Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

jeudi 28 janvier 2016

Pour un État civil 2

ضرورة التعجيل بالمساواة في الإرث بين الجنسين


عادت قضية المساواة في الإرث بين الجنسين لتطفو على السطح مع اعتلاء رئيسة جديدة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات التي قالت بأنها من أوكد أولوياتها. 
حقا، إن التعجيل بإقرار المساواة في الإرث له ضرورة سياسية ودينية لا يمكن تجاهلها بأي دعوى واهية؛ ذلك لأن مثل هذا الإقرار يرفع عوائق هامة من اللاوعي الجماعي والمتخيل الشعبي، علاوة على إرهاب ذهني يغذيه فهم خاطيء للدين، إذ مثل هذه الضرورة لهي باسم الدين الصحيح كما نبينه في هذه المقالة.
إن إقرار المساواة حسب المقترح المتزن الذي نعرضه هنا على كل من حسنت نيته في خدمة هذه البلاد وشعبها من شأنه توضيح الرؤيا بالبلاد، إذ كثرت المغالطات من كل ناحية في الساحة السياسية  حتى اختلط الحابل بالنابل إلى حد اللخبطة القيمية مما يساعد على التمويه الذي يستغله من لا يخدم دينه ولا بلده، بل يتاجر فقط. 
الإسلام دين المساواة :
هذه الحقيقة الأولى التي لا بد من التذكير بها، إذ لا فرق في الإسلام بين أحد من مخلوقات الله إلا بالتقوى؛ وليست هي في التقيد بنص قرآني أو حرف من الحديث، بل الحذر  من العبد ابتغاء الوقاية والحفظ من الله. ولا يكون ذلك فقط عملا بشعائر الدين والمراءاة في الأخذ بها، بل أولا وأساسا في حسن النية وسلامة اليد واللسان. 
لذلك، في الإسلام الصحيح، لا تهم الشعائر قبل أن تصلح النية، وإلا فسدت هذه وتلك، إذ هما عندها من المداهنة والرياء والنفاق. فالعديد من الفقهاء الأجلاء لا ينكرون أن المسلم العاصي، بمعنى ذاك الذي لا يقيم شعائر الدين لكنه يحرص على مكارم الأخلاق، فيسلم الناس من يده ولسانه، لهو أفضل ممن فسدت طباعه مع حرصه على الشعائر شكليا وعلى التقوى ظاهريا.
الإسلام في مقاصده لا في حرف القرآن  :    
إقرار المساواة إذن هو من باب إتمام مكارم الأخلاق في الإسلام لأن من شأنه رفع كل ما التبس عند العديد من المتزمتين الذين يرون خطأ المساس بقداسة    النص القرآني. 
فهؤلاء يعتبرون جزافا أمر المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة  من قطعيات الدين التي لا تقبل المراجعة؛ وطبعا، ليس في ذلك من الصحة نقيرا، إذ المطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة لهي مطابقة تماما لمقتضيات الإسلام ومقاصد الشريعة كما نبينه هنا.
إن دعوى القطعيات في الإسلام مما يخالف مبدأ الاجتهاد فيه، إذ يسهى عنه من يأخذ بها، كما يسهى عن لب لباب الدين الآخر، ألا وهو تجليه على مراحل وتناغم تعاليمه مع مقتضيات عصره وتجاوز تعاليمه إلى مقاصده التي هي لكل عصر بخلاف حرفه، إذ يختص النص بعصره. 
ثم عندما يقول البعض من فقهاء الرسم أنه لا يجوز التنصل من النص القرآني، فهو يفحش في الغلط في حق الإسلام، لأنه لا يحترم بتاتا روح هذا النص ومقاصد الشريعة التي أتت بالعدل والإنصاف في حق المرأة معترفة بقيمتها ومساواتها الكاملة للرجل في مناسبات عدة وفي زمن ومجتمع ذكوري محض.
مقصد الشريعة في الميراث :
احترام الإسلام اليوم هو ضرورة في إقرار المساواة التامة والعاجلة في الإرث بين الجنسين لأن الحالة الراهنة فيها التشويه الفظيع لما جاء به ديننا من رفع لقيمة المرأة إلى حد أنه فرض لها ما لم تكن تطمع فيه في زمن ومجتمع لم يكن يعترفان لها فيه بأية قيمة.
نعم، هناك من يقول من المتزمتين بأن القضية ليست في المساواة، إذ الإرث في الإسلام حالات مختلفة، يمكن للأنثى أن يكون لها في بعضها أكثر من الذكر. إلا أن هذا من باب المخادعة، إذ لا يتعلق الأمر بحالات في المساواة، بل في المبدأ، أيا كانت تلك الحالات، وهو مبدأ أخلاقي؛ فكيف لا يحترمه الدين الإسلامي ؟ 
إن من يقول أنه لا يمكن إلا القبول كما هو بالنص الذي يفرض نصف حظ الرجل للمرأة لا يأخد بالدين الإسلامي الحق إنما بقراءة لا تمت لروحه لأنها من الإسرائيليات التي داخلت الإسلام والتي فيها قداسة النص مادية، تجعله هيكلا بلا روح ولا مقاصد؛ بينما الفقه المقاصدي أصبح القاعدة اليوم في تثوير معاني القرآن.
رغم ذلك، ولا مرية، المسحة الطاغية إلى اليوم على فقهنا هي تجاهل مقاصد الشريعة في ميدان الميراث. فالنص القرآني الحالي، بدون أدنى شك، كان خطوة أولى وثورية بالنسبة لعصره جاءت بفتح عظيم للمرأة أراده الله أن يتم على مراحل كما هي القاعدة في الوحي والتشريع الإسلاميين. لذلك، وكما هي الحال في أمور الدنيا، إذ الإسلام دين ودنيا، ترك الله للمؤمنين مسؤولية إتمام التوجه الذي بيّنه، إذ المبدأ لا غبار عليه، وهو العدل والإنصاف، وهو تمام المساواة في الأنصبة. أليس العدل أساس الدين الإسلامي؟
فإن كان العدل في ذلك الزمن إعطاء المرأة نصف نصيب الرجل، ولم يكن لها أي قيمة، فمن باب أحرى وأولى أن يكون لها اليوم نفس النصيب نظرا لما أصبحت تتمتع به من قيمة لا يشك فيها أحد.
لقد ترك الله مسؤولية تحقيق مقصد الشريعة هذا للمؤمنين بما أن الإرث من أمور الدنيا وللبشر السعي للاجتهاد فيها كما علّمهم الله وعلى هدي تعاليمه وحسب مقتضيات عصرهم؛ وهي هنا في الرفع الأسنى لقيمة المرأة والمساواة التامة مع الرجل في كل شيء بما في ذلك الميراث.
المساواة في الإرث كالرق أو قطع اليد :
لا شك أن مسألة القطعيات في الإسلام مما أساء للدين الحنيف فأهدر أعز ما فيه، أي إناسته وسماحة تعاليمه في تناغمها مع مقتضيات العصر. إنها من الاستنباطات الخاطئة للفقهاء، وقد كان متخيل معظمهم متأثرا باليهودية والمسيحية، بما أن أغلب حملة العلم كانوا من الموالي، كما ذكّر بذلك ابن خلدون. 
وهكذا، بعد أن كان دين القيمة ثوريا، سابقا لعصره، مؤسسا لحضارة عالمية ولحداثة سبقت الحداثة الغربية، أصبح بمثل هذا الفقه المشبع إسرائيليات، والذي حافظنا عليه كما نحافظ على جسد غادرته روحه، على شاكلة مومياء للأسف. 
لا بد إذن من إعادة فتح باب الاجتهاد في الدين وطرح كل ما خالطه من تعاليم يهودية ومسيحية أو تأويلات متأثرة بروحهما لا بروح الإسلام الثورية حتى لا نواصل تشويه التعاليم السمحة للحنفية المسلمة؛ فقد جعلنا ديننا رهبوت ونقموت على شاكلة اليهودية، بينما هو أساسا رحموت؛ أليس الله أولا وقبل كل شي رحمان رحيم؟
لا مناص إذن من العودة إلى القرآن والسنة لتثوير معانيهما وإعادة تأويلها حسب مقتضيات العصر أخذا، لا بحرف النص ولا بتأويلات السلف التي أكل عليها الدهر وشرب، بل بروح الشريعة ومقاصدها، ولا شيء آخر.
ذلك لأن الإسلام علمي عالمي، إناسي النزعة، روحانيها؛ فلا يمكن أن تبقى فيه نماذج فاحشة من الظلم، مثل انعدام المساواة في الإرث. فحال هذه المسألة في وجود نص خصها زمنا ولم يعد يخصها اليوم لهو مثل حال الرق أو قطع اليد، إذ فيهما أيضا نص صريح، ورغم ذلك لم يتردد أهل الإسلام في طرحهما؛ فكيف لا يكون الحال نفسه مع المساواة في الإرث وهي من أركان دولة القانون التي نؤسس لها ببلدنا؟  أم هل نعمل بالرق وقطع اليد أخذا بنص القرآن ؟ 
مشروع قانون المساواة في الإرث:
لا بد للحكومة أو للنواب أو حتى للمجتمع المدني، وهذا اليوم دوره أيضا، المسارعة بعرض قانون يقر بالمساواة في الإرث حتى يدخل حيز التنفيذ في أقرب الآجال.
وليس هذا بالعسير إذا توفرت النية وصدقت الإرادة في خدمة الدين والبلاد بالسعي لتطهير الأذهان من التزمت الذي ينمو بها ويتزايد كل يوم، خالقا إرهابا ذهنيا يغذي ولا شك الإرهاب المادي في مغالطة فاحشة لشبيبة يخدعها تجار الدين وقراصنة الأخلاق والمباديء. فمن الواجب الأكيد السعي بدون أي تردد في قطع دابر هذا الخطر المحدق ببلادنا، ولا أنفع من استئصال جذوره بقوانين تشيّد دولة القانون مانعة بذلك صرح الدين من قراءة متهافتة.
لذا، أذكّر في ما يلي ما كنت اقترحته سابقا من قانون في المساواة في الإرث ميزته الكبرى حرصه على انتهاج التدرج على هدي ديننا دون أي تشدد ولا انتقاص من هيبة تعاليمه ولا من حرية المسلمين في القبول به أو رفض تحيين النص الديني حسب روحه ومقاصد الدين السنية، ونزعة الإسلام للعدل والإنصاف.
هذا المشروع لا يقتضي إقرار المساواة في الإرث إلا لمدة زمنية وحسب رغبة النساء المعنيات حتى يكون القبول به قد فرض نفسه في نهايتها ووقع التدليل عليه؛ وبانعدام ذلك تتم العودة للعمل بالنص الحالي. 
وهذا لعمري مما يتناسب مع منهجية القرآن في التدرج في أحكامة والتعويل على حرية العبد في تصريف أموره مع ترك تمام الحق للمؤمن في فهم دينه في جانب المعاملات به حسب ما يصلح به دنياه؛ ناهيك الأخذ بأس الإسلام، وهو العدالة، إذ الله ليس بظلام للعبيد.
ولعل من أهم ميزات المشروع سهولة دخوله حيز التنفيذ، إذ  لا يقتضي تعديلا لمجلة الأحوال الشخصية بما أنه يكتفي بإقرار مبدأ المساواة دون المساس بها قبل عشر سنين على الأقل. فخاصيته الكبرى في إقرار المساواة بتصويت داخل مجلس نواب الشعب؛ وذلك لعمري من الممكن الحصول عليه في أقرب الأوقات إذا حسنت نية الساسة، خاصة داخل الحزب الإسلامي، في الرغبة في إقامة ديمقواطية حقة بتونس تحترم المعايير الدولية.

مشروع قانون
المساواة في الإرث بين الجنسين

اعتمادا على التأكيد الدستوري للمساواة التامة بين المواطنين، 
واعتبارا للدور السني للمرأة في المجتمع التونسي وحقها في المساواة مع الرجل،
ونظرا لمقاصد الشريعة الإسلامية التي شرّفت المرأة فأعلت من شأنها في نطاق توجه مرحلي تقدمي    جاء متناغما مع وجهة التاريخ والمنظومة العالمية للقيم الإنسانية؛
فإن مجلس نواب الشعب يقرر :
لمدة سنوات عشر ابتداء من تاريخ    دخول هذا القانون حيز التنفيذ يقع رفع تطبيق القاعدة الحالية التي تمنح للوارث الذكر مثل حظ الأنثيين، وذلك كما ورد بالباب التاسع من مجلة الأحوال الشخصية.
خلال هذه العشرية، عدا حالة الرفض الثابت من المرأة الوارثة، فإنه يقع تمكين المرأة مثل حظ الذكر في الإرث ليعادل نصيب الأنثى نصيب الذكر الوارث.     
وفي نهاية فترة العشر سنوات من تطبيق هذا القانون يقع إقراره نهائيا أو إبطاله بعد تقييم مستفيض لتطبيقه خلال المدة المعنية.
تتم دراسة التقييم من طرف مجلس نواب الشعب قبل نهاية عشرية التطبيق لهذا القانون حتى يقع إثباته نهائيا أو إبطاله.

نشرت على موقع أنباء تونس