف أكثر فأكثر على مقاصد أحكام دينه.
ولئن أخذنا الموضوع الشائك الذي يهم الرأي العام اليوم، أي المساواة في الإرث، لا بد من الإقرار بأن مقصد الله الذي لا محيد عنه في المواريث، كما هو في كل تعاليم الدين، هو العدل والمساواة بين المؤمنين، لا فرق بينهم إلا بالتقوى. ولا يمكن أن نقرّ بهذا عموما وننفيه خصوصا في قضية الحال؛ إننا عندها كتلك التي تنقض أنكاثا ما تُبرم؛ وليس هذا الإسلام!     
اجتناب إحياء فتنة الخوارج:
القول باستحالة المساواة في الإرث لأجل حرف نص قرآني له الخور الذي ليس بعده خور؛ فلا بد من رفضه تمام الرفض، وإلا تكون قاصمة الظهر للإسلام الذي أصبح بعد غريبا مع داعش، هذه الجاهلية التي انبنت على التمسك بفقه أكل عليه الدهو وشرب لأجل اعتماده على حرف تحجّر برفض تفعيل روحه ومقصده.
رفضنا صرف فهم النص القرآني حسب مقصده الذي هو العدل والمساواة بالتدرّج لهو تغليب الفهم البشري الذي ورثناه لكلام الله على مقصده، بينما هذا الأعلى؛ وهو فهم ذكوري بالأساس، غير عادل، يناقض المقصد الإلاهي. ثم إنه غير صالح لزمننا، إذ تماهى مع زمن ولّى وانقضى، كان فيه للمرأة الكثير بنصف حظ الرجل، بينما أصبح هذه النصف القليل اليوم. لقد زادت قيمة  المرأة اجتماعيا في زماننا، القيمة التي أعلى منها الإسلام أي إعلاء؛ فلعلها، حسب المقصد الإسلامي نفسه، تستحقّ بعد مثل حظ الذكرين!
إن من يرفض تحقيق العدل في الميراث بإقرار مبدأ المساواة التامة يتصرّف كالخوارج حين ثاروا على عليّ بن أبي طالب، رافضين مواصلة القتال لمّا احتال أعداؤه بأن رفعوا المصاحف منادين بالاحتكام إلى الله في صراعه على الخلافة مع سليل الأمويين. فلمّا رضخ لهم وقبل التحكيم وأرسل الحكم كما تفرضه الأعراف، تنكّروا لما كانوا يطالبون به، رافضين تحكيم الرجال في كلام الله، كأن كلام اللهم لا يحتاج للبشر لفهمه وتطبيقه. هؤلاء الخوارج هم المتزمتّون الأولون في الإسلام، كانوا يُسمّون أصحاب البرانس، تزعّموا الثوة على الخليفة الراشد الثالث وقتلوه، ليلة عيد الأضحى، في داره بعد أن حاصروه طويلا. فمن يتمسك بالشريعة ويرفض الاجتهاد في حرف القرآن هو من طينة هذه الحرورية التي عانى الإسلام منها الأمرّين، إذ قتلت البعض من خيرة صحّابة الرسول، ومنهم عليّ بن أبي طالب نفسه؛ وهم أيضا الذين أفرزوا الشيعة، أي المغالون في حب علي؛ إذ التطرّف يأتي دوما بالتطرّف.
لذا، لا بد من الحذر كل الحذر من أن نشّجع خطر فاجعة جديدة من نفس النوع، هي فتنة أخرى مصدرها الفهم الخاطىء للنص القرآني. هذا يقتضي عدم التردّد في فتح باب الاجتهاد على مصراعيه في الدين الذي أدّى غلقه خسراننا لأفضل ما في الإسلام من تعاليم إناسية، بما أننّا نبذناه جانبا للعمل بما أتى به الفقهاء وأصحاب المذاهب، بينما كان أغلبهم من حملة علم اليهود وأصحاب الإسرائيليات. وهذا يعني، دون أدنى شك، أنه لا مجال في مشروع قانون المساواة في الإرث الإحالة لما في الشريعة الإسلامية الحالية من أمور مخالفة، إلا على شكل استثناء لا يدوم طويلا، إذ لا بد أن تكون مدّة قصيرة لها أن تنتهي بأجل مسمّى.                  
إن التوجّه الذي أخذه رئيس الجمهوية في فرض المساواة بالقانون حسن، بما أنه يأخذ بمقصد من مقاصد الشريعة لا كاجتهاد بشري، بل كحكمة إلاهية، وهي كلام الله في عمومه لا في التفاصيل التي آل إليها باجتهاد الفقهاء. فهؤلاء اجتهدوا ولا بد أن يواصلوا الاجتهاد؛ كما أنه مفتوح لغيرهم ولكل مسلم عرف دينه وحسنت نيّته. فالاجتهاد الرئاسي من الشريعة الإسلامية أيضا، أي هو في مآلها، بما أنه لا بد أن تتطوّر مع ما يقتضيه النموّ البشري حسب المقصد الديني العام في العدل والإنصاف عموما وخصوصا.
لذا، نعود للتأكيد أن الحل الوسط الذي اقترحه رئيس الجمهورية في ترك إمكانية تطبيق النص الحالي في عدم المساواة لا بد أن يكون سوى مجرّد استثناء لفترة انتقالية، بخمس أو عشر سنوات مثلا، لا أكثر،؛ وإلا نقضنا ما أردناه من إصلاح. فنحن ننسف القانون الوضعي من الأساس بجعلنا الشريعة موازية له، إذ لا ضمان لعلوية القانون إلا هيمنته على كل نص آخر، خاصة إذا كان يدّعي الصبغة الإلهية بينما ليس هو إلا من عمل البشر، تماما مثل الاجتهاد في تحقيق المساواة في الإرث.         

نشرت على موقع أنباء تونس