Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 3 novembre 2017

Érosensualité tunisienne 4

حديث الجمعة: دفاعا عن الحب في الإسلام


بعد قبلة تونس، هي ذي قبلة أخرى، هذه المرة في مكناس بالمغرب الشقيق، تهدر مستقبل ضحايا أبرياء باسم دين أضاعه أهله؛ فمتى كان الإسلام يجرّم الحب؟  

واجب كل مسلم غيور على دينه، اليوم، هو الدفاع عنه من تنطّعات المتزّمتين ونزوات المجرمين. ولا يكون ذلك إلا بالدعوة إلى الجهاد الصحيح، أي الأكبر، وهو الجهاد الذي سلاحه الأفضل الحب وتنمية مشاعره في القلوب. فقلب المجرم لا يعرف الحب؛ ولا شك أن قلوب الإرهابيين المجرمين قاحلة من أي شعور فيهم يحملهم على زرع بذور الحياة والمحبّة عوض تعاطي صناعة الإرهاب ورياضة الموت.
سياسة العقل المنوي :
لم يعد في الفكر الحديث وما بعد الحديث أي شكّ في قيمة ما يُسمّى بالعقل المنوي ratio seminalis أو Logos spermaticos  كما كان يقول القدامى، وهو ما يوازي ما عرفه أهل الإسلام من قيمة الذوق، الذي مكّن من تعاطي الحب والجنس حتى في أقدس مواسمهم،أي ما يُسمى بمتعة الحج التي دامت كامل عهد الرسول . 
لقد تدعّش الإسلام اليوم، فلم يعد الإيمان الذي أتى به صاحب الرسالة. ألم يتألّم الإمام الشاطبي، وهو من القرن الثامن، في الاعتصام من حال الفقهاء في زمانه «لكون خططهم قد غلبت عليها العوائد ودخلت على سننها الأصلية شوائب من المحدثات الزوائد»، مذكّرا بما رُوى عن أبي الدرداء حيث قال: لو خرج رسول الله (صلعم) عليكم ما عرف شيئا مما كان عليه هو وأصحابه إلا الصلاة؟ 
كل هذا في زمن لم يصل فيه بعد الدين الحنيف إلى الغربة التي هو عليها في زمننا! فما من شك أننا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بحاجة لما يمكن تسميته بسياسة منوية   politia seminalis أو politeia spermaticos نحرص على تنميتها في إسلام تونسنا الجديدة حتى تعود من جديد بلاد الامتاع والمؤانسة كما هي منذ القدم، يحلو فيها العيش والحب بين الناس، أيا كانت مشاربهم وأجناسهم ومعتقداتهم. 
إن الحب لا حدود له، إذ هو بذرة الله في قلب الإنسان؛ فإن كان أرضا خصبة، أنبت خيرا، وإن كان حجرا صلدا، أخرج شرا؛ إذ الشر هو انعدام المحبّة في القلب.والحب إن لاقى الحب خلق المعجزات. فتعلق المسلمين الأوائل بدينهم هو الذي جعله ينتشر في المعمورة لأنه كان هذا الدين السمح المتسامح الذي ينشر المحبّة وينتشر بها لا بالكراهة والبغض؛ كل هذا  في زمن لم يكن يعرف الحب، إذ كانت طاغية فيه الكراهة ومنتشرة فيه أبشع مظاهر العنف.
أما وقد تغيّرت الأحوال البشرية فتعدّدت مظاهر الحب في البشر، لا يجب أن تتقلص المحبّة من قلوب المسلمين، بل تزداد أكثر فأكثر، لأن الإسلام هو السلام، والسلام هو أساسا الحب؛  فهو حقيقة التوحيد ، أوّلا وآخرا، إذ المحب لا يؤمن إلا بحبّه وحبيبه، وحبيبه يبقى الله الذي هو المحبّة كلّها لخلقه.ولقد لخّص ذلك شعرا أفضل ما يكون  هذا البيت للمتنبي:
 يترشفنّ من فمي رشفات *** هنّ فيه أحلى من التوحيد
 أما نثرا، فتبقى الفضلى مقولة الجنيد، سيّد أهل التصوف، في المحبة، إذ يقول: «المحبّ عبد ذاهب عن نفسه، متّصل بذكر ربّه، قائم بأداء حقوقه، ناظر إليه بقلبه؛ أحرق قلبه نار هويته وصفاء شربه من كأس ودّه؛ إن تكلّم فبالله، وإن نطق فمن الله، وإن تحرّك فبأمر الله وإن سكن فمع الله؛ فهو بالله ولله ومع الله».
جهاد العقل المنوي :
إن الله حب ومحبة، وقد تقمّص رسوله، وهو سيّد الآنام، أحسن تقمّص هذه الصفة في البشر بما أنه تمّم لهم مكارم الأخلاق؛ لذلك أُعطي مثلا ما لم يكن لغيره؛  فقد دلّت الآثار أن الرسول كان في حالة نشاط مستمرّة للجماع، وهو أفضل علامات الحب. هذا ما يؤكّده ابن القيم في زاد المعاد حين يقول: «وكان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة، وكان أُعطي قوة ثلاثين في الجماع وغيره» (زاد المعاد، 3\146-147). لقد كان الرسول يحب نساءه حبا شديدا كما جاء عنه في الحديث المذكور في سنن النسائي (كتاب عشرة النساء، باب حب النساء، الحديث 3878، ومسند أحمد، باب مسند مالك بن أنس، الحديث 11845 و11846). 
في حقيقة الأمر، كان الرسول الأكرم مثال المحبة لكل من أحبّه فنال ودّه وعطفه. في ذلك مثلا يقول الحلبي في سيرته أن أسامة بن زيد كان حبّ رسول الله وابن حبّه وابن حاضنته؛ وممّا يُروى عن عائشةأن أسامة عثر يوما في أسكفة الباب فشج وجهه، فجعل رسول الله يمصّه، يعني الدم، ثم يمجّه (سنن ابن ماجة، كتاب النكاح، الحديث رقم 1966). أليس الرسول فعل ذلك رغم ما نعلم عن الدم أنه نجس حرام، لأن قلبه كان مفعما حبّا؟ أليس هذا أفضل الدليل على قيمة الحب في الإسلام وعند رسوله؟ وأليس علينا الاقتداء به في أفضل ما فيه: الحبّ؟ 
لنعمل إذن جاهدين حتى يكون المؤمن هذا المحب الذاهب عن نفسه بذكر ربّه، إله الحب والمحبّة، القائم بأداء حقوقه في حب أخته وأخيه في البشرية، الناظر إليهما بقلبٍ أحرقته نيران الهيام والعشق وصفاء السريرة، فلا يفتأ يشرب من كأس الودّ والمشاعر الصافية، ولا يتكلّم عن الهوى، بل باسم هوى الله وعشقه. لأن نطق عشقا فبإرادة خالق نوى الحب وحب المحبة في خلقه؛ وإن تحرّك فبأمره في التحابب، وإن سكن فمع حبيب القلب في كنف محبة الله الواسعة لكل المحبّين. كذلك يكون الإيمان الصحيح في الإسلام: الحب بالله ولله ومع الله!
لنعمل على أن يكون شعار المسلم بتونس أروع ما قيل في الحب العربي مما تغنّّى به أهل الحب العذري، وفي الحب الإسلامي، ما أنشده أهل التصوّف، ومنهم عاشقة الله الأولى رابعة العدوية؛ فهي مثال المتيّم المسلم هياما، كل أنماط المحبّة وجنون الحب، وهي الأخوّة الإسلامية الصحيحة. لنقل معها ما من شأنه منع الكراهة، صلاة كالمكتوبة، جُنّة التقوى: 
 أحبّك حبّيْن، حبّ الهوى *** وحُبّاً لأنّك أهل لذاك
 فأمّا الذي هو حبّ الهوى *** فشغلي بذكرك عمّن سواك
 وأما الذي أنت أهل له *** فكشفك للحُجب حتّى أراك

نشرت على موقع أنباء تونس