Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

mercredi 1 mai 2013

Tunisie, ma mie 6

أحبك يا تونس!


احتفل شعب تونس بعيد شغله كأن لم يكن عيدا، واحتفلت أنا به خير احتفال بمناجاة لي من روح المناضل الشهيد فرحات حشاد.
كان في بداية هذه المناجاة لروح فقيدنا العظيم تحسّر في الصوت على ما عليه حالة هذا الشعب الذي أحبه فرحات أي حب، وما آل إليه الوضع في بلد عشقه أي عشق.
ولكن، شيئا فشيئا، ما لبث أن تبدد كل حزن في كلامه، إذ لا يأس أبدا من إرادة الشعب عندما يتوق للإنعتاق.
قال لي فرحات :
أحبك يا تونس! أحبك لما في شعبك من شعور فياض وإحساس نبيل، ولما يكنّه من عواطف عند النكبات ومن تآخي عند المحن.
أحبك في وحدة شعبك عند المصائب وتكتّله أمام الخصم وصموده أمام العدوان، كل عدوان. وأحبك بما اشتمل في شعبك من خصال يفاخر بها على الأمم، وصفات حميدة ترفع رأسه.
وأحب شعبك لحبه للعمل واعتصامه بمبادئه المقدسة؛ وأحبه لمشاطرته أفراح المظلوم عند انتصاره على الظلم ومساهمته لأتراح المغلوب ومساعدته؛ فإذا ما شعر بخطر يهدد فردا أو قسما من هيكله دق قلبه دقة واحدة واتجهت مهجته كلها لدفع الضرر.
أحبك يا تونس لأن شعبك النبيل أصبح مثال الوحدة الصادقة يعسر على خصوم تونس من الخارج ومن الداخل أيضا تفكيكها مهما حاولوا ومهما سعوا وتفننوا في بث الخبث والدسائس. 
وأحب يا تونس في شعبك الإقدام عند اقتحام الشدائد وبذل جهد المستطاع لانتشال الضعيف عند الحاجة.
أحبك يا تونس بشعبك هذا لأن كل الذي تزخرين به لهو أعظم ثروة في عالم ابتذلت فيه السياسة فأصبحت تجارة رخيصة في أيدي المطففين، وامتُهن الشر إلى حد أنه أصبح عاديا في طباع بشر ليس لهم من الإنسانية ما يميزها من إعمال الفكر وإطلاق الحساسية للعواطف وتنمية المشاعر.  
فبثروتك هذه ستفتحين كل طريق مسدودة، فيأخذ شعبك بأيدي كل الضعفاء والمساكين لأنه منهم ويعرفهم خير معرفة، فيشاطر أحوالهم ويعيش مآسيهم.
أحبك يا تونس لأنك لن تتركي أبدا هذه الطريق لمن يريد تعبيدها لسادة لم يعد لهم فيا مقام؛ ولا لمن يمتهن فيها الحرابة لقطّاع الفكر الحر والضمير الحي، مفسدين على من يعمل لأجل ربط الثنايا ببعضها ومد القناطر والجسور بين الخلق ليكون الفضاء دوما رحبا أمام بنيك وقد صوّرهم الله طلقاء كطيف النسيم وأحرارا كنور الضحى في السماء.
أحب فيك يا تونس الجميلة بني أمي وهم في ربوعك يغرّدون أين اندفعوا، فيشدون بما شاء الإلاه، ويمرحون بين ورود الصباح لينعموا بالنور أنّى يُرى، يمشون كما شاؤوا بين المروج يقطفون ورد الربى في رباه.
أحبك يا تونس لأن الله كذا صاغك في الوجود، لا ترضين بذل القيود ولا تحنين لمن يروم تكبيلك الجبين؛ فلا يسكت طويلا في نفسك  صوت الحياة القوي إذا ما تغنى صداه.
أحبك يا تونس لأنك لا تطبقين أجفانك النيّرات عن الفجر بعد أن لاح لك بعذب ضياه، فلا تقنعين بالعيش بين الكهوف كسالف عهد ولى وانقضى لأن شعبك لا يخشى نشيد السماء الجميل ولا يرهب نور الفضاء في ضحاه.
لقد هب شعبك يا تونس لحرياته فإذا هي لا تخدم اليوم إلا من يريدها لنفسه، فينساك وينسى شعبك. وقد قامت رابطات تزعم الدفاع عن الثورة وهي لا تخدم إلا ثروة النفوذ السياسية التي حصلت للبعض من الحكام اليوم بفضل تضحيات شعبك.
فبما أن هؤلاء الحكام يرفضون حق تلك الرابطات، فلتخلق، يا شعب تونس العظيم، رابطات ثورية بحق لحماية اسحقاقك الشعبي الذي أتى بتضحياتك وحدها؛ ولتكن بحق رابطات لحماية ثورة الشعب! ولتعتمد في ذلك على كل وطني غيور على حقوق شعبه في سائر أنحاء البلاد وهي لا تُعدم منهم عندما تدق ساعة الحقيقة.
ولن تجد إلا الدعم الكبير بين الصفوف الشغيلة التي هي دوما كما تركتها وفية لتونس وخير شعبها للعمل على أن تبقى تونس جميلة، متفتحة على العالم المحيط بها، متعلقة بذاتيتها وهويتها في ما حق منهما، ألا وهو التسامح واحترام الغير في كل ما يختص به ويميزه على غيره أيا كان ذلك من حياته وأموره الذاتية.
إن تونس، يا أبناء أمي، لأفضل ما أفرزته الحضارة العربية الإسلامية من تقديس للذات البشرية في حريتها وسماحتها. وقد كان ذلك ممكنا لما تواجد على أرضها على مر الأزمان من اختلاف في المشارب وتنوع في المذاهب، تعايشت كلها دون مشاكل خلافا لما عهدناه بالشرق.
وذلك لأن تونس التي أحبها، يا شعبي العزيز، بقيت متمسكة بكل ما يميّز ديننا من تفتّح على الغير لا رفضه، بينما تفشت الإسرائيليات بالشرق الإسلامي فطمست ما في ديننا من سماحة في التعاليم ومحبة ورحمة في مواصفات مقاصد الشريعة، وما جاء به من طرافة في الواجبات والتكاليف، وبخاصة في التعامل مع الغير المختلف.
ذلك لأن ديننا حسب تعاليمه الحقة، كما جاء بها القرآن وأكدتها السنة الصحيحة، لهو منارة لكل الحريات بدون استثناء. فنحن نرى اليوم المتزمتون يكثرون في صفوف من يدعي الإسلام، بينما لا تزمت في الإسلام الحقيقي؛ فهم يرفضون أعظم ما يميّز الله، ألا وهو رحمته، وهم يجعلون منه إلاها يهوديا كما نراه في التوراة، يقتّل مخلوقاته ويضطهدها ويكنس بحرياتها الأرض. بينا لا تُكنس على أرض تونس إلا الحثالات. وأبدا لن تكون الحريات حثالات على أرضك الزكية، يا تونس الجميلة؟
إن إسلام تونس الحبيبة، الديّنة على حقيقة، يُعلي من شأن الحرية البشرية، فلا يعاقب من يذنب إلا في آخر المطاف في يوم الحساب، بما أن الباب لأجل التوبة لا يغلق أبدا في ملتنا إلا بالموت الذي هو بيد الله وحده، فلا يقبض الأرواح أولا وآخرا إلا الله العزيز القدير على كل شيء.
وإلا فبما هو عظيم إذا قرر عباده ما يصلح لهم، متجاهلين مقاصد شريعته، واقين عند «ويل للمصليين»، ناسين أن الدين جاء على مراحل، وأن ما يتمم النص لهي روحه ومقاصد الشريعة. فقد وعد الله عباده الرحمة عند التوبة الصادقة وترك بابها مفتوحا أبد الدهر.
إن ما يميّز الإسلام عند شعب تونس لهي الحريات، فإذا نحن نرى من تعلق بفهم أعرابي لدينه أو تمسك بتقاليد غريبة عنه جاءته من الإسرئيليات، يهضم هذه الحريات فينفيها حسب مجرد رسم الشريعة، متجاهلا أن الرسم لا ينفي مقاصد النص الباطنة ولا روحه. إنهم يقيسون ما يرونه اليوم بالغرب من حرية، خاصة في السلوك، وما يمكن أن ينجر عنها من تجاوزات، على أنها نتاج اليهودية والمسيحية، بينما هي نتيجة صراع الحريات وأربابها ضد تزمت الكنيسة الذي يستورده اليوم المتزمتون منا، فيدخلونه إسلامنا بينما هو من أي تزمت بريء.
فأنا أحبك وأحب شعبك حين ينهض فيسير في سبيل الحياة، لأن من نام لم تنتظره الحياة؛ فشعبك لا يخشى مما وراء التلاع لأن ما ثمة إلا الضحى في صباه، وإلا ربيع الوجود الغرير يطرّز بالورد ضافي رداه، وإلا أريج الزهور الصِّباح ورقص الأشعة بين المياه، وإلا حمام المروج الأنيق يغرّد منطلقا في غناه : إلى النور! فالنور عذب جميل، إلى النور! فالنور ظل الإله! والإله كله جمال وحب وعطف وحنان.
فديانتنا عذبة كالطفولة، كالأحلام، كاللحن، كالصباح الجديد، كالسماء الضحوك، كالليلة القمراء، كالورد، كابتسام الوليد!
ولم يسكت صوت فرحات العظيم إلا وقد ارتفع صوت شاعرنا الخالد، الذي تغنى بإرادة الحياة بأفضل ما يكون؛ فإذا هو أيضا يردد حبه لتونس :
أنا يا تونس الجميلة في لج | الهوى قد سبحت أي سباحهْ
شرعتي حبّك العميق وإني | قد تذوقت مرّه وقَراحهْ
إن ذا عصرُ ظلمة غير أني | من وراء الظلام شمت صباحهْ
ضيّع الدهرُ مجد شعبي ولكن | ستردّ الحياةَ يوما وشاحهْ
عندها ارتفعت أصواتنا جميعا تحتفل مسبقا بعيد جديد لتونس الثائرة يكون اليوم الأغر المنتظر لثورة مستأنفة في تونس الجديدة دينها المحبة وسياستها التآخي. فأليس الصبح بقريب؟ 
في فؤادي الرحيب | معبد للجمال
شيّدته الحياة | بالرؤى والخيال
فتلوت الصلاة. | في خشوع الظلال
وحرقت البخور | فأضأت الشموع
إن سحر الحياة | خالد لا يزول
فعلام الشكاة | من ظلام يحول
ثم يأتي الصباح | وتمر الفصول..؟
سوف يأتي ربيع  | إن تقضْي ربيع
اسكتي يا جراح  |  واسكتي يا شجونْ
مات عهد النواح  |  وزمان الجنونْ
 وأطل الصباح  |  من وراء القرون